أسماء تبدّل لجلب الحظ ودفع العين والنحس

الأسماء, النحس, تقليد, الحظ , الزواج, محمد الغامدي

05 أبريل 2014

الأسماء وما تحمله في طياتها من معانٍ، تحكم علينا كأفراد بأن نأخذ منها نصيباً، وننساق في مستقبلنا وحياتنا الاجتماعية باتجاه معين تبعاً لما يعكسه هذا الاسم على شخصيتنا وكياننا. ورغم تغيّر مفهوم التسمية عند البعض وانجرافه في تيار التقليد والعصرية، دون مراعاة المعنى الحقيقي لهذا الاسم، فإن الأسماء العربية القديمة، وأسماء الصحابة، وحتى بعض الأسماء البدوية لا تزال متداولة في السعودية، تبعا لبعض الأعراف الاجتماعية التي تورث اسم الجد أوالجدة للأحفاد، مما يدفع أصحاب هذه الأسماء إلى تغيير أسمائهم إما بتلطيفها باسم «دلع» أو كنية معينة، أو تغييرها تماماً بشكل رسمي لدى الأحوال المدنية. ولكن غير المألوف هو تغيير الاسم من منطلق جلب الحظ والتغلّب على النحس، وأحياناً لصد العين والحسد، وذلك تبعاً لبعض المعتقدات التي أصبحت سائدة ومتناقلة عبر وسائل الإعلام . ويبقى السؤال قائماً عن مدى تغيير حياة هؤلاء الأشخاص بتغيير أسمائهم. في هذا التحقيق “لها” تعرض حكايات أشخاص مع أسمائهم وكيف أثّرت على حياتهم.

تجنّب التعليقات دفعها إلى تغيير اسمها بعد 25 عاماً
بعد مرور 25 عاماً قررت إحدى المعلمات تغيير اسمها إلى مها، كون اسمها الموجود في الأوراق الثبوتية غير متداول بين الأقارب والعائلة، بالإضافة إلى صعوبة لفظ اسمها القديم وندرته، وعدم ملاءمته لها ولسنها. تلك هي الأسباب التي تقدمت بها بطلب لتعديل الاسم لدى الأحوال المدنية. وبعد أن قدّم زوجها الأوراق اللازمة، تم تغيير اسمها إلى مها التي رفضت اللإفصاح عن اسمها الأول.

تداول اسم مخالف للاسم الموثق رسميا حل لبعض العائلات
إيمان يوسف (45 عاماً) غيّرت اسم ابنتها من هند، وهو اسم جدتها، إلى هنادي. تقول إيمان: «اسم هند قديم وغير متداول، لكن زوجي أصرّ على تسمية ابنتي بهذا الاسم، لكن المتداول بيننا هو اسم هنادي. وفي الحقيقة لم يخطر لي أبدا أن تغيير اسم ابنتي، كوني ظننت إن إجراءات تغيير الأسماء صعبة».
وتروي السيدة المعروفة باسم مريم ميما (62 عاما) والمسجلة باسم «سهيلة»، أن تسميتها بشكل رسمي في الأوراق الثبوتية جرت بعد سنوات من ولادتها، ورغم أن عائلتها كانت تناديها باسم مريم، إلا أن والدها وثّق اسم «سهيلة». وحتى بعد تقدم العمر بها، لا تزال تعاني من تبعات تلك الخطوة، وحتى أولادها يسمونها باسم مريم مما يجعلهم مشتتين عند القيام بمعاملة رسمية، أو إجراءات مستشفى تخصها.

«لدفع العين عن ابني الذكر أطلقت عليه أسم شحاته»
وتؤكّد ريم عبد الهادي (47 عاماً)، أن العادات الاجتماعية وبعض الأعراف و«الخزعبلات» تؤدي إلى تسمية المواليد بأسماء غير مرغوبة، ومخجلة أحياناً، فهي أُجبرت على تسمية ابنها الذكر، الذي انتظرت قدومه ما يقارب العشر سنوات،شحاته بسبب اعتقاد قديم عن كون هذا الاسم يصرف عن صاحبه العين والحسد. ووقتها لم تكن تضع في اعتبارها كيف سيكبر وسيسخر منه أصدقاؤه في المدرسة، وهي لا تنكر أن اسمه أثّر على علاقاته الاجتماعية، وعلى ثقته بنفسه، وقد لا تمانع رغبته في تغيير اسمه مستقبلا.

