Home Page

صهر بن لادن: أختي تختلف مع زوجها أسامة فكرياً...

السفارة الباكستانية في بيروت, ارهاب, أفغانستان, ممثلي وسائل الإعلام العالمية العاملة, زبدة الفول السوداني, طلب الخلع, دور المرأة, أسامة بن لادن, تنظيم القاعدة, جامعة الملك عبد العزيز, المدينة المنورة, الإنتخابات البلدية

13 يونيو 2011

قال الدكتور سعد الشريف أن إحدى زوجات أسامة بن لادن المعتقلات في باكستان، هي شقيقته سهام التي كان هو من زوج بها بن لادن بعد الثمانينات من القرن العشرين.  وأوضح أنه على رغم معارضة زوجها استطاعت أن تجبره على إتمام دراساتها العليا في إعراب القرآن، لأنها اشترطت على أسامة تمكينها من إتمام دراساتها قبل أن توافق عليه، إذ تزوجها وهي معيدة في فرع جامعة الملك عبدالعزيز في المدينة المنورة. 
وأعلن الشريف أنه رغب في استعادتها إلى أرض الوطن بعد تحوله فكرياً، إلا أن الظروف لم تساعد على ذلك، لأنها جاءت من السودان ولم يسمح لها زوجها باصطحاب جميع أطفالها، وهو ما أجبرها على العودة إليه كُرهاً! وكشف أن جهود أسرته هذه الأيام كلها تسير في اتجاه استعادة ابنتها من باكستان بعد كل المرارات التي تجرعتها، مبدياً ثقته بان السلطات الرسمية في بلاده لن تدخر جهداً من أجل ذلك.
في ما يأتي الجزء الثالث والأخير من الحوار مع الشريف
:.


- موضوعنا في هذه الحلقة سيتركز على الخطوات التي اتخذتموها أو التي ستتخذونها لاستعادة أختكم التي توفي عنها أسامة بن لادن... فما معلوماتكم حتى الآن عنها بعد رحيل زوجها؟

لا تزال المعلومات المستقاة عبر وسائل الإعلام فقط، وثمة محاولات للاتصال مع الجهات المعنية للاستفسار أولاً هل هي موجودة معه أم لا، لكن لقرينة ابنها خالد، فمقتل ابنها الأكبر في الموقع الذي قتل فيه أبوه يجعلنا نزداد ثقة بوجودها هنالك، لمعرفتنا المسبقة بمدى تعلقها به، وأنه لا يمكن أن يفرقهما شيء إلا الموت، فالقضية بالنسبة إلينا، والوضع هكذا أصبحت قضية إنسانية في المقام الأول.

- وهل أنتم متأكدون أنها على قيد الحياة، ولم تمت من قبل، ولا سيما أن بن لادن قبل مقتله غاب فترة طويلة مصحوباً بقصص كثيرة، ليست أختكم إلا واحدة منها؟
بما أننا لم نسمع خبراً عن موتها فالأصل بقاء الأمور على ما هي عليه، وكما يقول الانكليز «لا أخبار، يعني أن الأخبار جيدة»، فنحن الغالب على ظننا أنها بخير وعلى قيد الحياة، وبين أيدي الباكستانيين كما فهمنا، حتى الآن.

- ما الذي يدفعك إلى هذا اليقين؟
 الاتصال منقطع تماماً منذ وقت طويل من قبل أحداث 11 سبتمبر، إلا أن مصائب مثل الوفاة لا تلبث أن تظهر حتى وإن تأخر العلم بها بعض الشيء، فابنتها التي ماتت قبل نحو سنتين بسبب «الولادة» سمعنا بوفاتها، وهذا ما يجعلنا نطمئن. وهي زوجة شخص من أهل المدينة في أفغانستان اسمه عبدالله أبو الخير، فلو كانت توفيت هي الأخرى لعلمنا.


