بعد صدور فتوى بإباحته: الطلاق بالموبايل يثير أزمة!

فتوى,دعوى,المحاكم,الطلاق,الموبايل,الشيخ خالد الجندي,د. عبلة الكحلاوي,د. سعاد صالح,هدى الكاشف,د. أحمد عمر هاشم,د. صبري عبد الرؤوف,د. مريم الدغستاني,إيمان شاهين,الدكتورة إيمان شاهين،

أحمد جمال (القاهرة) 27 ديسمبر 2014

دعوى في المحاكم وفتوى على شاشات الفضائيات فجّرتا أزمة الطلاق بالموبايل: هل يقع أم لا؟ الدعوى أقامتها زوجة تلقت رسالة من زوجها عبر هاتفها المحمول، يقول فيها: «أنت طالق»، بالتزامن مع فتوى للداعية الشيخ خالد الجندي الذي أكد أن طلاق المحمول يقع إن تم التأكد أن الزوج هو الذي أرسل تلك الرسالة. هكذا أثيرت أزمة نسأل عنها علماء الدين، ونحاول أن نصل معهم إلى حسم للسؤال: هل يقع طلاق الموبايل؟

بدأت القضية عندما أقامت سيدة تدعى نهى دعوى أمام محكمة الأسرة، تطالب فيها بتطليقها من زوجها طلاقاً بائناً بينونة كبرى، بعد أن أرسل إليها عبر هاتفه المحمول عبارة «أنت طالق»، مما يحتم التفريق بينهما لأنها أصبحت محرّمة عليه، حتى تتزوج زوجاً غيره، لأن هذه هي الطلقة الثالثة. إلا أن المفاجأة أن الزوج أنكر إرساله هذه الرسالة من الأصل لأنه يحب زوجته، معتبراً أن هذه الرسالة قد تكون مكيدة من أحد أعدائه الذين يرتدون عباءة الزمالة في العمل، خاصةً أنه يترك هاتفه كثيراً على المكتب وليس لجهازه كلمة سر.

رفضت الزوجة تصديق حجة زوجها، مؤكدةً أنه دائم الشجار معها وأنه سبق أن طلقها مرتين، بل إنه يوم أرسل إليها هذه الرسالة كانت المشكلات الزوجية بينهما في ذروتها، مما يؤكد أنه هو مصدر الرسالة، ولهذا لا بد من تطليقها منه نهائياً تنفيذاً للأمر الإلهي في القرآن الكريم: «الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ. فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ» (الآيتان 229-230) سورة «البقرة».
وأنهت الزوجة دعواها مؤكدةً أنها لن تعود إليه حتى لو لم يحكم لها القضاء بالطلاق، حتى لا تعيش معه في الحرام بعد أن أصبحت محرّمة عليه بالطلقة الثالثة، لأنها لن ترضي أو تطيع المخلوق، سواء القاضي أو الزوج، بمعصية الخالق، ومستعدة لدفع ثمن ذلك حتى لو وصل الأمر إلى الخلع.  
وقف القضاء حائراً أمام هذه الواقعة الغريبة، خاصةً أن ليس في القانون المصري نص يعترف بالطلاق عبر رسائل المحمول أو البريد الإلكتروني أو أي وسيلة من وسائل التواصل الحديثة. وما زالت القضية في بدايتها، ولا يعرف أحد ما ستسفر عنه أحداثها بعد المداولات القضائية.

