أطفال من خلايا جلد الرجال ونخاع النساء

تجديد الخلايا, العقم, د. مبروك عطية, الوراثة, علماء الدين, د. حامد أبو طالب, د. عبد الحي عزب, د. عبد الفتاح الشيخ, إنجاب, الجينات

17 أبريل 2012

ظهرت أخيراً أبحاث طبية حديثة يؤكد أصحابها إمكان إنتاج حيوانات منوية من جلد الرجال وبويضات من خلايا النخاع العظمي للنساء وتلقيحها صناعياً من أجل تحقيق حلم الإنجاب للمصابين بالعقم، فما هي تفاصيل تلك الأبحاث؟ وماذا يقول علماء الدين عنها؟


بدأت القضية بإعلان باحثين بريطانيين تمكنهم من إنتاج خلايا منوية مبكرة، أطلقوا عليها اسم «الخلايا الجرثومية الأساسية»، من جلد البشر، حتى ممن يعانون من العقم. ونقلت وكالات الأنباء عن أحد العلماء المتخصصين في علم الجينات والوراثة، قوله إنه للمرة الأولى في العالم أمكن تخليق «الخلايا الجرثومية البدائية» من جلد أشخاص يعانون من العقم.
كما تمكن العلماء البريطانيون من إنتاج حيوانات منوية أيضاً من نخاع عظام النساء وليس بويضات فقط. لكن منتقدي هذه الطريقة يقولون إنها ستقلل من دور الرجال وتزيد من إنجاب الأطفال بوسائل صناعية. ويعتمد هذا البحث على الخلايا الجذعية التي يمكن أن تتحول إلى أي نوع من الخلايا، حيث يأخذ العلماء خلايا جذعية من نخاع المتبرعات ويحوّلونها إلى حيوانات منوية باستخدام مواد كيميائية وفيتامينات معينة.

وأكد العلماء أنه تم بالفعل تحقيق المرحلة الأولى من إنتاج حيوانات منوية من نخاع الذكور، إلا أن أخذ الخلايا الجذعية من إنسان بالغ مصاب بالسرطان مثلاً، قد يتسبب بمشاكل صحية للأطفال الذين سيولدون بهذه الطريقة، وستنجب النساء اللواتي يتم تلقيحهن بحيامن أنثوية بنات فقط، وذلك لانعدام الكروموزوم الضروري لإنجاب الذكور في تلك الحيامن.
وأعلن الباحثون من جامعة شيفيلد البريطانية أن الخلايا الجذعية الجنينية قد تكون مصدراً ممكناً لإنتاج الحيوانات المنوية أو البويضات، بعدما توصلوا إلى أن الخلايا الجذعية التي تتكاثر في المختبر لها صفات الخلايا التي تخرج منها الحيوانات المنوية أو البويضات، وذلك يعني ببساطة أنه يمكن الإنجاب لمن لا توجد لديه حيوانات منوية أو من لا تستطيع إنتاج البويضة لأي سبب، وأن إنجاب المرأة لن ينقطع ببلوغ سن اليأس أو استئصال المبيضين أو حتى الرحم، وقد يأتي يوم تكون فيه للطفل ذرية قبل بلوغه.

وذكر موقع «هيلث داي نيوز» أن علماء أميركيين من جامعة ستانفورد طوروا تقنية تتيح تحويل خلايا جذعية جنينية إلى خلايا تناسلية، هي أساس إنتاج الحيوانات المنوية والبويضات. وتساعد هذه التقنية الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الخصب على الحمل، من خلال صنع حيوانات منوية وبويضات من خلايا غير تناسلية تستخرج من أجسامهم، وبذلك سيكون الجنين الذي ينجبونه من صلبهم ويحمل جيناتهم. غير أن بعض المشككين تساءلوا عن إمكان نجاح هذه التقنية الجديدة، وإمكان تلقيح بويضة مستخرجة من خلايا جذعية لتصبح إنساناً.
وانتقدت جوزفين كوينتافال، من جمعية أخلاقيات الإنجاب هذا النوع من العبث العلمي، قائلة: «إنهم يبحثون في حالات غامضة جداً، فيما علينا البحث في أسباب العقم وعلاجه، لأن حياة الأطفال تكون أفضل عندما يولدون وينشأون في أسرة طبيعية من أب وأم، لأنهما يمثلان للأطفال القدوة في حياتهم، ولكن عندما يتم تعمد إنجاب أطفال بهذه الطريقة فهذا عمل غير أخلاقي».


