القاتل حاول الانتحار وصرخ...

مقاتلات, إعدام, إنتحار, المخدرات, داعية اسلامية, رجل / رجال مباحث, جريمة قتل

29 أغسطس 2011

كان الندم يكسو ملامحه أثناء جلسة تجديد حبسه، فقد قادته نزوة شيطانية إلى طريق الإعدام وحبل المشنقة، بعدما ارتكب جريمة بشعة راح ضحيتها محفظ قرآن شاب وزوجته. وحاول القاتل مدمن المخدرات الانتحار أثناء تمثيل جريمته، فأنقذه رجال المباحث من الموت بعدما حاول إلقاء نفسه من الشرفة، وأجهش القاتل في بكاء مرير وهو يقول: «الشيخ عامر لا يستحق ما فعلته به، اعدموني حتى أستريح»!
كلمات المتهم محمد حسين كانت تعكس سيناريو الجريمة البشعة التي ارتكبها شخص كان يتعلم القرآن والفقه على يد داعية شاب
!


لحظة عشق شيطاني كانت وراء الجريمة التي ساهمت فيها زوجة القاتل دون أن تدري، نعم هي السبب. هكذا أكدت اعترافات القاتل محمد حسين بعد القبض عليه، فقد أخطأت زوجته دون أن تدري حينما استرسلت في وصف مفاتن «منى» المنقبة زوجة الداعية الشاب عامر، وتحركت نوازع شيطانية داخل محمد الذي كان عائداً لتوه من رحلة مؤلمة مع الإدمان، حاول بعدها التوبة لكن الظروف عاندته...

وفي جريمة انتصر فيها الشيطان بسبب لحظة ضعف، سقط محمد مرة أخرى في بئر الخروج على القانون، ولكن السقوط هذه المرة لم يكن مثل المرات الأخرى التي دخل فيها السجن متهماً ببيع المخدرات، وأمضى وراء القضبان بضع سنوات قبل أن يخرج إلى الحياة تائباً.
هذه المرة لن يكون هناك خروج من السجن، فحبل المشنقة يتراقص أمامه. والمستقبل مظلم بفعل يديه بعد ارتكابه مذبحة كانت حديث مصر كلها. والبداية العثور على داعية شاب 28 سنة مكمم الفم بشريط لاصق ومذبوحاً، وزوجته مقيّدة اليدين ومذبوحة على فراشها بعدما اغتصبها القاتل.


اعترافات مذهلة

بذلت أجهزة الأمن جهوداً كبيرة لفك رموز هذه الجريمة الصعبة، وكل ملابساتها كانت تزيد من صعوبتها، فالمعاينة أكدت أن القاتل دلف إلى الشقة بشكل طبيعي في ظل عدم وجود آثار عنف في مداخل المكان.
وما زاد القضية صعوبة شهرة الداعية القتيل الذي كان معروفاً على شبكة الإنترنت بخطبه ودروس الفقه التي يلقيها في منطقة الهرم حيث يقيم، رغم أنه قعيد بسبب إصابته بمرض ضمور العضلات.

وأدت شهرة الداعية الشاب إلى قيام المباحث بفحص علاقاته بأكثر من 650 شخصاً، وأكدت التحريات أنه ليس لديه عداوة مع أي شخص، بل بالعكس كانت علاقاته جيدة مع الجميع، وقد تاب على يديه عشرات المذنبين.
بعد أسبوع من الحادث سقط الجاني، وأدلى بتفاصيل الاعتراف المثير الذي أظهر سطوة المخدرات حين تتغلغل في النفوس، وأكد أنه أدمنها وتخلّص منها بعد خروجه من السجن، وبدأ يتردد على الشيخ عامر أشهر داعية في منطقة الهرم بعدما سمع عن شهرته عبر الإنترنت، واصطحب زوجته حتى تقوم زوجة الداعية بتحفيظها القرآن، وتردد على الشيخ عامر مرات، لكن زوجته حركت بداخله نوازع شيطانية حين أسرفت في الحديث عن مفاتن زوجة الداعية الشاب المنقبة!

