Home Page

فتاوى الحج مع مفتي مصر الدكتور علي جمعة...

فتاوى, د. علي جمعة, مفتي مصر, موسم الحج

08 أكتوبر 2012

مع حلول موسم الحج، تكثر التساؤلات حول أحكام فريضة الحج وشروطها، ليس فقط خلال أداء المناسك ولكن قبلها وبعدها أيضاً. «لها» وضعت العديد من التساؤلات أمام فضيلة الشيخ الدكتور علي جمعة مفتي مصر، ليجيب بصراحة على كل ما يشغل أذهان حجاج بيت الله.


-
ما هي شروط الحج؟
الحج أحد أركان الإسلام، وهو فرض عين على كل مسلم ومسلمة بشروط، هي العقل والبلوغ والاستطاعة، وهناك شرط خاص بالنساء وهو «عدم العدة»، فلا يجوز للمعتدة أن تخرج للحج.

- يتهاون كثير من المسلمين في أداء فريضة الحج رغم أنها أحد أركان الإسلام فماذا تقول لهم؟
أقول لهم: أنتم على خطر عظيم، وقد فرطتم بفريضة مثلها مثل الصلاة والزكاة والصوم، وقد دل على فرضية الحج القرآن الكريم فيقول تعالى: «إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱلله غَنِيٌّ عَنِ ٱلْعَالَمِينَ» الآيتان 96- 97 سورة آل عمران. وجاء في السنة النبوية أحاديث كثيرة منها ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: «خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا، فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم».

- ما هو سبب تراخي كثير من المسلمين والمسلمات عن أداء فريضة الحج؟
هناك أسباب عديدة أهمها الجهل بفضل الحج، مع أن الله تعالى يقول: «وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ العَتِيقِ» الآيات 27-29 سورة الحج. وقد كثرت النصوص النبوية في فضل الحج وعظيم ثوابه، نذكر من ذلك على سبيل المثال قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه»، وكذلك ما روته السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم قال: «ما من يومٍ أكثر أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة»، وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في حديث آخر: «الحجاج والعُمَّار وفد الله، أن دعوه أجابهم وإن استغفروه غفر لهم». وقد سئل رسول الله، صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ فقال: «إيمان بالله ورسوله، قيل ثم ماذا؟ قال: جهاد في سبيل الله، قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور».


اختلاف المذاهب

- يقال إن هناك اختلافاً بين المذاهب الفقهية في أركان الحج فهل هذا صحيح؟
هذا صحيح، فمثلاً عند الشافعية أركان الحـج ستة إذا ترك المسلم منها شيئاً بطل حجه وهي:

  • الإحرام.
  • الوقوف بعرفة.
  • الطواف والزيارة.
  • السعي.
  • الحلق والتقصير.
  • الترتيب بين الأركان.

أما عند الحنابلة والمالكية، فالأركان الأربعة الأولى مما سبق دون الحلق أو التقصير والترتيب، وعند الأحناف ركنان فقط هما الوقوف بعرفة وطواف الزيارة.


واجبات الحج

- إذا كانت هذه هي الأركان فما هي واجبات القائم بالحج؟ وهل إذا لم يفعل واجباً منها بطل حجه؟
الواجب في الحج هو العمل الذي إذا تركه الحاج لا يفسد حجه ولا يبطل، وإنما يكون عليه الفداء وتنقسم واجبات الحج إلى قسمين:

أولا: الواجبات الأصلية وهي:
 المبيت بالمزدلفة.
 رمي الجمار.
 المبيت بمنى.
 طواف الوداع.

ثانيا: الواجبات التابعة، وتنقسم إلى واجبات الإحرام فيجب على المحرم أمران في إحرامه:
 الإحرام من الميقات الزماني والمكاني.
 ترك محظورات الإحرام.


