رغم التحذيرات المستمرة أعداد المدخنين في تزايد: لماذا مازلتم تدخنون؟

التدخين, المدخنين, مصر, السعودية, سيجارة, المجتمع, جامعة الأزهر, جامعة القاهرة

01 يونيو 2014

غم التحذيرات الطبية الدائمة، تؤكد الأرقام أن أعداد المدخنين في تزايد مستمر، وأن أخطار التدخين التي يدركونها جيداً لا تمنعهم من الاستمرار فيه، ولا تدفع معظمهم حتى إلى محاولة الإقلاع عنه. لماذا ما زلتم تدخنون؟ هذا هو سؤال «لها» الذي توجّهه لعدد من المدخنين في مصر والسعودية ممَّن لهم توجهات مختلفة، ويمارسون أعمالاً متنوعة. فماذا كانت الاجابات؟


إحساس خاطئ بالراحة

تقول مارسيل نصر، كاتبة صحافية: «أدخن منذ أكثر من عشر سنوات لإحساس خاطئ لديَّ بأن السيجارة تريحني نفسياً من عناء العمل. وقد حاولت أكثر من مرة التوقف عن التدخين، إلا أن طبيعة عملي كصحافية وضغوط الحياة جعلت السيجارة المتنفس الوحيد لي، بل إنها «صديقتي» التي تخفف عني همومي ومشكلاتي».
وأضافت: «آخر مرة حاولت فيها التوقف عن التدخين كانت قبل ثلاثة أعوام، وقد توقفت بالفعل لكن تدهور الأحوال السياسية في مصر بعد ثورة «25 يناير» ووصول الإخواني محمد مرسي إلى حكم مصر أعادني إلى التدخين بشراهة مرة أخرى، ولم أعد أستطيع الاستغناء عنه. وأدعو الله أن تستقر الأحوال في مصر لمعاودة تجربة الإقلاع عن التدخين، لأن الضغوط النفسية والاجتماعية ستكون أقل، ولن يكون لي مبرر للاستمرار».
 

اسألوا أسرتي

شيماء علي، 29عاماً، خريجة جامعية، تقول: «بدأت التدخين منذ أن كان عمري 17 عاماً، وكنت أحب التدخين لأنني أرى كل من حولي يدخنون، فكان أبي مدخناً وأمي مدخنة وإخوتي الشباب يدخنون، ولهذا تنامى حبي للتدخين وبدأت تقليدهم. وكانت أمي دائماً ما تدخن السجائر في المنزل بصورة متكررة ودون أي قيود، ولم تكتف بهذا بل إنها كانت تدعو صديقاتها لتناول الشيشة في المنزل بشكل جماعي، لأن أبي كان كثير الأسفار وغالباً ما يكون خارج المنزل. ومنذ ذلك الحين ترسخت لديّ فكرة أن التدخين ليس عيباً سواء كانت سجائر أو شيشة».
وأضافت: «كنت أخجل من الجلوس في «الكافيه» وتدخين الشيشة في أول الأمر، لكن بعد ذلك اعتدت على الذهاب إلى الكافيه بشكل متكرر مع صديقاتي، ولم يعد هناك أي حاجز بيني وبين التدخين. ومع هذا فقد فكرت في الإقلاع عن التدخين بسبب نظرات بعض الرجال والنساء إلي عند جلوسي في «الكافيه». لكن بعد ذلك زالت هذه الأفكار وأصبحت أشعر بسعادة بالغة عندما ينظر المارة ويراني الناس وأنا أدخن. أتمنى الآن أن أقلع عن التدخين بالطبع، بسبب معرفتي بالأضرار التي يسببها للمدخنين وخاصة الفتيات، لكن عزيمتي ضعيفة».
 

