زوج منال عاصي إلى الإعدام... مع وقف التنفيذ!

عنف ضدّ المرأة, منال عاصي, القانون والمرأة, قضايا المرأة, إعدام, الطب الشرعي, الضرب

12 أبريل 2014

هي المرة الأولى التي يتحرك فيها القضاء اللبناني في قضية تعنيف إمرأة على يد زوجها في محاولة لمحاسبة الجاني. هي قضية منال عاصي التي قتلها زوجها محمد النحيلي ومثّل بجثتها، بحجة أنها أقدمت على خيانته. صدر القرار الظني بحق النحيلي واستند الى المادة 549 من قانون العقوبات. وكل ما ورد في القرار جاء على لسان القاتل ود.ش التي ادّعت أن زوجها كان على علاقة بمنال. ولكن في ظل غياب المتهمة بالخيانة (القتيلة)، لا يستطيع المجرم أن يحتج بظرف أو اعتراف حصل من المجني عليه بعد ارتكاب الجريمة، وبالتالي لا يمكننا التثبت من صحة الحيثيات الموجودة في نص القرار الظني الذي صدر عن قاضي التحقيق في بيروت فؤاد مراد وجاء فيه:

"بدأ كل شيء عندما فتحت د. ش. هاتف زوجها و. ح. قبل 3 سنوات. وجدت فيه، بحسب إفادتها، رسائل متبادلة بينه وبين منال عاصي، تضمنت عبارات مثل «Call me» (اتصل بي) و«اشتقتلك». واجهت زوجها بما قرأت، فنفى أي علاقة له بمنال، وأخبرها أنها «تتوهم». لم تقتنع، فأطلعت شقيقة زوجها على الأمر، وطلبت منها أن تخبر منال، لكونها صديقتها، وتسألها أن تبتعد عن زوجها. عرف الزوج بالأمر، فهددها بالطلاق، وأصبح يغيب عن المنزل. ذات مرّة، دعيت د. ش. إلى مناسبة اجتماعية من قبل عائلة زوجها، وكانت منال حاضرة، فلاحظت الأولى أن الثانية ترمق زوجها بنظراتها. تضيف الزوجة، في إفادتها، أن زوجها أخبرها أنه اشترى هاتفاً، وذلك لضرورة عمله، وأنه سيستفيد منه في خدمة «الواتس آب» (للدردشة والتواصل). كانت الزوجة تعرف رقم منال، فكانت تراقب حركة الأخيرة على «الواتس آب» (أونلاين) كما تراقب حركة هاتف زوجها. فأقدمت على إخبار زوجها بارتيابها لأنها تراه ومنال «أونلاين» في وقت واحد، وطلبت منه الابتعاد عنها، على نحو واضح وصريح، فهددها بـ«رميها في الشارع».

وقررت الزوجة في إحدى الليالي أن تستغل خلود زوجها إلى النوم، فتفتح هاتفه مجدداً، لتجد هذه المرة "عبارات عاطفية"، ففقدت السيطرة على أعصابها، وقررت الاتصال بزوج منال، وإخباره بحقيقة الأمر. وعندما اتصلت بالنحيلي، قالت له: «روح ضب مرتك لأنها على علاقة بزوجي، وأنا مهددة بالطلاق، فزوجتك تخرب بيتي». أخبرته أنها اتصلت بزوجته عدة مرات سابقاً، لردعها، لكن من دون جدوى. عاد واتصل بها بعد نحو ساعة، وأخبرها أنه عرف من يكون زوجها، وأنه «ضرب زوجته». في إفادة د. ش. تقول إنها «لم تطلب منه ضرب زوجته، أو قتلها، بل كانت فقط ترمي إلى الحفاظ على عائلتها وعدم تشتتها، وأن زوجها كان يخرج من المنزل ويغيب من العاشرة ليلاً ويعود عند الثانية فجراً، بحجّة صيد السمك من دون أن يجلب معه أي سمكة».

في إفادة محمد النحيلي (40 عاماً)، لفت إلى الاتصال الذي دار بينه وبين د. ش، مع إضافة أنها أخبرته بعلاقة زوجها بزوجته منذ نحو 5 سنوات. يقول النحيلي إنه، بعد الاتصال، ذهب إلى المنزل، فوجد منال تستعمل الـ«واتس آب». طلب منها إعطاءه الهاتف، فرفضت، ولما أصرّ على أخذه أعطته إياه وفتحت له قفله. وجد صورة المدعو و. ح. زوج د. ش. وقرأ عبارات تواصل زوجته معه، ومنها «بونجور حبيبي، حياتي، اشتقتلك». فصفعها، ولما سألها إذا كان وسيم هو الشخص الذي تخونه معه، أجابته بأنها تحبه، وهو عشيقها. إلاّ أن كلام النحيلي لا يمكن التثبت منه لأن منال فارقت الحياة.

ويضيف النحيلي إنه «جن جنونه» وحصل تلاسن بينه وبين منال، وضربها وركلها على كل أنحاء جسدها، وأشار إلى أنه كان يتعرض لها بالضرب بشكل دائم ولكن على فترات متباعدة". كما تبين خلال التحقيق أن هناك العديد من مذكرات التوقيف في حق القاتل، وذلك بجرائم مختلفة، منها: «السرقة والقتل ومحاولة القتل والإيذاء، القيام بأعمال إرهابية، إثارة النعرات المذهبية والتحريض على النزاع بين الطوائف وحيازة واستعمال الأسلحة». بناءً عليه طلب له القاضي، في القرار الظني، العقوبة وفقاً للمادة 549 عقوبات، التي تنص على أنه: «يعاقب بالإعدام على القتل قصداً إذا ارتكب: 1 - عمداً. 2 - تمهيداً لجناية أو لجنحة، أو تسهيلاً أو تنفيذاً لها، أو تسهيلاً لفرار المحرضين على تلك الجناية أو فاعليها أو المتدخلين فيها أو للحيلولة بينهم وبين العقاب. 3- على أحد أصول المجرم أو فروعه. 4- في حالة إقدام المجرم على أعمال التعذيب أو الشراسة نحو الأشخاص».