محظورات

- ما هي محظورات الإحرام التي يجب تركها سواء على الرجال أو النساء؟
المحظورات هي الأشياء التي يحرم على المسلم أو المسلمة فعلها أثناء إحرامه، وإذا فعلها وجب عليه التوبة والكفارة عن بعضها، كل فعل بما يناسبه من الكفارة، وهذه المحرمات منها:
أولاً: يحرم على الرجل لبس المخيط وكل ما نسج محيطاً بالجسم أو ببعض الأعضاء، كالجوارب، ويحرم عليه وضع غطاء على الرأس وتغطية وجهه ولبس حذاء يبلغ الكعبين.
ثانيا: ما يحرم على المرأة: ستر الوجه بستر يلامس البشرة ولبس قفازين، وتلبس سوى ذلك لباسها العادي.
ثالثا: يحرم على الرجال والنساء التطيب وأي شيء فيه طيب، وإزالة الشعر من الرأس ومن أي موضع في الجسم، واستعمال الدهن الملين للشعر والجسم ولو غير مطيب، وتقليم الأظفار، والصيد، والجماع ودواعيه المهيئة له، والرفث «أي: المحادثة بشأنه» وليجتنب المحرمون الفسوق، أي مخالفة أحكام الشريعة وكذلك الجدال بالباطل.

- ماذا يجب على الحاج، رجلاً أو امرأة، فعله إذا ارتكب شيئاً مما سبق من المحرمات؟
يجب في ارتكاب شيء من محظورات الإحرام الفدية والكفارة، إلا الجماع ففيه فساد العمرة أو الحج، وعليه الكفارة والقضاء. أما الرفث والفسوق والجدال ففيها الإثم والجزاء في الآخرة فقط.

- ما هي كفارة من قام بجماع زوجته أثناء الإحرام؟
الجماع يترتب عليه إفساد الحج على الزوجين والقضاء في الأعوام التالية، ويجب عليهما الكفارة وكفارته واجبة، وهي ذبح بدنة أو بقرة أو سبع شياه أو تقديمه طعاماً أن لم يجد، أو التصدق بها أو الصوم. وبقية المحرمات يترتب على فعلها الإثم وتستوجب التوبة إلى الله وليس فيها كفارة دم، فقد قال صلى الله عليه وسلم «لَا يَنْكِحُ المُحْرِمُ، وَلَا يُنْكِحُ، وَلَا يَخْطُبُ».


الاستخارة

- بعض الناس لا يفعل عملاً إلا بعد صلاة الاستخارة، فهل هذا جائز قبل أداء الحج خاصة إذا كان الشخص متردداً؟
الاستخارة أمر طيب في الحياة، لكن ليس للحج نفسه، لأنه لا استخارة في فعل الطاعات وإنما تكون استخارته لاختيار العام إن كانت الحجة نافلة، أما في الحج أول مرة، أي حج الفريضة، فهو واجب ولا استخارة فيه.

- إذا عزم الإنسان على الحج فما هي نصائحكم له حتى يكون حجاً مقبولاً مبروراً؟
إذا استقر عزم الإنسان على الحج بدأ بالتوبة من جميع المعاصي والمكروهات، وعليه أن يخرج من مظالم الناس، ويقضي ما أمكنه من ديونه، ويرد الودائع، ويتحلل من كل شخص له معه معاملة في شيء أو مصاحبة، ويكتب وصيته ويشهد عليها، ويوكل كل من يقضي عنه ما لم يتمكن من قضائه، ويترك لأهله نفقتهم إلى حين رجوعه، لأن الله يغفر الذنوب كلها إلا حقوق العباد، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «يغفر للشهيد كل شيء إلا الدين»، وعليه بعد ذلك أن يجتهد في إرضاء والديه وكل من يتوجب عليه بره وطاعته، وعليه أن يتحرى الحلال في مال الحج، فلا يحج بمال فيه شبهة، فإن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «ما بال الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يارب يــارب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأني يستجاب لذلك»، وعليه أن يحرص على صحبة رفيق موافق صالح يعرف الحج، وإن أمكن أن يصحب أحد العلماء العاملين فليمسك به فإنه يعينه على الحج المبرور ومكارم الأخلاق.


