الطبيبة المزيفة خافت من الطلاق فارتكبت جريمة!

الطبيبة, طلاق, جريمة, سجن النساء, النيابة

18 يوليو 2014

إحساس بالعجز تملّكها وهي تفكر في مصيرها، شعرت أنها أصبحت صحراء جرداء لا أمل فيها، إحساس بالحرمان لا تعرف كيفية الخلاص منه. تلك كانت المشاعر التي سيطرت على هدى، ودون أن تدري جعلتها تفكر في حيلة شيطانية وجدت معها الأمان لمستقبلها، إلا أنها كانت النهاية التي زجت بها في السجن، ليس بمفردها لكن بصحبة ابنتها الوحيدة التي شاركتها تنفيذ جريمتها أو تحقيق حلمها كما كانت تتخيل، وزوجها الذي كان سبباً في تفكيرها في هذه الفعلة، بعد أن وقعت تحت ضغوط وتهديدات بالطلاق إزاء عدم قدرتها على إنجاب الطفل الذي يتمناه، لإصابتها بمرض جعلها عاجزة عن تحقيق حلمه وحلمها هي الأخرى في أن تصبح أمًّا مرة ثانية، دون أن تدري أن تحقيق هذا الحلم سيكون على حساب الجميع وهي أولهم.

ربما كانت المأساة التي عاشتها هدى مع زوجها الأول، والعذاب الذي ذاقته بعد انفصاله عنها وتركه لها وابنتهما الوحيدة تواجهان قسوة الحياة، بسبب عجزه عن تدبير نفقاتهما، سبباً في هذا التفكير الإجرامي، الذي لجأت إليه حتى لا تفقد زوجها الثاني، الذي يمثل حائط الأمان بعد سلسلة من المعاناة، فالرجل يعمل في مهنة الجزارة ويتحصل منها على أموال كثيرة عوضتها عن إحساس الجوع الذي عاشته لسنوات كثيرة، لكن هذا الأمان أصبح مهدداً بالضياع بعد وفاة الطفل الذي أنجبته منه عقب ولادته مباشرة، وإصابتها بمرض جعلها عاجزة عن الحمل مرة ثانية، كما أكد لها الأطباء الذين ترددت عليهم على مدار خمس سنوات، لتبدأ تدخلات أهل الزوج مطالبة بتطليقها والبحث عن امرأة أخرى قادرة على منحه لقب الأب بدلاً من هذه المرأة العاقر.


الخطة

أمام أحد المستشفيات الحكومية بحي شعبي، وقفت هدى بصحبة ابنتها ياسمين سعيد ترسمان خطة إنقاذها من شبح الطلاق، فارتدت الأولى النقاب لإخفاء معالمها في الوقت الذي تظاهرت الثانية بالمرض لتسهل دخولهما إلى المستشفى دون أن يتشكك أحد في أمرهما، وبعد جولة داخل المستشفى استقر بهما الحال داخل عنبر الولادة، حيث توجد مجموعة من الحالات على وشك الوضع.
دراسة جيدة قامت بها هدى لجميع الحالات انتهت بها للتوقف بجوار إيمان، فالسيدة لا يتوجد معها سوى امرأة مسنة هي والدة زوجها تذهب كل فترة لقضاء طلباتها، بخلاف الحالات الأخرى التي يكون معها أقاربهم، الأمر الذي يسهل نجاح الخطة التي وضعتها لتحقيق حلمها في الأمومة، بعد أن اتفقت مع زوجها على تبني طفل يعوضه عن عجزها، ويخلّصه من إصرار وإلحاح أسرته عليه لتطليقها.

