سقوط أخطر امرأة في الإسكندرية!

يوم المرأة العالمي, جريمة, حبس / سجن, مهرجان الإسكندرية السينمائي, النيابة العامة, رجل / رجال شرطة

26 نوفمبر 2012

عمرها 64 سنة واتهاماتها بلغت 68 قضية، مما يعني أن قضاياها تزيد على سنوات عمرها. أطلقوا عليها لقب زعيمة المجرمين في الإسكندرية، فهي المرأة القوية صاحبة الكلمة المسموعة، حكمها نافذ على الجميع، استغلت سطوتها وجيش المجرمين الذي وراءها من أولادها وأحفادها لتكون أخطر امرأة في الإسكندرية. حكايتها مع الجريمة بدأت وهي في الرابعة عشرة من عمرها، وطالت الرحلة لتمتد إلى كل أنواع الجرائم التي ارتكبتها عايدة وأحفادها: قتل، مخدرات، سرقات، فرض سيطرة، وغيرها من الجرائم الخطيرة... «لها» ترصد قصة سقوط زعيمة الجريمة العجوز التي كانت مصدر رعب لأهالي الإسكندرية لفترة طويلة قبل أن تسقط في قبضة الشرطة.


كلمتها كانت سيفاً على رقاب الرجال، كانت تشهد المجالس العرفية بين الرجال وكبار العائلات في الإسكندرية لتحكم بينهم، وكلمتها نافذة، ومن يخالفها يعرض نفسه للهلاك، قوتها استمدتها من تاريخ مع الجريمة يمتد أكثر من خمسين عاماً. سقطت الزعيمة في قبضة الشرطة بعد رحلة هروب استمرت سنتين، فبعد استرداد الشرطة المصرية عافيتها في مرحلة ما بعد الثورة، بدأ مدير أمن الإسكندرية اللواء خالد غرابة حصر النوعيات الخطرة الهاربة من العدالة، وظهر على السطح ملف عايدة التي اتهمت بالتحريض على قتل جارها بعد خلاف بينه وبين أحد أبنائها.

سقطت عايدة في قبضة الشرطة لتنتهي رحلتها مع الجريمة، وتصبح مهددة بأحكام بالسجن مدتها تصل إلى عشرات السنين. توالت اعترافاتها المثيرة لتكشف أسرار رحلتها مع الجريمة التي بدأتها وهي في الرابعة عشرة من عمرها، وانتهت وهي في الرابعة والستين، لكنها تركت وراءها جيشاً من المجرمين من أبنائها وأحفادها، الذين ما زال بعضهم هارباً من العدالة، وبعضهم الآخر سقط مع عايدة بعد مقاومة شرسة لرجال الشرطة وهم يقتحمون وكر الزعيمة في منطقة الدخيلة بالإسكندرية. المشهد الأخير كان مثيراً، عقارب الساعة تجاوزت الثالثة صباحاً، لتعلن ساعة الصفر التي استعد لها رجال المباحث بالإسكندرية، بعد رحلة طويلة من المراقبات والمتابعات تمكنوا أخيراً من تحديد مكان زعيمة الجريمة بالإسكندرية، وذلك رغم حرصها الشديد على الهروب من مراقبة الشرطة. طوال سنوات عمرها لم تكن تثق بأحد سوى أولادها وأحفادها، فالغرباء لم يكن لهم وجود في عصابتها.
وبسبب هذا السياج الحديدي الذي نصبته الزعيمة حول نفسها، ازدادت المهمة صعوبة على رجال الشرطة، فلم يكن سهلاً دس مصدر سري بين عصابة أخطر مجرمات الإسكندرية، المتهمة في أكثر من 68 قضية وتطاردها العدالة منذ سنوات لتنفيذ أحكام بالسجن ضدها تصل إلى عشرات السنين.



معمل الجريمة

بدأت قصتها مع الجريمة، كما تقول اعترافاتها في النيابة، حين كانت في الرابعة عشرة من عمرها، فقد مات والداها واضطرت عايدة إلى البحث عن عمل، وسرعان ما أطلقوا عليها «الحرامية»، بعد ضبطها متلبسة بسرقة كميات من القطن، من مخازن إحدى الشركات. وتم القبض عليها لتدخل إصلاحية الفتيات، وتخرج بعد أشهر وقد حصلت على صك الجريمة رسمياً، وقررت أن تحترفها فعلياً، بعد أن أصبحت صاحبة سوابق.
تعلمت تجارة الأقراص المخدرة وتوزيع الحشيش على الزبائن لحساب تاجر مخدرات شهير، وربحت الكثير من هذه التجارة التي أدمنتها بعد أن وجدت فيها ضالتها، فهي اعتادت المغامرة ولم تعد تخشى مطاردات الشرطة.

