ظاهرة تثير ضجة في المجتمع السعودي حفلات زفاف تُعرض على الملأ عبر وسائل التواصل الاجتماعي

مواقع التواصل الاجتماعي, حفل زفاف, السعودية, طلاق, المجتمع السعودي

17 أغسطس 2014

تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد ولقطات من حفلات زفاف في السعودية تصورها سيدات بكاميرا الجوّال، فتنتشر، وتجري مشاركتها وتداولها بين أشخاص ليس لهم علاقة بالأمر، متناسين خصوصية هذه المناسبة وخاصة في المجتمع السعودي، معرّضين الكثير ممن يظهرون في هذه المقاطع لمشاكل كبيرة قد تصل إلى الطلاق. بحثاً عن دوافع انتشار هذه المقاطع أجرت «لها» هذا التحقيق...

ترى رانيا عبد الله (28 عاماً) أن منع الهواتف المزودة كاميرات ضروري في حفلات الزفاف، ويجب تطبيقه على المقربين من العائلة قبل الضيوف. هذا ما اقتنعت به رانيا بعد موقف حصل لعائلة من معارفها، فقد صوّرت إحدى قريبات العروس مقطعاً لدخول أقرباء العروس الرجال إلى القاعة، وكانت وجوه قريبات العروس الموجودات في القاعة تظهر بوضوح في المقطع، فتعرضن لمشاكل مع أزواجهن  بعد انتشار هذا المقطع على وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة مجهولة.


ترقّب وخوف بعد سرقة هاتفها الذي يحتوي على صور زفاف ابنتها

تروي فادية اسماعيل (46 عاماً) حادث سرقة هاتفها الجوال الذي يحوي الكثير من الصور ومقاطع الفيديو التي تخص زفاف ابنتها. تقول: «تتأخر المصورات في تحميض الصور وشريط الزفاف وتسليمها، إضافة إلى تحديدهن عدد الصور وطول شريط الفيديو حسب المبلغ المتفق عليه، هذا ما جعلني أُوثّق بعض اللحظات عن طريق كاميرا الجوال، وللأسف لم انقلها أو انسخها على جهاز الكمبيوتر، وبقيت على هاتفي المحمول حتى أتمكن من إعطاء الفرصة لمن لم يحضر حفلة الزفاف لمشاهدة بعض المقتطفات. وبعد فترة سرق مني هاتفي المحمول وأنا في أحد المراكز التجارية، و إلى الآن أشعر بالرهبة والترقب خوفاً من نشر محتويات الجوال من صور ومقاطع الفيديو».


التصوير من خلال الجوال غالباً لا يعود إلى مقصد سيئ

عن أسباب تصوير بعض المقربين أو الحاضرين لمقاطع أثناء الزفاف، توضح مريم عليان (23 عاماً) السبب بكونه في الأغلب لا يعود إلى مقصد سيئ، «فالكثير من حفلات الزفاف تحصل فيها أحداث مميزة وجميلة، أو تنفذ فيها أفكار مبتكرة. كل ذلك يشوّق الحاضرين لتصوير مقاطع بسيطة في سبيل تطبيق الفكرة ذاتها في زفاف يخصهم. ولكن قد تصوّر المعنيات بعض الحاضرات من دون قصد، وقد ينتشر هذا المقطع إما عن طريق من صوّرته أو من خلال متطفل سرق الجوال، وهنا تحدث المشاكل». 


منع المتطفلين من تصوير حفلة الزفاف

تشير حنين جمال (26 عاماً) إلى فكرة طبقتها في حفلة زفافها، فقد طلبت من الحضور والمقربات عدم إحضار أي هواتف ذكية أو كاميرات بإدراج ملاحظة في هذا الشأن في بطاقة الدعوة، وأتاحت للراغبات فرصة تصوير أنفسهن بالتقاط المصورة لهن صوراً مجانية، إضافة إلى اختيارها لبعض المقاطع المميزة للزفاف، لتداولها عن طريق فليم قصير على موقع يوتوب، لإتاحة الفرصة أيضا أمام أقاربها الموجودين في بلدان بعيدة لمشاهدة بعض اللحظات التي تم انتقاؤها بعناية ضماناً لعدم حدوث مشاكل.


المقاطع المسرّبة تكون نتيجة السرقة أو صيانة الأجهزة دون تفريغ محتوى الذاكرة

يرى مهندس الاتصالات محمد عطوان أن المشكلة ليست في تصوير المقاطع، بل في انتشار هذه المقاطع والصور بعد سرقة الجهاز أو صيانته أو بيعه دون التأكد من تفريغ بطاقة الذاكرة جيداً. «أصبحت الهواتف الذكية بديلاً للكاميرات الرقمية، بحيث تنافسها من ناحية الدقة والوضوح، وهذا ما جعل معظم الناس يصورون أحداث حياتهم اليومية من خلال الهاتف النقال. لكن هناك فرصة لمنع أي متطفل أو سارق من حيازة الصور المخزنة على ذاكرة الجهاز، من خلال برامج تُحمل على الجهاز، كما أنه من الممكن أن يبلغ الشخص المسروق منه هاتفه شركة الاتصالات بغية تعطيل الجهاز بشكل كامل، بحيث لن يتمكن السارق من فتح ملفات الصور ولا حتى استخدام الجهاز».


