معوّقات اجتماعية وثقافية ومادية... سينمائيات فلسطينيات يواجهن الصعاب

فلسطين, المخرجات الفلسطينيات, المجتمع الفلسطيني, فادية صلاح الدين, رزان المدهون, علياء أرصغلي, تغريد العزة

11 مايو 2014

 تسعى المخرجات الفلسطينيات الى تسليط الضوء على أهم القضايا التي تعانيها النساء في المجتمعات الفلسطينية، ويواجهن خلال ذلك الكثير من الصعاب على مستوى الدعم المادي والاجتماعي. ولمعرفة بعض تجارب المخرجات الفلسطينيات التقت «لها» عدداً منهن.

 

تحدثت المخرجة رزان المدهون، وهي من قطاع غزة، عن أهمية ما تتطرّق إليه في أفلامها فقالت: «المخرج صوت مجتمعه، وهو شخص إيجابي يسعى لنقل صورة مجتمعه وطرح قضاياه وإبرازها وربما المساهمة في حل مشكلاته».
وأشارت الى المعوّقات التي تواجهها فقالت: «المعوّقات التي يواجهها المخرج الشاب عديدة، وفي البداية أننا تعلّمنا فن الاخراج بجهد ذاتي في غياب جهة أكاديمية توفر التعليم في مجال صناعة الفيلم سواء الوثائقي أو الروائي، إضافة الى أن الجهات الرسمية لا تتبنى هؤلاء الشباب بالدعم سواء ماديًا أو مهنيًا. وكذلك لا يزال المجتمع لا يعي بشكل كافٍ أهمية الفيلم وصناعته من أجل إيصال القضايا».
وأضافت: «من ناحيتي، أخرج أفلاماً وثائقية، بعضها بإنتاج ذاتي والبعض الآخر بمساعدة إحدى الشركات الخاصة التي تتبنى تمويل صناعة الفيلم، لكن طموحي إلى إنتاج فيلم روائي يصطدم بعدم وجود اهتمام بالفيلم الروائي ولا بتمويله ولا حتى عرضه، فلا تزال ثقافة السينما غائبة عن مجتمعنا».
وأكدت أن «لدينا الكثير من الطاقات والأفكار، لكنها ليست مستوعبة والفرص شحيحة في غزة، ولا يوجد اهتمام حقيقي وفعلي بالشباب صناع الأفلام من حيث التعليم والتدريب والتمويل».


الفتاة
قادرة

تعمل المخرجة الشابة فادية صلاح الدين، من قرية حزما شمال القدس، في معهد الإعلام العصري- جامعة القدس مخرجةً ومعدة برامج، وتكمل الدراسات العليا في تخصّص علم الاجتماع في جامعة بير زيت. حدثتنا عن بدايتها في عالم الاخراج فقالت: «بدأت العمل في هذا المجال من خلال دراستي فأنا متخرّجة في جامعة القدس تخصص إعلام وتلفزة، وأول تجربة لي كانت ضمن  مشروع تخرجي. وعملنا على هذا المشروع كمجموعة مكونة من ثلاثة شباب وأنا الفتاة الوحيدة، وبسبب ذلك كانت المهمات التي تعطى لي في الفيلم بسيطة اقتصرت على إجراء مقابلات خاصة بالمشروع، وكل ما يتعلّق بعملية الانتاج من كتابة سيناريو وتصوير ومونتاج اقتصرت على الشباب ولم يؤخذ رأيي. ومن هنا قررت أن أدخل هذا المجال لأثبت أن الفتاة قادرة على إنتاج هذه الاعمال إذا اعطيت الفرصة».

وأضافت: «وجاءت تلك الفرصة عن طريق مؤسسة شاشات عام 2008 من خلال مشروع بعنوان «بوح»، فعملت بالشراكة مع زميل لي على إخراج فيلم ضمن هذا المشروع بعنوان «رهف». وحتى الآن أخرج كل عام فيلماً من إنتاج مؤسسة شاشات».
وتابعت: «أركز في أعمالي على مواضيع المرأة لأنني فتاة وأعتقد أننا أقدر على الحديث عما نعانيه، إضافة الى أن المخرجين الذكور أكثر عدداً من المخرجات وبالتالي الحديث عن المرأة وقضاياها ليس مهماً لعدد كبير منهم».

وحدثتنا عن المشاكل التي تعرضت لها خلال عملها فقالت: «أي عمل أو إنتاج لا يخلو من الصعوبات والمعوقات وخاصة الانتاج، فعلى المستوى الاجتماعي واجهت مشاكل تتعلّق بتقبّل المجتمع للأفكار او المواضيع التي تطرقت إليها من خلال أفلامي. فعلى سبيل المثال أحد أفلامي وعنوانه «ممنوع وبس»  منع من العرض في بعض الجامعات بحجة ان الموضوع الذي تناولته حساس، فقد تناولت فترة البلوغ وسن المراهقة عند الفتيات والانتقال من مرحلة الطفولة الى مرحلة البلوغ،مع العلم أن هذا الفيلم  عُرض في مهرجانات دولية».
وأضافت: «ألاقي التشجيع المستمر من زملائي المخرجين وأستشيرهم في الكثير من الامور التي تتعلق بالإنتاج، وأعرض عليهم أعمالي قبل البدء بعملية التصوير ونتبادل الآراء حولها. وعند عرض افلامي أجدهم بجانبي دائماً ويعطون ملاحظاتهم سواء الايجابية أو السلبية».


