في قضية سوزان تميم

محسن السكري , هشام طلعت , قضية, إتفاقية القضاء

01 يونيو 2010

الطب الشرعي وكاميرات المراقبة كانا نجمي الجلسات الأخيرة في قضية مقتل سوزان تميم، المتهم فيها رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى والضابط السابق محسن السكري. وحاول فريق الدفاع الانتصار على الادعاء في معركة ثغرات الطب الشرعي وكاميرات المراقبة في دبي لتحويل تلك الثغرات لصالح المتهمين، فما الذي دار في تلك الجلسات التي استمرت لأربعة أيام متتالية، وما هي أبرز مفاجآتها.


رغم أن مرافعات الدفاع هي طوق النجاة بالنسبة لهشام طلعت مصطفى، المتهم الثاني في قضية مقتل المطربة سوزان تميم، لكنها تشهد خلافات بين المحامين بعد أن انفرد فريد الديب بالمرحلتين الأولى والثانية من المحاكمة، وأصر في مرافعته على تبرئة محسن السكري من تهمة قتل سوزان تميم، باعتبار براءة هشام تبدأ من براءة السكري، وهي الاستراتيجية التي رفضها بهاء أبو شقة المحامي الآخر في فريق دفاع هشام، وأصر على أن هشام طلعت لا علاقة له بجريمة السكري، وتبقى المرافعات في المرحلة الثالثة للقضية حتى تحسم هذا الجدل.
المؤشرات لم تكن في مصلحة المتهمين خلال الجولة الثانية من المحاكمة، حيث أقنع جميع الشهود المحكمة بإدانة المتهمين، وفي الوقت نفسه لم يستطع شهود النفي الذين أحضرهم فريد الديب القيام بهذا الدور.
المستشار عادل عبد السلام جمعة رئيس محكمة الجنايات كان حاسماً، ابتسم بهدوء خلال الجلسات وهو يستجيب لمعظم طلبات الدفاع حتى لا يُضيّع عليهم أي فرصة في إثبات براءة المتهمين، ولكنه في الوقت نفسه كان صارماً في مناقشة الشهود، ولم يفلح معظمهم في إقناع المحكمة، ومنهم الدكتور أحمد السجيني أستاذ الطب الشرعي بجامعة عين شمس، الذي أحضره فريق الدفاع عن هشام طلعت مصطفى.
كان أستاذ الطب الشرعي قد أكد أن هناك 20 خطأ في معاينة مكان الحادث، وأخذ يقرأ من ورقته بشكل رتيب مما أثار ضجر رئيس المحكمة، الذي طلب منه هذه الورقة وسأله عما إذا كان يقوم بتدريس هذه القواعد في كلية الطب في إشارة من القاضي إلى عدم اقتناعه بهذه الشهادة.
والمثير أن هناك أزمة حدثت في المحكمة مع الشهود من شركة «هوني ويل» للكاميرات، حيث طلب منهم المستشار مصطفى سليمان المحامي العام ممثل النيابة صور بطاقاتهم، وتلعثم الشهود وتراجعوا عن نفي علاقتهم بشركات هشام طلعت مصطفى، وأكدوا أنهم مجرد وكلاء وأحدهم خريج كلية التجارة، رغم أنه أخذ يحلل نتائج الكاميرات بشكل فني، ويشكك في اللقطات التي تم التقاطها لمحسن السكري، وأكد وكلاء شركة «هوني ويل» أنهم قاموا بتوريد كاميرات لفنادق فورسيزونز المملوكة لهشام طلعت مصطفى.