خلايا الزوجين
لكن كيف يرى علماء الدين لدينا فكرة الإنجاب من خلايا الجلد والنخاع؟

في البداية وصف الدكتور عبد الفتاح الشيخ، الرئيس الأسبق لجامعة الأزهر، ما يحدث بأنه نوع من العبث العلمي المنافي للأخلاق وتعاليم الأديان السماوية التي لا تعترف بغير الطرق الطبيعية للإنجاب، بحيث يكون الحيوان المنوي من الزوج والبويضة من الأنثى، سواء بالاتصال المباشر بينهما عن طريق المعاشرة الزوجية أو عن طريق التلقيح الصناعي المنضبط شرعاً، بأن يكون من الزوجين دون تدخل طرف ثالث.

وأشار إلى أن الأديان السماوية حثت على الزواج، الذي امتن الله به على الناس، وجعل منه الإنجاب بشكل واضح لا يحتمل اللبس أو الشك، فقال تعالى: «وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ» الآية 72 سورة النحل. ونظراً لتأكيد الإسلام أنه إنجاب بغير زواج شرعي، فقد جعله الله آية من آياته، فقال تعالى: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» آية 21 سورة الروم.

وعن مشروعية نسب الطفل، في حالة الإنجاب من استخراج الحيوانات المنوية من جلد الزوج أو استخراج البويضات من نخاع الزوجة، قال: «باعتبار أن هذا فرض لم يتم على أرض الواقع، فإنني أقترح عرضه حين وقوعه علي المجامع الفقهية التي تضم علماء للدين وأطباء، للوصول إلى اجتهاد شرعي في القضية حيث يمكن قياسه بالتلقيح الصناعي، طالما من خلايا الزوجين، ويكون حراماً إذا تم بين غير الزوجين». 


شبهة

أما الدكتور محمد يسري، الأمين العام للهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، فيرفض الاعتراف بأي طريقة غير مألوفة للإنجاب، لأن الحيوانات المنوية الطبيعية للزوج وكذلك البويضة الطبيعية للمرأة هي الطريقة التي ليس فيها شك أو اختلاف، ولهذا قال عنها النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فِي بِضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأْتِي أَحَدُنَا أَهْلَهُ فَيَكُونُ لَهُ فِيهِ أَجْرٌ؟ قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ وَضَعَهَا فِي الْحَرَامِ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلالِ كَانَ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ»، الهدف من ذلك أن نعرف الأب والأم بلا أدنى شك، أما أن يتم استخراج حيوانات منوية من جلد الرجل أو المرأة فهذا عبث سيؤدي إلى اختلاط الأنساب، لأنه لا مانع من أن تقوم المرأة بدور الأب والأم معاً.

وأوضح يسري أن الإسلام «أتاح التداوي بالتلقيح الصناعي بين الزوجين كوسيلة لعلاج المشكلات في الحيوانات المنوية أو البويضات، حيث يتم التنشيط والعلاج لها والتلقيح خارج الرحم أو داخله، لكن إنتاج حيوانات منوية أو بويضات بغير الطرق المعهودة فإنني أتحفظ عنه، حتى بين الزوجين، لأن هذه الطريقة إن لم تكن حراماً ففيها شبهة، وقد أمرنا رَسُولَ اللهِ، صلى الله عليه وسلم، بالابتعاد عن الشبهات فقال: «إن الْحَلالَ بَيِّنٌ وَإنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُما أمور مُشْتَبِهَاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كَثيِرٌ مِنَ الناسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ في الشَّبُهاتِ وَقَعَ في الْحَرَامِ، كالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِك أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلا وَإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمى أَلا وَإنَّ حِمَى الله مَحَارِمُه، أَلا وَإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَحَتْ صَلَحً الْجَسَدُ كُلُّهُ وإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلا وَهِيَ الْقَلْب».

