آنسات صغيرات استبدلن الدمى والعرائس بالكحل وأحمر الشفاه

الموضة, ماكياج, تسريحة, بنات

24 أغسطس 2014

ما بين البهرجة و براءة الطفولة الناعمة، تتهافت آنسات صغيرات لم يبلغن العاشرة من العمر، على أحدث صيحات الموضة في الماكياج وتسريحات الشعر، فلا تُفوّت البنت مناسبة إلا وقد رتبت مظهرها بالشكل الذي تريد، فبعد لون طلاء الأظافر وأحمر الشفاه، وظلال العيون، تشترط انتعال الحذاء العالي الملائم للفستان.  وقد تحاكي بانتقائها لهذا المظهر إحدى أميرات القصص الخيالية أو نجمات السينما والتلفزيون... واللافت أن الأمهات لا يستطعن السيطرة على رغبات بناتهن الصغيرات، لتتعدى المسألة مجرد التقليد في مناسبات معينة إلى إجراء يومي ضروري، لم تردعه ثقافة العيب.
 

بنات هذا الجيل منفتحات على عالم الموضة بشكل مفرط

تلقي أم تاليا الأغا اللوم على اختلاط ابنتها بالمدرسة بفتيات مهووسات بمظهرهن، فهي ترى أن صيحة مظهر الأميرات ونجمات الكرتون لم تعد رائجة أبداً في أوساط فتيات هذا الجيل كما كان في السابق، فابنتها تاليا التي بلغت الخمسة أعوام لتوها، تهتم بأدق التفاصيل المتعلقة بلباسها وشعرها، وحتى انتقاء مجوهراتها، وقد ذهلت في أحدى المرات من طلب ابنتها شراء خلخال وسوار متناسقين لوضعهما في حفلة المدرسة. 


إضافة
بعض اللمسات الأنثوية

تحب أم ملين البلبيسي أن تظهر ابنتها بمظهر جميل ولافت منذ نعومة أظافرها، وتحاول في كل مناسبة أن تجعل منها مميزة ومختلفة عن المظهر السابق، فتعتني بتسريحة شعر ابنتها وتصففه بأشكال متعددة، فتارة تجعده وتارة أخرى ترفعه، وتضع دائماً لها الألوان التي تحبذها لأحمر الشفاه وطلاء الأظافر.
وترى أن تنمية غريزة الاهتمام بالمظهر والتأنق ضرورية لكل فتاة مهما كانت صغيره بالعمر، لكون هذا الاهتمام سينمو مع تقدمها بالعمر، وسيجعل منها سيدة ملمة بالموضة وذات ذوق راق وجميل. لذا هي ليس لديها مانع من وضع بعض المساحيق وإضافة بعض الرتوش واللمسات الأنثوية إلى ابنتها في المناسبات والحفلات، كون ذلك سيضفي عليها جمالاً ورونقاً، إضافة إلى أنه سيعزز ثقتها بنفسها.
 

الماكياج من تسلية إلى هوس

يبدأ الأمر بتسلية ثم ينتهي بهوس، ذلك ما تؤكده أمنية عبد الله (26 عاماً)، فابنتها التي تبلغ من العمر أربعة أعوام أصبحت تداوم على وضع مساحيق التجميل، فبعد مرات من اللعب والتسلية، وتجربة بعض الألوان على وجهها، أصبح وضع أحمر الشفاه وظلال العيون أمراً ضرورياً يلازم خروجها من المنزل. وهذا ما ألزم أمنية اتخاذ احتياطات مشددة، وإخفاء كل أدوات التجميل حتى لا تتمكن ابنتها من العبث بها.


انتقاء
الأجمل والأنسب لسنها

 تضع إيمان فواز (34 عاماً) حدوداً لمظهر ابنتها ريماس، بالتناسب مع عمرها ومع المناسبة الخاصة ومدى أهميتها. فهي تشرف على انتقاء الأجمل والأفضل لسنها، مع التحايل والإقناع في كل مرة، لأن الأهم أن تظهر ابنتها بمظهر مرتب وجميل، ولا يعطيها هيئة أكبر من سنها.  ولا تمانع بين الحين والآخر منحها بعض الحرية في ما يتعلق بقصة شعرها أو تلوينه بألوان موقتة كون ذلك يضفي بهجة على ابنتها. وتتمنى إيمان لو أنها كانت تحظى بمثل هذا الاهتمام في صغرها، لكون معظم صورها في الصغر كانت بشعر غير مصفف بطريقة لائقة، لذا هي تحاول أن تعوض ذلك النقص في ابنتها بمنحها الاهتمام والترتيب في كل ما يتعلق بمظهرها.


اهتمامي
بمظهر ابنتي بدأ مع ولادتها

الابنة الأولى تحظى باهتمام خاص كما تؤكد العديد من الأمهات، فريهام عصام (22 عاماً) لم تستطع كبح رغبتها في جعل مولودتها الأولى تبدو كالدمية، فما أن أتمت بضعة أشهر حتى أصبحت ريهام تتفنن في انتقاء لون الفستان المتماشي أيضاً مع لون ربطة الشعر والحذاء، ولا تغفل وضع المجوهرات المناسبة من أساور وأقراط، فلا بد أن يكون مظهر طفلتها جميلاً ولافتاً. ولا تنكر أنها باتت تهتم بترتيب مظهر طفلتها أكثر من اهتمامها بمظهرها.
 