السرّ لدى الصديقات

ليلى حسن، 35 سنة، موظفة: «لم أبدأ التدخين بشكل منتظم منذ فترة طويلة، فكانت هناك محاولات كثيرة من صديقاتي لدعوتي إلى التدخين، الذي بدأ بالسيجارة وانتهى مع الشيشة، رغم أنني كنت أرفض ذلك بشدة، ومع زيادة الإلحاح كنت أدخّن معهن بصورة متقطعة، إلى أن تطور الحال وأصبحت أدخّن بشكل منتظم. ومن أهم الأسباب التي جعلتني أدخن الشيشة مشاهدتي للأفلام والمسلسلات ورؤيتي للفنانات وهن يدخنَّ، مثل الفنانة هند رستم في الأفلام القديمة، والآن الفنانة غادة عبد الرازق أصبحت تدخّن الشيشة في كثير من مسلسلاتها وأفلامها، ودائماً ما تعجبني طريقة تدخينها للشيشة. وبكل تأكيد أريد أن أقلع عن التدخين، لكني أعتقد أن الأمر ليس بيدي الآن بعدما أصبحت أعتاد الخروج مع صديقاتي إلى مقاهي الشيشة بشكل شبه يومي. وأعتقد أن مجتمعاتنا الشرقية ليست مثلما كانت في السابق في مسألة النظرة إلى الفتيات والنساء المدخنات، فكثير من المارة ينظرون إلينا نظرة شبه عادية، وكأنه لا فرق بيننا وبين الشباب المدخنين، وتلك النظرات تشعرني دائماً بأنني لا أرتكب خطأ، بالعكس تجعلني أشعر بأن الشيشة تمنحني الحرية وأحرص دائماً على تدخينها لينمو ذلك الشعور في داخلي».
 

تقليد

تقول المهندسة ناني حسين: «بدأت التدخين منذ أن كنت في المرحلة الثانوية بعيداً عن الأسرة، وكانت كثيرات من صديقاتي يدخنَّ بشكل متقطع أمامي، وكنَّ يدعونني إليها، وكان والدي وأخي يدخنان السجائر والشيشة داخل المنزل بشراهة. كما أنه كانت هناك معلّمة أذهب إليها لتلقّي دروس خصوصية وكانت مدخنة، لذا كنت أحب التدخين كنوع من أنواع التقليد للمدرّسة وللأسرة، وبدأت أتعرف على بعض الفتيات من «الكافيه» وزادت معرفتي بهن من خلال الذهاب المتكرر إلى «الكافيه» بصحبتهن، وأصبحت مدخنة منذ ذلك الحين». وأضافت: «أتذكر شيئاً مهماً جداً كان سبباً لإقبالي على التدخين، وهو أن كل المدخنين سواء من الأصدقاء أو من الأسرة كانوا يحاولون دائماً إيهام من يراهم أن التدخين يخفف من الهموم ويساعدهم على التغلّب على المشكلات، وكان هذا من أسباب حبي للتدخين أيضاً. وبكل تأكيد أريد أن أبتعد عن التدخين الآن، لكن أظن أن الأمر صعب إلى حد ما، لكني سأحاول خاصةً أنني لمست كثيراً من الأضرار التي يسببها التدخين، فقد تغيّر لون بشرتي ولاحظت بعض التغيرات في حالتي النفسية والجسدية».
 

في أوقات الضيق

أيمن الصعيدي، 40 سنة، مترجم: بدأت التدخين في سن متأخرة. رغم أنني كنت أرى أبي يدخن دائماً داخل المنزل، لم أفكر في التدخين أبداً عندما كنت صغيراً، وكان لديَّ اقتناع بأن التدخين للرجال فقط. وتعرفت على بعض الأصدقاء المدخنين في الجامعة، وكنت أذهب معهم إلى «الكافيه» وكانوا يدخنون السجائر أمامي بشكل متكرر، لكني كنت أرفض ذلك أيضاً ولا أفكر في التدخين. وبدأت التراجع منذ فترة قصيرة، لأنني كنت أسمع أصدقائي يقولون إنهم يشعرون براحة بفضل التدخين الذي يساعدهم على حل المشكلات وأشياء من هذا القبيل. بدأ الموضوع معي بالتجربة، ففي أوقات الضيق أدخّن سيجارة، بعد ذلك أصبحت أسيراً لتلك العادة في كل الأمور التي تحتاج إلى تفكير. ثم اعتدت الذهاب إلى «الكافيه» بصحبة أصدقائي، وبدأت أدخن بشكل منتظم منذ ذلك الحين، مع أني أعلم أن التدخين له آثار سيئة كبيرة على المدخنين».
 

