جميلة عرنكي رئيسة نادي المسنين في فلسطين

تحقيق, المجتمع السعودي, ممارسة الرياضة, الأدوية, جميلة عرنكي, نادي المسنين في فلسطين, جمعية سيدات بيرزيت, بيوت المسنين, دار المسنين, البعثة البابوية, جمعية كاريتاس, الأشغال اليدوية, أشغال فنية, ألعاب التفكير, نشاطات للمسنين

16 نوفمبر 2009

هناك الكثير من المسنين الذين لا يلقون أي اهتمام أو عون من أي احد، ويبقون حبيسي بيوتهم إما بسبب المرض أو عدم القدرة على السير، أو تحكّم بعض الأبناء فيهم. وهناك آخرون ممن صمدوا مع أن السنوات حفرت أخاديد في وجوههم وفرضت عليهم صعاباً كثيرة عملوا على مقاومتها، وإثبات رغبتهم في البقاء كأفراد فاعلين في الحياة. ومنهم جميلة عرنكي التي تبلغ من العمر  ٧٠ عاماً، والتي قاومت جبروت السنين وجهدت للقيام بكل ما هو مفيد للمسنين في بلدتها، فأنشأت نادي المسنين في بلدة بيرزيت عام ٢٠٠٥.

عملت جميلة عرنكي، وهي أم لثماني بنات، في جمعية سيدات بيرزيت طوال أربعين عاما، وتعمل منذ خمس سنوات في نادي المسنين. وكان المسنون قد طلبوا منها القيام بشيء ما لكي تجمعهم مع بعضهم في مكان معين، وكان لهم ما أرادوا.

شعرت عرنكي بأنها تملك رسالة في حياتها، وأنها يجب أن تفعل شيئا للمسنين، وخصوصاً أنها تعيش في المرحلة العمرية نفسها، وهي الأقدر على فهم متطلبات المسنين.

وفي إحدى جولاتها على بيوت المسنين، وجدت إحدى المسنات التي كانت مصابة بمرض شديد بسبب العزلة وعدم الخروج إلى الشارع، فأقنعتها بأن تصبح عضوة في النادي. وبعد مضي شهر، أصبحت المسنة بأفضل حال، وكان وجهها يفيض بالحياة بعدما كانت تشعر باقتراب الموت.

وكانت جميلة قد سمعت في وقت سابق عن وجود نوادٍ وليس ملاجئ للمسنين في الدول الأجنبية، فبقيت الفكرة عالقة في ذهنها حتى جاء الوقت المناسب لتطبيقها على ارض الواقع، وذلك من خلال إقامة نادٍ للمسنين.

وعندما بدأت جميلة عرنكي بنشر الفكرة والعمل على تطبيقها، كان أمامها عائق كبير، وهو إيجاد مقر لنادي المسنين. وبالمثابرة والسعي توافر المقر بعد جهد عندما تبرع البطريرك ميشيل صباح بقاعة كانت تستخدم للأفراح في بلدة بيرزيت.

وبعد الإعلان عن افتتاح النادي عام ٢٠٠٥، خلال حفلة أقيمت في قرية بيرزيت، حضر إلى مقر النادي في اليوم التالي عدد من المسنين، وتزايد هذا العدد مع توالي الأيام، حتى وصل إلى خمسين مسناً مشتركاً في النادي خلال شهر واحد. وفي السنوات الماضية توفي منهم ثمانية، ومنهم من سافر إلى الخارج، ومنهم من بقي في البيت لأنه لا يستطيع السير على قدميه، والباقي بقي على تواصل مع النادي ونشاطاته.

ووضعت عرنكي استمارة خاصة بالمسنين الذين يرغبون في الانضمام إلى النادي، وذهبت إلى بيوت المسنين في البلدة وعبأت استمارات لهم لكي يصبحوا أعضاء.

أما المصاريف التي يحتاجها النادي فتأتيه من خلال مؤسسة «HCEF»  التي تغطي كل مصاريف النادي وتشرف عليه حالياً. وقد حصل ذلك بعد مراسلة راتب ربيع رئيس مؤسسة «HCEF» في واشنطن، فعمل على جمع التبرعات من أربعة مصادر هي البعثة البابوية وكاريتاس و«HCEF» والكنيسة المسيحية في واشنطن. اما جميلة عرنكي فلا تتقاضى أي راتب من ترؤسها لإدارة النادي.

وأشارت عرنكي إلى أن الأعمار التي تقبل في النادي هي ستون عاما فأكثر، ولكن في الآونة الأخيرة تلقى النادي طلبات ممن هم في الخامسة والخمسين، وفعلا قبلت إدارة النادي ذلك.

وفي النادي عدد من الموظفين الذين يعملون على توفير أسباب الراحة للأعضاء المسنين، ومنهم المسؤولة عن التنظيف والسكرتيرة وممرضة قانونية تشرف على قياس الضغط، ومسؤولة إعداد الطعام، والسائق.

وينظم النادي نشاطات عديدة، منها الرياضة والأشغال اليدوية مثل التطريز والصوف، وأشغال فنية، وألعاب التفكير، وتحضير وجبات طعام، وإقامة حفلات في مناسبات الأعياد واعياد الميلاد. كما يقدم الأدوية للمسنين، وينظم زيارات جماعية لبيوت الذين لا يستطيعون السير، ويعمل على استقطاب المسنين المتروكين في بيوتهم لكي يصبحوا أعضاء في النادي، في محاولة لإعادة الرغبة في الحياة الى نفوسهم.

وحدث أن سافرت جميلة عرنكي الى دولة أجنبية، وعندما عادت إلى نادي المسنين قام أعضاء النادي من المسنين والمسنات بالتصفيق وإطلاق الزغاريد لإعلان فرحتهم بعودتها، وطلبوا منها أن لا تسافر وتتركهم مجددا فهم يحتاجونها إلى جانبهم. 

ومن الأمور المحزنة التي تحدثت عنها عرنكي، لجوء المسنين خصوصا في فصل الشتاء إلى نادي المسنين لأنهم يحتاجون إلى تدفئة والنادي يوفر التدفئة المركزية لهم طوال فترة الدوام، فالمسن غالباً لا يستطيع توفير تكاليف التدفئة.

وعندما كانت جميلة عرنكي تكتب مقترحات مشاريع للجهات المانحة لكي تعزز وضع النادي، كان يصل الرد غالباً بأنها تدعم مشاريع للأطفال والشباب والمرأة، وأنه لا جدوى من توفير منح للمسنين. وتساءلت عرنكي: «إذا لم يكن هناك جدوى من المسنين، فهل نتركهم يموتون؟».