 


العقم

ويؤكد الدكتور عبد الحي عزب، عميد كلية الدراسات الإسلامية في بني سويف جامعة الأزهر، أن كل من يشارك في هذا العبث الطبي «يعد آثماً شرعاً، ويجب عدم الانخداع بما يقول حتى ولو كان يدعي أن العقيم سينجب عن طريق الحيوانات المنوية من جلده أو نخاعه. وقد حذرنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من ذلك فقال: «من سنَّ سنة حسنة فعمل بها كان له أجرها ومثل أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيء، ومن سنَّ سنة سيئة فعمل بها كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص من أوزارهم شيء». وأطالب الأطباء بأن يوجهوا أبحاثهم إلى المناطق غير الشائكة أو الملغومة، حتى يكونوا ممن قال الله فيهم «إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ» الآية 28 سورة فاطر».

وأوضح عزب أن «توهُّم الأطباء أنه يمكن القضاء على العقم تماماً بمثل هذه الأبحاث مستحيل، وسوف تظهر مفاجآت تمنع القضاء على العقم في الكرة الأرضية، لأنه سبحانه القائل: «لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ» الآيتان 49-50 سورة الشورى، أي أنه لابد أن يكون هناك أفراد يعانون من العقم مهما بلغ التقدم الطبي، لأن هذه سنة الله في خلقه، وأخشى أن يجرنا ذلك إلى غضب الله القائل: «قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ،  مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ،  مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ» الآيات17-19سورة عبس. وقد أكد لنا القرآن الطريقة المثالية الشرعية للإنجاب، فقال تعالى: «وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىِ، من نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى» الآيتان 45-46 سورة النجم. ومن المؤكد أن العبث الطبي الجديد لن يؤدي إلى حل مشكلة الإنجاب تماماً كما يتوهم هؤلاء، وإنما سيؤدي إلى اختلاط الأنساب ونقل الأمراض إلى الأجنة الجديدة إذا تم نقلها من خلايا مريضة، ويزداد العبث عندما نعلم إمكان إنجاب طفل لأطفال مثله، إذا تم إنتاج حيوانات منوية من جلده، أليس هذا عبثاً محرماً شرعاً؟».


حرام شرعاً

وأشار الدكتور حامد أبو طالب، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إلى أن إنتاج حيوانات منوية أو بويضات أنثوية من الجلد أو النخاع أمر مرفوض شرعاً، لأنه يؤدي إلى الخلل في  الطريقة التي ارتضاها الله لخلقه منذ بدء الخليقة وحتى تقوم الساعة، وهي أنه لا يجوز الإنجاب إلا بالحيوان المنوي من الزوج وبويضة المرأة، سواء كان بشكل مباشر أو غير مباشر، حتى يتحقق قضاء الله بإنجاب الذكور أو الإناث، مما يحقق التوازن بين الجنسين. ولعل هذا ما نفهمه من قوله صلى الله عليه وسلم حينما قال: «إذا علا ماء الذكر ماء الأنثى كان المولود ذكرا وإذا علا ماء الأنثى ماء الذكر كان المولود أنثى».

ورفض أبو طالب «لجوء الرجال، الذين ابتلاهم الله بالعقم، إلى إنتاج حيوانات منوية من جلدهم بحجة أن الإسلام أمرنا بالتداوي، لقوله صلى الله عليه وسلم: «تداووا عباد الله فإن الله أنزل لكل داءٍ دواءً عرفه من عرفه وجهله من جهله»، أو أن من وصايا الرسول، صلى الله عليه وسلم، كثرة الإنجاب لقوله: «تناكحوا تناسلوا فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة». وقد نسي هؤلاء أن الإسلام يرفض المبدأ الميكيافللي «الغاية تبرر الوسيلة»، وذلك لأن الغاية في الإسلام لا بد أن تكون نبيلة وهي الإنجاب، لكن لابد أن يتم ذلك أيضاً بوسيلة شريفة، والإنجاب من وسائل غير مألوفة مرفوض شرعاً. ومع هذا أطالب بعرض القضية على المجامع الفقهية مستقبلاً، لأنني أخشى أن يتم من خلالها خلط أنساب، وإمكان العبث الطبي بأن يتم إنتاج الحيوان المنوي من جلد الأنثى ونخاعها وتلقيحها بها فتكون هي الأم والأب في الوقت نفسه».    