تسلية

يقول موسى حال، نائب رئيس تحرير جريدة «الجمهورية»: «بدأت التدخين قبل ثلاثين عاماً، وهو بالنسبة إلي شيء مهم جداً لا أستطيع الإقلاع عنه بسهولة، لأنه وسط الكم الهائل من الهموم التي أعيشها على المستوى الشخصي وعلى المستوى العام، لا أجد في حياتي شيئاً يسلّي غير التدخين، الذي بدأ معي بعد الانتهاء من الدراسة الجامعية. ودخلت في مرحلة الإدمان وعدم القدرة على تركه بعد العمل في الصحافة وكثرة الهموم الحياتية. ولا أظن أن هناك مدخناً لا يعرف أضرار التدخين والمستقبل المؤلم الذي ينتظر أي مدخن والأضرار الصحية التي تنتج عنه على المدى البعيد، لكن لا يستطيع أحد تركه بسهولة، لأنه إذا استمر الفرد في التدخين لفترة محددة دون انقطاع فإنه يصبح مثل الإدمان، أي إنه إذا لم يدخّن السيجارة في الوقت المعتاد يشعر بأنه لا يستطيع التفكير، وأنه لن يستطيع العمل بشكل جاد ويتعكّر مزاجه، وهو ما يجعله يصر على الاستمرار في التدخين وعدم التفكير في تركه أبداً».
 

مرحلة نفسية

بهاء محمد، 30 سنة، موظف: «بدأت التدخين عندما كنت في مرحلة المراهقة، فكانت رائحة السيجارة تعجبني جداً، وكان يعجبني شكل المدخنين، وكنت أحب دائماً أن أقلّدهم، إلى درجة أنني كنت أريد أن أكبر سريعاً حتى أكون مدخناً كالرجال. وبدأ الأمر معي بتدخين السجائر بشكل متقطع، بعد ذلك أصبح كالإدمان ولا أستطيع تركه بسهولة. أضاف: «فكرت في الإقلاع عن التدخين قبل الزواج نظراً إلى أضراره الصحية والاقتصادية أيضاً، لكني للأسف لم أستطع فعل ذلك. وما زلت أدخن حتى الآن. وكنت أشعر عند عدم تناول السيجارة في أوقات معينة بأن هناك شيئاً ينقصني، وأنني لست على ما يرام. لكني أفضل من كثير من الشباب، إذ إنني والحمد لله توقفت عند السجائر فقط ولم يتطور الأمر معي إلى المخدرات وما إلى ذلك».
 

نظرة المجتمع

عن تفسير علم الاجتماع لظاهرة الإصرار على التدخين رغم العلم بمضاره، يقول الدكتور علي عبد المعطي، أستاذ مساعد علم الاجتماع في كلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان: «رغم معرفة المدخنين، سواء كانوا نساءً أو رجالاً من مختلف المراحل العمرية، بأضرار التدخين لكنهم يستسلمون لهذه العادة السيئة، ويرجع ذلك إلى اعتيادهم على السجائر، إلى درجة أنها أصبحت ملازمة لهم في كل مكان، أما إذا كان المدخن جالساً في بيته أو مقهى فإنه يفضل الشيشة».  وأضاف أن التدخين ظاهرة ارتبطت لفترات طويلة بالرجال أكثر من النساء، ولهذا فإن الفرق بين عدد المدخنين والمدخنات كبير، لكنها تأتي بالضرر على المدخنات بشكل أكبر بكثير من الضرر الذي يعود على المدخنين، وتكون آثارها عليهن أشد فتكاً منها على الرجال. وهذه الآثار ليست صحية فقط، لكنها اجتماعية ونفسية أيضاً، فبعيداً عن تغير لون البشرة وضعف الجسم والذاكرة وتغيّر لون الأسنان، تكون هناك أخطار اجتماعية تواجه المرأة المدخنة من خلال نظرة المجتمع لها. ويكمل: «للأسف نرى كثير من الناس يؤكدون أنه أصبح من المألوف أن ترى فتاة تشرب الشيشة أو تدخن السجائر في الأماكن العامة، وأن هذا الأمر ليس فيه مشكلة. لكنني أرى أن نظرة المجتمع للفتاة أو المرأة المدخنة ليست خالية تماماً من البغض والاستنكار.
 

