محكمة النساء الرمزيّة في المغرب

تزويج القاصرات, عنف ضدّ المرأة, مهرجان سينما الذاكرة المشتركة المغربي, مواقع الزواج الإلكتروني, البرلمان المغربي, عنف جسدي, زواج القاصرات, قضية / قضايا الزواج, محكمة الأسرة, المحكمة الابتدائية في الرباط.

21 مايو 2012

نطقت المناضلة الحقوقية نزهة العلوي رئيسة محكمة النساء الثالثة عشرة بالحكم النهائي والعاجل لـ«محاكمة ظاهرة تزويج القاصرات والزواج بالمغتصب» والمتمثل في إلغاء المادة 475 من القانون الجنائي المغربي التي تبيح زواج المغتصب من ضحيته ويسمح له بالإفلات من العقاب، والعمل على تعديل بعض مقتضيات مدونة الأسرة الفصل (20/21) المتعلّق بزواج القاصر، وكل المقتضيات التي تكرّس دونية المرأة والفتاة المغربية وتناقض مبدأ المساواة بين الجنسين. وشهدت المحكمة النسائية الرمزية تسليم المنظمة الدولية «AVAS» التي تبنّت قضية أمينة الفيلالي عريضة تحمل 779144 توقيعا قدمت إلى نساء البرلمان المغربي، تطالب بإلغاء المادة 475 من القانون الجنائي المغربي، وسن قانون جديد من أجل وقف العنف ضد النساء. وأطلقت المشاركات في المحاكمة 475 بالوناً هوائياً وردياً عربون وفاء لروح أمينة الفيلالي.


المحاكمة الرمزية التي أجراها اتحاد العمل النسائي أخيراً في أحد فنادق مدينة الدارالبيضاء، تمت تحت شعار «لنوقف وأد بناتنا»، وحضرتها المنظمات الدولية والهيئات الديبلوماسية في المغرب، فيما غاب جميع الوزراء والرسميين الذين وجهت إليهم دعوات للحضور.
وقالت عائشة لخماس، رئيسة اتحاد العمل النسائي، في كلمتها الإفتتاحية للمحكمة: «الإغتصاب جريمة ضد الإنسانية، وفرض الزواج على المغتصبة من مغتصبها وأد في صبغة عصرية». وأضافت: «الزواج ليس عملا لمن لا عمل لها، ويجب أن يكون اختيارا وميثاقا غليظا بالأساس، وهو مشروع أسرة ومجتمع وليس عقابا للمغتصبة وتزويجها من مغتصبها».

 وأدلت فتيات قاصرات بشهادات أبكت الحضور، بعد أن تعرّضن لحالات الاغتصاب وأرغمن على الزواج من مغتصبيهن. وفي معرض شهادات لعدد من ضحايا الإغتصاب وذويهم، قالت أم إحدى الضحايا: «ابنتي البالغة من العمر 13 سنة، تعرّضت للاغتصاب والاعتداء، وكان الحكم على الفاعل بسنة موقوفة التنفيذ وغرامة مالية». وأضافت: «ابنتي الآن تعاني كثيرا، وحاولت أكثر من مرة الانتحار». أما خولة البالغة من العمر 17 سنة، فروت قصتها بدموع الحسرة والقهر، لتقول في ختامها: «الحل ليس تزويج القاصر من مغتصبها، هذه أكبر مشكلة لأننا نداوي الظلم بظلم أكبر منه».

وكان ملف أمينة الفيلالي الطاغي على هذه المحكمة الرمزية التي استهلّت بدقيقة صمت ترحما على روحها، ليكون والدها أول المدلين بشهادته، فقال: «ابنتنا كانت مثالا للتلميذة المجتهدة، وكنا نحلم برؤيتها مهندسة أو إطارا عاليا في الدولة، فإذا بمغتصبها يحوّل أحلامنا الى سراب من خلال جريمته». وأضاف: «اليوم ابنتي وغدا واحدة من بناتكم. لو نال هذا الشخص جزاءه ونال العقاب لما وصلت ابنتي الى هذه الحالة. ثم إن أمينة رحمها الله ليست الأولى، ففي أقل من سنة ونصف شهدت منطقتنا- ضواحي مدينة العرائش في شمال المغرب - أربع حالات مشابهة، انتهت اثنتان منهما بانتحار الضحيتين، فيما تعيش الأخريان في حالة أقل ما يمكن أن نقول عنها أنها سيئة».


تتويج للمحاكمات السابقة

وقالت الناشطة الحقوقية عائشة لخماس في تصريح خاص إلى «لها» إن «محكمة النساء هي محاكمة رمزية وعرف سنوي دأب على تنظيمه اتحاد العمل النسائي منذ آذار/مارس 1996 حتى صار تقليدا سنويا لعب دورا أساسيا في التحسيس والمرافعة من أجل إنصاف النساء ضحايا العنف وتغيير القوانين التمييزية (...). جعلنا من المحكمة فضاء للتعبير الحر للنساء عن معاناتهن مع أشكال العنف الممارس عليهن وتقديم شهادات حية عن حالاتهن والمعاناة والمشاكل التي يصادفنها في تدبير ملفاتهن أمام المحاكم والشرطة والدرك وكل الجهات المعنية، كما أصبحت المحكمة حافزا لكثير من الحالات التي كانت تعتبر العنف شأنا عائليا داخليا، فلم تعد النساء والفتيات يخشين التحدث عن العنف بعدما كنّ يتسترن عنه».

وأضافت: «لأننا نشتغل ميدانيا ويوميا مع حالات متعددة ومختلفة من العنف، فقد لامسنا القصور وعاينا التطبيق غير السليم لمقتضيات مدونة الأسرة، وخاصة في الفصلين 20 و21 المتعلّقين بزواج القاصرات. وهذا تقصير في مدونة الأسرة، لكونه ساهم في رفع نسبة زواج القاصرات بموجب ممارسة صلاحيات القضاة. أما المقاييس التي يعتمدها القاضي لمنح الإعفاءات هي عادة متباينة، فيتم قبول أغلب الطلبات، وهذا يشجع الأسر على مواصلة هذه العادة، رغم أننا كنا نعتقد أن المدونة ستغير كل شيء».


أرقام صادمة والبرلمان يتحرّك

في المقابل، كشفت تقارير لوزارة العدل حول تزويج القاصرات أن سنة 2010 عرفت تزويج 35 ألف قاصر، فيما كان الرقم قبل سنة في حدود 33 ألفا وسنة 2007 لم يتجاوز 29 ألف حالة، وأن طلبات زواج القاصرات كان 44 ألف طلب، بما يعني أن المحاكم قبلت 92 في المئة من الطلبات ولم ترفض إلا 8 في المئة. وأظهرت الإحصاءات أن 13 ألفا من الطلبات التي وافقت عليها المحاكم سنة 2010 هي لفتيات في السادسة عشرة ، وأن هناك 69 حالة زواج لبنات في الرابعة عشرة، وأن تزويج القاصرات ينتشر في المدن بشكل كبير ولا يقتصر على البوادي، فنسبة المتزوجات من القاصرات في المدن حسب أرقام 2010 يتجاوز 43 في المئة.