أختنا في باكستان

- وهل هنالك أسباب إضافية لاعتقادكم بأنها موجودة؟
حدثتك قبل التسجيل، بأنها لم تكن امرأة عادية بالنسبة إلى زوجها أسامة، فهو متمسك بها إلى أبعد حدّ، وكان صمودها معه في ظروف مضت ربما أشعره بأنها ليست ممن يمكن أن تتخلى عنه. والسبب في نظري وراء ذلك ليس أسامة لذاته وإنما تعلقها الكبير بأبنائها. ونحن علمنا أن زوجته خيرية صابر موجودة في إيران، والزوجة الثانية كانت في سورية والآن أصبحت في قطر، فلم يبق إلا هي والزوجة الحديثة اليمنية. وما زلت أؤكد أن أهم القرائن هي مقتل ابنها خالد في المكان نفسه، لأن أبناءها أحد نقاط ضعفها الكبرى لشدة تعلقها بهم، فلن تقبل أن يكون خالد بعيداً عنها، فهي ضحت في هذا السبيل أكثر مما يتصور في وقت سابق.

- أراك تركز كثيراً على أبنائها، كأنك تقول بأن دخولها في هذا المعترك مع أسامة ليس من أجل شيء غير أبنائها، ولماذا لا يكون من أجل زوجها الذي أحبته أيضاً؟
هذا لا شك فيه، لكن عنصر الأبناء عنصر أساسي وليس العكس، وعادة نحن في ثقافتنا الحجازية أن المرأة تصحب زوجها حيثما كان. لكن عنصر أبنائها ضاغط بشكل مختلف لمعرفتي الشخصية والدقيقة بها، فأنا أعرف الناس بها وبظروف حياتها مع أسامة.

- وهل هنالك تجارب سابقة لك معها في هذا الصدد لترويها لنا؟
ثمة مواقف ومشاهد كثيرة أنا قريب منها، يصح أن تكون برهاناً على ذلك، ولكن دعني أخبرك بواحد فقط، هو أنه عندما ألحّ والدي - رحمه الله - على أن تزوره في المدينة قبيل ترك أسامة للسودان، جاءت إلينا على أمل أن تبقى معنا إلى الأبد بسبب ما تبين من توجهات أسامة للغياب الدائم عن المملكة، فما كان من بن لادن إلا أن أمسك بأطفالها ولم يبعث معها إلا الرضيع من أبنائها لمعرفته أنها لن تمكث بعيداً عن البقية، وهذا ما تحقق له إذ لم تكمل عشرة أيام حتى بدأت تبكي في الليل وفي النهار تتوسل إلينا «أولادي أولادي» حتى أعدناها إليه رغماً عنها وعنا، مع أنها جاءت لنا بجواز من «سفرة واحدة»، لأن المأمول هو أن تمكث مع أهلها ولا ترجع.
فلما رأى والدي ما حل بها من الكرب، لجأ إلى السلطات الأمنية التي سهلت مشكورة عودتها إلى أبنائها، فكانت تلك زيارتها الأخيرة، وبعدها توفي الوالد ثم الوالدة، رحمهما الله. ولم تستطع أن ترجع، لأن جذبنا جميعاً كإخوة ووالدين لها، تفوق عليه جذب أبنائها له.

 


- وهل أسامة علم بنواياكم تلك حتى اتخذ من أبنائها عنصر ضغط عليها؟

هذا صحيح، وهو يدرك هذه النقطة، وبالتالي استطاع أن يرجعها ويقيدها بأبنائها، لمعرفته بمدى تعلقها بصغارها، وأنا أعرف نساء كثيرات من أقاربي ومعارفي ولكن مثل أختي سهام في التعلق بأبنائها لا أعرف. هل تعلم أنها عندما كتبت رسالتها في الدكتوراه لم تهدها لزوجها ولا لإخوتها، وإنما أهدتها في رسالة بليغة إلى والديها في سطر عابر، ثم أوقفتها على أبنائها بالكلية بأسمائهم فرداً فرداً، لست أبالغ إن قلت لك هي تتنفس بعيون أبنائها.