انفعال الوزيرة
ظهر الانفعال للمرة الأولى على وجه المحامية والوزيرة السابقة آمال عثمان أحد أعضاء فريق الدفاع عن هشام طلعت مصطفى، وذلك خلال الجلسات حينما احتدت على المحامية رضا المدعية بالحق المدني، التي قالت: إن أحد وكلاء شركة «هوني ويل» يعمل كفرد أمن في فندق الفورسيزونز.
آمال عثمان صرخت في وجه المحامية وطلبت منها عدم إلقاء الاتهامات بشكل جزافي، وتدخلت النيابة لإنهاء هذا الخلاف بسرعة، ولكن انفعال آمال عثمان جاء بعد ساعات من الصمت غلبت على فريق الدفاع عن هشام طلعت مصطفى ومحسن السكري، حيث أفسحوا الطريق لفريد الديب حتى يواصل مرافعاته، وعاد الديب في الأسبوع الماضي ليؤكد أن إليكس الإنكليزي هو القاتل الخفي الذي هرب من العدالة.
قال فريد الديب لـ«لها»: أكدت خلال المرافعات أن إليكس هو المتهم الحقيقي، حيث تؤكد جميع الشواهد أنه هو الوحيد الذي يمتلك  مفتاحاً لمنزل سوزان تميم، وهو الذي تنطبق عليه أوصاف المتهم الذي التقطت الكاميرات صوره، وقررت نيابة دبي حبسه بسبب هذه القرائن، ولكن فجأة تغير كل شيء، وتم الإفراج عن إليكس وتغيير مسار القضية.
وقال بهاء أبو شقة لـ «لها»: مازلت مصراً على وجود مفاجآت وغموض في هذه القضية التي لم تُبِح بكل أسرارها بعد، فهناك بصمات غريبة في مكان الحادث لم يتم التحقق منها، وأعتقد  أن المرافعات ستقنع المحكمة بسلامة موقف هشام طلعت مصطفى.
في الوقت نفسه طلب فريد الديب من المحكمة ضرورة توضيح أسماء السكان في الطابقين 21 و23 وكذلك أسماء السكان الذين يجاورون سوزان تميم في الشقق الثلاث بالطابق نفسه الذي تسكنه، وأكد أعضاء فريق الدفاع عن المتهمين السكري وهشام طلعت أن الديب يهدف إلى إثبات وجود متورطين آخرين في الجريمة.
تعمد المستشار عادل عبد الحميد عرض لقطات الفيديو، وصور المتهم السكري أمام الجميع حتى يثبت بشكل قاطع شخصية قاتل سوزان تميم، حيث قام ضابط المساعدات الفنية بوزارة الداخلية بعرض شريط الفيديو لكاميرات المراقبة في يوم الحادث بداية من الساعة السادسة والنصف صباحاً وحتى الثامنة والنصف، وهي الفترة التي طلب فريد الديب إعادة عرضها.
استعرض الضابط هذه اللقطات التي كانت تصور المتهم محسن السكري، وهو يرتدي تي شيرت وساعة، ورغم أن ملامحه لم تكن واضحة بشكل قاطع لكن قوامه وملابسه وأشياء كثيرة أقنعت كثيرين بأنه هو محسن السكري وتحول دليل النفي إلى دليل إدانة.

الكاميرات سليمة
مشكلة أخرى واجهت فريق الدفاع عن هشام طلعت مصطفى وذلك أثناء مناقشة الدكتورة هبة العراقي مدير المعامل المركزية بمصلحة الطب الشرعي، حيث استعرضت تقارير الطب الشرعي، وأكدت أن الشرطة أرسلت لها محسن السكري بعد القبض عليه، حيث تم الحصول على بصمته الوراثية، وذلك لمضاهاتها بالأدلة التي أرسلتها نيابة دبي.
أكدت الدكتورة هبة العراقي أنها قامت بفحص حرز دبي الذي تضمن بنطلوناً وتي شيرت عليهما آثار دماء، حيث أكدت التحاليل أن هناك بقعة دم مختلطة بين دماء محسن السكري وسوزان تميم، مما يؤكد أنه مرتكب الحادث.
تدخل عاطف المناوي محامي محسن السكري وأكد أن الدكتورة فريدة الشمالي خبيرة الطب الشرعي بالإمارات قالت: إنها حصلت على عينتين من تحت إبط محسن السكري وفسدت إحداهما، وعاد المحامي إلى سؤال الدكتورة هبة عن احتمال فساد عينة الحمض النووي، فأكدت أن هذا السؤال يمكن توجيهه إلى الدكتورة فريدة التي جزمت بفساد الحرز والحمض النووي.
وقال الخبير الباكستاني المسؤول عن كاميرات برج المراقبة، أنه لا يمكن التلاعب في الكاميرات واللقطات وأوضح أنها سليمة ولم تمتد إليها يد التغيير، وهو ما اعترض عليه فريق الدفاع مؤكدين أن الكاميرات يمكن التلاعب فيها!
ولم تشهد جلسات المحاكمة إثارة موضوع الـ 850 مليون جنيه قيمة رسوم حصول الدفاع على اللقطات المخزنة في كاميرات المراقبة، وتراجع عاطف المناوي محامي محسن السكري عن طلبه، خاصة بعد أن قال المتهم بسخرية: «الإعدام أفضل إذا كانت رسوم الحصول على دليل هي هذا المبلغ الخرافي».
وعقد فريق الدفاع عن هشام والسكري عدة اجتماعات بمتابعة دقيقة من سحر طلعت مصطفى الشقيقة الصغرى لهشام، التي واظبت على المشاركة في كل كبيرة وصغيرة في خطة الدفاع عن شقيقها، الذي قرر أن يُشارك بنفسه في المرافعة والدفاع عن نفسه خلال الأسبوع الأخير من شهر حزيران/يونيو.
وقال اللواء منيرالسكري والد محسن لـ «لها»: «لم تتزعزع ثقتي ببراءة ابني، وسيحصل على هذا الحكم العادل آجلا أم عاجلاً وكلي أمل في إثبات أن محسن لم يرتكب هذه الجريمة.
وستشهد الجلسات المقبلة العديد من المفاجآت التي تطرحها مذكرات الدفاع.