الجامعة الأميركية في القاهرة ترجمت له ثلاث روايات

بهاء عبد المجيد,رواية,ترجمة انكليزية,الجامعة الأميركية في القاهرة,سانت تريزا,النوم مع الغرباء

علي عطا (القاهرة) 06 نوفمبر 2014

أستاذ الأدب الانكليزي، الروائي المصري بهاء عبد المجيد، صدرت له أخيراً رواية ترجمة إلى الانكليزية عن قسم النشر في الجامعة الأميركية في القاهرة، الذي سبق أن أصدر له روايتيه «سانت تريزا» و«النوم مع الغرباء».  لها التقته في الحوار التالي.


-هل تعتبر نفسك محظوظاً بترجمة ثلاث روايات لك من خلال الجامعة الأميركية في القاهرة؟
طبعاً. وفي المناسبة أود أن أشكر مسؤولي قسم النشر في هذه الجامعة، نايجل فليتشر، ونيل هيوسون، والراحل مارك لينز. وأشكر كذلك شب روزيتي، أستاذ الأدب العربي في جامعة بنسلفانيا، الذي ترجم «سانت تريزا» و«النوم مع الغرباء».
«سانت تريزا»، من أهم أعمالي، وصدرت في خمس طبعات حتى الآن، وتدور أحداثها في منطقة شبرا (شمال القاهرة) حيث يتداخل البشر وتندمج الديانات، من الخمسينات حتى الثمانينات، وورد في حيثيات ترشيحها للترجمة أنها تعكس بلغة محكمة وحكي تفصيلي، التغيرات السياسية والاجتماعية والدينية التي شهدها المجتمع المصري خلال أربعة عقود.
أما «النوم مع الغرباء»، فتدور أحداثها من بداية التسعينات وحتى الوقت الراهن، بين مصر والولايات المتحدة الأميركية، وترصد ما طرأ على المجتمع العربي من تغيرات ترتبط بالعولمة من ناحية وصعود الإسلام السياسي من ناحية أخرى، وتجليات ذلك في حرب الخليج الثانية وأحداث 11 أيلول/سبتمبر وثورة 25 يناير التي جسَّدت رغبة عارمة في الخلاص من الاستبداد. وتعرض الرواية نفسها لنماذج دالة على تغير نظرة الرجل للمرأة، وتبشر بالتغيير الحتمي، ومن هنا وجدت صدى طيباً بعد ترجمتها، وهو ما لاحظته خلال عملي أستاذاً زائراً في جامعة أكسفورد.

وماذا عن روايتك الجديدة؟
ترجمها جونسون رايت، الذي ترجم أيضاً رواية «عزازيل» للمصري يوسف زيدان، ويترجم «ساق البامبو» للكويتي سعود السنعوسي، وكلا العملين فاز بجائزة البوكر العربية. بذل جونسون رايت مجهوداً كبيراً في ترجمة روايتي لأنها تستند على طرائق سرد غير تقليدية، فضلاً عن أسلوب التداعي الحر واسترجاع الماضي، وتتخذ من أسلوب جيمس جويس منطلقاً سردياً، إذ إن أحداثها تدور بين مصر وإيرلندا، وتعرض لأمثلة من الصدام الحضاري والصراع بين رغبات الجسد والتحفظ الديني وغربة العرب في أوروبا في تسعينات القرن المنصرم، وصدرت طبعتها العربية العام 2011 عن دار «ميريت». 

-أين تكمن أهمية الترجمة عموماً من وجهة نظرك؟
تكمن أهمية الترجمة في أنها تساعد على التواصل الحضاري والأدبي وتقرب بين الشعوب. وما تقوم به الجامعة الأميركية في القاهرة في هذا الصدد هو أمر مهم في إطار تعريف العالم بالأدب العربي.

-إلى أي مدى تشعر بالرضا عن المواكبة النقدية لأعمالك الأدبية؟
أستطيع القول إنها قوبلت باهتمام نقدي بالغ، وأعتقد أنني محظوظ مقارنة بكثير من أبناء جيلي. تناول أعمالي نقاد بارزون مثل صلاح فضل وصبري حافظ ومدحت الجيار وشريف الجيار وشيرين أبو النجا وسحر الموجي ومصطفى الضبع. لكني أتمنى أن يحظى أدبنا المترجم باهتمام نقدي غربي، وأن يحظى كُتاب ذلك الأدب باهتمام خارج حدود بلادهم. أما بالنسبة إلى القراءة، فهناك ميل إلى وضعي ضمن منظومة الأدب الكلاسيكي، وهذا لا يبيع كثيراً مثل الأدب الجماهيري والأدب البوليسي، ومع ذلك هناك من هم منحازون إلى ما أكتبه ويدفعونني إلى الأمام.

