مطالبات نسائية مغربية بمجابهة العنف وتحسين الوضع الوظيفي

الرباط,العنف ضد النساء,خديجة الروكاني,سميرة بيكردن,زكية البقالي

فاطمة عاشور (الرباط) 14 ديسمبر 2014

دعا تحالف «ربيع الكرامة» إلى تنظيم مسيرة احتجاجية نسائية في الرباط تنديداً بعرقلة إخراج قانون محاربة العنف ضد النساء، على أن تضم نساء ضحايا العنف والتمييز بمؤازرة النسيج المدني الديموقراطي، من أجل الاحتجاج حول مآل التشريعات المتعلّقة بالحقوق الإنسانية للنساء.

هذا ما كشفته خديجة الروكاني المحامية وعضو التحالف النسائي، عن الاحتجاج على ما سمّته «العنف الممارس ضدّ المرأة المغربية وتلكّؤ الحكومة في إصدار التشريعات القانونية الكفيلة بحماية النساء من العنف».

 وسيَكون المنتدى العالمي لحقوق الإنسان، المزمع عقده في مراكش قريباً، أولى المناسبات الدوليّة التي سيفتح فيها تحالف «ربيع الكرامة» جبهة مواجهة جديدة، على الصعيد الدولي، كما تمّ الإعلان خلال ندوة عقدها التحالف أخيراً في الرباط.

وقالتْ منسّقة التحالف سميرة بيكردن في هذا الصدد إنّ تحالف «ربيع الكرامة» يراهن بشكل كبير على المحطات الدوليّة، وأولاها المنتدى العالمي لحقوق الإنسان في مراكش الذي سيشهد حضور مقرّرين أمميين، من أجل حضّ الحكومة على التعجيل في تنفيذ ما جاء به الدستور، وسنّ تشريعات تحمي النساء المغربيات من العنف.

ويظهر أنّ ثمّة ضغطاً غربيّاً في هذا المجال، إذ قالت بيكردن إنّ تحالف «ربيع الكرامة» تلقّى دعوة من طرف البرلمان الأوروبي، من أجل الاستماع إلى ممثلِ التحالف في ما يتعلّق بالتشريعات والقوانين الحامية للنساء، والتي تعرف تعثّرا، فضلا عن مشاركة التحالف في لقاء لمجموعة 20+20 خلال آذار/ مارس.

وفيما يستعدّ «ربيع الكرامة» لتدويل معركة الدفاع عن حقوق النساء، انتقد المحامي الحسين الراجي عدمَ التعامل الإيجابي للحكومة المغربية مع التوصيات الصادرة عن مؤسسات حقوق الإنسان الدولية، قائلا إنّ من مجموع توصيات الدورة الـ 13 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف الـ148 احتلّت التوصيات المتعلقة بحقوق النساء الصدارة.

وقال إنّ ما يصدر عن المؤسسات الدولية في جانبه المتعلق بحقوق النساء في المغرب «لا يأتي اعتباطاً، بل بعد قراءة وتمحيص للوضع». ولفت إلى أن «المرتبة التي يحتلها المغرب على صعيد مؤشرات احترام حقوق النساء ترجع إلى سوء التقدير لحجم الموضوع وأهمّيته».

وفي إشارة واضحة إلى اتّساع هوّة الخلاف بين الحكومة والمنظمات الحقوقية النسائية، حول التعامل مع هذا الموضوع، قالت الروكاني: «نحن نتعامل مع الحكومة كمحاور وليس كشريك»، لافتة إلى أنه ليس هناك تصوّر واضح إزاء محاربة العنف الممارس ضدّ النساء.

وقالت أمينة بوزيان خلال الندوة التي كان موضوعها «سنة بعد تدارس مشروع القانون 103-13 المتعلق بمحاربة العنف ضدّ النساء»: «نحن لا يمكن أن نطالب الحكومة بالتخلّي عن مرجعيتها المحافظة، غير أننا نطالبها على الأقل بتفعيل ما جاء به دستور 2011، بعد ثلاث سنوات من التصويت عليه»، فيما قال الراجي إنّ هناك إصراراً على عدم فتح الحوار بخصوص حقوق المرأة، بل ثمّة توجّه عامّ إلى قفل باب هذا الموضوع.

