سقوط أخطر امرأة في مصر!

سلمى المصري, حبس / سجن, رجل / رجال شرطة

18 يونيو 2012

كان القبض عليها أصعب مهمة واجهت رجال الشرطة في صعيد مصر، فلم يكن سهلاً إسقاط أخطر امرأة في مصر دون دماء وخسائر جسيمة، خاصة أن هذه السيدة جعلت من منزلها ترسانة حربية مسلحة، وكانت تعيش وسط البنادق الآلية، بل ومدافع الجرينوف أيضاً. كانت تجيد استخدام كل أنواع الأسلحة، وبإمكانها أن تقتل فوراً من أول طلقة، لهذا كانت المهمة شديدة الصعوبة. وحاولت المتهمة أن تستخدم مدفع جرينوف كانت تخفيه، لكن رجال الشرطة أنقذوا البلدة من الكارثة وأسقطوا المرأة الحديدية فتحية.


استيقظ سكان إحدى قرى مركز ناصر في بني سويف على دويّ طلقات نارية تعطي الإيحاء بأن القرية الهادئة تحولت إلى ساحة معركة حربية شرسة. ظهر الرعب على الوجوه والتزم الجميع منازلهم، فهم كانوا يدركون منذ أشهر أن هذه اللحظة آتية لا محالة!
قبل فترة هددت فتحية الجميع بأنها ستحيل القرية إلى جحيم إذا فكرت الشرطة في القبض عليها. وجاءت اللحظة التي يخشاها الجميع، حاصرت أجهزة الأمن منزل السيدة الأسطورة، أو المرأة الحديدية، أو ملكة السلاح كما يطلقون عليها في القرية...

وتحول المكان إلى جحيم، طلقات متبادلة، ومقاومة شرسة من فتحية التي رفضت الاستسلام. ومرت ثلاث ساعات كاملة قبل أن يسود الهدوء المكان وتعلو أصوات سيارات الشرطة وهي تغادر مسرح المعركة معلنة انتهاء المأمورية بنجاح، والقبض على المرأة الحديدية، وسط زغاريد النساء اللواتي لم يصدقن أن الكابوس انتهى، وزالت حالة الرعب التي انتابت الجميع طوال العام الماضي كله!

قبل هذا المشهد، كانت هناك مشاهد أخرى عديدة، صنعت هذه الأسطورة التي كانت وما زالت حديث نساء القرية اللواتي لم يتخيلن أن إحداهن أصبحت مصدر ذعر للرجال والشرطة طوال الفترة الماضية.
قبل أن تحاول الشرطة القبض على فتحية واقتحام وكرها المسلح، هددت المرأة بأنها ستحيل قريتها إلى جحيم، وستجعل من الدماء أنهاراً، لأنها تملك أسلحة تكفي لقتل، أهل القرية في ساعة واحدة...


المرأة الفولاذية

قبل سنوات كانت فتحية (35 عاماً) امرأة عادية، مثل الآلاف من سيدات قريتها في مدينة ناصر، بمحافظة بني سويف في أول صعيد مصر. لم يكن لديها مشكلات مع جيرانها وصديقاتها، هادئة الطباع مبتسمة الوجه، لكنها غامضة، قليلة الحديث، لا تظهر دائماً ما يجيش في صدرها.
الجميع يعلمون أن زوجها سيئ السلوك، لكن الزوجة لم تكن تسلك طريقه، لأنها قررت أن تعيش لأبنائها وبيتها. فالشرطة كانت تطارد الزوج دائماً وأدخلته السجن عشرات المرات، وكانت الزوجة تضطر للعمل للإنفاق على عائلتها. لكن مع مرور الأيام بدأ الزوج يقنع زوجته بضرورة أن تساعده في عالم الجريمة، فهو يريد أن يؤمن مستقبله قبل اعتزاله الإجرام.

ترددت فتحية قبل أن تقبل عرض زوجها، لكن الأخير كان يدرك جيداً أن زوجته طموحة، تعشق المال، قوية الأعصاب، ومن الممكن بسهولة أن تصبح من زعماء عالم الإجرام. بعد عدة مداولات وافقت فتحية على فكرة زوجها الذي أخبرها بأن التجارة الرابحة الآن هي سوق السلاح!
أصابت القشعريرة جسد الزوجة التي لم تتصور أنها ستبيع السلاح، وستعيش في منزل مليء بالطلقات والبنادق والقنابل اليدوية إذا لزم الأمر. لكن زوجها فاروق أخبرها بأن الجريمة واحدة، سواء باعت السلاح أو تاجرت بالمخدرات، أو حتى احترفت السرقة!

أكد لها أن تجارة السلاح لن تجهدها، لأنها لن تبارح منزلها إلا في أضيق الحدود، وأنه سيقدم لها خريطة تجار السلاح الكبار، لتقوم بدور الوسيط بينهم وبين الراغبين في شراء الأسلحة.
سال لعاب فتحية وهي تستمع إلى أرقام مكاسب تجارة السلاح في مصر، ولم تكن تتخيل أن مكسبها سيتجاوز 600 في المئة من السعر الذي ستشتري به السلاح من تاجر الجملة. وخلال أيام قليلة تعلمت الزوجة كل خبايا هذه التجارة المميتة، وبدأت على الفور الاتصال بالتجار.