-ما هي أهم المشاكل التي تواجه الترجمة في مصر، وكيف السبيل لمواجهتها؟
المشكلة الحقيقة هي الإحساس بالقيمة والتحديات الحضارية. نحن نعتمد على الماضي، وفي هذا كسل وتواكل. العالم الآن يتصارع من أجل الوجود والسيطرة، والشباب يريد أن يعرف حضارات أخرى، وهذا يقوم به الأدب المترجم إلى العربية، لكنه يحدث ببطء وعشوائية. ليس لدينا فهرس حقيقي للمترجم من الأعمال العالمية وأسماء المترجمين. وأيضا ليس لدينا معايير حقيقية لجودة الترجمة، لدرجة أن من الممكن أن يترجم العمل الواحد بثلاثة مترجمين، وتأتي المحصلة ضعيفة، وبذلك نخون النص. أعطيك مثالاً للترجمة السيئة، حيث كنت أدرس الترجمة الأدبية في دبلومة الترجمة بكلية الآداب في جامعة عين شمس، وكلفت طلابي مراجعة ترجمة لرواية «العجوز والبحر» لإرنست هيمنغواي، وكانت كارثة إذ ألَّف المترجم مقاطع لا وجود لها بتاتاً في النص الأصلي، وتلك ليست مجرد خيانة، بل هي فضيحة مدوّية.
المشكلة لا تكمن فقط في آليات وتقنيات الترجمة، بل أيضا في تسويق الترجمة. بالنسبة إلى الأدب العربي المترجم من العربية إلى الانكليزية يجب أن ندعم دور النشر الصغيرة، وحتى الجامعة الأميركية في القاهرة يجب أن ندعم دورها في هذا الصدد ماديا، كما فعل نجيب محفوظ عندما تبرع بجزء من قيمة جائزة نوبل المادية وعائده من ترجمة أعماله، لدعم ترجمة الأدب العربي عموما إلى الانكليزية. أنا شخصياً استفدت من ذلك. يجب أن يتم التعامل مع الترجمة في شكل أكثر احترافية ومهنية، ولا يجب أن ننتظر الغرب أو الشرق ليترجم أعمالنا. يجب أن نفرض أدبنا وأن ننافس في الوجود الحضاري الشريف. وهنا ينبغي أن نشيد بجائزة بوكر العربية لأنها تترجم الأعمال الفائزة إلى لغات مختلفة، فلماذا لا نحذو في مصر حذو هؤلاء. أنا فرحت جداً بوجود رواية «بنات الرياض» لرجاء الصانع في دار Penguin، لأن هذا سيتيح للعالم الغربي قراءة رواية لكاتبة عربية من السعودية، وسيساعد على تغيير النظرة التقليدية إلى المرأة العربية.

-هل تتفق مع ما دعا إليه وزير الثقافة المصري، جابر عصفور، أخيراً من حصر الترجمة في المركز القومي للترجمة دون بقية قطاعات وزارة الثقافة، ولماذا؟
بالنسبة إلى احتكار جهة ما عملية الترجمة، لا أعتقد أن هذا مفيد لحركة الترجمة لأن العمل الخاص والمنظمات الثقافية الأهلية تلعب دوراً مهماً، جنباً إلى جنب مع المركز القومي للترجمة والهيئة العامة للكتاب. لن تنهض أمة إلا بالثقافة والترجمة جزء مهم في التواصل الحضاري ونقل المعرفة، ونص عليها الدستور المصري لأنها حق معرفي ولبنة في صرح حقوق الإنسان .

-منذ حصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل في 1988 لم يحصل عليها كاتب عربي آخر، ما السبب في ذلك من وجهة نظرك؟
العالم يحترم الاجتهاد، وليس الصراع على من يستحق ومن لا يستحق. هناك نقاد غربيون يكتبون ويعتد بآرائهم، مثل روجر آلن الذي كتب مقالاً مهماً عن نجيب محفوظ في دورية الأدب العالمي. فلماذا لا نهتم ببعض الكتاب ونوفر لهم الدعم الفني والإعلامي المطلوب ونتيح ترجمة أعمالهم في شكل لائق، فربما يتحقق الحلم مرة ثانية، لأن فوز الأدب العربي بنوبل هو اعتراف بالقيمة وفتح أسواق جديدة للقراءة والتواصل المعرفي.

-ما مدى الدور الذي يلعبه حسابك على فيسبوك لجهة التفاعل مع ما تنتجه ككاتب وأستاذ جامعي؟
أعتقد أن فيسبوك ساهم في التعريف بي ككاتب وأستاذ جامعة، والتواصل مع المثقفين في العالم العربي والعالم عموماً، كما ساهم في تقريب وجهات النظر، بخاصة بين الصحافة والثقافة. وكأستاذ جامعي أتاح فيسبوك بث المادة العلمية من طريق التعلم من بُعد وقرَّب بين الأستاذ وطلابه علمياً وإنسانياً، كما ساهم في التعريف بأعمالي الأدبية أيضاً. كذلك يلعب هذا الموقع دوراً في التنفيس الإنساني ما يخفف من الشعور بالسأم، كما ساهم في تحقيق ديموقراطية المعرفة.

-ماذا عن جديدك الأدبي والأكاديمي؟
لديَّ رواية انتهيت منها تقريباً واسمها «القطيفة الحمراء»، وأتمنى أن تحقق نجاحاً يساوي المجهود الذي بذلته فيها. وبمناسبة جائزة نوبل، فإنني أنجزت أطروحتي للدكتوراة العام 2000 عن شيموس هيني، الشاعر الإيرلندي الحاصل على جائزة نوبل عام 1995، والآن أفكر في نشرها باللغة العربية، ربما عبر الهيئة المصرية العامة للكتاب، وهي في عنوان «تطور التيمات الأدبية عند شيموس هيني من فكرة الأرض حتى الالتزام السياسي»، وتشتمل على مقارنة مع الشاعر محمود درويش.