رفعوا شعار ممنوع انضمام الغرباء: عصابة عائلية جداً!

عصابة, جرائم, خطف, جريمة سرقة, فدية

22 فبراير 2014

ارتسمت علامات استفهام في الأيام الماضية حول جرائم خطف الأطفال، وخاصةً البنات وسرقة ذهبهن وإعادتهن إلى أسرهن بعد ابتزازهم وطلب فدية... الشرطة وقفت عاجزة لفترة عن تحديد المجرمين، وكان ضباط المباحث على يقين أن المتهمين ليس لهم سجل جنائي يمكن كشفهم انطلاقاً منه. لكن الصدفة وحدها هي التي أوقعت تلك العصابة التي حيرت الشرطة.


المفاجأة أن العصابة عائلية مكونة من زوج وزوجته وابنتهما الصغيرة، والأغرب أنهما أخرجا ابنتهما من التعليم الإعدادي لتنضم إلى عصابتهما!
البداية كانت من الزوجة أسماء التي خططت لزوجها سيد وعرضت عليه تشكيل عصابة أسرية. واستجاب الزوج على الفور لفكرة الزوجة الشيطانية، وقرر استغلال طفلتهما وضمها إلى عصابتهما.
بدأت الأمور تسير على ما يرام، وكانت طفلتهما الطعم الذي يصطادان به فريستهما، فهي تقترب من الطفل المجني عليه بعد تحديد الهدف، تلعب معه وفي الوقت المناسب تأخذه إلى والديها. وهنا تبدأ جريمة الخطف، وبعدها يدخل الزوج والزوجة في سيناريو الابتزاز وطلب الفدية. بهذه الطريقة تمكنت العصابة العائلية من تنفيذ أكثر من جريمة، وخطفت أكثر من طفل، وبعد سرقته ودفع أهله الفدية كانوا يطلقون سراحه. كما أنهم كانوا يخطفون الأطفال الصغار، حتى لا يستطيعوا التعرف عليهم بسهولة والإرشاد إليهم بعد ذلك.
ظن أفراد الأسرة أنهم بعيدون عن أنظار رجال المباحث، لكن مثلما كانت بداية نشاطهم سريعة في العمل الإجرامي كانت نهايتهم أيضاً سريعة.


الصدفة

أمام مكتب رئيس مباحث قسم شرطة الخصوص، وقف عبد العزيز، وهو رجل في الأربعين من العمر، وعيناه دامعتان والقلق يسيطر على أفعاله. طلب الدخول إلى رئيس المباحث فاستمع إليه الضابط وهو يروي ما حدث معه قائلاً: «ابنتي طفلة صغيرة تدعى ياسمين، عمرها تسع سنوات، طالبة في المدرسة الابتدائية. كعادتها خرجت تلعب مع أصدقائها أمام المنزل، لكنها تأخرت في العودة، خرجت والدتها لتستعجلها، ففوجئت بزوجتي تبكي وتقول لي ياسمين ليست في الخارج ولا تلعب مع أترابها... وبالفعل اختفت ابنتنا ولم نعثر عليها».
أضاف الأب أنه خرج للبحث عنها ولم يجدها في أي مكان، وكانت المفاجأة عندما قالت إحدى صديقاتها إن سيدة ومعها بنت اصطحبتاها معهما. هنا أيقن الأب أن طفلته حدث لها مكروه واختطفت.