أدعية

- إذا حانت ساعة السفر للحج فماذا يقول المسافر لأهله ومودعيه وماذا يقولون له؟
عند سفره يستحب أن يودع أهله وجيرانه وأصدقاءه، ويقول لمن يودعه كما جاء في الحديث النبوي: «أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه»، وجاء في السنة أن يقول المقيم للمسافر: «أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك». ويستحب للمتجه للحج أن يصلي ركعتين قبل الخروج من منزله، يقرأ في الأولى سورة «الكافرون» وفي الثانية «الإخلاص»، وعليه كذلك أن يحرص على الإلمام بأحكام السفر ورخصه، مثل الجمع والقصر.

- بعض النساء يحرصن على حلق شعورهن مثل الرجل ظناً منهن أنهن بهذا يتقربن أكثر إلى الله فهل هذا صحيح؟
هذا جهل بأحكام الدين، ومن تقوم بهذا زين لها الشيطان عملها، لأن الحلق أفضل للرجال ومكروه كراهة شديدة للنساء.

- الغالبية العظمى من المسلمات والمسلمين لا يؤدون فريضة الحج سنوياً فكيف لهم حصاد الأجر الكبير في أيام الحج حتى وإن لم يسافروا إليه؟
من لم يكتب الله لهم الحج، ليسوا محرومين من نفحات الله، وعليهم أن يجتهدوا في عبادة الله في هذه المواسم بعبادات لها من الأجر الكثير، لأنه بدخول الأيام العشرة من ذي الحجة يعظم أجر الأعمال الصالحة، ويستحب للمسلم صيام التسع منها، ويستحب له كثرة الذكر وتلاوة القرآن والإحسان للفقراء، فإن العمل فيها أعظم من الجهاد في سبيل الله، فقد قال النبي، صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله من هذه الأيام، يعني أيام العشر، قالوا ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء». وكذلك يوم عرفة، فإن صيامه يُكفِّر السنة الحالية والمقبلة، وقد عده النبي صلى الله عليه وسلم من الأيام المباركة، والتي يعظم فيها أجر الصيام.


رد افتراء

- لا يمر عام إلا ونجد الفنانة الفرنسية «بريجيت باردو»، وغيرها من أعضاء جمعيات الرفق بالحيوان، يهاجمون شعائر الإسلام بشدة بسبب ذبح الأضاحي، وكذلك الهدي من الحجاج فما ردكم عليهم؟
يظن بعضهم أن الذبح للحيوان يتعارض مع الرفق والرحمة به، وهذا اعتقاد خاطئ، لأن الإسلام أمر بالرفق بالحيوان في نصوصه الشرعية، ونفذ المسلمون ذلك في حضارتهم، فقد اهتم الإسلام بالحيوان وأكد ضرورة التعامل معه بالرأفة والرحمة، لأنه مسخر للبشر وغير قادر على التعبير عن احتياجاته وآلامه، ولذلك كان الاهتمام به أكبر. ولهذا نرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن قتل العصفور، فقال: «ما من إنسان يقتل عصفوراً فما فوقها بغير حق إلا سأله الله عز وجل عنها».
ويبين أن الإساءة للحيوان وتعذيبه والقسوة معه تدخل الإنسان في عذاب الله ونار جهنم، فيقول النبي، صلى الله عليه وسلم: «دخلت امرأة النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض»، وجعل الإسلام دخول الجنة جزاء للرفق بالحيوان، وأن الرفق به قد يكون سبباً في تجاوز الله عن كبائر وقع فيها الإنسان، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَسَقَتْهُ فَغُفِرَ لَهَا بِهِ»، وحرَّم الإسلام قتل الحيوان جوعاً أو عطشاً، وحرَّم المكث على ظهره طويلاً وهو واقف، وحرَّم إرهاقه بالأثقال والأعمال الشاقة، وحرَّمت الشريعة التلهي بقتل الحيوان كالصيد للتسلية لا المنفعة، ونهى الإسلام عن كي الحيوانات بالنار في وجوهها للوشم أو تحريشها ببعضها بقصد اللهو، وأنكر العبث بأعشاش الطيور وحرق قرى النمل، وأوجب الإسلام نفقة مالك الحيوان عليه، فإن امتنع أجبر على بيعه أو الإنفاق عليه أو إطلاقه إلى مكان يجد فيه رزقه ومأمنه.