تدخين الآباء

تؤكد الدكتورة ألفت أدهم، خبيرة التنمية البشرية واستشاري التربية في جامعة حلوان، أن التدخين  في سن مبكرة يعود إلى التربية الأسرية وتدخين أحد الوالدين أو كليهما، وبالتالي تقصيرهما في المحافظة على الأبناء. «وتزداد الكارثة عندما نرى الأب أو الأم يتزامل أو يتصاحب مع ابنه أو ابنته في التدخين كنوع من الحرية والتطبيق الخاطئ لمقولة إن كبر ابنك أو بنتك اجعله أخاً أو أختاً».  وتعجبت الدكتورة ألفت من تناقض سلوكيات الأسرة نفسها، حتى أننا نرى أن هناك بعض الآباء يلوم أبناءه ويعاقبهم لأنهم مدخنون والأب نفسه مدخن، مما جعل الأبناء يدخنون خارج المنزل مع الشلّة. ولهذا يجب أن يعلّم الآباء والأمهات أنهم قدوة للأبناء، لكن للأسف لا يستفيق الآباء إلا على الكارثة التي قد لا تتوقف عند التدخين فقط بل تصل إلى إدمان المخدرات أو كل المكيفات الضارة.
وفسرت أدهم الإصرار على التدخين رغم العلم بمضاره بقولها: «طريق التدخين كالوحل الذي عندما تدخله وإن بطريق الخطأ لا يمكن أن تخرج منه بسهولة دون أن تدفع الثمن حسب مدة استمرارك في هذا الوحل. ويزداد الأمر صعوبة عندما تجد من يزين لك البقاء في هذا الوحل ويصوره لك على أنه ميزة اجتماعية ونفسية، كمظهر للرجولة أو التحضر والتحرر عند البنات. ولهذا فإن العلاج يبدأ بالأسر والأصدقاء وزملاء العمل، باعتبار المدخن يمضي غالبية الوقت بين هذا الثالوث ويحرص على التوافق معهم».
 

أسباب نفسية

عن التفسير النفسي للظاهرة يؤكد الدكتور هاشم بحري، رئيس قسم الطب النفسي في جامعة الأزهر، أن التدخين ظاهرة منتشرة بشكل كبير بين مختلف فئات المجتمع، وليس الشباب أو الرجال فقط، لكن النساء والفتيات أصبحن يتنافسن أيضاً، وذلك انطلاقاً من مفاهيم نفسية خاطئة، مثل الرغبة في إثبات الذات والمساواة والتعبير عنها وإن بشكل خاطئ.
وأوضح الدكتور هاشم أن بدء التدخين نفسه ثم الإصرار عليه ينتجان عن أسباب نفسية متعددة، إذ يحاول المدخن أن يجد له مبرراً نفسياً، مثل الضغوط الاجتماعية والنفسية أو ضغوط العمل والمواقف التي يتعرض لها الفرد. ومن المؤسف أن المجتمع يسهم في نمو أفكار حب التدخين لدى الرجال، ثم تطور الأمر ليصبح بين النساء والفتيات، بسبب النظرة الأسرية والمجتمعية للإناث منذ الصغر، ولأنه يتم منعهن من أشياء كثيرة مسموح بها للذكور، ينمو لديهن إحساس بالدونية، فتتجه في مرحلة المراهقة لعمل كل ما هو ممنوع عنها ومسموح للذكور كنوع من التمرد أو إثبات الذات، والتدخين من ضمن الأشياء التي تبحث الفتيات عن أنفسهن فيه للتعبير عن الحرية. وأوضح بحري أن التدخين لدى النساء بشكل خاص له سبب رئيسي ظهر حديثاً، وهو حب التشبه بالرجال من منطلق المساواة بين الرجل والمرأة في كل شيء. كما أن الشيشة أصبحت موضة للمرأة المتحضرة أو المتفتحة، والنساء أصبحن يدخنَّ تقريباً في كل الأماكن دون خجل من نظرة أحد إليهن».
 