 

دخل فاروق السجن وهو يتابع جهود زوجته التي تمكنت في فترة وجيزة من أن تصعد بسرعة الصاروخ السلم في عالم تجارة السلاح. كانت فتحية الحديدية تقوم بتجربة السلاح أمام عملائها قبل أن تبيعه، ويصيب الذهول أبناء القرية، وهم يشاهدونها تمسك بمدفع آلي، وتطلق رصاصات في الأراضي الزراعية التي تحيطها.
حاول أحد جيرانها الاعتراض، لكن المرأة الحديدية كانت حاسمة، فأطلقت النار قرب رأسه بشكل تحذيري، وكأنها تؤكد له أن الرصاصة المقبلة ستستقر في رأسه. وأصاب الخوف جميع سكان القرية الذين وصلتهم معلومات تؤكد أن جارتهم تمتلك أسلحة خطيرة وقنابل.

وقررت فتحية ذات مرة أن تلقن إحدى جاراتها درساً قاسياً، بعد أن عقدت هذه السيدة العزم على الإبلاغ عنها. فاقتحمت المرأة الفولاذية منزل جارتها، وأطلقت النار عشوائياً لتحطم كل محتويات المنزل، وتقتل الماشية التي تحتفظ بها جارتها. وأكدت المرأة الفولاذية أنها تنذر فقط بهذه الرصاصات، وفي المرة المقبلة سيسقط ضحايا آدميون!


صفقة المليون

بالتخويف كانت فتحية تحمي نفسها، وخلال أشهر قليلة، ربحت أكثر من نصف مليون جنيه. وضعت أموالها في البنك وزفت هذه الأخبار السعيدة الى زوجها المحبوس الذي طلب منها أن تتجه لشراء كمية من القنابل ومدافع الجرينوف التي يتم استخدامها في تسليح الجيش.
لم تتردد فتحية، بعدما أدركت أن مكسب هذه العملية ضخم وقد يصل إلى مليون جنيه، فعقدت اتفاقاً مع بعض العصابات المسلحة على شراء الأسلحة الثقيلة بمبلغ فلكي. وبدأت إجراء اتصالاتها مع مجموعة من تجار السلاح من خارج مصر، لتهريب الأسلحة الثقيلة عن طريق الحدود الغربية مع ليبيا.

كانت فتحية تعد الدقائق المتبقية على إتمام الصفقة وتسلّم الشحنة، وحددت موعد تسليم مدافع الجرينوف والقنابل، والتقت تاجر السلاح الكبير، وتسملت منه السلاح وسرعان ما أخفته في مخرن سري في منزلها، وبدأت اتصالاتها مع عملائها لبيعه.
في هذه الأثناء، وصلت معلومات الى أهالي القرية عن امتلاك فتحية ترسانة من السلاح الثقيل، وحاولوا اقتحام منزلها وتهديدها، لكن المرأة الفولاذية تصدت لهم بكل حسم، وأطلقت عدة طلقات من مدافع الجرينوف التي بثت الرعب في القلوب، لأن الطلقة الواحدة بإمكانها أن تسحق سيارة ضخمة.

وبشراسة أكدت لهم فتحية أنها لم تعد تعمل في الخفاء وأنها لا تخشى الشرطة، أو جيرانها. وقاد الغرور المرأة الحديدية إلى الهاوية، بعدما تجرأ أحد جيرانها وأبلغ الشرطة.
وبدأت أجهزة الأمن عملها، ووضعت خطة لمحاصرة منزل المرأة الفولاذية، وسرعان ما جاءت التحذيرات بالتروي في قرار دهم مخازن السلاح، خوفاً من تنفيذ فتحية لتهديداتها وإشعال النار في القرية.

حاصرت مجموعات من قوات الأمن المركزي المسلحة المنطقة التي تسكنها فتحية، وتم بهدوء إخلاء سكانها، دون أن تشعر المرأة الفولاذية. واقترب رجال الشرطة من الوكر، لكن فتحية شعرت بتحركات الشرطة، وبدأت تطلق النار بغزارة وأصابت بعض رجال الشرطة.
رفضت كل نداءات الاستسلام، وبدأت تطلق نيران مدفعها الجرينوف الرهيب، لكن قوات خاصة من الشرطة تمكنت من التسلل إلى الوكر، وفاجأ رجالها السيدة الأسطورة وهي تطلق النار، وسقطت المرأة الفولاذية وهي لا تصدق أن الحلم ضاع!
صرخت نساء القرية من الفرحة وهن يشاهدن الكابوس قد انقشع... وفي النيابة توالت اعترافات فتحية التي أكدت أن الشيطان تسلل إلى عقلها، وأقنعها بهذه المهنة الخطيرة التي حققت لها أرباحاً طائلة.