هل الموسيقى المخدرة آخر «فنون» الإدمان أم نصب إلكتروني

المخدرات الرقمية,المخدرات,الموسيقى,قانون,نصب إلكتروني,الإدمان

القاهرة - نسرين محمد _ ميس حمّاد - جدة 14 ديسمبر 2014

بعيداً عن خطر التوجه لشراء المواد المخدرة، وما قد يصاحبه من ملاحقات، انعزل عن المحيطين بك وأغلق باب غرفتك وأطفئ الأنوار، ضع عصابة على عينيك وسماعتين في أذنيك لتستمع وتستمتع بجرعة من الموسيقى التي يقال إنها مخدّرة، مقابل بضعة دولارات تستطيع دفعها إلكترونياً عبر بطاقة الائتمان. تقنية جديدة وفرتها بعض المواقع، أو ما أصبح يعرف بـ «المخدرات الرقمية»، وهذا نوع جديد من الإدمان يحذر منه البعض، بينما يرفض خبراء الطب النفسي وعلاج الإدمان الاعتراف بها كأحد أنواع المخدرات، ويصفها بعض القانونيين بأنها حالات نصب إلكتروني.

رغم استخدام الموسيقى منذ مئات السنين في علاج بعض الحالات النفسية التي تعاني أعراض الاكتئاب والقلق والتوتر، خاصة المرضى الذين يرفضون تعاطي الأدوية، فإن هذا النوع من الموسيقى المخدرة يختلف كثيراً، لما قد يصاحبها من طقوس للاستماع، فهي تتوافر في شكل ملفات mp3 تراوح مدتها بين 15 دقيقة وساعة، تقدمها بعض المواقع الشهيرة مصحوبة بشرح الخطوات التي يجب اتباعها، حتى تحقق الفائدة المطلوبة بالوصول إلى حالة النشوة التي توفرها المواد المخدرة.

جرعة موسيقية

تقدم مواقع «الإدمان» الإلكترونية جرعات مجانية من الموسيقى كوسيلة لجذب المتعاطين في البداية، في الوقت الذي تتراوح فيه أسعار الجرعات، والتي تحمل أسماء أشهر المواد المخدرة، كالماريوانا والكوكايين ما بين ثلاثة دولارات وثلاثين دولاراً، ويصل السعر إلى مئة دولار في حالة تصميم جرعة خاصة تصل بصاحبها إلى شعور معين يصفه للقائمين على الموقع.

وتعتمد هذه الموسيقى على ذبذبات تم تصميمها لتخدع المراكز الحسية في الدماغ، من خلال بث أمواج صوتية مختلفة التردد بنسبة صغيرة في كل أذن، حيث تعمل هذه المراكز على توحيد الترددات في الأذنين، ويولّد هذا الأمر شعوراً يحاكي الشعور الذي قد يحدثه تعاطي المواد المخدرة، من خلال توليد موجات كهرومغناطيسية تساعد على الارتخاء.

ويستهدف كل ملف موسيقي من الملفات التي تعرضها هذه المواقع نمطاً محدداً من النشاط الدماغي، وقد يؤدي الاستماع إليها لفترة طويلة إلى الشعور بالنعاس أو اليقظة الشديدة أو الدوار أو الارتخاء أو الصرع والتوتر، وتصاحب ذلك تشنجات عصبية قد تؤدي إلى الوفاة في بعض الأحيان. 

عجز قانوني

ورغم «الخطر» الذي تبثه هذه المواقع، لا يجوز ملاحقتها قضائياً، كما يؤكد اللواء محمد عبد الواحد، مدير إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية في الإدارة العامة للمعلومات والتوثيق بوزارة الداخلية المصرية، نظراً إلى عدم وجود أشخاص لحق بهم الضرر والأذى من متابعتها، فمعظم المترددين على هذه المواقع يدخلون إليها بمحض إرادتهم، بعيداً عن أي نوع من الإكراه قد يدفعهم للإبلاغ ضد القائمين عليها، حتى يمكن اتخاذ الإجراءات القانونية لحجبها أو غلقها.