دور خاطئ

تشير الدكتورة هويدا مصطفى، رئيسة قسم الإذاعة والتلفزيون في كلية الإعلام جامعة القاهرة، إلى أن الفن والإعلام لعبا دوراً كبيراً في وقوع كثير من الرجال والنساء في شباك التدخين من حيث لا يعلمون، وخاصةً في سن الطفولة أو الشباب، حين يكون لكل منهم نجم مفضل أو نجمة مفضلة، سواء كان عربياً أو أجنبياً، ويعتبره المثل الأعلى في حياته ويسعى إلى تقليده في كل شيء ومنها التدخين، وشيئاً فشيئاً يتحول التقليد إلى إدمان وإصرار عليه، بعد أن تحول إلى عادة متأصلة يصعب التنازل عنها. وتلفت الدكتورة هويدا إلى أن الإعلام تهاون في تقديم الأفلام التي فيها تدخين السجائر والشيشة، ووصل الأمر إلى أنه في فترة من الفترات كانت هناك موجة من الأفلام عن المخدرات التي يعتبر التدخين البوابة الذهبية للدخول إليها، مما ولَّد عند الشباب والفتيات فضول التجربة، وكانت النتيجة المفزعة وقوعه فريسة للتدخين والمخدرات معاً، وإذا استطاع أن ينجو من أحدهما فإنه لن ينجو من الآخر بسهولة. وانتقدت تهاون بعض القنوات التلفزيونية في السماح لبعض مشاهير الضيوف بالتدخين أثناء تسجيل البرامج التي تحظى بمشاهدة عالية، مثل البرامج التي كانت تستضيف المخرج يوسف شاهين الذي كان يشعل السيجارة من السيجارة. والدور نفسه لعبته بعض الصحف منذ وقت طويل، ولا يمكن أن ننسى الصورة التي كانت تنشر للكاتب الصحافي الكبير على أمين بالسيجارة، وكذلك مشاهير السياسة مثل الرئيس الأسبق أنور السادات ومحمد حسنين هيكل وعمرو موسى وغيرهم بالسيجار. 
 

السجائر أو الشيشة الالكترونية تقليعة جديدة للتدخين في السعودية

بدافع الفضول والرغبة في تجربة كل جديد، لجأ عدد من الفتيات والشباب في المجتمع السعودي إلى تدخين السجائر أو الشيشة الالكترونية. هي تقليعة غير جديدة، لكنها بدأت في الآونة الأخيرة في الانتشار، وبنكهات مختلفة من الفواكه التي تبعث الرائحة العطرية للفم والملابس، إلى شكل القلم المميز، الذي يسهل حمله وتدخينه في أي مكان. ويعتقد مدخّنو «الالكترونيات» أنها أقل ضرراً من السيجارة العادية، فيما تؤكد وزارة الصحة السعودية العكس. «لها» تسال هؤلاء المدخنين وترصد الأجوبة.

بين الفضول والتجربة كانت  السيجارة  والشيشة
محمد الغامدي (31 سنة) موظف قطاع خاص، وهو مُدخن للنرجيلة، سمع عن السجائر الالكترونية من بعض الأصدقاء، فأثارت فضوله، خاصة بعدما جرّبها في مكان عمله. يقول: «استهوتني تلك الفكرة، وشعرت بأنها غير مُضرة. هي سريعة، لا تحتاج إلى وقت وجهد، ويسهل استخدامها في أي مكان، مثل البيت، والسيارة، وفي الطائرة أيضاً خاصة إن كانت هناك رحلات سفر لساعات طويلة. ورائحتها مثل العطر، بحسب النكهة المختارة.
في المرة الأولى جرّبتها في العمل، وسرعان ما توجهت لشرائها بمبلغ 400 ريال سعودي، أثناء توجهي برحلة سفر من جدة إلى جاكرتا لمدة تسع ساعات. وبرأيي كمدخن، هي لا تقضي حاجة الجسم من التدخين 100 في المئة، لكنها تفي بالغرض موقتاً. كما أنها فكرة جيدة لمن أراد أن يقلع عن التدخين وذلك بسبب قلة النيكوتين داخلها».

تجربة بنكهة الموت
وفي السياق ذاته قال معاذ العمري (26 سنة) طالب في الدراسات العليا، إن حب الفضول دفعه إلى تجربة هذا النوع من السجائر، مع أنه غير مدخن، «قمت بتجربة السيجارة الالكترونية، بنكهة التوت لمدة يومين كاملين، لكن وبكل صدق لم أقتنع بتلك السيجارة. وأعتقد أن المدخنين بشراهة ستكون وسيلة لهم للإقلاع عن التدخين، ولا أعتقد أن أضرارها أكبر من أي سيجارة عادية».