مذكرة اقتراحية

في المقابل، قدمت منظمات نسائية ذات توجه إسلامي مذكرة الى رئيس الحكومة تقترح «العمل عن بعد خاصة مع التطور التكنولوجي، واعتماد الدوام الجزئي مقابل جزء من الأجر، إلى جانب استفادة الموظفة المتوفى عنها زوجها من رخصة وفاة مدتها شهر مع كامل الأجر، احتراما لوضع العدة وحاجتها إلى القيام بإجراءات وتدابير مناسبة لوضعها الجديد.

وأكدت الوثيقة وجوب حماية المرأة الموظفة من التحرش الجنسي الذي قد تتعرض له أثناء مزاولتها لعملها، ناهيك بكل أشكال التمييز على أساس اللباس أو الانتماء السياسي أو النقابي.

وطالب «منتدى الزهراء» للمرأة المغربية بتمديد مدة عطلة الأمومة لدى المرأة الموظفة إلى 24 أسبوعاً، عوض 14 أسبوعاً المنصوص عليها حاليا في النظام الأساسي للوظيفة العمومية، مع إمكان تجديدها مرة واحدة بنصف الأجر، وللمرة الثانية بلا أجر.

ودعت الجمعية الحاصلة على صفة الهيئة الاستشارية المعتمدة لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الأمم المتحدة، إلى استفادة الموظفة الحامل من رخصة قبل الوضع مدتها 15 يوماً تكون مستقلة عن إجازة الولادة، مع ساعتين يومياً مخصصتين للإرضاع تستفيد منها بشكل متواصل أو مجزأ على فترتين. وقالت رئيسة المنتدى عزيزة البقالي إن هذه المذكرة حاولت أن تراجع القانونين المذكورين بهدف تحقيق تقدم في أربعة محاور رئيسية هي تعزيز الحق في الأمومة لدى المرأة الموظفة وتشجيع التوازن بين الحياة المهنية والحياة الأسرية وتعزيز فرص وصول المرأة الموظفة إلى مناصب المسؤولية والقرار.

من جهتها قالت زكية البقالي عضو المنتدى إن الحكومة مدعوة إلى جعل مقاربة الأسرة أساسية في وضع السياسات العمومية، مشيرة إلى أن الدستور يلح على توفير الحماية الاجتماعية للمرأة والأسرة.

الموظفة

من جهتها، قالت الناشطة الجمعوية  بثينة القروري، إن «هناك وجوداً لابأس به للمرأة الموظفة وإن كان لا يرضي طموحاتنا، إذ تشكل النساء الموظفات أكثر من ثلث الموظفين. لكن في المقابل تبلغ نسبة النساء المسؤولات في الإدارة 13 في المئة من نسبة المسؤولين وهي نسبة ضعيفة»، مشيرة إلى مفارقة متمثلة في كون 75 في المئة من هؤلاء المسؤولات موجودات في المصالح المركزية في حين أن نسبة النساء المسؤولات في المصالح اللاَّمُمَركزة ضعيفة جداً وهو ما يعكس الثَّقافة السائدة خارج محور الرباط والتي قد تكون سلبية اتجاه المرأة.

وبعيدا عن المؤشرات الرقمية، أكدت القروري أن وضع المرأة الموظفة يعرف العديد من الاختلالات سواء على مستوى القوانين المجحفة أو على مستوى بعض الممارسات التي تواجهها المرأة الموظفة في العمل من تحجيم لإمكاناتها أو بعض الممارسات الأخلاقية المشينة التي تعكس عقلية لا تَرى في المرأة إلا الجسد، إضافة إلى أوجه عديدة من القصور في التشريع المغربي.

وكشفت أن عدد الأطفال عند النساء المسؤولات هو أقل من نظرائهم الرجال المسؤولين، حسب دراسة سابقة قامت بها وزارة تحديث القطاعات العمومية،مما يؤشر لأن الوظيفة والمسؤولية لهما تأثير على السلوك الإنجابي للنساء في حين لا يتأثر السلوك الإنجابي للرجل، مما يعني أن المرأة «تحتفظ إلى جانب وظائفها الجديدة في مراكز القرار بالوظائف التي تقوم بها داخل البيت»، تقول القروري مستطردة أن أكثر 50 في المئة من النساء الموظفات بمختلف المستويات العلمية والإدارية يَمضين جلَّ وقت فراغهن في أشغال المنزل.

وأسفت القروري لأن قانون الوظيفة العمومية المغربي لا يزال متخلفاً ولا يراعي دور الأسرة في التنمية ومحورية المرأة داخل الأسرة.