الكاتب والسينمائي فجر يعقوب: مكتبتي سقطت في مخيّم اليرموك... والانترنت خياري الوحيد

فجر يعقوب,عشاّق الكتب,الكتب المفضلّة,الأنترنت,المأساة السورية

13 نوفمبر 2014

عندما يقع الإنسان في عشق الورق تُصبح العلاقة بينهما ملتبسة ولا يُمكن أحداً أن يفكّ لغزها إلاّ الإنسان العاشق نفسه الذي يرى في كتبه ثروته الحقيقية... ولأنّ المكتبة هي الركن الذي يُخبّئ فيه القارئ النهم ثرواته الورقية الثمينة، قمنا بزيارة استكشافية لمكتبة أحد «عشاّق الكتب»،الكاتب السينمائي فجر يعقوب وجئنا بالاعترافات الآتية...

علاقتي بمكتبتي
لم تكن ملتبسة مثلما هي اليوم. الكتب التي حرستها يوما من فضول أصدقائي لم تعد موجودة إلا في ذاكرتي. ذهبت تلك الرفوف التي كانت تعاني أحيانا من ثقل الغبار ونظرات الأصدقاء الخفيفة والحذرة. قيل لي إن قذيفة سقطت على بيتي في مخيم اليرموك من تلك الزاوية التي كانت فيها المكتبة. لا أريد أن أصدق ذلك. أريد أن أفكر بأنّ طبقة من الغبار السميك تغطي تلك الرفوف، وتحرسها من نظرات «الفقهاء» الجدد، مع أنني أعرف أن هناك استحالة لاستعادة شيء منها الآن.

أزور مكتبتي
كنت في حالة زيارة دائمة لها. لم يكن هناك أوقات معينة. قد أعود إلى كتاب فيها متخصص في مهنتي، وقد أراجع رواية بحثاً عن اسم بطل أو فكرة سقطت منها لسبب ما، أو كتاب في الفلسفة، أو في علم الاجتماع في أوقات غير متفق عليها. الزمن هنا لا يعني أن نقسمه إلى مربعات، ونقول إننا ننطلق من هذا المربع في الساعة السادسة صباحاً وحتى العاشرة مثلا، تليه استراحة، ثم المربع التالي إلخ...

أنواع الكتب المفضلّة لديّ
في العقد الأخير طغت الكتب السينمائية (التصوير – الاخراج – النقد السينمائي التمثيل) على قراءاتي، ولكن هذا لايعني أن شغف قراءة الرواية قد خفت لحساب هذا التفضيل. في أحيان كثيرة كانت الرواية هي متحف الذاكرة الذي يستوقفني للقيام بجولة في أرجائه بحثا عن مقاربة بين صورة سينمائية منقولة عن رواية بعينها، لفهم السينما المزيفة التي تهدد الأدب، أو العكس، حين لا يكون الفهم لطبيعة النوعين مكتملاً. ما أفعله هنا بالضبط هو تجسير تلك الهوة، كنوع من الغواية المتكررة في صناعة هذا الشغف.

كتاب أُعيد قراءته
«الرسم بالنور» لجون آلتون.

كتاب لا أعيره
«آفاق الفن» لأكسندر إليوت.

كاتب قرأت له أكثر من غيره
فيودور دوستويفسكي.

آخر كتاب ضممته إلى مكتبتي
بعد ضياع مكتبتي استعدت رواية «كل الأسماء» لخوسيه ساراماغو، مطبوعة على الورق، واستعدت كتباً كثيرة من الأنترنت مثل «شكسبير معاصرنا» ليان كوت، ومعظم مؤلفات رولان بارت، ونحو عشرة كتب لميشال فوكو مثل «تاريخ الجنون» وغيرها، وكتباً في التراث العربي، وبعض روايات ألبرتو مورافيا، وميلان كونديرا، وأغاثا كريستي.

كتاب أنصح بقراءته
«تاريخ الجنون» لميشال فوكو.


كتاب لا أنساه أبداً
«شكسبير معاصرنا» ( يان كوت- ترجمة جبرا ابراهيم جبرا).

بين المكتبة والإنترنت أختار
اليوم لم يعد لدي خيار: صرت أميل الى الأنترنت. صحيح أنني سأفتقد الغبار ونظرات الأصدقاء المتلصصة على عناوين كثيرة، وقد صار من السهل تحميل كتاب ما ومشاركته لعشرات الأصدقاء. وحتى عندما يكتمل قوس الهجرة المرتقبة باتجاه أقصى الشمال لا أعتقد أنه قد بقي أمامي الوقت أو الرفوف اللازمة لتجميع الكتب الورقية ومراكمة ذرات الغبار عليها لحمايتها من عسف أو ربما جور الأصدقاء الذين سيتخلفون عن الركب لسبب ما، وبعضهم ضاع في زحمة المأساة السورية، وبعضهم الآخر لم يعد موجوداً، أو غادر باتجاه شمال خاص به. لم يعد هناك متسع من الوقت للورق.