- بصراحة قل لي... هل بيتم «نية» خلعها من أسامة؟
لا نقول «خلع»، وإنما الوالد رحمه الله أراد أن تبقى الى جانبه، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً، ونحن نتحدث هنا عن عام 1995 قبل أن ييأس الكل من عودة أسامة إلى أهله وبلاده.

- سنعود إلى قصة زواج أسامة من شقيقتكم، ودورك الشخصي في ذلك، ولكن من حيث الأفكار... هل كانت أم خالد مجرد زوجة تابعة لابن لادن أم أنها أيضاً كانت مؤمنة بمشروعه الجهادي؟
لا شك أن زواج أختي بأسامة في بداية الأمر كان الباعث عليه هو إيمانها في ذلك الوقت بأنه شخص بذل ماله ونفسه وجهده في سبيل إعلاء كلمة الله في أوائل مرحلة أفغانستان، فكان هذا أهم سبب جعلها تقتنع بالزواج به على رغم زوجاته السابقات، فنظراً لخصوصية العائلة والمنع المطبق من جانب الوالدين وكل العائلة لهذا الزواج، لم يكن هناك ما يبرر موافقتها سوى ما تسمع عن أسامة في ذلك الوقت من فضل.

- ولماذا لا يكون السبب الحقيقي، هو كما ذكرت في لقاء سابق، أنك غزوت عقلها وأقنعتها بالأمر؟
نعم صحيح، لا أنكر أنني بذلت جهوداً مضنية لإقناعها، لكن الذي ساعدني على ذلك هو ما كان أسامة يتمتع به من سمعة طيبة يومئذ، والدليل على ذلك أنها حين قررت الموافقة بعد سنة من المحاولات معها، برهنت على أنها لم ترد في أسامة غير صورته التي ذكرنا، فتبرعت بمهرها وذهبها كاملاً للجهاد في ذلك الوقت بمجرد أن سُلمت من جانب أسامة، وهو تصرف مثالي في تلك السنوات، كان الجميع يشجع عليه ويحرض.

- هذا في المرحلة الأولى، ولكن في مرحلة أسامة التالية، التي انحرف فيها عن مساره الذي عرف به أولاً... هل ظلت شريكة له في مشروع تنظيم القاعدة، الذي أصبح النساء فيه طرفاً في السنوات الأخيرة؟
لا أتصور هذا أبداً، لأنها حاصلة على الدكتوراه واطلاعها جيد، وفسّرت جزءاً من القرآن في رسالتها لنيل شهادة الدكتوراه، وكان أملها في مقدمة تلك الرسالة أن تتم تفسيره، وأنت تعلم أن القرآن بإذن الله يعصم حامله، العالم بأسراره، من الزلل، يضاف إلى ذلك ما أعرف من سمات شخصيتها الميالة إلى الاعتدال والهدوء، وهي فوق ذلك امرأة محصنة شرعياً قبل أن ترتبط بأسامة فعندما تزوجها كانت معيدة في الجامعة، ثم حصلت على الماجستير في المدينة المنورة قبل أن تكمل الدكتوراه في السودان في التخصص نفسه، وهو ما يشير إلى أنها لم تتحول عن منهجها الفكري مثل أسامة، ولكن أسباب بقائها معه في تقديري هي مثلما ذكرت لك سابقاً.

- وما موقف أسامة بالمناسبة من إقحام النساء في العمل الجهادي؟
ما أعرفه عن أسامة أنه لم يكن يتعامل مع نسائه إلا كزوجات، وما كان يدخلهن في أمر من شؤون نشاطه الجهادي الأول، ولا كانت أختي التي كنت جلست معها أنا وأسامة كثيراً تشاركنا في أي حديث ولا أي هم ميداني. وكان أسامة فاصلاً بين حياته العامة، وبين حياته الخاصة في بيته وأسرته عندما كنت قريباً منه.