وبعد ما ورد في القرار الظني عقدت عائلة المغدورة مؤتمراً صحافياً بتنظيم من "تيار الناشطات المستقلات" في فندق الهوليداي ان في بيروت، لتوضيح بعض المغالطات التي نشرتها وسائل إعلامية مختلفة حول التفسير القانوني للقرار الظني الصادر عن قاضي التحقيق. وتحدثت والدة منال السيدة ندى عاصي باسم العائلة، مؤكدة أن أي ضغوط أو محاولات تشويش وتضليل للرأي العام من قِبل القاتل ومن يدعمه من جهات معينة لن يمنع العائلة من السير في الملف حتى تحقيق أقسى عقوبة لقاتل ابنتها وهو الحكم الذي تطمح إليه العائلة في قرار الحكم النهائي الذي سيصدر لاحقاً عن محكمة الجنايات التي ستنظر في الملف بعد الهيئة الإتهامية. ثم ألقت رويدا مروّه، منسقة "تيار الناشطات المستقلات" وهي الجهة المنظمة للمؤتمر الصحافي، كلمة أوضحت فيها سلسلة من النقاط التي توّضح حجم الشائعات والمغالطات المنتشرة في وسائل الإعلام حول التفسير القانوني للقرار الظني ولا سيّما ما طال الضحية من تشويه لسمعتها بعد وفاتها.

غياض: القاتل سينال عقوبة الأشغال الشاقة أو الإعدام

وللإطلاع على رأي القانون وهل من الجائز أن يحوز القاتل أسباب تخفيفية بعد ادعائه أن زوجته خانته، أوضح مدير كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية-الفرع الخامس، أستاذ القانون الجزائي في الجامعة اللبنانية الدكتور وسام غياض، أن المادة 549 تستخدم في حالات جرائم القتل والظروف المشددة، بالتالي تصل العقوبة القصوى فيها إلى الإعدام أما الأدنى حوالي الخمس سنوات وتخفض في حال وجود أسباب تخفيفية إلى ثلاث سنوات. والأسباب التخفيفية تنطلق من نظافة السجل العدلي، الإنفعال أثناء وقوع الجريمة أو إذا حدثت الجريمة نتيجة ضغط أو اضطراب نفسي.

وفي حالات الخيانة، يشير غياض إلى أنه كان يتم الإستعانة بالمادة 562 من قانون العقوبات التي تتحدث عن جرائم الشرف وكانت تنص على أنه يستفيد من العذر المخفف من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في جرم الزنى المشهود أو في حالة الجماع غير المشروع فأقدم على قتل أحدهما أو إيذائه بغير عمد، إلا أن هذه المادة ألغيت قبل ثلاث سنوات. بالتالي الذي يقدم على قتل زوجته بحجة الخيانة لا يستفيد من أي عذر أو تبرير مخفف، ويعتبر إما قاتلاً بصورة قصدية بفعل المادة 547 أو قاتلاً بصورة عمدية بحسب المادتين 548 و549.

وفي حالة زوج منال عاصي، محمد النحيلي، الذي ادّعى أن زوجته اعترفت له بأنها خانته بحسب ما ورد في القرار الظني، يلفت غياض إلى أنه لا يستطيع أحد أن يحتج بظرف أو اعتراف حصل بعد ارتكاب الجريمة، وبالتالي هذا ليس عذراً مُحِلاً من العقاب ويمكن أن تتراوح عقوبته بين الأشغال الشاقة والإعدام، لأنه قام بالتعذيب والقتل المبرح ولا يمكن أن يستفيد هذا الشخص الذي أقدم على جريمته من التخفيف لأي سبب من الأسباب، حتى لو ثبتت الخيانة الزوجية، إذ كان يمكنه أن يطلقها أو يدّعي عليها بجرم الزنى وتسجن وتصل عقوبتها إلى مدة ثلاث سنوات.

بناء ًعلى الرأي القانوني ومذكرات التوقيف الصادرة بحق النحيلي والتي يصل عقوبة بعضها إلى الإعدام، إضافةً إلى قتله زوجته منال عاصي واعترافه بذلك، هل سيصدر حكم مخفف بحق النحيلي أم أن القضاء سيأخذ مجراه تحت شعار العدالة وإحقاق الحق؟

كادر..

تقرير الطبيب الشرع.

ذكر تقرير الطبيب الشرعي أن منال عاصي تعرضت لضرب مبرّح وعنيف جداً، قبل أن تفارق الحياة، على رأسها وجميع أنحاء جسدها في الجبين والعينين والخدين وجرح بعرض 7 سنتم في الفم، وجروح في الكتفين والرقبة والثديين والخاصرتين والمؤخرة وأصابع اليدين. تكسرت أسنانها، ووجدت حروق عند عنقها، نتيجة قذفها من جانب الزوج بطنجرة (قدر) تحتوي على حبوب الفاصوليا ومياه ساخنة.