النسخة الأحدث من معرض ميلانو

معرض ميلانو, الديكور, ميلانو, ألوان, الإضاءة, فخامة المساحات, الديزاين, أنماط زخرفية, فنون زخرفية, زخرفة

18 يوليو 2014

رفاهية مؤكدة تنشرها نفحة ترف لا تخطئها العين... هذا ما «أعلنه» معرض الديزاين في ميلانو بطبعته الأخيرة. هذه المعادلة تسلّلت عبر مفاجآت كثيرة الى واجهة المشهد الزخرفي مبرزةً قيماً جمالية وفنية مضافة، ترفد ديكور المنزل برؤى ومفاهيم جديدة.


لم تسلم هذه الأجواء من عناصر زخرفية غامضة كثفت المفاجآت، ومنحت الديكور أبعاداً غير مسبوقة لرفاهية خاصة، دعمت خلفيات مشهدها صور فوتوغرافية عملاقة تحاكي الجداريات للمصور الشهير ماسيمو ليستري، فولدت مزيجاً أخاذاً من حقب تاريخية بعيدة وقريبة، وأضفت مناظرها الفذة أبعاداً سحرية، فأفصح المكان عن بهائه وألقه.
وقد أضفت هذه الخلفيات بهدوئها اللافت والموضوعي حالة مثيرة على العلاقة الغامضة التي تربط بين مختلف التصاميم والمبتكرات وبين المضامين التاريخية التي تعكسها جداريات ماسيمو الذي يشكل التصوير بالنسبة إليه تعبيراً عن هدوء في عالم مشحون بالتناقض والتضاد.

إن ثراء التفاصيل المدهشة والبارعة التي ظهّرتها هذه السينوغرافيا البديعة لمبتكرات الديكور الداخلي أتاحت للعلامة التجارية الهولندية والتي تحمل اسم Moooi أن تعبّر عن رؤى جديدة  في مجال الديكور، من خلال مبتكرات مثيرة ومدهشة رغم بساطتها، وأن تقدم نفسها كسفيرة مميزة للتراث الهولندي.

وتتجاوز قيمة التفاصيل الذكية التي تكتنزها قطع الأثاث والتي تشكل قيمة فنية لكل تصميم داخلي، القدرة على إعادة تأسيس المساحات الداخلية بأساليب بسيطة منوعة وأشكال وألوان تحرك الأحاسيس، لتصل إلى تحريض الذاكرة واستحضار مشاهد محمّلة بالحنين تختلط في خطوطها البسيطة والبارعة ملامح الماضي والحاضر بتكامل مدهش ساحر.

وإضافة إلى تلك التصاميم الانتقائية التي تكرّم الديزاين، نجد صياغات أخرى تدور حول الأقمشة ومنسوجات الأثاث وكذلك ورق الجدران. عناصر تأخذ طابعاً زخرفياً مميزاً يمزج بين موتيفات عرقية ونقوش غرافيكية مستمدة من وحي الطبيعة وأجواء السفر، منفذة بأسلوب مثير يتناسق مع مسارات التيارات الجديدة للديزاين ومتطلباته.

وطباعة قوية وألوان زاهية وساطعة من وحي تيارات وأجواء البوب الصاخبة.
كما تتكشف هنا اتجاهات أخرى في مجال التصميم، تدور موضوعاتها حول الضوء والشفافية، تجسدها قطع أثاث بمواد بلاستيكية شفافة أو مجدولة من القصب و الألياف الطبيعية، منفذة بحياكة على الطريقة اليابانية.
كما نجد حضوراً لافتاً لعجينة الورق التي تقاسم هذه المواد في تشكيل العديد من عناصر الديكور، وذلك في سيناريوهات إبداعية.
وتتوافر هذه المزايا في عناصر إضاءة وأباجورات وأكسسوارات ديكور متنوعة، تساهم في رسم أجواء «زن» وتمنح المشهد الزخرفي خصوصية وهوية.

وهناك ثنائيات من المواد تشارك في توليد نماذج زخرفية تخرج عن الطابع التقليدي المألوف، يشكل بعضها حاويات ملونة وكراسي ومقاعد بإيقاعات من الألوان التي تساير اتجاهاتها الموضة.


طباعة متشعّبة

ولا ننسى في غمرة كل ذلك الطباعة التي لم تعد تقتصر على الأقمشة والوسائد والسجاد، وإنما تشعّب استخدامها في أكثر من مجال من مجالات الديكور، فنجدها في معظم الفضاءات والأجواء وفوق العديد من المواد المختلفة، وذلك لما لها من دور مهم يؤسس لتوليد مناخات مثيرة.

والحقيقة أن الاتجاهات التي يُسلّط عليها الضوء في مجال الابتكار والتصميم تجاوزت هذا العام كل ما عرفناه سابقا من ميول وتيارات مختلفة.
فالاتجاهات الجديدة تنقلب على لون الجدران الرمادي، وتنسينا أجواء «الفانتاج» Vintage المستعادة مقترحة استبدال كل ذلك بأجواء وظلال حية  تحمل نفحة من تيارات البوب وألوانها المشعة والثمرية الحامضة.
وكذلك المرجاني والأخضر الذي يذكر بأحجار الجاد والأزرق الفيروزي. فكل هذه النغمات  تعيدها الاتجاهات الجديدة الى حضن الموضة، لما تحمله من تأثير إيجابي على المزاج وسهولة في التناغم مع الألوان المحايدة...

أما من ناحية التقنيات وصياغة الأشكال فنجد اتجاهين، الأول هندسي نقي الخطوط وآخر عضوي مستمد من أجواء الطبيعة الخضراء وكذلك المائية والتي تساعد التكنولوجيات المعاصرة على تنفيذها بدقة من حيث القص بواسطة أشعة الليزر التي تجعل تنفيذ أكثر الأشكال صعوبة وتعقيداً أمراً سهلاً وممكناً.

فاليوم تدخل الأشكال الهندسية على اختلافها فضاءات المنزل، بمظاهر متطورة ومواد تستخدم في مجالات الأدوات الرياضية مثل النيوبرين.
كما تم دمج موتيفات الأزهار فوقها، وهي مستوحاة من أجواء الطبيعة مع إعادة توليفها وتشكيلها عن طريق برامج كمبيوتر متخصصة.
إضافة الى الطباعة الرقمية والثلاثية الأبعاد التي قدمت آفاقا جديدة  في المجال الزخرفي طارحة أنواعاً مختلفة من النسيج كعنصر زخرفي قادر على خداع النظر وتوليد تأثيرات مدهشة في مشاهد الديكور بأسلوب أكثر تكلفاً وبتطور متزايد.

كل ذلك وفر شروطاً مضافة الى أساليب التزيين من جدران وأرضيات وقطع أثاث وزينة، ورفد فنون الديكور بألوان وصياغات غرافيكية مدهشة.

على أن ما يلفت النظر ويتطلّب التوقف أمامه في هذه النسخة من المعرض، هو الاهتمام البالغ بالموضوع البيئي.
فلم ينسَ المبدعون الإضاءة التي تم تطويرها بتركيبات جديدة مع إبقائها إيكولوجية. كاشفين عن انتهاء دور «الهالوجين» البارد وثريات الكريستال، ليحلّ مكانها وميض مصابيح منحوتة بأشكال من وحي الطبيعة والأغصان والسحب.