عدم أمانة بعض مصورات الأفراح

ضرورة التأكد من طريقة تحميض أو طباعة الصور عن طريق مصورة الزفاف شيء ضروري لكل أسرة محافظة، هذا ما تؤكده المصورة الفوتوغرافية إيمان صالح (37 عاماً) التي عملت في مجال تصوير حفلات الزفاف لمدة تجاوزت السبع سنوات لدى استديو نسائي معروف. تقول: «صور الناس أمانة لدينا. ومن خلال عملي تعرفت على مصورات يصورن الأفراح ويقمن بعملية تحميض أو نقل مقاطع الفيديو عن طريق استوديوهات عامه يشرف عليها رجال، كون ذلك أوفر عليهن من تحميضها في استوديوهات نسائية، وأعتقد أن كثيراً من مقاطع الفيديو والصور المسربة والمتداولة تكون نتيجة عدم التعامل مع مصورة أمينة».
وتشتكي مزنه محمد التي تعمل في مجال التفتيش عن الجوالات في قاعات الأفراح، بشكل دائم من بعض السيدات اللواتي يحاولن إخفاء هواتفهن المحمولة بين ملابسهن، ويتملصن من النظام الذي وضعه أصحاب الزفاف، وترى الفوضى تعم بين الحاضرات، فتلك تعطي هاتفها لابنتها الصغيرة، وبدون علمها تصور ابنتها الحاضرات، أو تصوّر مثلا فقرة معينة أو فستان إحداهن، غير مبالية بكون الصور قد تتسرب بطريقه ما وتضر أناساً ليس لهم ذنب.


سجن وغرامة

عن ملاحقة من ينشرون هذه المقاطع، يؤكد المستشار القانوني ريان مفتي أن هذه العملية «صعبة جدا، ولكنها ممكنة في حالات معينة، فغالباً يتخذ الشخص الذي ينشر هذه المقاطع التي تسيء إلى أشخاص احتياطاته، وينشرها بعد استخدامه برامج تخفي هويته وأرقام هاتفه ومكان وجوده، مما يجعل تتبعه صعب المنال. أما في حالة نشر أي مقطع عن طريق وسائل التواصل المعروفة، فمن الممكن جدا التوصل إلى مكان الشخص الذي قام بتحميل هذا الرابط أو المقطع، وذلك عن طريق التواصل مع مدينة الملك فهد للاتصالات، وهي الجهة المسؤولة عن تتبع الجرائم الالكترونية، بحيث يتم إيقاف الشخص بدون تسريحه طوال فترة التحقيق، وذلك عند ثبوت نشره مقطعاً يسيء أو يشهر بأشخاص عمداً. وهذه الجرائم الإلكترونية تصل عقوباتها في بعض الأحيان إلى السجن لمدة 15 سنة، وغرامات تقدر بمليون ريال. كما يجب أن ننوه إلى أن أي شريك ساعد في نشر مقطع هدفه الابتزاز أو التشهير يعد شريكاً في الجرم».
وترى الدكتورة عفاف أحمد زقزوق مديرة مركز ايلاف للاستشارات الأسرية والتربوية، أن مسألة تداول وتصوير هذه المقاطع وإيذاء سيدات بريئات سواء عن طريق العمد أو عن طريق الخطأ تعود بلا شك إلى استهتار بعض الأهالي وعدم تعليمهم لأبنائهم الطريقة السليمة لاستخدام التقنية، فالأم الحريصة على بناتها وعلى نفسها يجب ألا تستهتر في موضوع تصوير الآخرين وتداول مثل هذه المقاطع.


 ستر المسلم على المسلم واجب ديني
 

أما من الناحية الدينية، فيؤكد الشيخ الدكتور محمد النجيمي عدم جواز تصوير المرأة للمرأة دون علمها، فهذه المرأة تأثم وتتحمل ذنب هذه الصور أو المقاطع لو تداولها الناس سواء عمداً أو سهواً، ولا شك أن في هذه المسألة هتك لستر وعفاف الكثيرات من النساء الغافلات، لذا الأحرص والأوجب هو عدم التصوير بتاتاً وبالذات في حفلات الزفاف والمناسبات حيث غالباً ما تكون المرأة متبرجة وفي كامل زينتها. كما أنه لا يجوز لأي شخص أن يساعد على تداول مثل هذه الأمور، ولا بد أن يتذكر كل من تقع هذه المقاطع تحت يده قول الرسول صلى الله عليه وسلم:( من ستر أخاه المسلم في الدنيا ستره الله في الدنيا والآخرة)، فالأمثل هو تجاهل مثل هذه المقاطع وعدم النظر إليها ولا نشرها.