يقع بشرط

تزامنت إقامة هذه الدعوى القضائية مع فتوى للداعية الشيخ خالد الجندي الذي أعرب في برنامجه «نسمات الروح» المذاع على فضائية «الحياة»، عن استيائه من الشيوخ الذين أفتوا بعدم جواز طلاق الزوج لزوجته عبر رسائل المحمول، وأنهم يفتقدون أدلة شرعية في موقفهم الرافض لهذا النوع من الطلاق عبر وسائل الاتصال الحديثة. 
وطالب الشيخ الجندي مسؤولي دار الإفتاء بإصدار فتوى شرعية رسمية في القضية تتضمن أدلة الفريقين المؤيدين والمعارضين لمشروعية الطلاق عبر رسائل المحمول أو مواقع التواصل الاجتماعي أو الإيميل، باعتبارها من القضايا المستحدثة التي يجوز فيها الاجتهاد في ضوء الضوابط الشرعية.
ورأى أن الطلاق عبر وسائل الاتصال والتواصل الحديثة يقع، شرط التأكد من أن الزوج هو الذي أوقع يمين الطلاق وليس غيره.

قضية شائكة

تؤكد الدكتورة عبلة الكحلاوي، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في بورسعيد-جامعة الأزهر، أن مسائل الزواج والطلاق من القضايا الشائكة، ولهذا فإن في الفتوى خطراً عظيماً، ومن الأفضل أن يكون السؤال عنها مشافهة بوجود الطرفين، حتى يتبين للقائم بالإفتاء من كل طرف ما فعله بالفعل، أو ما أرسله من رسائل محمول أو إيميل أو ما تلفّظ به.
وأشارت إلى أن عقود الزواج والطلاق لها مكانة خاصة في الإسلام دون بقية العقود، وهذه الأهمية لم تأت من فراغ، وإنما نظراً الى أهميتها الشرعية، لأنها متعلقة بالأعراض والأنساب، ولهذا جعل الله الزواج آية من آياته، فقال تعالى: «وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» (آية 21) سورة «الروم»، ووصف عقد الزواج  بالميثاق الغليظ، فقال الله تعالى: «وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا» (آية 21) سورة «النساء»، وتحدث الله عن الطلاق فقال: «الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ» (آية 229) سورة «البقرة».

تحذير

تحذر مفتية النساء الدكتورة سعاد صالح، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية للبنات -جامعة الأزهر، الأزواج المستهترين من التعامل مع قضية خطيرة، مثل الطلاق من خلال رسائل محمول فقط، وكأنه أمر عادي، بينما بسببه سيتم تحريم علاقات كانت حلالاً، وقد يصيب الأولاد بالتشرد، ولهذا قال (صلى الله عليه وسلم): «ثَلَاثٌ جِدُّهنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: اَلنِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ، وَالرَّجْعَةُ».
 ووجهت الدكتورة سعاد نصيحة الى الأزواج الذين يطلقون زوجاتهم برسائل المحمول والإيميلات، قائلة: «الأفضل لكم أن تبحثوا عن وسيلة أخرى غير كتابة رسائل الطلاق التي فيها خراب للبيوت، وإذا كانت المعيشة مستحيلة، فليكن الفراق بالمعروف بوسيلة كريمة تحدد الحقوق والواجبات، إلا إذا كانت هناك ضرورة فهي تقدر بقدرها، وليس على من تمنعه الظروف الصعبة، كالسفر الطويل، وزر أو ذنب لقوله تعالى: «فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» (آية 173) سورة «البقرة»، وهذا يؤكد أن الإسلام دين يسر وفي الوقت نفسه يرفض الاستهتار بحقوق الآخرين، وخاصة حق الزوجة والأولاد حتى لو كان القرار النهائي هو الطلاق لأي سبب.
وأنهت كلامها بأنها ترفض وقوع الطلاق في ظل الظروف العادية عبر رسائل المحمول أو الإيميلات، وما شابه ذلك من الوسائل التي يكون فيها تلاعب وعدم تيقن من أن هذا الشخص هو من أرسل هذه الرسالة، ولهذا قال (صلى الله عليه وسلم): «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك».