- وما قولكم في كثرة الذبح في الأضاحي؟
هناك اتفاق بين البشر على منفعة تناول لحوم الحيوانات مأكولة اللحم، مثل الجمال والبقر والماشية والأرانب، أو الطيور مثل الدجاج والأوز والبط والحمام، ولا يعقل أن يأكل الناس هذه الحيوانات والطيور وهي حية فلابد من قتلها.
إذن عقلاء البشر يتفقون على ضرورة قتل الحيوان للاستفادة من منفعته التي خلقها الله، وجاء الإسلام بالإذن في ذلك، إلا أنه حدد وسيلة ذلك القتل ألا وهو الذبح، وغير المسلمين من أصحاب الدعوات الحديثة يرون أن قتل الحيوان بالذبح تعذيب له، ويرون أنه من الرحمة القتل بالصعق الكهربي أو الضرب على رأسه، ويتفق المسلمون مع اليهود في عدم جواز قتل الحيوان لأكله إلا عن طريق الذبح، وبالتالي ينبغي أن يكون الإنكار على من يقر الذبح يشمل اليهود كذلك، وهذا لا يحدث، مما يعني أن الأمر انتقائي وعدائي لكل ما هو إسلامي، ولننظر إلى طريقتهم في قتل الحيوان، فهم يصعقون الحيوان بالكهرباء ويصوبونه بالطلق الناري ويضربونه بالآلات الحديدية على أم رأسه حتى يخر ميتاً، بل وتسلخ جلود الحيوانات وهي لم تمت، ويزعمون أن في كل ذلك رحمة للحيوان.
وقد اعترف الدكتور جون هونوفر لارسن، أستاذ البكتيريا في مستشفي غيس هوسبيتال، أكبر مستشفيات كوبنهاغن، بأن تلك الميتة مستودع للجراثيم والأمراض الفتاكة، وأن القوانين في أوروبا تحرم أكل لحم الحيوان إذا مات مختنقاً، وقد اكتشفنا مؤخراً أن هناك علاقة بين الأمراض التي يحملها الحيوان الذي يموت مختنقاً وبين صحة الإنسان.


أخطار

- ما حكم ترك المبيت بمنى للضعفاء والمرضى والنساء من الحجاج؟ وما حكم توكيل هؤلاء لغيرهم في الرمي عنهم نظراً للتزاحم الشديد؟
هذا سلوك جائز شرعاً لأن المحافظة على النفس من المقاصد المهمة للشريعة، وإذا تعارضت المصالح والمفاسد فإن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وإذا كان هناك تعارض بين المصالح وفِّق بينها، وإلا قدم أعلاها على حساب أدناها، والمحافظة على أرواح الحجيج واجب شرعي ويجب التيسير على الناس في فتاوى الحج وأحكامه.

- هل تجوز الإنابة في رمي الجمار للفئات الثلاث السابقة؟
نعم الإنابة جائزة، ودليل ذلك أنه تجوز الاستنابة في الحج، فالاستنابة في الرمي جائزة من باب أولى، لأن الحج رمي وزيادة، وهي رخصة لأهل الأعذار من المرضى ونحوهم ممن توجد فيه العلة.

- تحرص بعض المنتقبات على عدم خلعه حتى في الحج، فهل يجب على المرأة النقاب في الحج؟
المُحرمة بحج أو بعمرة إحرامها في وجهها وكفيها، فيجب عليها ألا تغطي ذلك عن طريق النقاب، لكن لها بعد ذلك لبس ما تشاء وتغطية رأسها بما تشاء.

