امرأة تقود عصابة لخطف النساء!

سلمى المصري, جريمة, حبس / سجن, خطف, عصابة, رجل / رجال مباحث

04 يونيو 2012

حكايتها أعادت إلى الأذهان القصة الشهيرة لريا وسكينة، لكنها هذه المرة سيدة واحدة فقط، تقود عصابة لخطف النساء. قلبها قاسٍ لا يعرف الرحمة، وشراستها كانت مثار دهشة أفراد عصابتها. عقلها الشيطاني كان يخطط لجرائم عصابتها، وكانت دهشة رجال المباحث شديدة عند اقتحام الوكر الذي تتحصّن فيه نجلاء، ابنة الثلاثة والعشرين عاماً، إذ كانت تحيطها البنادق الآلية، وحولها أطنان من الطلقات.


المكان
: أطراف إحدى قرى المنوفية في ريف مصر.
الزمان
: الثالثة فجراً.

بدأت القصة عندما تلقى مدير مباحث المنوفية معلومة انتظرها طويلاً، فقد أرشد أحد المصادر السرية لرجال المباحث الشرطة إلى  مكان عبد الوهاب، أحد الأشقياء الخطرين. سجل جرائم عبد الوهاب كان عامراً بأكثر من 13 قضية فرض سيطرة وسرقة بالإكراه، بل أنه كان سبب الذعر في محافظة المنوفية كلها، وكان يستعين بمجموعة من الأشقياء الخطرين لحراسته ومساعدته في الهروب من مطاردات الشرطة. استعان عبد الوهاب أيضاً بجيش من الصبية الذين يطلق عليهم الناضورجية، مهمتهم تحذيره في حالة اقتراب رجال الشرطة من المكان الذي يقيم فيه. وأكدت المعلومات التي حصل عليها رجال المباحث أن الشقي الخطر يتعمّد تغيير الأماكن التي يقيم فيها بشكل مستمر خوفاً من رصده.


الوكر

استرجع قائد المأمورية المعلومات عن عبد الوهاب أثناء محاصرة الوكر الذي أرشد إليه أحد أعوانه المقربين، وبدأ رجال الشرطة يقتربون من الوكر بعد إصابة أفراد من الأمن المركزي، وخفت أزيز الرشاشات، وسمع رجال المباحث أنيناً خافتاً ينبعث من الوكر. بحذر شديد تقدم رجال الشرطة وهم يطالبون أفراد العصابة بتسليم أنفسهم، وبعد ثوانٍ توالت المفاجآت، خرج الشقي الخطر عبد الوهاب مصاباً في ذراعه وقدمه، والدماء تسيل منه بغزارة، وما لبث أن فارق الحياة. وبعد قليل خرجت سيدة في منتصف العقد الثاني من عمرها وذراعها تنزف فيما تمسك بالذراع الأخرى بندقية آلية. اقتحم رجال الشرطة الوكر ولم تنته المفاجآت، فاكتشفوا في الداخل سيدة في الخمسين من عمرها كانت يداها وقدماها موثوقة وفمها مكممّاً. وفي كلمات لاهثة روت السيدة أن اسمها نجاة وأنها مخطوفة، وأشارت نحو المجرمة المصابة مؤكدة أنها زعيمة العصابة التي خطفتها.

وبعد ساعة كانت السيدة المحرَّرة تجلس مع رئيس مباحث مديرية أمن المنوفية في مكتبه، وطلب منها أن تسرد ما حدث، فالتقطت نجاة أنفاسها وقالت إنه كتب لها عمر جديد بعد إنقاذها من الموت، وأكدت أن عصابة نجلاء خطفتها، وكانت على وشك قتلها. تكمل نجاة حديثها قائلة: «كنت في مواجهة شيطانة ترتدي ثياب البشر، عقلها كان ممزوجاً ببذور الشر، تخطط والجميع ينفذون خططها. ولم يكن عبد الوهاب بجبروته إلا أحد رجالها، وهي العقل الذي يخطط له جرائمه ويحركه كالدمية». تواصل نجاة: «عشق المال كان يحكم كل تصرفات نجلاء التي لم تكن تعرف الخوف، وفي الصباح كانت تمارس هوايتها في إطلاق النار في الهواء، وكأنها تتحدى الرجال في جبروتهم، وتبرهن لأفراد عصابتها أنها مثلهم لا تعرف الخوف، وتمتلك العقل والقوة في الوقت نفسه. ولم يكن عبد الوهاب يتحرك خطوة إلا بإذن من نجلاء التي شاهدتها وهي تزجره لأنه تخلّى عن حذره في إحدى المرات، وأكدت له أن سقوطه يعني انهيار العصابة كلها، وقالت له إنها لا تسمح بأي غلطة، فعالمهم لا مجال فيه للخطأ».