أريج أبو بكر: لن أعود اليها مرَّة أخرى
قالت أريج أبو بكر (23 سنة) وهي طالبة بدرجة الماجستير، ومُدخنة، إنها جربت تدخين السجائر الالكترونية والشيشة أيضاً بدافع الفضول، لكن طعمها لم يُعجبها، مضيفة:» أثناء بحثي عنها للتجربة، وبعد أن سمعت عنها من بعض الصديقات، فكرت في تجربتها لدوافع متعددة، منها الفضول، والرغبة في التقليل من استهلاك تدخيني للسجائر. لكن وبعد التجربة، رفضت الأمر جُملة وتفصيلاً، ولن أعود إليها مرة أخرى. فلا رائحتها ولا طعمها أقنعاني بالإقلاع عن التدخين، ومع كل مساوئ السيجارة العادية أفضلها على هذه الالكترونية».
وتقول أبو بكر إن الكثيرين «خاصة من المدخنين بشراهة يقبلون عليها في أوقات معينة، مثل السفر في رحلات طويلة بالطائرة. وقد سمعت أن النيكوتين الموجود في هذه السيجارة الالكترونية مُركز أكثر  من السيجارة العادية، لذلك فقد تكون سلبياتها على المدى البعيد أخطر».

روابي محمد: استخدمها في أوقات السهر مع الصديقات
وقالت روابي محمد (18 سنة) طالبة في المرحلة الثانوية، إنها جربت تدخين السجائر الالكترونية المنكهة بنكهة العنب، بداية رغبة في الفضول، وهي غير مدخنة، لافتة إلى أن هذه السجائر تُساعد الفتيات في الإقلاع عن التدخين. «بداية هذه السجائر معي كانت قبل سنة بغرض الفضول والتجربة، وأستخدمها في أوقات السهر مع الصديقات، ونادراً ما أدخنها بمفردي في المنزل. عادة ما أعيد تعبئة هذه السيجارة بنكهة مختلفة، لكن السيجارة تبقى معي دائماً».  وأشارت إلى أن سعر السجائر يختلف من مندوب إلى آخر، ففي المرة الأولى اقتنت روابي السيجارة بسعر 400 ريال سعودي، وعندما تعرضت للكسر، عاودت الكرة واشترتها بسعر 250 ريالاً، كما يختلف سعر النكهات من شخص إلى آخر «ويتراوح ما بين 30 و50 ريالاً».  وأضافت: «أجد أن هذه السجائر غير مضرة، لأن الشيشة والسيجارة العادية تُشعران المدخنة بالغثيان، وهذا الأمر لا يحدث  مع السجائر المُنكهة. كما أنها لا تؤذي رائحة الفم، ولا تلتصق بالملابس، بل على العكس رائحتها جميلة جداً. وهي بالفعل كالسجائر العادية يخرج منها دخان بكثرة، كما أن هناك أنواعاً تتيح التحكم في كثافة الدخان. إضافة إلى أن هذا الأمر يمنح الفتيات شيئاً أساسياً لإكمال السهرات أو الحفلات، فلن تكتمل الحفلة إلا بوجود السيجارة أو الشيشة الالكترونية».

معاذ التويتي: رائحتها وطعمها غريبان
قال معاذ التويتي (31 سنة) موظف في القطاع الخاص، إنه يدخن منذ 14 سنة. جرّب تدخين السجائر الالكترونية لفترة بسيطة، لكنها لم يستفد منها بحسب وصفه: «أستهلك علبتين من السجائر العادية في الأسبوع تقريباً، ولم تقنعني تلك السجائر، و لم أشعر بأن هذا النوع من قد يفي بالغرض لشخص مثلي. إضافة إلى أنني شعرت بأن رائحته وطعمه غريبان. إلا أن الشيشة الالكترونية ناسبتني كثيراً، فمنذ شهرين اعتدت على استخدامها وتدخينها خصوصاً أن رائحتكها زكية».