أسامة ضد جهاد النساء

- هل نفهم من هذا أن ما كان تنظيم القاعدة يدعو إليه نساء المسلمين، لم يكن أسامة يرضاه لنسائه؟
أنا لا أستطيع أن أفتي بما لا أعلم، ولكني أتكلم عن مرحلة سابقة، وما أعتبره دليلاً على أن أسامة بقي على رأيه في هذا الجانب كما عهدته، هو أنني لم أسمع في وسيلة إعلامية ولم أقرأ أن لإحدى نسائه أو بناته أي دور أو نشاط في هذا المجال. وهذا دلالة واضحة على الفصل بين المحيط العائلي والنشاط العام، الذي سخّر أسامة نفسه له.

- ولكن ما النتيجة؟ هل إقحام النساء في العمل الإرهابي، كان من دون رضا أسامة؟
أنا في تصوري أن الذي تم من إشراك النساء، اجتهاد من عناصر أخرى في التنظيم، للاعتبارات التي ذكرتها لك، وهي التي ظل أسامة مؤمناً سنوات كنا فيها سوياً، ولم أعرف يوماً أن له اهتماماً بهذا الجانب، لأن النظرة الذكورية في الجهاد هي الأساس في تصوري عنه ومعرفتي به، بل كان يرى أن الجهاد فرض من أجل حماية النساء والأعراض، وبالتالي ما كان يقحمهن في ذلك.
ونظرة أسامة عموماً للأنثى هي أنها تربي وترعى الزوج والأبناء، وبالتالي يمنع بناته من أن يدرسن في المدارس، حتى أحوج ذلك أختي أم خالد إلى اختراع «نظام المنازل» في ذلك الوقت قبل أن يعمل به في المملكة، فاستطاعت أن تعلم بناتها في الدار، بحيث تأخذ المناهج الدراسية سنة بسنة من الابتدائية حتى أوصلت بناتها للمرحلة الثانوية، فكان هذا أحد المؤشرات المهمة على توجه أسامة في هذا الباب.

 


- وكيف استطاعت هي أن تحقق درجة علمية متقدمة، وزوجها بهذا التزمُّت؟

إذا لاحظت ذلك فإن أسامة تزوجها وهي معيدة، في طريقها لإكمال الماجستير، ثم اشترطت عليه قبل موافقتها على الزواج أن تكمل دراساتها العليا، ومع ذلك حاول أن لا يسمح لها بذلك عندما أتيحت لها الفرصة في السودان، فلم يوافق إلا بعد ضغوط شديدة، وهذا من أحد أسباب اختلافهما. ولذلك لم تشر إليه في إهداء الرسالة، على رغم أنها كان بوسعها أن تفعل. ولشدة ما كان أسامة يتشدد في أمر النساء كنا نناقشه ونختلف معه، ونرى أن التعليم حق للنساء مثلما هو للرجال.

- وماذا ترى أنت، ألم تكن شريكاً له في هذا التفكير عندما كنتما سوية على الأقل؟
أبداً لم أتوجه لهذا حتى في ذلك الوقت، بل كنت أعارضه بشدة، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «النساء شقائق الرجال». ودور المرأة أساس في المجتمع، لأنه متى ما صلحت المرأة صلح المجتمع لأنها الأم المربية والزوجة الحانية والبنت الودودة المظلة لوالديها، ودور المرأة تستطيع أن تبصره جلياً في تاريخنا الإسلامي.