يضيف أن المتعاملين مع هذه المواقع نوعان، الأول تأثر بها تماماً مثلما يحدث من جراء تناول جرعة مخدرة، لكن هذا التأثير سرعان ما يزول عقب الانتهاء من سماع هذه الموسيقى، حتى وإن ظل فإن تحليل عينات من الدم لن تظهر أثراً لأي مواد مخدرة، كما في الحالات العادية، وبالتالي لن يجوز اتخاذ أي إجراء قانوني حياله. والنوع الثاني هو شخص استمع إليها ولم يتأثر على الإطلاق ووجدها نوعاً من أنواع النصب الإلكتروني، لكن ضآلة المبلغ المدفوع الذي لا يتجاوز 30 دولاراً، تجعله يشعر بالحرج من إبلاغ الجهات الأمنية. ومع هذين النوعين، لا وجود لأي جريمة فعلية يمكن معها اتخاذ إجراء قانوني.

ورغم هذا، فإن عبد الواحد يؤكد أن هذه التقنية نوع من أنواع الإدمان، وتأثير الموسيقى يضاهي تأثير المواد المخدرة مثل الكوكايين والماريوانا، لما تحويه هذه الملفات الموسيقية من موجات تؤثر على الدماغ سلباً، وقد يؤدي الأمر إلى حدوث الوفاة لكن يصعب إثبات ذلك.

ويشير إلى عدم تلقي أي بلاغات في هذا الشأن على الإطلاق، لكن متابعة المواقع تؤكد انتشار هذا النوع من المخدرات الرقمية في المجتمعات العربية، موضحاً أن صعوبة تخيل وفاة شخص بسبب سماع تلك الموسيقى قد يكون وراء عدم الإعلان عن أي حالة وفاة من جراء هذا النوع الجديد من المواد المخدرة.

ويوضح: «حتى يكون هناك وعي لهذا الخطر فإن دورنا من خلال وسائل الإعلام مقصور على توعية الأسر على مراقبة أبنائها، خاصة أن من يتعاطون هذه الموسيقى يمارسون طقوساً خاصة مثل الانعزال في غرفة مغلقة ووضع عصابة على العينين وسماعات على الأذنين، ويصاحب ذلك حدوث تشنجات لذا، فإن رؤية هذا الوضع تعني أن الابن يستمع لهذا النوع من الموسيقى».

نصب إلكتروني

من جانبه، يرى اللواء عادل محيي الدين، الخبير الأمني في مجال الجريمة الإلكترونية، أن هذا الأمر نوع من أنواع النصب الإلكتروني، شأنه شأن جرائم تحويل الأموال والاستيلاء على الحسابات المصرية، إذ يستغل القائمون على هذه المواقع نظريات علمية معروفة لبيع المترددين عليها أوهاماً، فالجميع يعرفون أنه إذا سُلّط ترددان مختلفان قليلاً عن بعضهما في كل أذن فإن المستمع يدرك صوت نبضات سريعة، وهذه النظرية استخدمت في علاج بعض المرضى النفسيين في كثير من الأحيان، وهو ما يحدث مع ما يسمى بالمخدرات الرقمية التي تسوق لضعاف النفوس باعتبارها نوعاً من أنواع المخدرات يعادل تأثيرها تأثير الحشيش والكوكايين. ويضيف أن تناول الأمر إعلامياً بصورة مكثفة ينطوي على نوع من الخطورة، إذ يعد وسيلة للترويج لهذه المواقع، مطالباً وسائل الإعلام بعدم الإعلان عن أسمائها، إذ قد يدفع الفضول الشباب لدخولها وتنزيل هذه الملفات على سبيل التجربة، مؤكداً أن معدل البحث على محرك غوغل على مواقع الإدمان الرقمية ازداد بصورة كبيرة خلال الفترة الماضية بعد إثارة الأمر إعلامياً.

ويؤكد أن حجب هذه المواقع أو غلقها لن يتوافر إلا من خلال تكرار شكاوى المستخدمين، وهو الأمر غير المتحقق في الوقت الحالي، لعدم وجود وعي كافٍ لدى الكثيرين بخطورتها، مشيراً إلى أننا أمام حرب إلكترونية بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، تستهدف شباب الوطن العربي من خلال أشكال عديدة أحدها هذه التقنية المخدرة.