مرفوض

وطالب الدكتور مبروك عطية، الأستاذ في جامعة الأزهر، باتباع مراتب الوجود أو الخلق الطبيعية التي ارتضاها الله لخلقه، وهي أن تقع نطفة الرجل في الرحم وتختلط بماء المرأة، ليكون ذلك بداية لحياة أجنة طبيعية، مراحل خلق الإنسان، فقال تعالى: «وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ، ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ، ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ» الآيات 12-16 سورة المؤمنون. وكذلك إذا كان في الرحم مشكلة يمكن أن يتم التخصيب لبويضة الزوجة بماء الزوج خارج الرحم، وذلك في عمليات التلقيح الصناعي، وهذا أمر منصوص عليه شرعاً، أن خلق الذرية إنما هو من السائل المنوي الذي يخرج من الرجل فيصل إلى الرحم المستعد للتفاعل معه، فقال تعالى: «فلينظر الإنسان مِمَّ خُلِق، خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ، يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ» الآيات من 5-7 سورة الطارق. وقوله كذلك: «إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً» الآية 2 سورة‏ الإنسان.

ويمكن أن يكون وصول الحيوان المنوي إلى الرحم عن طريق الاتصال الجسماني المعروف، ويمكن أن يتم الحمل بإدخال الماء محل الحمل والإنجاب دون اتصال مباشر، بشرط أن يتم ذلك من الحيوان المنوي للزوج وبويضة الزوجة، وهذا يقره الشرع والقانون ولا إثم فيه ولا حرج، أما الإنجاب من حيوانات منوية من جلد الرجل أو نخاع المرأة فهذا أمر مرفوض شرعاً وقانوناً وعقلاً، لأنه من قبيل العبث العلمي، ولن نرتضي في الإسلام بأي عبث في عملية الخلق، لأن هذا تعدٍ على القدرة الإلهية وتدخل فيها، لأنه سبحانه القائل: «الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ، ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ، ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ» الآيات من 7-9 سورة السجدة.


آثار نفسية واجتماعية

وعن الآثار النفسية لهذه الأبحاث الطبية، قال الدكتور محمود عبد الرحمن حمودة، أستاذ الطب النفسي في جامعة الأزهر:  «تعاني الأسر المعاصرة من مشكلات نفسية بين الأبناء من جانب والآباء والأمهات من جانب آخر، رغم أن عملية الحمل والإنجاب تمت بصورة طبيعية، فما بالنا إذا تمت عملية الإنجاب دون أب مثلاً حين يتم الاستغناء عنه؟ وماذا ستقول الأم للطفل حين يسألها عن والده، فيما يرى جميع الأطفال مع آبائهم الطبيعيين؟ هل ستقول له أنا أبوك وأمك وقد أنجبتك من خلايا جلدي أو نخاعي، فهذا عبث وما سيسفر عنه من نتائج سيكون عبثاً أكبر، إذ سيكون هؤلاء الأبناء غير طبيعيين من الناحية الجسدية والتركيبة النفسية».

وتقول الدكتورة سامية الجندي، أستاذة علم الاجتماع والعميدة السابقة لكلية الدراسات الإنسانية في جامعة الأزهر: «الإنسانية بمثل هذه الأفكار تسير إلى الهاوية، بحيث سنجد أناساً بلا آباء طبيعيين، ويمكن أن يولدوا من غير أمهات طبيعيات. وهذا عبث وفوضى سيدمران العلاقات الأسرية في المقام الأول، وسيزيدان المجتمعات الإنسانية تمزقاً فوق ما تعانيه حالياً من تمزق في العواطف والمشاعر الإنسانية».
ورأت أنه إذا كانت المجتمعات الغربية «قد تتقبل هذا، في ظل جنون البحث العلمي وتمزق مفهوم الأسرة، فإنه بالتأكيد سيكون مرفوضاً في مجتمعاتنا العربية والإسلامية التي لن ترتضي خروج امرأة لتقول: أنا الأب والأم لهذا الطفل الذي أنجبته من جلدي ونخاعي».