- هل أفهم من هذا أنك مع عمل المرأة، لأنك حتى لو لم توافق تنظيم القاعدة في أفكاره بعد طلاقك لرموزه، إلا أنك لم تزل من التيار المحافظ في السعودية الذي يرى معظمه أن عمل المرأة ينبغي أن لا يتجاوز حدوداً معينة، فهل مثلاً ترى مشاركة النساء في الانتخابات البلدية مثلاً؟
لا أرى ما يمنع شرعياً المرأة المحتشمة من العمل، لأن المرأة في الإسلام كانت عاملة وملتزمة بقيمها، وأحاديث نبوية كثيرة تؤصل هذا الجانب وليس هذا محل سردها، ويكفينا من ذلك حديث خالة أبي سعيد الخدري، التي سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - في القيام بأمر نخلها بعد موت زوجها وهي في العدة، فأذن لها النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، وهي في حالة عدة، فكيف إذا كانت في وضع طبيعي. وكل ذلك ضمن قواعد وضوابط وأطر معلومة نظمها الشرع. تبعاً لذلك فإن الانتخاب «رأي»، والمرأة في الإسلام ذات رأي كما في حديث قصة الحديبية عندما استشار النبي - صلى الله عليه وسلم - زوجه أم سلمة، فكان رأيها محل تقدير من النبي والصحابة، فلم يحجز رأي المرأة والحال هكذا؟ لست أدري.


لست مع منع المرأة من الانتخاب

- إذاً أنت ترى أن منع المرأة من الانتخاب مصادرة لرأيها؟
لا شك، وما هو أبعد من مصادرة رأيها، هو أننا محتاجون إلى رأيها في مثل هذا المجال لأنها شريك، وليست أداة أو آلة تستخدم، بل هي شقيقة الرجل، ولكن من غير تفريط في التعليمات الشرعية المنظمة، والأعراف الاجتماعية المعتبرة أيضاً.

- بالعودة إلى أصل الموضوع، أنتم الآن ستسعون لاستعادة أختكم فهي مواطنة سعودية... فما خطواتكم التالية، وكيف تتعاملون مع من لا يزال ينظر إليها على أنها زوجة أسامة «الإرهابي»؟
لا شك أن القضية ينظر إليها من ناحية إنسانية في المقام الأول، وزوجها أفضى إلى ما تقدم، وبقيت هي، وبالتالي من واجبنا نحن كإخوتها أن نستعيدها، في وقت لم نأل جهداً في ذلك حتى من قبل إلا أن العوائق التي كانت تحول دون ذلك قد زالت، كما أنها بصفتها مواطنة أيضاً نتوقع من الجهات المعنية أن تساعدنا في تحصيل هذه الغاية، ونهيب بها أن تمدّ لها ولنا يـد الــعـون  لتعود إلى أحــضــــان أسرتها، فهي الآن باتت أحوج ما تكون إلينا جميعاً وطناً وعائلة وأهلاً، فتعامل ولاة الأمر حتى مع أولئك الذين ضلوا الطريق وسفكوا الدماء من أبناء الوطن، يجعل أملنا كبيراً في تعجيل اتخاذ الجهات المعنية بالخطوات اللازمة لاستعادتها، فنحن واثقون بأنها لم تكن شريكة بأي صورة من الصور في أي عمل إجرامي، وهي في النهاية امرأة نحن والدولة مسؤولون عن حمايتها وحفظها وصيانتها، طالما غدا ذلك ممكناً.

- وهل بلغكم شيء عن حالتها الإنسانية؟
نحن علمنا أنها ليست الزوجة التي أصيبت، ولا بد من أن تكون بيد السلطات الباكستانية، ولكن يا أخي هذه المرأة قصتها مع المعاناة طويلة، الله يعلم وحده كم صبرت منذ الأيام الأولى لوجودها في السودان حتى الآن، ولكن أبناءها كانوا نقطة ضعف لها كبلتها، ونستطيع تصور كم ستكون معاناتها اليوم مرّة وقد فقدت ابنتها البكر قبل عام وابنها خالد أخيراً مع أبيه، وهذا الابن كان بالنسبة إليها «فتنة» لا تكاد تتصور الحياة والعيش من دونه، فهي مع تلك المصائب في أمسّ الحاجة إلى تدخل ينهي معاناتها أو يخففها، فإن يكن من عقاب فإن ما مرّ بها أكبر من أي عقاب، وهذا افتراض، وإلا فإننا لا نتوقع هذا القول من أحد في قلبه مثقال حبة من رحمة. (يسكت سعد ويتأوه. كان فيما فهمت يكتم عبراته، وقد كان في أحاديثه الجانبية يلمح إلى أنها عانت ظلماً وقهراً لا يشاء الخوض فيه، حفظاً لحرمة العلاقة العائلية، ولكن آهاته تتحدث عن أهوال وأشياء)!

