في لبنان ماذا يحمل المستقبل لجيلٍ تربّى في شوارع المدن اللبنانية؟

أطفال الشوارع,لبنان,الفقر

كارولين بزي (لبنان) 12 أكتوبر 2014

نتألم لرؤية طفل يجوب شوارع هذه المدينة أو تلك في لبنان ليساعد أهله، ولكن ماذا عن أهلٍ رموا بابنتهم الطفلة إلى أحضان حياة زوجية مليئة بالشوك فأنجبت أطفالاً تعمل على تربيتهم في الطريق. ماذا عن أهل اصطحبوا أطفالهم إلى الشارع لكي يجعلوهم وسيلة رزق يتسولون بها؟! أطفال وأمهات «شوارع» يتحدثون في هذا التحقيق...


فاطمة: الحل الوحيد في الشارع

ليست الحرب وحدها التي قست على فاطمة (15 عاماً) ورمت بها في الشارع لتتسول لقمة العيش لها ولأولادها، إذ قبل الأزمة السورية، قسا عليها مجتمعها وأهلها ورموا على عاتقها مسؤولية الزواج في سن الحادية عشرة، فأنجبت أربعة أولاد أكبرهم في سن الرابعة وأصغرهم يبلغ من العمر شهراً واحداً. قبل أربعة أشهر جاءت فاطمة بصحبة أطفالها إلى لبنان، ومنذ ذلك الوقت ترقد في الشارع نهاراً لتؤمن ما يمكن تأمينه من أجرة المنزل (150 دولاراً أميركياً) ومأكل لأطفال يحتاجون إلى عناية وطعام خاص، نظراً إلى سنهم الصغيرة. تقول فاطمة إن أحداً لا يقبل بأن تعمل لديه بسبب أولادها، لأن أهلها في سورية ولا يوجد مكان آمن تتركهم فيه لتذهب إلى العمل. لذلك وجدت أن الشارع هو الحل الوحيد، فتتسول فيه برفقة أولادها. وتضيف: «عندما يكبرون سأتركهم في المنزل ولن أدعهم يتسولون»، وتتابع مستدركةً «لكنهم تربوا على هذه الحياة، ولا وسيلة أخرى لدي لكي أجني مالاً، ولا يوجد من يقدم لنا المساعدة». وتلفت إلى أن ابنها الرابع بقي في المنزل مع جيرانها، لكنها لا تستطيع أن تبقي جميع الأولاد معهم.


شادي: الأم تتسوَّل والإبن يبيع «العلكة»

يبيع شادي (8 سنوات) العلكة (اللبان) في شوارع بيروت لأنه لم يجد عملاً مناسباً، ويسأل ببراءة:
«ماذا سأفعل إذا لم أبعْ العلكة؟». وعن عمل والده يقول: «أبي يبيع العلكة في الشارع الآخر، بينما أمي تتسول. لدي أربعة أخوة، جميعهم يتسولون ويبيعون العلكة».
ويتابع: «أجني من بيع العلكة نحو 20 ألف ليرة لبنانية يومياً، نشتري بما نجنيه طعاماً، فنحن نعيش في خيمة لذلك لا نحتاج إلى أجرة منزل». هرب شادي إلى لبنان منذ شهر إلا أنه لم يكن قد التحق بالمدرسة قط لأن والديه لا يريدان ذلك على حد قوله، وكان يبيع السكاكر في سورية أيضاً.


سناء: ما أحصل عليه لا يكفي طعاماً وأدوية

قبل ستة أشهر غادرت سناء (23 سنة) منزلها في سورية وجاءت إلى لبنان بصحبة أولادها الثلاثة، في حين بقي زوجها في سورية حيث فقدت الإتصال معه، ولا تعرف إن كان لا يزال حياً. وتقول سناء: «يتراوح أعمار أولادي بين 3 و5 سنوات. أتسول لكي أؤمن لقمة عيشي لأني استأجرت منزلاً بـ 200 دولار شهرياً، وأجني نحو 20 ألف ليرة يومياً أحياناً أكثر أو أقل».  وعن سبب بقائها بلا عمل تسأل: «أين سأترك أولادي؟ لا أحد يقبل أن أعمل لديه وأصطحب أولادي معي إلى العمل. أنا لم أستجد أحداً يوماً أو أطلب المال من أحد لكن لا خيار آخر أمامي في ظل الظروف الطارئة التي نعيشها». وتضيف: «المبلغ الذي أجنيه لا يكفينا طعاماً وأدوية لأحد أبنائي المصاب بمرض الربو. كما ان دراجة نارية صدمت ابنتي منذ فترة ولولا مساعدة احدى النساء التي أخذتها إلى المستشفى لا أعلم ماذا كان سيحل بها». وتتابع: «لا أدع أولادي يبتعدون عني، فهم يبقون إلى جانبي على الرصيف، لكني لم أعتد افتراش الطرق والتسول لكي أعيش، أتمنى أن أعود إلى بيتي وبلدي».


موسى: نخرج كلنا الى الشارع لنؤمن لقمة عيشنا

ينظف موسى (14 سنة) محلاً لبيع حقائب السفر، وهو يعمل فيه منذ شهرين أي منذ وصوله إلى لبنان، ويلفت إلى أنه لا يود الإلتحاق بالمدرسة لأنه في حاجة إلى عمل لكي يجني مالاً يكفيه وعائلته. ويضيف: «تتراوح أعمار أخوتي الثمانية بين 13 و25 سنة، أعيش مع اثنين منهم في لبنان ونعمل كلنا لكي نؤمن قوت يومنا وندفع إيجار المنزل». 


عبد الله: لتأمين ايجار المنزل

يعمل عبدالله (14 سنة) منذ خمسة أشهر في مسح الأحذية، ويعيش مع عائلته المؤلفة من سبعة أشخاص، في حين يعمل والده حمّالاً ويجني 35 ألف ليرة يومياً. ويقول عبدالله: «أنا الولد الوحيد في عائلة والدي لذلك لا بد لي أن أساعده لندفع إيجار المنزل والذي تبلغ قيمته 300 دولار، في حين تبقى والدتي مع أخواتي الأربع». ويشير إلى أنه كان يدرس في سورية ووصل إلى الصف التاسع، لكنه اضطر لترك المدرسة والهرب إلى لبنان مع أهله بسبب الظروف الصعبة في سورية. ويتمنى أن يعود إلى بلده ويلتحق بالمدرسة مجدداً.


خالد: يعيش على الإكراميات

غادر خالد (15 سنة) سورية قبل شهرين، ويعيش اليوم في لبنان مع شقيقه وأقربائه في حين بقيت عائلته في سورية، ولكن لكي يساعد والده الذي يعيش في الكويت في بناء منزل جديد، دخل ميدان العمل. ويعمل خالد في دكان صغير وسط شارع الحمرا، يتقاضى لقاء عمله 300 دولار شهرياً، إضافة إلى بعض الإكراميات التي يحصل عليها من الزبائن. ويرسل أجره الشهري من الدكان إلى والده، أما الإكراميات فيعيش منها كما أنه لا يدفع أجرة منزل لأنه يعيش مع أقربائه. ويتمنى خالد أن يدرس ويحصل على شهادة تخولّه الحصول على عمل جيد.