رسائل المحمول حولتها إلى قاتلة

قضية, جريمة قتل, رسائل

27 أغسطس 2012

أربع رسائل محمول دمرت حياة الشابة صابرين... قبل أن تتلقاها كانت على أعتاب أن تصبح زوجة، لكن الماضي عاد إليها بأبشع صوره، وعاد حبيبها السابق ليدمر حياتها ويلطخ سمعتها ويرسل إليها رسائل تهديد. ولم تجد صابرين في النهاية مفراً من التخلص منه بعد أن وجدت جميع الطرق لإبعاده عنها مسدودة، وبدلاً من أن تصبح عروساً في طريقها إلى عش الزوجية، أصبحت متهمة يحاصرها شبح الإعدام.


أمام النيابة كانت صابرين في حالة يرثى لها، لم تصدق أن حياتها انهارت في لحظة، بعد أيام كانت على موعد مع حفلة زفافها، اشترت فستان الزفاف، لكن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن، القيود الحديدية كانت تحيط معصمها، جريمتها عقوبتها الإعدام، فهي متهمة بالقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.

تقول صابرين في اعترافاتها المذهلة: «نعم كان حبيبي، وكان حلم حياتي، لكن ليس كل ما يتمناه الإنسان يتحقق، فهو كان يريد الزواج مني، لكن أهلي رفضوه، ولا أدري هل كنت أتحداهم وأتزوجه رغماً عنهم؟! هل أتحول من إنسانة ملتزمة إلى شابة تعترض على أوامر أسرتها من أجل الزواج؟! بالتأكيد لن أفعل هذا أبداً».

هكذا بدأت المتهمة بقتل حبيبها أو خطيبها السابق كلامها، وهكذا أيضاً بدأت تحكي عن جريمتها وتدافع عن نفسها قائلة: «اسمي صابرين، عمري20 سنة، كنت فتاة عادية، لكن حكايتي غريبة جداً، أرجوكم اعرفوها قبل أن تحكموا عليَّ، فأنا على الأوراق الرسمية قاتلة، لكنني أرى نفسي ضحية كانت تريد الحفاظ على حياتها».


حكاية قاتلة

وأضافت: «رغم أن عمري لم يتعد بعد العشرين، إلا أنني عشت أول قصة حب وأنا ما زلت فتاة صغيرة، وبالتحديد منذ ستة أعوام بالتمام والكمال، التقيت بمحمد لأول مرة في الشارع، وسريعاً ما تعلقت به بسبب الكلمات المعسولة التي كان يطاردني بها كلما شاهدني.

عشنا معاً أحلى أيام عمرنا، لكن لم أفعل شيئاً يغضب الله أو أسرتي مني، ولأن العلاقة الصحيحة بين الجنسين لابد أن تكون في النور، طلبت منه أن يقابل أسرتي لخطبتي، وبالفعل لم يتردد محمد، وفي اليوم التالي جاء إلى بيتنا يطرق الباب، ويطلب من أهلي يدي، لكن للأسف لم ينل قبول أسرتي، ورفضوا تماماً فكرة ارتباطنا، والسبب ظروفه المادية الصعبة، فهو كان عاملاً في مطابع. ومن هنا بدأت المشاكل، من ناحيتي ومن ناحيته، فأنا كنت أحاول الضغط على أهلي بكل ما أملك من قوة حتى يوافقوا على زواجي منه، إلا أن محاولاتي كلها فشلت، أما هو فكان يحاصرني بكلماته  المعسولة أحياناً وبتهديداته إذا تركته أحياناً أخرى، إلا أن الجمود أصاب علاقتنا بعد وفاة والدي».