 


- هل تريد أن تقول إنها ليست طرفاً في قضية أسامة المعلومة؟

نعم هي ليست طرفاً، وأنا أؤكد ذلك من خلال معرفتي بها وصحبتي إياها على مر السنين وتعلقها بي. وحتى لو افترضنا غير ذلك، فحتى المذنبون تستقبلهم أوطانهم وتستصلحهم، كما هو شأن معتقلي «غونتانامو» وغيرهم من المطلوبين الذين ما زالوا يسلمون أنفسهم، مرة بعد أخرى. ونحن واثقون من أنها ستجد ما تستحقه من العناية من جانب ولاة أمرنا.

- ما الخطوات التي قمتم بها حتى الآن لاستعادتها، أم أنكم واثقون بأن الجهات المسؤولة في الحكومة ستقوم بواجبها من غير أن تتدخلوا؟
هذا جانب حقيقي، يضاف إليه أيضاً أننا ما زلنا نتثبت ونزداد تأكداً من وجودها، وصغنا برقية قررنا توجيهها إلى الجهات المسؤولة في الدولة، لإشعارهم بتطلعاتنا واستعدادنا للتعاون معهم في أي أمر يرونه، لأننا كما تعلم في مجتمع محافظ، وحتى الدولة تشجع الأسر على النهوض بواجباتها نحو من يقع تحت رعايتها من أهل وولد.
» ولكن هي امرأة فقدت كل شيء هنالك، وهي الآن في خريف عمرها... فهل أنتم جازمون بأنها راغبة في العودة؟
هذا سؤال افتراضي تعود إجابته إليها، لكني بحسب معرفتي الشخصية بها أستطيع الجزم بأنها ليست فقط راغبة في العودة، بل تتمنى ذلك وتترقبه بشوق، فبعد زوال الموانع التي كــــانت تقـــيدها من قبل لا بد من أنها ستكون أسعد الناس بالعودة إلى عائلتها ووطنها الذي أحبته، فأهل المدينة من أشد خلق الله تعلـــــقاً بــــبلادهم، ولا سيما عائلتنا لأسباب فضل المكان ومجاورة النبي - عليه الصلاة والسلام-، فالمسلمون جميعاً يهفون إلى هذه البقاع فكيف بإنسانة عاشت أجمل أيام حياتها بين أحبتها هاهنا.
وأتذكر عندما كان أسامة في السودان يخوفني من العودة إلى السعودية، ويقول لي سوف يفعل بك ويفعل أقول له: السجن في المدينة أحب إلي مما أنت فيه!


أملنا في الحكومة كبير

- في ما سبق رأينا أن الحكومة السعودية تعاملت مع أبنائها المطلوبين، بمنطق «عفا الله عما سلف»، وأختك ترى أنه حتى الخطأ لم تكن شريكة فيه... هل تتوقع أن يساعد ذلك على سرعة استعادتها رسمياً؟
هذا الأمل، والله سبحانه وتعالى يقول: «ولا تزر وازرة وزر أخرى». ونرجو أن ينظر لها من هذه الحيثية.

- هذا عن أختكم... فماذا عن أبنائها؟ وهل بقي لها أحد؟
بقي لها ابنتان، ولا أدري هل هما متزوجتان أم لا.

- لا تخف، «تنظيم القاعدة لا يترك أحداً.
(ضاحكاً)، نحن نرى أنه لا ينبغي أن تفصل أم عن أبنائها، وهذا أمر تستوعبه الجهات المختصة، فالمملكة لم تعتد أخذ أحد من أبنائها بجريرة آخر، فأبناء أسامة وإخوانه يعيشون بعافية وأمن واستقرار، وأبناؤه من أختنا أحق بذلك من غيرهم. ولكن الخوف من أن يكن متزوجات، وهذا ما لا ينبغي أن يعوقنا عن مواصلة جهودنا.

