هتون قاضي: مجال الإعلام هواية أهرب بها من الأمور الجديّة في حياتي

بلهجةِ محلية، وانتقادات كوميدية، وصيغة ساخرة، اقتحمت طالبة الدكتوراه في تخصص تقنيات التعلم، والمبتعثة في بريطانيا والزوجة والأم لطفلين، عالم اليوتيوب من خلال برنامج ينتقد عادات وطقوساً تمارسها الفتيات والنساء في السعودية.
بطابع يغلب عليه «الكوول»، بدءاً بطريقة الحديث، ووصولاً إلى الملابس، وطريقة الحياة، تقدّم كل حلقة على اليوتيوب.
فتارة تتحدث عن «الكولنة»، وتارة عن «الأمهات وطرق تعامل الفتيات معهن هذه الأيام»، وأخرى عن «الأفراح»، وعن «الواتس أب»، وحلقة «يا ملظلظ»، وحلقة «ما أبغى أتزوج»، والكثير غيرها، لتتمكن من جذب ما يزيد على نصف مليون مشاهد، لبرنامج صاحبته نكهة مختلفة، وهوية نسائية، ونقلة نوعية في طريقة العرض والإخراج. «لها» التقت مقدمة برنامج «نون النسوة» السعودية هتون قاضي...

فكرة البرنامج كانت تراودها منذ فترة طويلة، فأنشأت في البداية المدونة التي تحمل عنوان «ماما في زمن الكووول»، وغلب على كتاباتها طابع الكوميديا الاجتماعية.
وكان لحبها للتقليد والتمثيل والشخصية الفكاهية العفوية، دور في انطلاقتها على اليوتيوب. تقول: «لم أكن أعرف حبي للكتابة حتى بدايات عام 2009.
بدأت التدوين، وكنت أنشر ما أكتب على صفحتي في الفيسبوك، وكنت سعيدة جداً بها، مع أن انتشارها كان بسيطاً جداً، إلا أن ردود الفعل على ما أكتب كانت مؤيدة ومتجاوبة معي. من ثم أنشأت حساباً على تويتر في العام 2011، وبالتأكيد في البداية، لم يكن أحد يعرفني، لكن رويداً رويداً بدأ الناس يعرفون من هي هتون قاضي، وبدأت المدونة تأخذ صدى كبيراً وإيجابياً في المجتمع السعودي.
كنت أختار مواضيع المدونة، من خلال بعض المشاهدات اليومية، أو سمعت عنها ممن حولي، أو من تصرفات لشخص، تساعدني في بناء الفكرة.
وبطبعي لا أحب أن أتحدث في المواضيع بجدية شديدة، وكنت أطرح الأفكار في المدونة، من جانب كوميدي وساخر لأنها شخصيتي».

تهرب قاضي، في عالم اليوتيوب والاعلام الكتروني، من الأمور الجدّية في حياتها: «لم أكن أتوقع يوماً أن أصل إلى ما وصلت إليه اليوم، فقبل ثلاث سنوات، كانت حياتي كأي إمرأة سعودية عادية.

عملت لفصل واحد في كلية دار الحكمة في مجال التدريس، ومن ثم اخترت الطريق الأكاديمي، فذهبت إلى بريطانيا لتحضير رسالة الدكتوراة في تخصص تقنيات التعلّم، ويبقى مجال الاعلام هواية أكثر مما هو احتراف، أخرج به من الواقع والأمور الجديّة في حياتي».

دخلت قاضي عالم اليوتيوب، «ولم أخشَ هذا المجال الجديد، ليس لثقتي بما أقدم فحسب، بل لأني على دراية تامة بأن ما سأقدمه مُختلف تماماً عن الموجود في الساحة الكوميدية السعودية.
ومن خلال المدونة كنت ألمس ردود فعل المجتمع على المواضيع المطروحة، لذلك لم أشعر بالخوف من خوض هذه التجربة. كنت على يقين تام، بأني استطيع تأدية الفكرة بطريقة تجد للقبول مكاناً مناسباً لها، فأنا لا أتصنّع، فكما أنا في حياتي الواقعية أنا أيضاً أمام الناس في برنامجي، وهذا ما عزز إيماني بقدراتي».