شبهة

تؤكد الداعية الإسلامية هدى الكاشف أن الطلاق أو الزواج المثالي هو الذي يتم بين طرفين موجودين في المجلس نفسه، أما إذا دعت الضرورة إلى غير ذلك، فإن كل وسيلة بديلة تحسب أخطارها ومميزاتها وعيوبها، ويتم تغليب درء المفاسد على جلب المنافع، إعمالاً للقاعدة الفقهية «درء المفسدة مقدم على جلب المنفعة».
وأشارت الكاشف إلى أن صحة طلاق رسائل المحمول أو الإيميلات أمر مشكوك فيه، لإمكان «التلاعب والتآمر باسم الزوج، ولهذا فهو أمر أراه مرفوضاً شرعاً وعقلاً، وحتى إذا كان راجحاً أن صاحب رسالة الطلاق بالمحمول هو الزوج بالفعل، فإن احتمال أن يكون غير الزوج أمر وارد، ولهذا إذا افترضنا أن فيها شبهة فقد أمرنا الإسلام بالابتعاد عما فيه شبهة، وخاصةً إذا كان الأمر يتعلق بالأعراض والأنساب، فقال رسـول الله (صلى الله عـليه وسلم): «إن الحلال بيِّن وإن الحـرام بيِّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعـلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فـقـد استبرأ لديـنه وعـرضه، ومن وقع في الشبهات وقـع في الحرام، كـالراعي يـرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجـسد مضغة إذا صلحـت صلح الجسد كله وإذا فـسـدت فـسـد الجسـد كـلـه، ألا وهي الـقـلب». 

استسهال مرفوض

يدعو الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر، الأزواج إلى عدم التعجل بالطلاق، الذي يعد أبغض الحلال عند الله، فلا بد من أن تكون هناك محاولات جادة ومخلصة للإصلاح، وهذا الأمر ليس اختيارياً، وإنما أمر إلهي حيث قال الله تعالى: «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا. وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا» (الآيتان 34-35) سورة «النساء».
وأبدى هاشم تحفظه على الطلاق عبر رسائل المحمول أو الإيميلات، أو حتى مواقع التواصل الاجتماعي، لأن فيه نوعاً من الاستسهال في غير موضعه، حتى لو كان قرار الطلاق لاستحالة العشرة الزوجية، ولهذا يجب أن يكون الطلاق عن طريق وسيلة لا شك فيها ولا يمكن التشكيك فيها بأي وسيلة، لأن هذا القرار تترتب عليه أمور شرعية أخرى، مثل بداية حساب العدة والنفقة للزوجة والأولاد، فضلاً عن تحريم ما كان محللاً بين الزوجين.  

الطلاق بالثلاثة

عن الحكم الشرعي إذا كانت رسالة الطلاق بالمحمول تحمل «الطلاق بالثلاثة»، بمعنى أن الزوج كتب لها «أنت طالق طالق طالق»، يقول الدكتور صبري عبد الرؤوف، أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر: «اختلف الفقهاء في «الطلاق بالثلاثة» كما يقول العامة، فهناك من يرى أنه يقع ثلاثاً وبالتالي فإن الزوجة تحرُم على زوجها حتى تتزوج غيره ويدخل بها ويطلقها بإرادته المنفردة الحرة، من دون أي اشتراطات أو ضغوط، وهناك من يرى أنها تحسب طلقة واحدة طالما كانت في مجلس واحد أو رسالة واحدة».
وأضاف صبري أن هناك فريقاً ثالثاً أوقف الحكم الشرعي على نية أو قصد الزوج الذي يتم سؤاله عن ذلك، وبناء على إجابته يتم الحكم بأن هذه الرسالة بالطلاق بالثلاثة تحسب طلقة واحدة أو ثلاثاً، ما يؤكد أهمية النية في الأحكام الشرعية، ولهذا قال رسول الله، (صلى الله عليه وسلم): «إنما الأعمال بالنيّات، وإنما لكل أمرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه».
وأنهى كلامه بميله إلى احتساب الطلقات الثلاث في رسالة محمول واحدة على أنها طلقة واحدة، إذا تم التأكد من أن الزوج هو الذي أرسل الرسالة، وذلك قياساً بما تم حين طلق صحابي امرأته ثلاثاً في مجلس واحد، فحزن عليها حزناً شديداً، فسأله رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «كيف طلقتها؟، قال: طلقتها ثلاثاً، فقال: في مجلس واحد؟ قال: نعم. قال: فإنما تلك واحدة فأرجعها إن شئت».