على الفور قام رئيس المباحث بإبلاغ اللواء محمود يسري، مدير أمن القليوبية، بتفاصيل الحادث، وأمر بتشكيل فريق بحث قاده مدير المباحث. وأجريت التحريات اللازمة للوصول إلى الجناة الخاطفين. ووضع رجال المباحث خطتهم، وعُرض جميع المشتبه فيهم على والد المجني عليها لكنه لم يشتبه في أحد. وفي هذه الجريمة شيء واحد نمي إلى علم رجال المباحث، هو أن المتهمين غير معروفين وليس لهم نشاط جرمي.
لعبت الصدفة دوراً في كشف المتهمين، عندما استوقف الأهالي سيدة وابنتها، ولفت انتباهم صراخ الطفلة الصغيرة التي معهما. وحاول الأهالي أن يفهموا سبب صراخ الطفلة التي كانت ترفض أن تبقى معهما، وهو ما جعل الشك يتسرب إلى نفوس الموجودين، خاصة أنهم بسؤالهم الطفلة أكدت أنها لا تعرفهما، فقبضوا عليهما واصطحبوهما إلى قسم الشرطة. وكانت المفاجأة أمام رئيس المباحث  اكتشافه أن الطفلة تملك مواصفات الفتاة التي تم الإبلاغ عن خطفها. وتوصلت التحريات إلى أن الأم أسماء (37 سنة) اتفقت مع ابنتها هاجر (14 سنة) على استدراج الصغار من أمام منازلهم بالخصوص أثناء لهوهم، وتنتظرها الأم في مكان بعيد عن أعين الجميع، وتصطحب الطفلة إلى مكان بعيد عن الأعين الأهالي، وهناك تأخذ كل المشغولات الذهبية التي تحملها الطفلة. وبعدها تتصل بأهالي الضحية، وتخبرهم أنها عثرت على طفلتهم مقابل الحصول على مبلغ مالي كنوع من المكافأة، فيما يتولّى زوجها بيع المسروقات. وإن لم تخدمهما الظروف فإنهما يأخذان الطفل المختطف ويساومان أهله على دفع فدية وتركها في مكان معزول، وبعد الذهاب إلى هذا المكان يأخذان الفدية ويتركان الطفل في مكان آخر يبلغان به أهله.


ندم بعد فوات الأوان

التقت «لها» أفراد العصابة العائلية، فألقت الزوجة باللوم على زوجها، وقالت إنه كان عليه أن يمنعها عما كانت تفكر فيه، وكذلك اتهم الرجل زوجته، ووصفها بأنها تعشق المال وتريد الثراء السريع وتكره الفقر ولا ترضى بقضاء الله. لكن الضحية هنا كانت الطفلة هاجر التي دفعت ثمن أخطاء والديها بعدما أوقعاها في شر أعمالهما.


سألنا الأم المتهمة من أين أتت بفكرة تشكيل عصابة عائلية فأجابت:

«لست مجرمة بطبعي، لكني شاهدت فيلماً على قناة أجنبية  عن أسرة تحولت من الفقر إلى الثراء بسبب جرائم الخطف، وكوّنوا عصابة لابتزاز أهالي الأطفال وسرقتهم. وبالفعل دارت الفكرة في عقلي لمدة يومين، ولم أستطع نسيانها، ثم عرضتها على زوجي الذي رحب بها، خاصةً أنه كان يعاني من كثرة طلباتي المرهقة له مادياً. بدأنا ننفذ الجرائمة وخطفنا أكثر من طفل، وكنا نسرقهم فقط وخاصةً البنات. لكن الجريمة الأخيرة كان لها وضع آخر فقد وجدنا أنفسنا داخل منطقة شعبية، حيث معظم الناس يعرفون بعضهم جيداً، وكانت الطفلة تبكي فاضطررنا إلى الهرب بها، وهنا شاهدنا الناس وأمسكوا بنا».
التقطت هاجر طرف الحديث، وقالت: «أنا مظلومة، أنا ضحية مثل الأطفال الذين كنا نخطفهم. والداي أجبراني على ترك المدرسة وانا في الصف الثاني الإعدادي، وكانا يستغلان كوني صغيرة، وقالا لي أنني سأجلب الضحية لهما وعليهما الباقي. هذا كان دوري، وحاولت إقناع إمي وأبي بأنني لا أريد أن أفعل هذا، لكنهما كانا يرفضان».

أما الأب سيد فقال: «لا أستطيع أن أتبرأ من جريمتي، لكن زوجتي هي التي أقنعتني بالفكرة الشيطانية، وبالفعل استجبت لها من منطلق أننا سنقوم بعمليتي خطف، وسنأخذ المبلغ المالي ونهرب ونتوب بعد ذلك. وكما دخلنا سريعاً في مجال الجريمة نخرج سريعاً... لكن لم يشأ القدر أن تسير الخطة المتفق عليها مع زوجتي، وسقطنا في شر أعمالنا ودخلنا السجن».
وأنهى كلامه قائلاً: «ابنتنا مظلومة، لم تكن تريد السير معنا في طريق الشر، لكن والدتها وأنا أجبرناها. وأنا أعلم أن جرائم الخطف يعاقب عليها القانون بأحكام مشددة، وطفلتي كانت تفعل ذلك من باب مساعدتنا ليس أكثر، وهي لا تفهم شيئاً».