وحول نظرة المجتمع إليها قالت قاضي: «لم يخطر ببالي أبداً هذا الأمر، ولم أضع في الحسبان نظرة المجتمع إليّ. ولكون عائلتي تدعمني، وزوجي يقف بجانبي، فأنا سعيدة بما أقدمه، وبالمقابل ما أجده من ردود فعل إيجابية وجميلة يشجعني أكثر.

أضف إلى ذلك أنني لم أتجاوز يوماً الحدود التي أضعها أمامي، ولا أسعى لتحدي المجتمع، أو الدخول في صراعاتٍ مع أحد، فبرنامجي لا يعمل على تغيير ثقافة المجتمع، بل يسلّط الضوء على نمط حياة السعوديات، في مجتمع يُقال إنه Cool. وكل ما هنالك أنني أقدم ما أحبه، وأرجو أن يكون مفيداً ومسلياً في آنٍ واحد للجميع، وليس للنساء فقط».

وعن الانتقادات المتكررة لها لأنها خارج السعودية وتنتقد بطريقة ساخرة بعض السلوكيات في المجتمع، قالت مبتسمة: «لست مهاجرة أو راحلة عن مجتمعي، أنا في الخارج فقط لإكمال دراستي وسأعود إلى المجتمع السعودي الذي أحبه بكل عيوبه وإيجابياته.
في أي حال، أنا أتقبل النقد البناء والتنوع في الآراء، حتى من قالوا أنني لا أمثلهم، أعتقد نوعاً ما أن الرسالة وصلت.

في بدايات البرنامج كانت تصلني تعليقات تمسّ شخصي، وتنتقد الشكل بطريقه مؤذية جداً، لكني استمريت في ما أقدمه، وبات هناك نوع من النضوج، فمن أراد أن يُعلّق بالايجاب أو السلب فله ما أراد».

بداية برنامج «نون النسوة» كانت بمجهود شخصي من قاضي، فتجدها تكتب وتصوّر وتعمل على تنسيق الحلقة من الألف إلى الياء، حتى أن تصوير الحلقة الأولى كان في منزلها. لكن «مالك شركة Full Stop قسورة الخطيب تحمس للفكرة، والمعروف عنه دعمه الدائم للمواهب والأفكار الجديدة، وبعد نجاح فيديو الحلقة الأولى للبرنامج، تبنت شركة Utern البرنامج».

وتلفت قاضي إلى أن أطول حلقة قدمتها وصلت مدتها إلى سبع دقائق مع المقدمة والنهاية: «يأخذ مني إعداد الحلقة الكثير من الوقت. فريق الكتابة هما كاتبتان رئيسيتان، رانيا فلمبان وعلا نصيف، بالاضافة إليّ أنا».

وحول رؤية برنامج «نون النسوة» وسبب تسميته، قالت قاضي: «هو برنامج سعودي يوتيوبي، يناقش القضايا الإجتماعية من وجهة نظر نسائية، مع الحرص على وصول أهدافه، وهو مناسب لكل أفراد العائلة.

في البداية لم أكن أرغب في تسميته بهذا الإسم، وكنت أرغب في إطلاق اسم كشكول عليه، لأني لم أكن أرغب في تحديد هوية نسائية للبرنامج، فارتأيت أن تكون له هوية في ما بعد، وأن تبقى المشاهدات مفتوحة وغير محددة، فكان الاسم نون النسوة.
وبدون أي تخطيط وجدنا أنه ومع بداية البرنامج، كان إقبال النساء على نسبة المشاهدة أعلى من الرجال، مما يعطي البرنامج طابع التميّز عن غيره من البرامج في عالم اليوتيوب».

هناك الكثير من الأفكار التي تشغل قاضي وتسعى لإدراجها في حلقات برنامجها في موسمه الثاني، مشيرة إلى أن أكثر الحلقات التي لاقت رواجاً في الموسم الأول هي الحلقة الأولى تحت عنوان «الكولنة»، من ثم الحلقات «الأفراح»، و«واتس أب» و«يا ملظلظ»، و«ما أبغى أتزوج» وهي باكورة الموسم الثاني.