وتضيف المتهمة: «تغيرت حياتي تماماً بعد وفاة والدي، فهو كان العائل الوحيد لنا، وأنا ابنته الكبرى، وكان عليَّ أن أرعى أمي وأشقائي الصغار. نسيت حبي، وبدأت رحلة البحث عن عمل شريف، حتى عثرت على عمل في شركة ديكور بمنطقة مصر الجديدة. لكن حبيبي لم ينسني، بل راح يطاردني ليل نهار، في الشارع أحياناً، وعلى هاتفي المحمول أحياناً أخرى، وكنت دائماً أحاول إقناعه بأننا لسنا لبعضنا، ويكفيني أن أهلي رفضوه لأبتعد عنه نهائياً، لأنني لن أعصي لهم أمراً في يوم من الأيام، حتى لو كان الثمن هو حبي الوحيد. لكنه كان يزداد إصراراً على مطاردتي، وهو ما جعلني أهرب منه. وسريعاً مرت الأيام، حتى فوجئت بمن يطرق بابي، ويطلب يدي من أهلي، كان عريساً يريد الزواج مني، ووافق أهلي عليه. لكن حدث ما لم أتوقعه أبداً، عرف حبيبي الأول بما حدث، وفوجئت به يهددني بالقتل إذا تزوجت من هذا العريس، ليس هذا فقط بل تحدث مع هذا الشاب، وأشاع عني كلاماً خارجاً وغير حقيقي، لأفاجأ بعد أيام بأن الشاب الذي جاء من أجل خطبتي يمتنع عن الكلام وكأنه يهرب مني».


ا
لمفاجأة

وتواصل المتهمة: «استسلمت لقضاء الله، وحاولت طرد ظنوني بأن حبيبي الأول هو السبب الرئيسي في هروب العريس الجديد، لكن المفاجأة أنه كررها للمرة الثانية، بعد أن تقدم شاب آخر لخطبتي، وظل يطارده ويهددني، حتى انقطع هذا الشاب عن زيارتنا، بل وتركني بحجة أن كل شيء قسمة ونصيب. وقبل أسابيع قليلة تقدم شاب ثالث لخطبتي، وهذه المرة فوجئت بحبيبي الأول يطاردني أنا، ويهددني بقتلي إذا استجبت ووافقت على الزواج من غيره، بل كان يتصل بي ويقسم بأغلظ الأيمان بأنه سوف يقتلني إذا فعلت شيئاً عكس رغبته، هذا الى جانب عبارات السب والقذف التي كان يقولها لي، سواء في المكالمات الهاتفية أو عن طريق رسائل المحمول».

وتكمل صابرين: «استمر محمد في تهديداته هذه حتى فوجئت به يطلب مني أن ألتقيه، وقتها كنت أستعد للنزول إلى عملي، وكنت في حيرة من أمري، فأنا كنت خائفة جداً أن ينفذ وعده ويقتلني لأنني كنت مصرة على التخلي عنه. وهنا فكرت في حمل سكين في حقيبتي تحسباً لأي مفاجآت منه، وبالفعل وضعت سكين المطبخ في حقيبة يدي ونزلت إلى الشارع، وعندما التقيته، فوجئت بالغضب يكسو وجهه والشر يتطاير من عينيه، فشعرت أن هذا اليوم لن يمر على خير... وصدق ظني عندما فوجئت به يمسكني من يدي بقوة، ويطلب مني السير معه، ويشدني بكل قوته، فشعرت بأنه عزم النية على قتلي، ولذلك أخرجت السكين من حقيبة يدي، ثم غرستها بكل قوتي في صدره، وهنا شعرت بأنني في دنيا غير الدنيا، خاصة بعدما وجدته يسقط على الأرض وسط بركة من الدماء، والناس تتجمع حولنا بسرعة الصاروخ، وكان بينهم ضابط مرور، أمسك بي واقتادني إلى قسم شرطة الجيزة. وهناك اعترفت بكل شيء، وتمت إحالتي على النيابة العامة، فكررت اعترافاتي، ثم أخذوني إلى مسرح الجريمة، وهناك مثلت جريمتي مرة أخرى».

وأخيراً قالت المتهمة: كان بودي أن أكون فتاة عادية مثل أي فتاة، لم أحلم بأن أكون من الأثرياء، أو حتى أتزوج الفارس الذي يأتي ليأخذني على حصان أبيض. أحلامي كانت بسيطة وهي رعاية أسرتي متواضعة الحال والزواج من رجل يقدرني، لكن نصيبي أن يظهر محمد في حياتي، ويحولها إلى جحيم، ويحولني إلى قاتلة».