بوقس: فتيات الثانوية العامة والجامعيات هن الأكثر إقبالاً على السجائر الالكترونية
يستورد الشاب سامي بوقس السجائر والشيشات الالكترونية من الصين أو من دبي منذ  ثلاث سنوات، ويجد إقبالا كبير من الفئات العمرية الشبابية، موضحاً أن «الشباب لا يقتنون هذه التقليعة إلا لغرض إهدائها وليس استعمالها».
تحوي علبة الدخان الواحدة سبع سجائر غير منكهة، ويصل سعرها إلى 35 ريالاً، وتُباع السيجارة الواحدة بمبلغ يتراوح بين 150 و200 ريال سعودي. ويضيف بوقس: «السجائر تنقسم إلى قسمين، منها بدون نكهة، وهي تخلو من أي ايجابية أو فائدة، والإقبال عليها خفيف جداً، في حين أن القسم الثاني وهي السجائر المُنكهة بنكهات مختلفة مثل العنب، والبطيخ، والليمون والنعناع وغيرها من النكهات، تجد رواجاً كبيراً في المجتمع السعودي، وخاصة بين مجتمع فتيات الجامعة وطالبات المرحلة الثانوية. وهذه النوعية، أستوردها من الخارج بما يقارب 60 إلى 70 ريالاً، وأبيع السيجارة الواحدة بسعر 300 ريال. كما أن السيجارة الواحدة تحوي 700 نفس، وهي غير قابلة للشحن. يسهل استخدامها في كل الأماكن، في الطائرة والرحلات الطويلة، وهناك فتيات يستخدمنها في الجامعة أو في تجمعات الصديقات، لسهولتها ورائحتها الزكية».
ولفت بوقس إلى وجود سوق سوداء، «فقد يشتري مني البعض النوع الثاني من السجائر المنكهة، لبيعه للآخرين بسعر قد يصل إلى 500 أو 600 ريال سعودي».
وفي ما يتعلّق بالشيشة الالكترونية، أشار إلى وجود «معسل» بنكهات مختلفة مثل البطيخ، والعنب، والفراولة، والليمون وسواها. وهذا النوع يحتاج إلى شاحن، وتعاد تعبئته بأي نكهة يفضلها المدخن. ويصل سعر النكهة إلى 50 ريالاً، وهي عبارة عن علبة صغيرة، أما الشيشة فتشبه القلم، وهو عبارة عن اسطوانة طويلة فيها زرّ يضغطه المدخن ليخرج الدخان، بصورة كثيفة، وقد يتحكم المدخن في حجم الدخان الذي يخرج من هذه الشيشة التي يصل سعرها إلى 500 ريال سعودي».

جمعية «كفى»: مَضرَّة كالسجائر العادية
قال الطبيب في جمعية «كفى» للتوعية بأضرار التدخين والمخدرات الدكتور نايف حُسين أن ضرر السجائر الالكترونية لا يقل عن ضرر السجائر العادية، «لوجود مادة النيكوتين في الحالتين مع اختلاف حجم هذه المادة في السيجارة الالكترونية بحسب المُصنّع، فهناك بعض المصانع التي تضع 14 ملغ من النيكوتين داخل السيجارة، والبعض يُبقي السجائر فارغة دون أي نيكوتين. كما أن السيجارة الإلكترونية، وبسبب البطارية الموجودة داخلها، قد تنفجر في أي لحظة نتيجة الضغط الذي تسببه كثرة استعمال السيجارة، وبالتالي يحصل كسر في الأسنان، وقطع في اللثة كما حدث مع بعض الحالات التي وصلت إلى الجمعية». ونفى معرفته بحالات واقعية استخدمت الشيشة الالكترونية، «لا أعرف حقيقتها، لكن في النهاية، الشيشة أو السيجارة، أو أي شيء له علاقة بالتدخين، يضرّ الإنسان».
وعن البرنامج العلاجي للمدخنين، أشار إلى أن البرنامج منقسم إلى قسمين، الأول الإدمان، والآخر العادي, ويكون علاج الإدمان بواسطة جهاز يسحب النيكوتين، مع تخفيض أعراضه الانسحابية، بالإضافة إلى الأدوية، ومن ثم يتبع المدخّن نظاماً غذائياً بغية سحب السموم من جسمه، وبرنامجاً رياضياً لتجديد الخلايا التي تعبت أو ماتت. أما العلاج الدوائي فيتم في ستة أيام، مع جلسات لشهر، من ثم النظام الغذائي لمدة ستة أشهر، والنظام الرياضي لمدة سنة».

CREDITS

تصوير : محمد يحيى