أضافت نجاة إنها كانت تشاهد نجلاء تخطط لعصابتها أسلوب مهاجمة السيارات على الطريق السريع، وخطف السيدات لطلب فدية. وروت قصة خطفها قائلة: «كنت عائدة من رحلة في الإسكندرية، زوجي سبقنا إلى القاهرة لانشغاله في بعض أعماله الخاصة، وترك لي السيارة والسائق الخاص. وكنت في طريقي إلى القاهرة ومعي ابني الشاب، وتوقف السائق لابدال إطار مثقوب. فجأة توقفت سيارة فيها سيدة أنيقة، عرضت علينا المساعدة، وكان بصحبتها سائقها، فشكرتها على كرم أخلاقها، ووقفت تتبادل معي أطراف الحديث. لكن الأمور تطورت بشكل سريع، ففوجئت بها تشهر مسدسها في وجهي، وفي التوقيت نفسه أشهر سائقها رشاشاً وأجبر سائقي على أن ينطلق بنا بالسيارة إلى أطراف المزارع، وتوقفت بنا السيارة في منطقة غير مأهولة بالسكان».


المساومة!

تواصل نجاة حديثها مؤكّدة أنه بعد خطفها فوجئت بتلك السيدة تتخلّى عن أناقتها وأسلوبها المهذّب وتتحوّل إلى وحش كاسر، لسانها ينطق بألفاظ يعفّ اللسان عن ذكرها، وبدأت تعذب نجاة وابنها بسبب تأخر زوجها في دفع مبلغ الفدية الذي قارب المئة ألف جنيه. سدّد الأب جزءاً من المبلغ، وبدأ يتفاوض مع نجلاء وعصابتها لخفض الجزء المتبقي، وقررت زعيمة العصابة الإفراج عن السائق والابن والاحتفاظ بنجاة لإجبار زوجها على دفع الفدية. وبدأت نجلاء تخطط لقتل نجاة بعدما أصبحت تمثل خطراً عليها بسبب اطلاعها على أسرار العصابة. أكدت نجاة أن دهم الشرطة لوكر العصابة أنقذ حياتها، بعدما أصدرت الشيطانة الشابة فرماناً بقتل نجاة والهروب من الوكر. وبعد استجواب نجاة قرر رئيس المباحث مواجهة نجلاء التي كانت في حالة من التماسك رغم إصابتها بطلق ناري في ذراعها.


اعترافات

بهدوء بدأت نجلاء اعترافاتها قائلة: «نشأت في كنف أسرة تعيش عالم الجريمة. والدي دخل السجن كثيراً، ولهذا لم أكن أتأثر بمداهمات الشرطة المستمرة لمنزلنا. تعلّمت من والدي كيف أكون قوية متماسكة لا أهاب شيئاً. تدرّبت على النشل كوسيلة للتربح، وارتكبت العديد من الجرائم ودخلت السجن مراراً، وكنت أخرج لأواصل نشاطي دون خوف من العودة إلى السجن. وكانت عائدات الجريمة تجذبني دائماً وتدفعني إلى تجاهل كل دعوات التوبة والإقلاع عن السرقة». تكمل نجلاء: «حينما كبرت وتجاوزت العشرين عاماً قررت تغيير نشاطي وارتكاب جرائم تحقق عائداً أكبر، مثل الخطف والسرقة بالإكراه، فالعملية الواحدة كان عائدها يكفينا أشهراً لأننا نطلب فدية تبدأ من عشرة آلاف جنيه وتصل إلى 100 ألف جنيه مقابل إعادة المخطوفة.

خططت وشاركت في عدة جرائم خطف بأسلوب واحد، كنت أتزين وأبدو كسيدة أعمال، وأستقل سيارة فارهة مسروقة يقودها عبد الوهاب، ونخفي السلاح في حقيبة السيارة ونتصيد ضحايانا من الطريق. ونجحنا في خطف عدة سيدات، وحصلنا على مبالغ ضخمة مقابل إعادتهن إلى أسرهن. كما تعلّمت إطلاق النار واستخدام البنادق الآلية دون خوف، وأصبحت بلا منازع زعيمة لعصابة الخطف، الجميع يأتمرون بأمري، وكنت أذهب إلى البنك لإيداع الأموال التي أحصل عليها من جرائمي. وبدأت التفكير في اعتزال الجريمة، لكنني أجلت هذا القرار مراراً بدافع الطمع، ولم أدرك أن خطف نجاة هو آخر العمليات الإجرامية التي أقوم بها».
تنهي زعيمة العصابة الشرسة اعترافاتها دون أن تتحدث عن حياتها الخاصة، لكنّ المقربين إليها أكدوا أنها لا تعرف طعماً للحب، ولم تكن تفكر في الزواج.  قررت النيابة حبسها بتهمة الخطف وتزعم عصابة، وحيازة سلاح آلي.