ضرورات تحتم استخدام الحيل واللمسات التجميلية

وتشير سعاد ياسين  (42 عاماً) إلى أن هناك بعض الضرورات التي تحتم على الأم استخدام بعض حيل التجميل لمظهر ابنتها، إذ تعاني بعض الفتيات من شعر أجعد جدا صعب التصفيف، أو بعض الشعر الزائد في منطقة الوجه، أو جسم نحيل جداً. لذا لا بد لكل أم أن تهتم بمظهر ابنتها أن تحاول تعديل بعض الأمور بطريقة طبيعية، لتعود طفلتها من عمر صغير على الاهتمام بجمالها، وانتقاء ما يليق بسنها وبطبيعة جسمها.
 

الحزم ووضع الضوابط وعدم التساهل

وتخالفها الرأي غدير الأحمدي (28 عاماً) التي ترى أن مظهر الفتيات الصغيرات لا بد أن توضع له ضوابط، لأنه ليس من المقبول أن تظهر الفتيات الصغيرات بشكل سيدات راشدات. وتعتقد أن التساهل في موضوع مساحيق الماكياج وتسريحات الشعر، يحكم على هؤلاء الأطفال بالاندماج في عالم الكبار، وترك مرحلة الطفولة والبراءة تمضي، وذلك بالتأكيد هو مسؤولية الأم التي يجب أن تكون حازمة في هذه الأمور.
 

الفتاه بطبيعتها لديها رغبة في أن تكبر بسرعة

يعلق استشاري الطب النفسي والإدمان الدكتور علي جابر السلامة على هذه الظاهرة، بأنها تعود إلى التقليد ومحاكاة المجتمع بشكل كبير، فالأطفال بعمر أقل من 12 عاماً، يكونون عبارة عن مرآة تعكس من يقف أمامها، فالأم أو الأخوات الكبيرات ومحيط المنزل بشكل عام مصدر لكل أفعال هذه الطفلة، فإذا كانت العائلة تهتم مثلاً بالبهرجة والتكلف بالمظهر، سينمو هذا الحس لديها. وهذا يبدو واضحاً في كون 95 في المئة من حالات السلوكيات غير المنضبطة عند الأطفال يعود سببها إلى الأهل وبيئة المنزل.
ويشدد السلامة على أهمية هذه المرحلة العمرية بقوله: «العمر الذي يقل عن العشر سنوات هو عمر يمكن التفاهم معه عن طريق النقاش المبسط، وتوجيه النصائح غير المباشرة خاصة من الأسرة، بينما يختلف الأمر عند تقدم الطفل بالعمر، وغالبا عند معظم الفتيات تبرز الرغبة في أن يصبحن بسرعة سيدات جميلات مثل الممثلات في التلفزيون. لذا أعتقد أنه من المهم عدم إحباط الفتاة في هذه السن ومقارنتها بفتاة أخرى، أو التعليق على شكلها الخارجي بشكل سلبي حتى ولو كان عن طريق المزاح وخاصة من داخل الأسرة كما يفعل الأخوان أحياناً. لكون ذلك سيسبّب نتائج عكسية، قد تدفعها إلى المبالغة في التجمل والتبهرج أو التعويض بتصرف سيئ آخر، وهنا لا يمكن أبدا توجيه سلوك هذه الفتاة عن طريق الأسلوب المباشر، كون المراهقة في هذا العمر ترفض الأوامر وتعتبرها تحدياً وتحاول التمرد عليها».
 

تعويض عقدة نقص قديمة  لدى الأم

عن هذه الظاهرة المتفشية في أوساط الفتيات والمراهقات ترى الاختصاصية الاجتماعية والكاتبة سوزان المشهدي أن ظاهرة بهرجة الأم لمظهر طفلتها ينبع أحياناً من رغبة الأم في تعويض نقص حصل لها في طفولتها، بحيث تحاول أن تفتح مجال التأنق الذي لم يكن متاحاً لها في صغرها أمام ابنتها، حتى وإن كانت منتقدة في ذلك لتلفت أنظار الناس أحيانا إلى جمال ابنتها. وهذا بلا شك لا ينمّي شخصية ابنتها بطريقة سليمة، كون هذا النوع من الأمهات يفتقر إلى الإتيكيت والوسطية في اختيار المناسب لسنّ ابنتها.
وأكدت أن هذا لا يعني أبداً أن تجبر الأم ابنتها على لبس ألوان معينة أو موديلات قد لا تعجبها، لكون ذلك يلغي هوية الطفلة ويمنعها من حق التجربة، ولا بد أن تفتح لها المجال لانتقاء ما تحبه من ملابس، وتوجيهها بطريقة لطيفة إلى أهمية أن تجعل لكل مناسبة لبساً ومظهراً معينين، لتراعي بذلك مراحل طفولتها الجميلة، مع تعزيز ثقتها بنفسها، وتكوين صورة لنفسها على أنها جميلة مهما ارتدت من ملابس، وعدم توريث فكرة أنها لا بد أن تبدو جميلة في كل الأوقات حتى تنال كلمات الإعجاب والإطراء من الناس.