تبديل حروف الاسم يجلب الحظ
لجلب الحظ الجيد أوقفت تداول اسمها القديم، لابداله باسم «ميرا». اكتشفت مريم فؤاد (26 عاماً) أن اسمها يجلب لها الحظ التعيس في حياتها العامة، وحسب خبيرة كانت مستضافة على البرنامج التلفزيوني، فإن استبدال حروف اسمها الضعيفة بحروف قوية، وتغيير أماكن الحروف من الأول إلى الوسط أو الآخر، سيغيّران حظها إلى الأفضل، سواء على صعيد العمل أو الزواج وحتى الإنجاب، لذلك طلبت من جميع معارفها وأقربائها إطلاق اسم «ميرا» عليها، دون تغييره في الأوراق الثبوتية.

«تغيير اسم ابنتي مشتّت لها ولنا»
أما أم ملاك (42 عاماً) فلم تكن تعلم أن اسم ابنتها ممنوع حالياً في الأحوال المدنية، ولم تكن تعلم أن هناك قراراً ينص على إلزامية تغيير اسم ابنتها، وحتى بعد أن علمت بذلك، لا تحبذ أبداً تغيير اسم ابنتها التي أتمت 18 عاماً، لأن ذلك سيكون مشتتاً لها ولأسرتها. وتضيف أم ملاك إن تغيير ابنتها اسمها لدى الأحوال المدنية يعتمد على رغبتها في المستقبل.

شخصية «هزار» في مسلسل «طاش ما طاش» تؤثر على حياة «هزار»
قصة هزار صبحي (23 عاما)ً مع الإحراج بدأت مع مسلسل «طاش ما طاش» الكوميدي، حيث تتسم شخصية «هزار» في المسلسل بالبدانة وقلة الحيلة والسذاجة. ورغم أنها لم تكن تتضايق في مرحلة طفولتها من اسمها فإنها الآن تعتبر اسمها عثرة في طريق مستقبلها لأن الأشخاص الذين يسمعونه للولهة الأولى يظنون أنه اسم ذكر، ويربطونه بشكل فوري بالشخصية الكوميدية في المسلسل. إلا إنها لا تفكر في تغيير اسمها الذي أطلقه والدها عليها.

انطوائية بعض الأشخاص أو اندماجهم في المجتمع تنبع من أسمائهم
يؤكد الدكتور محمد الغامدي، الاستشاري النفسي في مستشفى الأمل في جدة، أن «اختيار الاسم مسألة مهمة ومسؤولية تقع على عاتق الأبوين، لذا لا بد من اختيار الاسم بشكل جيد، مع مراعاة نواحٍ عدة أهمها المعنى الجميل للاسم، وتداوله في البيئة المحلية التي يعيش فيها الابن أو الإبنة. فعلى سبيل المثال اسم «أوس» قديم وغير رائج في المملكة، بينما في بعض البلدان العربية متداول أكثر. كذلك يجب مراعاة أن يكون الاسم سهلاً ونطقه غير صعب، كون هذا الشخص سيمرّ بمرحلة طفولة ولا بد أن يستطيع نطق اسمه بطريقة سليمة. فالاسم له أثر كبير على نفسية الشخص وعلى مستقبله. وأسماء الشخصيات المعروفة والقيادية سواء في عالمنا العربي أو عالمياً تدفع الشخص لأن يحتذي بهذه الشخصية المسمى على اسمها. كذلك تعدّ الأسماء الأكثر رواجاً مثل محمد وعبدالله وعبد العزيز أسماء لأشخاص أكثر تفاعلاً مع المجتمع وانخراطاً فيه، بينما تخلق الأسماء النادرة نوعاً من الانطوائية لدى صاحب الاسم. وبالنسبة إلى الأشخاص الذين يملكون اسمين مختلفين يتولّد لديهم حس الازدواجية في الحياة العامة، خصوصاً أن الطفل أو المراهق يمرّ بمرحلة عمرية يعيش فيها بين عالمين مختلفين، ولعل تداول اسم له في البيت وآخر في المدرسة قد يساهم في أن يكون له شخصيتان مختلفتان».
وأضاف الغامدي أن الأسماء البدوية أو الأسماء التي تحمل معاني القوة والفروسية تعطي نوعاً من قوة الشخصية لدى صاحبها عكس الأسماء العادية. «أما بالنسبة إلى موضوع قوة بعض الأسماء من ناحية الحظ، أو ضعف بعضها، فأظن أنها مجرد أقاويل يتداولها بعض المشعوذين أو المحتالين».