ليست ظاهرة

وعن مدى انتشار هذه النوعية الجديدة من المواد المخدرة بين فئة الشباب المتعاطين، يؤكد سامح صلاح، خبير علاج الإدمان، عدم انتشار الأمر كظاهرة، ولم يستقبل المركز الخاص به أي حالة تعاني من تعاطي الموسيقى المخدرة على مدى الثلاث سنوات الماضية. ويضيف أن حالات محدودة جداً، رصدها من خلال متابعته لأوساط المدمنين، لجأت إلى هذا النوع من التعاطي الرقمي، مع التركيز على أن هذه الحالات هي في الأساس تتعاطى الأنواع المتعارف عليها من المواد المخدرة، كالحشيش والأفيون والكوكايين أو الأقراص المخدرة، وهي الأكثر انتشاراً في العالم العربي، وتعاني حالة هلوسة عقلية يسهل معها إيهامها بمدى تأثير هذا النوع من الموسيقى كنوع جديد من المواد المخدرة.

وأشار إلى أن الإدمان لا يكون بالضرورة عن طريق تعاطي مادة مخدرة، بل هو في الأساس سلوك اعتاده الشخص، لكن هذا السلوك عندما يكون سيئاً يتحول إلى ظاهرة مرضية يجب العلاج منها، موضحاً أن نسبة إدمان المخدرات الرقمية لن تتجاوز خمسة في المئة على أقصى تقدير، خاصةً أن الأمر يعتمد على ذبابات معينة تؤثر على خلايا الدماغ، وقد يؤدي ذلك إلى ضمور هذه الخلايا، علاوة على فقدان حاسة السمع ودخول الشخص في حالة عدم إدراك. ويتحول الأمر من غياب عقلي بشكل لحظي إلى حالة عامة، وقد يصل الأمر إلى تلف الأعصاب، ومن ثم الإصابة بالشلل أو سكتة دماغية قاتلة. أضاف: «المخدرات العادية تضيع العقل، لكن المخدرات الرقمية قد تضيع الحياة كلها، لأنها تعتمد على التأثير على خلايا الدماغ من خلال إفراز موجات كهرومغناطسية، ومع تأثير هذه الموجات الضارة سيقلع الشخص عن هذا النوع من الإدمان، إلا إذا كان في الأساس مدمناً بالشكل المعتاد، ومن ثم فإدراكه محدود لتأثيرها الضار». وأوضح أنه كمعالج إدمان يرى أن من يتعرض لهذه المواقع مثل الشخص الذي يتعرض لمواقع إباحية أو يدمن علاقات محرمة، ففي الحالتين هو الرقيب على ذاته بعيداً عن الرقابة الأمنية، وإدمان هذا الفعل يعرضه لمشاكل تظهر على سلوكه وسط المجتمع الذي يعيش فيه، والأمر هنا لا يحتاج إلى مصحات لعلاج الإدمان بقدر الحاجة إلى زيادة الوعي الديني والأخلاقي للحفاظ على السلوك السويّ.

هلوسة

ويؤكد الدكتور محمد عويضة، أستاذ الطب النفسي في جامعة الأزهر، أن الحديث عن تأثير الموسيقى الصاخبة في الأغراض العلاجية ثابت منذ قديم الأزل في النظريات العلمية، حيث تحل محل بعض العقاقير المدرجة بجدول وزارة الصحة، ولا يجوز استخدامها إلا وفقاً لنصائح الطبيب، لأن استخدامها بكثرة يؤدي إلى الإدمان، كونَها تحتوي على مواد تُحدث هلوسة عقلية.