خطة هدى اعتمدت على التقرب من إيمان قبل أن تضع مولودها، حتى يكون هذا القرب وسيلتها في الاستيلاء على هذا المولود بعد ذلك، وفي سبيل هذا جلست بجوارها لتتحدث معها بعد أن أوهمتها أنها جاءت للسؤال عن تكاليف الولادة لشقيقتها التي ستضع هي الأخرى خلال أيام، وحتى تزيد من تقربها لإيمان اصطحبتها للمشي لتزيد من عملية الطلق لديها، بعد أن أبلغها الأطباء أنها ستضع مولودها طبيعياً، وظلت بجوارها حتى وضعها لطفل أطلقت عليه اسم «علي»، كان مثل الملاك في غاية البراءة، الأمر الذي زاد من سعادة هدى لجمال الطفل الذي سيصير ابناً لها حال نجاح خطتها.
ظلت هدى وابنتها بجوار إيمان تقومان على رعايتها، وسط قلق وخوف يسيطران على والدة زوجها إزاء أمرهما، الأمر الذي شعرت به هدى وأحست معه بصعوبة مهمتها، إلا أنها تحينت الفرصة فور توجه المرأة المسنة لشراء مجموعة من الأدوية المطلوبة، فأوهمت الضحية أن طفلها يعاني من ضيق بالتنفس وأنها ستصطحبه للطبيبة للكشف عليه، ربما يكون بحاجة إلى وضعه بحضانة على جهاز التنفس الصناعي.


باروكة وعدسات ملونة

انخدعت إيمان وصدقت ما تقوله السيدة المنتقبة، وسمحت لها باصطحاب الطفل، إلا أن القدر أراد افشال مخطط هذه المرأة الشيطاني، وتقابلت على سلم المستشفى مع جدة الطفل التي أمسكت به فور رؤيته معها وأصرت على الذهاب معها للطبيبة كما تدعي، وبعد توقيع الكشف الطبي عليه تبين أن الطفل بصحة جيدة ولا يعاني من أي مشاكل في التنفس، ليعود الطفل بصحبة جدته مرة أخرى لأحضان والدته، وسط تحذيرات من حماتها بعدم تسليم طفلها لهذه المرأة المريبة مرة أخرى.
انصرفت هدى وتركت ياسمين تراقب إيمان وطفلها، لتعود بعد فترة إلى قسم الولادة بعد أن خلعت النقاب وهذه المرة تتنكر في شخصية طبيبة تجوب بين الحالات وتوقع الكشف الطبي عليها، حتى وصلت لإيمان وبعد توقيع الكشف الطبي عليها كتبت لها قائمة من الأدوية وطلبت من حماتها سرعة التوجه لشرائها، لتظل إيمان بمفردها بصحبة طفلها الذي قامت الطبيبة بتوقيع الكشف الطبي عليه هو الآخر، وفور انتهائها أبلغتها أنه بحاجة لجلسة بخار، وطلبت من الفتاة التي كانت بجوارها أن تحمله وتأتي برفقتها لإجراء اللازم للرضيع.

 كانت هذه الفتاة هي ياسمين التي ذهبت بصحبة الطبيبة التي لم تكن في الحقيقة إلا والدتها هدى متنكرة في ملابس الأطباء، مرتديةً باروكة وعدسات ملونة كحيلة لجأت إليها للاستيلاء على الطفل، وهو الأمر الذي لم ينكشف إلا بعد عودة حماة إيمان تحمل الأدوية التي أوصت بها الطبيبة المزيفة. وفور حضورها سألت عن الطفل لتبلغها إيمان بما حدث، فتسرع السيدة والخوف يتملكها للبحث عن الطفل، وبعد دقائق قليلة تأكد اختطافه على يد هذه الطبيبة المزيفة، بعد أن تبين عدم مرور أي شخص من طاقم الأطباء أو الممرضات لتوقيع الكشف على السيدات، وهو ما ازداد تأكيداً بعد أن تبين أن قائمة الأدوية التي أوصت بها مجرد مضادات حيوية لا علاقة لها بحالات الوضع.

 مثل المجنونة انطلقت إيمان للبحث عن طفلها الرضيع، الذي لم يمر على ولادته سوى ساعات، تنزف الدماء والدموع ليتبدد الأمل في العثور عليه، وهي تدلي بأقوالها في المحضر الذي تم تحريره باختطاف رضيعها، وسط تعهدات من رجال الشرطة ببذل كل الجهود لإعادته إليها، رغم قلة المعلومات المتوافرة عن المرأة التي اختطفته.
عادت إيمان لسريرها داخل عنبر الولادة بلا مولود والحسرة تتملك منها والحزن يسيطر على جميع أفراد أسرتها، خاصةً زوجها، فرغم أن هذا هو طفله الرابع إلا أنهم كما يقولون «الضنى غالي»، وهذا البريء لا ذنب له فيما حدث، في الوقت الذي جلست السيدة العجوز تلقي باللوم على إيمان التي أعطت الأمان للسيدة المنتقبة وابنتها ومنحتها رقم هاتف زوجها، رغم أنها حذرتها أكثر من مرة لوجودها وابنتها غير المبرر برفقتهما.