طلب تعديل الاسم... أولويات وشروط
يقول المدير العام للأحوال المدنية في منطقة عسير محمد علي السلمي إن تعليمات الوزارة تقضي بقبول تغيير الاسم الأول وفق شروط معينة، من أهمها مخالفة الاسم من الناحية الشرعية مثل أسماء نبيه، وعبد النبي، وعبد العاطي، وغيرها. وكذلك في حالة كون اسم الشخص غير لائق من الناحية الاجتماعية ويحمل معاني سيئة، أو صعباً وغير مريح، أو غير مألوف محلياً، كأسماء: حية، أو حشيمة، أو فوطة، أو معيضة.
وتتمثل إجراءات تغيير الإسم الأول في التوجه إلى أحد فروع إدارات الأحوال المدنية وتقديم طلب تدرسه لجنة مختصة، تعطي الأولوية لأصحاب الأسباب المقنعة، وللأشخاص الذين لم تتجاوز أعمارهم 15 عاماً. وفي حالة قبول الطلب يتم العمل على إجراءات تعديل الاسم، في فترة لا تتعدى الشهرين، وبالنسبة إلى الأشخاص الذين يحملون أسماء غير مشروعة من الناحية الدينية، فإن إدارة الأحوال المدنية تنبّههم إلى إلزامية تعديل الاسم في أقرب وقت ممكن.

تعديل الاسم الأول مشروع، ولكن ليس لجلب الحظ أو رد العين والنحس
إجراء تغيير الاسم لجلب الحظ، أو لطرد النحس، أو دفع العين والحسد، هو نوع من التَطيّر غير المشروع، وفق رأي الشيخ الدكتور محمد النجيمي الأستاذ المشارك في المعهد العالي للقضاء، وعضو مجمع الفقه الإسلامي. يقول : «إن تغيير الاسم الأول مشروع من الناحية الدينية في عدة حالات،  من أهمها أن يكون اسم الشخص يحمل معنى سيئاً وغير مرغوب، فقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه غيّر أسماء بعض الصحابة، فعن ابن المسيب عن أبيه: أن أباه جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (ما اسمك؟). قال: حزن، قال: (أنت سهل). كما يجوز أن يغيّر الشخص اسمه في حالة عدم إرتياحه لأي سبب من الأسباب، فتغيير الاسم الأول الذي لا يترتب عليه تغيير في النسب أو اسم القبيلة، بما يطمس هوية الشخص مشروع وجائز في رأي جميع العلماء».
ويشير النجيمي إلى «ضرورة تغيير الاسم المخالف للشرع، وبالذات الأسماء التي يتم فيها صرف العبودية لغير الله مثل: عبد الرشيد، وعبد النبي، وعبد الحسين، فالمعبود هو الله عز وجل، ولا يجوز صرف العبودية لغيره. فقال الله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، وكذلك نضيف الأسماء الأعجمية التي أُكُتشف أخيراً كون معانيها تخص أصناماً أو آله عند بعض الديانات، فالرسول صلى الله عليه وسلم أمر بتغيير أسماء مثل عبد العزى، وعبد اللات، وغيرها، والأحرص والأفضل هو في أساس اختيار الأسماء العربية المشروعة والمحببة، والتي تحمل في معانيها صور التفاؤل، والشجاعة. وفي ذلك أمثلة كثيرة موجودة في القرآن والمعاجم العربية.