وأضاف أن هذا النوع من الموسيقى مسموح به، لكن تحت إشراف طبيب، مثلها مثل العقاقير المخدرة، لأنها تتيح الدخول إلى مرحلة ما قبل الوعي، وهي مرحلة وسطية بين حالة الوعي واللاوعي، وفيها يمكن استرجاع ذكرياته ويتعايش مع أحداث من الماضي قد يكون من الصعب تذكرها في الأوقات العادية، وهو ما يحدث في حالة ما يسمى المخدرات الرقمية. ويشير إلى أن الحديث عن احتمال حدوث الوفاة من جراء التعرض لهذه الموسيقى يرجع إلى وجود بؤر صرعية لدى بعض الأشخاص غير مكتشفة تظهر مع هذا النوع من الموسيقى، فنراهم يصابون بالتشنجات لدى سماعها، وفي حالة مرضى الصرع قد يكون الأمر أكثر خطورة.

حرام شرعاً

من ناحية أخرى، يرى أستاذ الفقه المقارن الدكتور أحمد كريمة أن التعرض لهذه المواقع، وإن لم يثبت مدى ضررها، حرام شرعاً، عملاً باتقاء مواطن الشبهات، وعلى المرء أن يحصن نفسه من الخطر، مشيراً إلى أن هذه المواقع تبث جميعها من الغرب الذي يحاول أن يفسد عقول الشباب، لذا يجب على الشباب أن يفطن لهذه الهجمة الشرسة وينجي نفسه.

في السعودية بث شريط فيديو على الانترنت أثار الفزع ولا دليل على صحته

تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي في السعودية شريط فيديو يبث صورة شاب يضع سماعتين على أذنيه، ويعصب عينيه بقطعة من الملابس، وهو عاري الصدر،  وكأنه في غرفة منعزلة، ويظهر أنه يستمع إلى موسيقى تصيبه بتشنجات وحالة من الهلوسة والصرع. وحمل الشريط عنوان «تسجيل أول حالة وفاة بالمخدرات الرقمية في السعودية»، دون الإفصاح عن هوية الشاب ومكان وجوده والمنطقة التي توفي فيها... وأكدت وزارة الصحة السعودية أن أياً من مستشفيات الصحة النفسية لم يستقبل حالة  إدمان للمخدرات الرقمية. ولم يتم التأكد رسمياً بالتالي من وفاة شاب بسببها.

فهل الفيديو المنتشر مجرد شريط تعبيري؟ وما تأثيرات هذا النوع على الدماغ؟  وما هي الاستعدادات التي اتخذتها وزارة الصحة لتمنع وصول مثل هذه الموسيقى إلى الشباب؟ وما موقف اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات من هذه المسألة؟ أسئلة كثيرة وجّهتها «لها» إلى أصحاب الاختصاص...

د. الصالح: لا يوجد علمياً ما يثبت ضرر هذه الموسيقى على الإنسان

أكد مستشار الأمانة العامة للجنة الوطنية السعودية لمكافحة المخدرات، الاستشاري النفسي في جامعة الملك سعود، الدكتور نزار الصالح أنه «لم تحدث أي حالة وفاة بسبب المؤثرات الرقمية في السعودية، أو في الدول العربية، وكل ما يثار حول ذلك عارِ عن الصحة». وعن استعدادات اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات لتجنب هذا النوع من الإدمان بين صفوف الشباب، علّق الصالح باقتضاب: «المعلومات المتداولة حالياً لم يتم تأكيدها رسمياً، ولايوجد علمياً ما يثبت ضرر هذه الموسيقى على الإنسان». وأوضح أن «المؤثرات الرقمية تسمى بطريقة خاطئة مخدرات رقمية، فهي ليس لها  أي علاقة بالمخدرات، وإنما بحسب العالم الفيزيائي Heinrich Wilhelm Dove، الذي اكتشف عام 1839 أنه إذا تم توجيه ترددين مختلفين قليلاً عن بعضهما لكل أذن، فإن المستمع سيدرك صوت نبض سريع، وقد سميت هذه الظاهرة بـ «الدق بكلتا الأذنين» أو ما يعرف بـ binaural beats. في هذه الحالة تعمل الذبذبات الكهرومغناطيسية على تحفيز الدماغ لفرز مواد منشطة، كالدوبامين وبيتا أندروفين، بالتالي  تعمل على تسريع معدلات التعلم وتحسين دورة النوم وتخفيف الآلام، وإعطاء الإحساس بالراحة والتحسن. وقد استخدمت هذه الآلية للمرة الأولى عام 1970 لمعالجة بعض المرضى النفسيين، لا سيما المصابين بالاكتئاب الخفيف، والقلق، وذلك عند رفضهم العلاج الدوائي، وبإشراف طبي متخصص». وعن الأعراض المصاحبة للشخص المُتعرض لهذه المؤثرات الرقمية، أشار الصالح إلى أن «نتائج دراسة قامت بها جامعة جنوب فلوريدا بيّنت أن ظاهرة «binaural beats» لا تؤدي إلى تغيّرات كيميائية في الدماغ.