- إذا تعذر وجود محرم مع المرأة فهل يجوز لها الحج مع نسوة ثقات؟
هذه قضية اختلفت فيها آراء الفقهاء، لكن الأقوى أنه لا يجوز لها أن تسافر للحج ولا للعمرة إلا مع زوجها أو محرم لها من الرجال، فإذا لم يتوافر ذلك أباح بعض الفقهاء لها أن تسافر مع نسوة ثقات أو رجال ثقات غير محارم، مثل الحج مع الجمعيات الخيرية، بشرط أن تكون الصحبة آمنة ديناً وخلقاً.


تعنت الزوج

- هل يشترط إذن الزوج في حج الزوجة لأول مرة؟ وماذا تفعل إذا رفض؟
حج الفريضة أول مرة واجب شرعاً إذا توفرت الشروط التي تسمح للمسلمة بأدائه، وليس من بين هذه الشروط إذن الزوج، وخاصة إذا كان متعنتاً أو ليست في الأسرة ظروف قهرية تمنعها من السفر للحج، وبالتالي لا يجوز للزوج منع زوجته من أداء فريضة الحج، بل على الزوج الصالح أن يكون متعاوناً ويساعدها مادياً، رغم أنه غير مكلف شرعاً بنفقات حجها، إذا كان مستطيعاً، ويسافر معها أو يوفر لها محرماً تسافر معه أو صحبة آمنة، أما إذا تعنت ولم يأذن لها فلها الحج بدون رضاه، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولا شك أن منع الزوجة من السفر للحج مع المقدرة وتوافر الظروف معصية يأثم عليها الزوج الفاسق.

- طالما أنه فاسق فماذا تفعل إن هددها بالطلاق إذا سافرت بلا إذنه؟
عليها الصبر عليه والتفاهم معه قدر الاستطاعة، واتخاذ المقربين منه وسيلة للضغط، لأن منعه لها أقرب للعضل الذي يجوز فيه الاستعانة بالغير للصلح وزيادة التفاهم، لقوله تعالى: «وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا» آية 128 سورة النساء.

- ما حكم حج من عليه دين لغيره؟
من حيث المبدأ، على الإنسان ألا يستدين إلا للضرورة القصوى، وعلى المدين أن يستأذن صاحب الدين لتأجيل سداد الدين إلى حين العودة من الحج، وإلا فلا يجوز لأن قضاء الدين مقدم، لكن إذا حج المدين فحجه صحيح، لكننا نقول الأفضل أن يؤدي ما عليه من دين أو يستأذن صاحب الدين.

- ماذا تقول للحجاج عند العودة من أداء الفريضة؟
أقول لمن أكرمهم الله بالحج: اشكر ربك على ما أنعم به عليك أن دعاك وكنت ضيفاً عليه، وأكثر من التوبة، لأن الحج تجديد للحياة، فيبدأ الإنسان بعد الحج صفحة جديدة مع ربه يعاهده فيها على السير على طاعته والعزم على امتثال أمره واجتناب نهيه، وربما استشعر سيدنا عمر بن الخطاب ذلك المعنى فقام بوضع التقويم الهجري العربي للمسلمين بداية من شهر المحرم، فكان هو أول العام الهجري أي بداية سنة جديدة في العلاقة مع الله سبحانه وتعالى.


اجتهاد مرفوض

- دعا أحد المفكرين الإسلاميين إلى الحج في أي شهر من السنة منعاً للزحام وأن يتم الوقوف بعرفة في أي يوم، فما رأيكم؟
هذا جهل بأحكام الدين، حيث يشترط في الحج «الميقات الزمانــــي» وهو الزمن الذي يُحرِم فيه الحاج بالحج، وهو شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة.

- هل معنى هذا أنه يجوز بدء الحج في أي وقت من هذه الشهور؟
 ليس المقصود أن تلك الفترة كلها وقت لجواز الإحرام، بل المراد أن هذه الفترة فيها وقت لجواز ابتداء الإحرام وهو من شوال حتى طلوع فجر يوم النحر، أي فجر يوم عيد الأضحى، ووقت لجواز التحلل وهو من فجر يوم النحر لآخر ذي الحجة، أما يوم الحج الأكبر فهو يوم عرفة أو التاسع من ذي الحجة، ولا يجوز تقديمه أو تأخيره بحجة الزحام الشديد.