Home Page

رئيس الديوان في المديرية العامّة للدفاع المدني اللبناني علي أمهز ...

العمل التطوعي, أعمال خيريّة, الأعمال الإجتماعية, طوني كيوان, العمل الخيري, علي أمهز, دفاع المدني اللبناني

03 يناير 2011

التقت «لها» رئيس الديوان في المديرية العامة للدفاع المدني اللبناني وأجرت معه هذا اللقاء الذي بدأناه بالسؤال:

- من هم المتطوعون في الدفاع المدني؟
كلّ شخص من أي جنس أو فئة عمرية أو طائفة أو انتماء لديه الرغبة في مساعدة الآخرين وتقديم الخدمات اللازمة لوطنه ومجتمعه يُمكنه أن يكون متطوعاً في الدفاع المدني. فيتطوّع لدينا سنوياً أطبّاء وفنانون وأساتذة وطلاب وعمال وموظفون وشباب متحمسون من هواة المغامرة والاستكشاف... وجميعهم على تعدّد خلفياتهم يجتمعون للتطوّع في العمل الإنساني والاجتماعي بهدف المساعدة والإغاثة مجاناً ومن دون أي مقابل مادّي.

- ما الذي يدفع الواحد منّا للقيام بعمل ما قد يُعرّض حياته للخطر من أجل الغير؟
هذا موضوع إنساني بحت لا يُمكن التأويل فيه أو العمل على تفسيره، لأنّه أحياناً قد يصعب على أحدنا فهم السبب الذي قد يدفع بشاب في مقتبل العمر إلى ترك الحياة بكلّ ما فيها من ملذّات ومغريات والذهاب في عملية خطرة كالإطفاء مثلاً من شأنها وضع حد لحياته. ولكن كما أنّ هناك أشخاصاً يقدّرون حياة الآخرين ويذهبون للتبرّع بدمائهم أو يهبون أعضاءهم، هناك من يحبّ أن يُغيث الملهوف ويُساعد المحتاج. ومن سبق أن قدّم خدمة إنسانية ما يشعر بالمعنى الحقيقي للعطاء والمتعة التي تُخلّفها في نفسه والتي لا تُضاهيها متعة أخرى في الدنيا. لذا فإنّه يرهن نفسه للعمل التطوعي الذي يُخلّف الفائدة الاجتماعية للآخرين والراحة النفسية للمتطوّع نفسه.

- هل حدث أن تعرّض أحد المتطوّعين للخطر مثلاً وندم على مشاركته أو انسحب من عمله التطوعي؟
الشعور الغريب الذي يجتاح الشخص فجأة بعد قيامه بأي عمل إنساني يجعله حتماً غير آبه بالنتائج التي قد تترتّب عليه وإن كانت على حساب نفسه. وهناك الكثير من المتطوعين الذين تعرّضوا لإصابات خطيرة أثناء عملية إخماد حريق أو إنقاذ جرحى في اشتباك معيّن أو حادث معيّن، إلاّ أنّ الروح لديهم لم تبرد أبداً. وحتى عندما تصل الأمور إلى الإستشهاد، هذا لا يؤثّر على أهلهم ونظرتهم إلى العمل التطوعي، بل يُصبح استشهاد ولدهم مثاراً للفخر لهم كعائلة رحل ابنها في سبيل أداء واجبه الإنساني السامّي والمجرّد من أي غايات ماديّة ودنيوية. وقد حصل هذا معنا عندما استُشهد في المركز الذي كنت أترأسّه شاب يُدعى حسن شرارة خلال عمليّة إطفاء الحريق الكبير في وزارة العمل، وفي ذكرى أسبوعه أتى شقيقه علي وطلب منّي التطوّع بدلاً من أخيه لما كان يسمعه من المرحوم عن متعة هذا العمل وأهميته في بلورة نظرة الإنسان إلى الحياة وإلى نفسه وإلى الآخرين الذين تراهم سواسية أمامك وتعمل على إغاثتهم في الظروف الصعبة التي قد يحتاجونك بها بغض النظر عن دينهم وانتمائهم...

- هل الخدمة الاجتماعية متعة أم واجب إنساني؟
في العمل الإنساني سرّ غريب يجعلك تشعر بعد نجاحك في إنقاذ شخص ما أو حتى غابة طبيعية بأنّك «امبراطور» عظيم. فبعدما تسمع دعاء والدة أنقذت أطفالها من حريق شبّ في منزلهم أو كلمات شكر وامتنان من مسنّ أغثته في لحظة حرجة، يُخالجك الإحساس بأنكّ أنقذت البشرية جمعاء، وهذا ما يذكره الله عزّ وجلّ في كتابه الكريم «ومن أحيا نفساً فكأنما أحيا الناس جميعاً». ولا أعتقد أنّ هذه المتعة الناتجة عن إحساسك بالإعتزاز والفخر بأنّك أنجزت شيئاً عظيماً قد تًُضاهيها متعة أخرى. ولكن الشعور بالمتعة لا يلغي أهمية الواجب الإنساني الذي يدفعنا أولاً نحو هذا العمل. فأنا شخصياً قبل أن أكون رئيس الديوان كنت رئيس مركز الغبيري وكنت موجوداً في شكل دائم على الأرض، إذ كنت أنقل المرضى إلى المستشفيات وعندما كانت تمنعنا إحدى إدارات المستشفى من الدخول كنت أدفع من جيبي حتى أُدخل المريض كي لا يموت أمام عينيّ وأنا أقف عاجزاً. وهنا لم أكن أفعل كذلك من منطلق الوظيفة والمهنة والعمل وإنما واجبي الإنساني كان يدفعني للقيام بذلك، ومن ثمّ تأتي المتعة والإحساس بالرضا كنتيجة طبيعية لهذا العمل.

- هل عدد المتطوعين في لبنان كبير نسبياً؟
العدد ليس كبيراً، ولا نزال في حاجة إلى عدد أكبر، ونحن دائماً في حاجة إلى شباب للقيام بالكثير من العمليات. من هنا أرى أنّه لا بدّ للوسائل الإعلامية والمناهج التعليمية والتربية المنزلية من أن تهتم أكثر بالجانب الخدماتي وتكريس الحسّ الإنساني لدى الناس الأشخاص، وبهذا يمكن أن نرتقي بمجتمعاتنا نحو مستويات أعلى. فالعمل التطوعي يُعلّم الإنسان أن يتجاوز عن مسائل مثل العصبية والطائفية والتعصّب، وأن ينظر إلى الآخر كشريك في هذا المجتمع والوطن. وكذلك نحن نعاني نقصاً في المعدّات والآليات كالخراطيم وغيرها، وهذا يضعنا أحيانا في مواقف صعبة. وهذا الطلب نتمنى النظر إليه حتى نتمكن من إنجاح كلّ محاولات الإنقاذ التي نقوم بها. أقول ذلك مع شكري لوزير الداخلية اللبناني زياد بارود والمدير العام للدفاع المدني العميد الطيّار درويش حبيقة اللذين لا يتوانيان أبداً عن متابعة أدّق التفاصيل لدى وقوع أي حادث مفاجئ والنزول إلى الأرض للتمكن من مراقبة مجريات العمل عن كثب. وأوّد أن أنهي حديثي برسالة علّها تصل إلى آذان صاغية وإلى المسؤولين في وطننا لبنان: «الحماية المدنية دون موارد مالية تبقى مجرّد حكاية».