وزارة الصحة لم تؤكد أو تنفي

اتصلنا بالناطق الرسمي باسم وزارة الصحة الدكتور خالد مرغلاني، فقال: «وزارة الصحة لم تؤكد أو تنفي الخبر. كما أنه تم الاتصال بالجهات المعنية في الوزارة، وأخبرونا بعدم صحة تسجيل أي حالة للمستشفيات من هذا النوع. ولم يتم التأكد رسمياً من  وجود حالة وفاة لشاب من خلال المخدرات الرقمية، ولم يستقبل أي مستشفى من مستشفيات الصحة النفسية في السعودية أي مريض يعاني تأثيرات هذا النوع من المخدرات عليه». وأوضح أن في السعودية «20 منطقة صحية، فيها 284 مستشفى ومراكز صحية».

د. الصواف: يجب الإعتراض على كلمة «إدمان» والفيديو المتداول «تعبيري»

صرّحت رئيسة وحدة الطب النفسي في مستشفى الملك فهد في جدة، و الخبيرة الدولية للأمم المتحدة في علاج الإدمان الدكتورة منى الصواف أن «الجزم بوفاة أي حالة تعرضت لإدمان نوع من أنواع المخدرات الرقمية صعب، وذلك لأسباب عدة منها إثبات أن هذه الحالة هي حالة وفاة بالمخدرات الرقمية. كما أنه لا يتم الإثبات إلا بعد أن نكون قد أجرينا التشريح بعد الوفاة، أما الأمر الثالث فأصبح هناك لغط كبير في ما يتعلق بالمخدرات الرقمية، مما أثار الفزع، بدون أي دليل علمي مثبت وصرف الناس عما هو أخطر، وهي المخدرات التقليدية».

وأكدت الصواف أن هناك «مرجعية علمية لأي معلومة تصدر بهذا الشأن، وهو المركز القومي الأميركي لأبحاث المخدرات، والذي يُسمى «نايدا»،  والمعلومات المتوافرة تفيد بأن هذا الأمر لم يثبت بشكل نهائي أنه يُسبب إدماناً أو تنتج عنه حالات تشنج وصرع، وما يحدث أن مثل هذه الأصوات لديها ترددات معينة يستمع إليها الشخص من خلال سماعتين للأذنين، وكل أذن تسمعها بطريقة مختلفة لتؤدي إلى اضطراب في تناغم  الذبذبات الكهرومغناطيسية لخلايا الدماغ، وقد تنتج عنها نوبات صرع لمن لديهم الاستعداد لذلك. كما يمكن أن يستخدمها الأشخاص الباحثون عن الإثارة، لكن ما هو موجود بالحجم الهائل من الهلع والفزع، ليس له أساس علمي، خاصة أن هذا النوع من المخدرات قديم، والحقيقة أن المؤثرات الرقمية ليست  مخدرات، وهي موجودة من 150 سنة، كما أن الناس يخلطون بينها وبين الموسيقى الصاخبة، والأخيرة شيء مختلف تماماً».

وأضافت: «من الممكن استخدام الموسيقى للتأثير على الحالة المزاجية للإنسان، مثل التأثير على القلق، مما يساعد الشخص على الهدوء والاسترخاء، أو العكس، فإن كانت الموسيقى صاخبة تساعد في زيادة معدل ضربات القلب، وإلى حدوث نوع من القلق والتوتر. وهذا الأمر مثبت علمياً وموجود، ولعل أكبر مثال على ذلك ما يعرف بالزار». 