ضوابط شرعية

ترى الدكتورة مريم الدغستاني، رئيس قسم الفقه في كلية الدراسات الإسلامية-جامعة الأزهر، أن الطلاق عبر رسائل المحمول، بغير ضرورة شديدة، يعد نوعاً من امتهان الزوجة، وهذا ما يرفضه الإسلام الذي ساوى في الكرامة الإنسانية والتكاليف الشرعية والحساب عليها، فقال الله تعالى: «فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ» (آية 195) سورة «آل عمران».
 وتشدد الدكتورة مريم على ضرورة الاحترام المتبادل بين الزوجين، حتى لو كان القرار النهائي هو الطلاق، وأن يحترم كل منهما ما كان بينهما من عشرة زوجية، لأننا إذا نظرنا إلى تعاليم الإسلام نجده يأمر الزوجين وأهلهما ألا ينسوا الفضل بينهم، حتى لو تم الطلاق قبل الدخول، فما بالنا إذا كانت هناك عشرة زوجية وأولاد، فقال الله  تعالى: «لَّا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ. وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» (الآيتان 236-237) «سورة البقرة».

أزواج جبناء

عن التفسير النفسي لظاهرة إقبال الأزواج عن إنهاء حياتهم الزوجية بهذه الطريقة، تلفت الدكتورة إيمان شاهين، مديرة مركز الإرشاد النفسي في جامعة عين شمس، إلى أن من أهم الأسباب التي تؤدي إلى استخدام الرسائل القصيرة للطلاق، خشية الزوج من مواجهة الزوجة وجهاً لوجه، فلا يجد أمامه في وسيلة لإبلاغها سوى الهاتف المحمول لكي يأمن على نفسه ويخرج من المعركة بأقل الخسائر، وينقل الخسائر النفسية والاجتماعية إليها.
وأشارت إلى أن مشكلة الطلاق عبر المحمول ليست مصرية أو عربية فقط، وإنما تكاد تكون عالمية بدرجات متفاوتة من دولة لأخرى، فمثلاً في ماليزيا- وهي دولة إسلامية– قرر مجلس الوزراء منذ عام 2003، أن في الوقت الذي يمكن فيه اعتبار الطلاق بهذه الوسيلة صحيحاً، إلا أنه يبقى الوسيلة غير الجيدة، ولهذا يجب تجنب إساءة استخدام مثل هذه التكنولوجيا الحديثة، إذ ليس من حق الماليزيين المسلمين أن يطلقوا زوجاتهم بهذه الطريقة المخالفة لعاداتهم ولروح الشريعة الإسلامية، ويجب سن قوانين تحد من الطلاق برسائل المحمول أو أي وسيلة اتصال أخرى، مثل الفاكس والبريد الإلكتروني. أما في فرنسا فوافقت المحكمة العليا على اعتماد هذه الرسائل ليصبح من حق الزوجة أن تطلب الطلاق من المحكمة.
وحضت الدكتورة إيمان الأزواج على أن يكونوا أكثر شجاعة ويحترموا أنفسهم قبل أن يحترموا نفسية زوجاتهم، بأن يتم الطلاق عبر وسيلة محترمة، مثلما تم الزواج بطريقة محترمة ليس فيها أدنى شك أو تقليل من شأن الطرف الآخر، لأن الألم النفسي الذي تعانيه المطلقة سيكون أكبر عبر  رسائل المحمول، لأن المجتمع سينظر إليها نظرة دونية، حيث تم الاستغناء عنها كزوجة بهذه الطريقة غير المقبولة نفسياً أو اجتماعياً.