مكالمة

ثلاثة أيام مرت على الأسرة والحزن يعتصر قلوبهم، حتى جاء اتصال تليفوني لسعيد فؤاد والد الطفل المخطوف طلب منه المتصل فدية مائتي ألف جنيه حتى يعيد له رضيعه، بدلاً من أن يبيعه لغيره، ليبدو الأمر أن خطفه جاء من أجل مساومة أسرته على إعادته وإبعاد الشبهة عن السيدة المنتقبة وابنتها، ودون أن يحصل المتصل على رد الأب أغلق الهاتف، ليصاب الرجل بالجنون، فمن أين له بتدبير هذا المبلغ، فلو كان يملك عشره ما كان جعل زوجته تضع مولودها في مستشفى حكومي يتسم بالإهمال الذي أضاع صغيره.

لم يجد الأب أمامه حلاً غير التوجه لقسم الشرطة وتقديم بلاغ بما جاء في هذا الاتصال، وبعد ذلك توجه إلى زوجته في المستشفى للاطمئنان عليها، وأثناء جلوسه في السيارة الأجرة التي كانت تقله إلى هناك شاهد الفتاة التي كانت بصحبة السيدة المنتقبة داخل المستشفى، فقد شاهدها أثناء تردده على المستشفى بعد أن وضعت إيمان طفلهما، فأسرع مثل الرياح العاتية ليمسك بها بيد وباليد الأخرى يتصل برئيس المباحث طالباً منه النجدة.
لحظات قليلة، وصلت بعدها قوة من رجال الشرطة أمسكت بالفتاة، التي أنكرت الاتهامات الموجهة إليها كما أنكرت معرفتها بالرجل الذي يتهمها بالاشتراك في خطف ابنه، ليسترجع الأب مشهدها في المستشفى وهي تنام على السرير الذي بجوار زوجته، وقد انكشف غطاء رأسها عنها وظهر شعرها بخصلاته الملونة، فطلب من رئيس المباحث أن يرفع عنها الحجاب بعد أن أعطى له هذه التفاصيل، وهو ما كان بالفعل، ليتأكد الجميع أنها الفتاة التي حملت الرضيع بصحبة الطبيبة المزيفة.


إعتراف

لم تجد ياسمين أمامها سوى الاعتراف بكل التفاصيل، وأنها لجأت لذلك لتنقذ والدتها من الطلاق، بعد أن حرمها القدر من أن تصبح أمًّا مرة أخرى، وترشد عن مكان الطفل في منزل والدتها، الذي يقع على مقربة من قسم الشرطة، مضيفة أنها اصطحبته لزوجها مصطفى بعد أن أوهمته بأنه ابن صديقتها التي تنازلت عنه لعدم رغبتها في الإنجاب.
دقائق قليلة وكانت قوات الشرطة تحاصر المنزل وتلقي القبض على هدى وزوجها وبصحبتهما الطفل، الذي أنكرت في البداية علاقة زوجها بالواقعة المشار إليها، إلا أنها سرعان ما اعترفت ليتبين عقب ذلك أنها استخرجت له شهادة ميلاد بمساعدة زوجها أثبتت فيها نسبه إليهما.

بدموع الحسرة وقفت هدى تدلي باعترافاتها أمام وكيل النيابة، تبرر فعلتها الشنعاء التي أرادت بها الحفاظ على زوجها، دون أن تفكر للحظة أنها ستكون الطريق لخراب كل شيء، فقد أرادت لزوجها الأبوة فدفعت به إلى السجن، وطلبت من ابنتها المساعدة فكانت السبب في طلاقها بعد أن علم زوجها بجرم ما ارتكبته، لتقضي على مستقبل الجميع وهي تلهث وراء حلم الأمومة.
دموع هدى لم تشفع لها وهي تبرر جريمتها، لتقرر النيابة حبسها هي وابنتها بتهمة خطف الرضيع، ليتم ترحيلهما إلى سجن النساء بالقناطر، في الوقت الذي تم ترحيل زوجها لسجن الرجال بتهمة التستر على جريمة والتزوير في محرر رسمي عندما استخرج شهادة ميلاد ونسب الطفل لنفسه.