- وهل هنالك تنسيق بينكم وبين عائلة بن لادن في استعادتهم بقية أبنائه؟
لا يوجد هذا النوع من التنسيق، بهذا المعنى، لحساسية الأمر بالنسبة لعائلة ابن لادن، وبالتالي لم يبحث معهم، ولم نتطرق إلى الموضوع مطلقاً. وتلك حساسية نالني منها أنا شخصياً ما لم ينل غيري، وقد يكون الأمر مبحوثاً من جانب أطراف أخرى، لكن من ناحيتي أنا لم أفاتح أحداً فيه لعلمي بموقف العائلة المسبق.

- علمنا من مصادرنا، أن أطرافاً من عائلة ابن لادن تعتبر علاقتها بابنها ومن ترك، علاقة قطعت وانتهت... فهل يؤثر هذا في تقديرك على موقفكم أنتم؟
لا أعتقد بأنه سيؤثر، لأن هذا خيارهم الشخصي ولا علاقة لنا به. نحن نتكلم عن أختنا التي تنتمي إلينا، وليس عن أحد آخر، وبالتالي من واجبنا شرعاً وعرفاً ووطنياً أن نستعيدها.


زوجة بن لادن لا تتقن استخدام السلاح

- عائلتكم مشغولة هذه الأيام فقط باستعادة أم خالد، فكأن موت ابن لادن أحيا الأمل في ابنتهم مجدداً... فهل يمكن أن تستثمروا علاقات المملكة المميزة مع الباكستانيين في هذا الشأن؟
هذا من العناصر المشجعة لنا، وهي من ضمن ما خاطبنا به الجهات الرسمية، ونتمنى أن تستثمر هذه الجزئية، والإسلام علمنا أن نرحم الضعفاء، ونجبر المنكسرين، ولا سيما إذا كنا نتحدث عن امرأة مثل أم خالد لا تجيد حتى استخدام السلاح!

- هل يعقل أن زوجة أسامة لا تتقن استخدام السلاح؟
بحسب علمي، نعم لا تعلم كيف تستخدم أي سلاح أبداً، وهذا يعود إلى النظرية السابقة التي ذكرتها لك عن رؤيته لدور المرأة.

 


- بالعودة إلى تعدد الزوجات عند أسامة، فإن الناس عندما قتل الرجل وبدأت وسائل الإعلام تتحدث عن أبنائه، هالهم كثرتهن والرجل كان مجاهداً ثم أصبح بعد أن تبنى الفكر الإرهابي مطارداً، وفي كل تلك المراحل لم يكن لديه فيما يعتقد الناس وقت، فما هي فلسفته في قصة الزيجات وأنت أعلم الناس به؟

(ضاحكاً بشدة)، هو جهاده كان على جبهتين. فالتعدد بالنسبة إليه أم القضايا، وإقناع الناس به، وبالتالي كان معظم زوجات من يعرفوه يحرصن على أن لا يلتقي أزواجهن به، لأن لديه فلسفة خاصة في هذا الأمر. وكان مما يردده دائماً حديث «تناكحوا تكاثروا فإني مكاثر بكم الأمم»، وهذا ما جعله يكون ساخناً على الجبهتين.

- ولماذا لم يقنعك أنت بالتعدد وأنت صهره وقريب منه، أم أن زوجتك (خالها بن لادن) حذّرته من الاقتراب منك؟
(ضاحكاً)، ربما يكون هذا، ولكن هي قناعات.