سقطت في يد الشرطة مراراً ولم تعد تخشى السجن، كانت تخرج إلى النور أكثر إصراراً على استكمال رحلتها مع الجريمة، وأغدقت على أشقائها من عائدات المخدرات. بل إنها لم تعد تكتفي بالمخدرات، فاحترفت السرقات المتنوعة، وتعددت أوجه ارتكابها الجريمة، لكنها استوعبت جيداً درس الماضي وأصبحت أكثر براعة في الإفلات من قبضة الشرطة.
أصبح من الصعب التوصل إلى عايدة التي ازداد نشاطها الإجرامي، ومع مرور السنوات باتت خطراً على الأمن العام، بعد أن تزوجت وأصبحت عصابتها مكونة من أبنائها وأقاربها، وصار منزلها قلعة حصينة يصعب اختراقها.

سنوات طويلة أمضتها عايدة مع عالم الجريمة، وبلغ تعداد معاونيها في الخروج على القانون العشرات بعد أن دربت كل أفراد أسرتها على الجريمة، وكانت تغدق على أبنائها وأحفادها حتى يتعودوا على المال الحرام. واشتهر عنها في السنوات الأخيرة أنها تشارك في الجلسات العرفية للصلح بين العائلات المتخاصمة، إذ أنها كانت تريد أن تصنع لنفسها وأسرتها كياناً آخر بعيداً عن الجريمة، وكانت كلمتها مسموعة بين الرجال.


البحث عن عايدة

بعد استقرار الأوضاع الأمنية كان الاجتماع داخل مديرية الأمن مثيراً، مدير الأمن بدا غاضباً وهو يلوم مساعديه على استمرار هروب عايدة من قبضة العدالة، وطلب من رجال المباحث وضع هواتف عايدة وأسرتها تحت المراقبة للتوصل إلى مكانها، بعد أن اعتادت سيدة الجريمة أن تبدل يومياً أماكن إقامتها خوفاً من مطاردة رجال الشرطة.

وخلال رحلة البحث عن المتهمة تلقى رجال المباحث إخطاراً بسقوط قتيل جديد في جريمة تحمل بصمات عايدة، فقد تشاجر جار ابنها مع أحد أحفادها بسبب أولوية الحصول على الخبز من أحد المخابز التي تملكها زعيمة الجريمة بالإسكندرية، وصفع الرجل حفيد عايدة التي أصابها الغضب الشديد، فأصدرت فرماناً لأولادها وأحفادها بمطاردة الرجل.
المطاردة كانت مثيرة بين الأحفاد والشاب الذي حاول الهرب من مصيره المحتوم، لكن تعليمات زعيمة الجريمة لأحفادها كانت واضحة: لا تعودوا قبل قتل الشاب! وبالفعل، حاصروه في شارع ضيق وأطلق أحدهم النار عليه ليلقى حتفه فوراً.

انتفضت أسرة القتيل وقررت تحدي سطوة زعيمة الجريمة والأخذ بثأر القتيل، فقررت عايدة الرحيل من المنطقة إلى حين استقرار الأوضاع، واستأجرت شقة مع أسرتها في منطقة الدخيلة النائية، وخالت أنها أصبحت بمنأى عن مطاردة الشرطة، لكن رجال الأمن تمكنوا من تحديد مكانها من خلال اتصالاتها الخارجية التي التقطتها أجهزة الرصد.
في الثالثة فجراً، بدأت عملية مهاجمة الوكر الذي تحتمي به العجوز الشرسة، وحاصر العشرات من جنود الأمن المركزي المكان انتظاراً لكلمة السر من مدير المباحث الذي يقود المأمورية ويسعى إلى القبض على عايدة وأسرتها بأقل مقدار ممكن من الخسائر.

بدأت خطة مهاجمة الشقق التي تقطنها العجوز وأسرتها في توقيت يدرك رجال الشرطة أنها نائمة فيه، لكن عايدة تنبهت لما يحدث وساعدها أحد أحفادها في الصعود إلى السطح للهروب من عمارة ملاصقة، لكن رجال الشرطة شاهدوا ما يحدث وبدأت المطاردة. أطلق أبناء عايدة وأحفادها النار على الشرطة لتأمين هروب العجوز، لكن رجال الأمن المركزي تمكنوا من القبض على الأبناء وملاحقة عايدة أثناء هروبها، وقد سقطت على الأرض وأصيبت بكسر في ساقها.
تم إخطار مدير الأمن بنجاح المأمورية والعودة بالصيد الثمين، وأحيلت عايدة على النيابة التي قررت حبسها وإحالتها على المحاكمة العاجلة، لتواجه الاتهامات العديدة والأحكام الغيابية التي صدرت ضدها.