وفشل محمد في السيطرة على نفسه، وبدأ يفكر في طريقة لينال بها من زوجة الداعية التي أحبها دون أن يراها، فخطط السفاح لشراء أدوية مخدرة وشريط لاصق وأخفى سكيناً قبل زيارته الأخيرة للشيخ عامر وبدأ ينتظر ساعة الصفر، وهي منتصف الليل حين يصبح الداعية بمفرده. وطرق الباب وتحرك الشيخ عامر بكرسيه المتحرك ليستقبل محمد الذي كان ينال عطف الداعية الشاب.

 

جلس الداعية مع محمد في غرفته وتحدثا في بعض الأمور الفقهية، وأسرع محمد إلى المطبخ ليعد العصير للداعية، ومزجه بالمخدر، لم تمض دقائق حتى غطّ الشيخ عامر في النوم، ولم يضع السفاح وقته فوضع شريطاً لاصقاً على فم الشيخ عامر وذبحه، وتأكد من عدم إحساس الزوجة بما حدث لزوجها. ولمزيد من الخداع دفع المقعد المتحرك للداعية نحو باب الشقة، وتسلل نحو غرفة الزوجة التي أصيبت بهلع عندما شاهدته، وكادت تصرخ لكن السفاح شهر سكينه في وجهها، ووضع شريطاً لاصقاً على فمها وربط يديها من الخلف، وتوالت الأحداث المثيرة!


الشاهد الوحيد!

لم يرحم دموعها واغتصبها ببشاعة، وأجهز عليها بالسكين حتى لا يترك وراءه دليلاً واحداً يقود الشرطة إليه، وأسرع السفاح متجهاً إلى خزانة القتيلة وسرق مجوهراتها الذهبية، وغادر الشقة بعدما تأكد من عدم وجود شاهد. أهدى السفاح زوجته قرطاً ذهبياً دون أن تعرف مصدره، وباع بقية المجوهرات لمحل ذهب بمبلغ 1400 جنيه، وبدأ يمارس حياته بشكل طبيعي محاولاً نسيان المذبحة التي ارتكبها بدم بارد. سنوات السجن التي جربها جعلته متماسكاً حين يرتكب جريمة، ونسي أن الداعية الشاب كان أحد أسباب توبته عن الجريمة واتجاهه إلى العمل الصالح، ولكن المشهد الدامي ظل يطارد محمد حسين في أحلامه حتى تم القبض عليه...

والبداية كانت عندما عثرت الشرطة على شاهد عيان من أقارب الداعية، أكد أنه شاهد شاباً ملتحياً كان متجهاً إلى شقة الداعية في وقت الحادث والارتباك بادٍ عليه.
وتحركت أجهزة الأمن من خلال أوصاف الشاب الملتحي التي انطبقت على محمد حسين صاحب السجل الجنائي السابق الذي أعلن توبته أخيراً، وتمكنت الشرطة من ضبطه، ولكنه حاول الإنكار مؤكداً أنه تلميذ الشيخ عامر ولا يمكنه أن يفكر في قتله.

وظهر دور خبير البصمات الذي أكد أنه عثر في شقة الشيخ عامر على بصمات، وتمت مقارنتها ببصمات المتهم ليؤكد المختبر الجنائي أنها بصمات محمد الذي لم يجد في النهاية مفراً من الاعتراف التفصيلي بجريمته البشعة، فقال إنه كان يرى الشيطان أمامه وهو يرتكب مشاهد المذبحة البشعة، وبعد عودته إلى منزله ظن أنه يحلم، لكنه تأكد من أنه قتل الداعية وزوجته بالفعل وسرق مجوهرات الزوجة بعد اغتصابها...

يقول القاتل: «حبي لزوجة الداعية وراء الجريمة، وزوجتي هي السبب لأنها جعلتني أحب منى بعدما رسمت لها في عيني صورة جميلة بوصفها لملامحها البريئة الحالمة، وتحركت بداخلي مشاعر وحشية لم أستطع السيطرة عليها، رغم أنني كنت بالفعل قد بدأت أتخلص من آثار المخدرات، لكنني عدت إلى تعاطيها، ونفذت جريمتي دون أن أكترث بما ستؤول إليه الأمور بعد ذلك».
كاد أهالي المنطقة يفتكون بالقاتل وهو يمثّل مشاهد جريمته، فالداعية الشاب كان محبوباً بشدة بين سكان الحي الذي يعيش فيه، وقرر قاضي المعارضات تجديد حبس محمد 45 يوماً.