«
شاشات»

من جانبها، قالت الدكتورة المخرجة علياء أرصغلي: «ضمن مهرجان شاشات السنوي لسينما المرأة في فلسطين، أقيم هذا العام مهرجان حمل اسم «مخلفات»، وأتيحت فيه الفرصة لثماني مخرجات للعمل مع مخرجات ومخرجين محترفين، من أجل الاستفادة من خبراتهم ليكونوا بمثابة المنتجين المنفذين لأعمالهن».
وأضافت: «مهرجان شاشات لسينما المرأة في فلسطين هو الوحيد على المستوى العربي المتواصل بشكل دوري سنوياً، ويهدف إلى إظهار إبداع المخرجات الفلسطينيات والعربيات والعالميات. وأقيم المهرجان الأول في العام 2005، والخامس في 2009، ويشمل المهرجان عروضاً افتتاحية في كل من رام الله ونابلس و بيت لحم والقدس،  تليه جولة في عشر جامعات فلسطينية وخمسة مراكز ثقافية».

وختمت: «نحن نسعى الى تطوير القطاع السينمائي الفلسطيني، وذلك من خلال دعم الإنتاج السينمائي الفلسطيني، وخاصة الإنتاج النسوي منه، من خلال إتاحة أجهزة بأسعار مخفضة من مستلزمات تصوير ومونتاج. والمساعدة في الحصول على المنح، وإقامة ورش عمل مهنية ودورات تدريبية، واستشارات مختصة لتطوير القطاع السينمائي الفلسطيني، وإبراز الإنتاج السينمائي الفلسطيني وتشبيكه بالحركة السينمائية العالمية، من مهرجانات، وشركات توزيع وصناديق إنتاج ومنتديات، ومؤتمرات عالمية وإقليمية سينمائية، مع التركيز على صانعات الأفلام الفلسطينيات، من خلال إرسال اشعارات دورية حول هذه النشاطات».


حواجز
اجتماعية

أما المخرجة تغريد العزة، من مدينة بيت لحم، فأخرجت خمسة أفلام اثنان منها وثائقيان وثلاثة أفلام درامية قصيرة. وشاركت في العديد من المهرجانات، وهي دائمة البحث عن قضايا المرأة، ودرست إنتاج الافلام الوثائقية في كلية «دار الكلمة» في بيت لحم.
حدثتنا عن أفلامها فقالت: «في المجال الوثائقي لدي فيلم «نصيحة»، وفيلم «صبايا والبحر» وهو فيلم درامي قصير، مدته سبع دقائق، وشارك في العديد من المهرجانات مثل مهرجان بوسطن الأميركي ومهرجان تورونتو في كندا ومهرجان مالمو في السويد. والآن يشارك في مهرجان العالمي للمدارس السينمائية في باريس، وفيلم «قيد» وهو درامي قصير مدته خمس دقائق يتحدث عن راقصة باليه تمنع من تحقيق حلمها، وفيلم «دبلة الخطوبة» وهو درامي قصير مدته 13 دقيقة، وشارك في مهرجان مالمو لهذا العام ويشارك في مهرجان سينما المرأة في باريس، ويتحدث عن فترة الخطبة وبشكل خاص ما قبل الزواج بفترة قصيرة وعن عوالم الرجل والمرأة. ولديّ فيلم «في رحمي انثى»، وهو يمتد 20 دقيقة ولم يعرض بعد يتحدث عن قضية الميراث».

وعن المشاكل التي تعرضت لها على المستوى الاجتماعي والعملي قالت: «على المستوى الاجتماعي واجهت العديد من المشاكل ومنها نظرة الناس، بالإضافة الى رفض أخوتي لتلك المهنة والنظر إليها على انها محرمة دينيا بسبب الاختلاط بين الرجل والمرأة في العمل».
وأضافت: «أما من الجانب المهني فكنت أواجه نقصاً في الكوادر في بعض التخصصات مثل كتاب السيناريو ومساعد المخرج ومدير التصوير وعدم حرفية الممثلين». وعن المواضيع التي ترغب في تناولها في أفلامها قالت: «أريد التطرق إلى جرائم قتل النساء على خلفية ما يسمى الشرف العائلي، هذه الظاهرة الموجودة في المجتمع الفلسطيني... من الواجب علينا دق ناقوس الخطر، وأنا عندما اسمع أن امرأة قتلت كأنما يقتل جزء مني».
وتتواصل تغريد العزة مع عدد من المخرجات العربيات، مثل لارا سابا من لبنان وعزة الحسيني من مصر. وتحدثت عن طموحاتها فقالت: «أتمنى  أن نستطيع تغيير القوانين والقيم المجتمعية لمصلحة المرأة، وأن ترتقي السينما الفلسطينية إلى أفلام تخرج عن النظرة التقليدية إلى المرأة ووصفها كضحية أو تابع».