- بصراحة أريد أن تجيبني عن هذا السؤال، وهو أن أناساً كانوا يصفون أسامة بالشخص الرومانسي والجذاب في أيامه الأولى.. فهل كان يُخطَب من جانب النساء، ولا سيما أن هذا من الخطوات المسموح بها شرعياً في الخطاب الديني السعودي؟
طبعاً دائماً إذا وصل المرء إلى مرحلة النجومية، تتحسن حظوظه في أشياء كثيرة ومن بينها النساء، لكني أصدقك القول أسامة كان يتعب في الحصول على زوجة، لأن معظم النساء لا يرغبن في التعدد، إلى جانب الأسباب التي تخص كل امرأة بمفردها. كان يتعب في البحث.

- بهذا... ألا يؤنبك ضميرك بأنك صاحب الفضل والوزر في تزويج أختك بأسامة، حتى جعلت تراجعها في ذلك نحو عام كما علمنا؟
أنا ضد الدخول في محاسبة نفسي على شيء قد تم ولم يعد بوسعي إصلاح شيء منه، ولا سيما أنني عندما سعيت في الأمر كان الرجل سوياً «ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير». ولو كنت زوجتها به في هذه المرحلة نعم لكنت ندمت ولمت نفسي، لكني قمت بما أراه مناسباً في ذلك الوقت، وما حدث من تغير فيما بعد لم يكن بوسعي أن أتنبأ به.

- ولكننا في ما علمنا من مصادر أخرى، فإن والدك أنبك شخصياً عندما تغير أسامة، واتهمك بأنك من أغواها به؟
هذا صحيح، والحق أنه إغواء مزدوج فبريق أسامة في أيام الجهاد الأفغاني أغواني وأنا مع الوقت استطعت أن أغوي أختي معي، وقصة زواجها بأسامة ذات شجون طويلة ولن نوفيها حقها هاهنا، فبين ما يجعلها ذات حظوة عند والدي - رحمه الله - أنها كانت أديبة وشاعرة بعض الشيء، لأن تخصصها العام «لغة عربية»، وكانت تسافر معه وتقرأ له الأشعار وتؤنسه، فكان يحبها ويتعلق بها، فكان هذا سبب لومه لي قبل الزواج وبعده، وكان هروبي هو بأنها «رغبت» وهذا قضاء وقدر.


والدي كان رافضاً

- ولكن الوالد فيما تخبرنا المصادر، اعتبر دخول أسامة للعائلة عنصراً غير مريح يحمّلك مسؤوليته حتى قبل أن يتغير، فهو اختطف الابنة ثم هرب بك إلى أفغانستان من دون إذنه، ثم حرمه من ابنته بعد ذلك ما جلب له العديد من المتاعب... مع كل هذا لا تقرّ أنت بالذنب؟
ما من شك في أن الوالد - رحمه الله - ينظر للقضية من هذا الجانب، لكن في المقابل في تصوري أنه كان يعذر أسامة من الداخل أيام جهاد الأفغان، وإن كان يلومه ظاهراً. مع أنه - رحمه الله - كان يقول لأسامة هؤلاء الذين تساعدونهم سينتهون من الروس ويقتتلون في ما بينهم.

- أنا سمعت أنه كان يعلنها بصراحة في وجهه «وخّر عن أولادي»؟
بلا شك، لأنـه كأب يـشعر أن ابـنـه وابنته أُخِذا منه، وكان يخشى على البقية أن تنتقل إليهم العدوى، وهذا غير مستغرب من الأب.

- بما أن أختك كانت أديبة... هل هي من كان يكتب لأسامة قصائده التي أشغل بها العالم؟
أسامة يحب شعر الحماسة والفخر بشدة، وكان يحفظ القليل منه، وهذه الإمكانات لدى أم خالد، جعلته يتمسك بها أكثر، وكانت أستاذته في هذا الجانب، فكان عندما يكتب شيئاً يعرضه عليها، فتراجعه له لغة ووزناً، أما هي فليست شاعرة بكل ما للكلمة من معنى ولكن تكتب الشعر ولديها ذوق أدبي رفيع، وتخصصها في النحو والصرف جعلها أكثر قدرة على وضع لمساتها المهمة في هذه الناحية.