وعن تأثيرات هذه الموسيقى المباشرة على الدماغ قالت الصواف: «هي تؤثر على كهرومغناطيسية الدماغ وتناغمها، وتؤدي إلى أخطار كثيرة من بينها التأثير على العصب السمعي عند الإنسان، والتأثير الآخر، هو الحالة الانعزالية. فعندما يستمع الشاب إلى هذا النوع من المؤثرات الصوتية، ينعزل عن المحيط الخارجي، وحالة الانعزال هذه تؤدي إلى أخطار، من ضمنها أنه وبعد فترة معينة من الساعات والأيام من الاستماع إلى هذه الموسيقى، يبدأ الشخص الدخول حالة الهلوسة، وبالتالي يضطرب الجهاز العصبي المركزي، دون موسيقى ودون مؤثرات رقمية. وتلك الموسيقى نوع من الأصوات مهندسة بطريقة معينة، وما يجب على الجميع معرفته أن الأذن البشرية لديها حدود معينة للسمع، ما بين الكيلوهيرتز والهيرتز، وأقل من هذه الحدود لا نسمع وأعلى منها لا نسمع. لذلك نجد أن هناك بعض الكائنات الحية تسمع أقل من الإنسان، فعلى سبيل المثال، إذا كنا في الشارع وحولنا آلاف الموجات الصوتية، لكن الأذن لدينا لا تسمعها حتى أن الصوت الذي نسمعه محدود، وهذا ما يُسمى علمياً محدودية الأذن البشرية. وهذه الموسيقى تقوم على هندسة معينة، بحيث يسمع الشخص ترددات مختلفة في كل أذن عن طريق السماعات».

وأشارت الصواف إلى أن «كلمة إدمان يجب الاعتراض عليها، فلم يُثبت علمياً أنها تسبب الإدمان، ولكي تُصنف بأنها إدمان يجب أن تكون تابعة للتصنيف الحقيقي والتعريف الحقيقي للمواد الإدمانية، من بينها حدوث الأعراض الانسحابية، وحدوث الاشتياق، والبحث عنها. وكل ما ذكرت ليس مثبتاً علمياً أنه ينتج عن الاستماع إلى المؤثرات الرقمية».

وشرحت أن من يستمع إلى هذه المؤثرات «يستخدم آلية معينة، وهي البقاء في غرف مظلمة مغمض العينين، ويستمع إلى المؤثرات من خلال سماعتين منعزلاً تماماً عن العالم الخارجي. وجزء كبير من التأثير يأتي نتيجة انفصال الحواس عن المؤثرات الحسية الخارجية الأخرى. وعلمياً نستطيع أن نجعل الشخص يشعر بالهلوسة السمعية وأحياناً البصرية إذا تم عزه بشكل كامل عن الزمان والمكان، وكان في غرفة مظلمة وخالية من الأصوات».

ورغم عدم إثبات حصول أي حالة وفاة، أكدت أن المجتمع السعودي «في حال تأهب. وقد قمت بشكل شخصي بمخاطبة رئيسة «نايدا»، وقد زودتني مرجعية مهمة جداً في هذا المجال، واسمه البروفسور شتاين، وبدوره مدنّي بالمعلومات حول التأثير الحقيقي وما يحدث لخلايا الدماغ».

علاج ولكن

ويؤكد أستاذ الصحة النفسية الدكتور أحمد عمارة أهمية الموسيقى في علاج مرضى الاكتئاب والتوتر المزمن، شرط أن يكون ذلك تحت إشراف المختصين، فالأمر يختلف من شخص إلى آخر، وعلى سبيل المثال هناك أشخاص لا يتأثرون بمشاهد الدم، وآخرون يصابون بالإغماء فور رؤيتها، لذا على الشخص أن يكون حريصاً عند التعرض لهذا النوع من الموسيقى. وأوضح أن هناك أشخاصاً قد لا يتأثرون على الإطلاق وآخرين قد يشعرون بالنعاس والاسترخاء أو اليقظة والانزعاج، والأمر يعتمد على طاقة كل شخص.