محسن جابر: كنت أشفق على عمرو دياب...

محسن جابر,الإنتاج الغنائي,النجوم,مزيكا,الجيل الجديد,الأغنية الأخيرة,ستوديو الفن,الإنترنت,الإنتاج الموسيقي,ألبومات,قمة الغناء,تامر حسني

أحمد مجاهد (القاهرة) 28 ديسمبر 2014

رغم العقبات التي واجهت الإنتاج الغنائي في السنوات الأخيرة ولم يصمد أمامها منتجون كثيرون، قرّر محسن جابر أن يخوض التحدي ويصمد أمام كل المشاكل، وسعى أيضاً إلى التعاقد مع نجوم من كل الأجيال وإعادة بعض الأصوات التي غادرت شركته.
التقيناه فتكلم عن الأسباب التي ساعدته ليصمد، وعلاقته بنجوم شركته، وحقيقة ما دار في لقائه الأخير مع عمرو دياب، وكلماته إلى تامر حسني وشيرين وآمال ماهر وإيهاب توفيق، ورأيه في برامج اكتشاف المواهب، ونصيحته لابنه وهو يسلمه مسؤولية الحفاظ على تراث موسيقي ضخم.


- كيف عاد بعض النجوم إلى شركة «مزيكا» أخيراً مثل إيهاب توفيق وهشام عباس ونوال الزغبي؟
«مزيكا» لم تتوقف عن الإنتاج حتى في الفترة التي حدثت فيها عثرات في صناعة الموسيقى، ومنذ ثورة 30 يونيو أشعر بتفاؤل كبير في داخلي، رغم أن بعض الظروف غير مستقرة، ولكن أشعر بأن هناك نقطة مضيئة ستظهر في نهاية هذا الطريق الذي نسير فيه.
وحالياً أعدّ شركة «مزيكا» ونفسي لتعود عجلة الإنتاج، إضافة إلى أنني لا أبذل مجهوداً فردياً الآن، وإنما هناك روح جديدة في الشركة من خلال فريق شاب يحاول تنشيطها من جديد، مثل هشام الجزار ونجلي محمد المسؤول عن تنمية الموارد في الشركة. كما تعاقدنا مع بعض النجوم من الجيل الشاب مثل إيهاب توفيق وهشام عباس ونوال الزغبي وخالد سليم.

- ما هي الإضافة التي ستقدمها لهؤلاء النجوم خصوصاً بعد رحيلهم عن الشركة السنوات الماضية وعودتهم إليها؟
ستكون الإضافة من خلال أغنياتهم وأعمالهم الفنية الجديدة مثلما حدث مع آمال ماهر في ألبومها الأخير «رايح بيا فين»، وأغنيات خالد سليم وإيهاب توفيق، علاوة على نجاحات تامر عاشور في الفترة الأخيرة، فقد هنأني كثر على ألبومه الجديد، إضافة إلى رامي صبري الذي أحبه كثيراً. وسنهتم أكثر بجودة الأعمال الفنية التي ننتجها وطريقة تقديمها.

- ألم تشعر بأنها مغامرة أن توقع «مزيكا» مع فنانين فقدوا بريق نجوميتهم نوعاً ما مثل جيل هشام عباس وإيهاب توفيق مقارنة بالجيل الجديد مثل تامر عاشور ورامي صبري؟
هذا ليس صحيحاً لأن كل شركة فنية يجب أن تضم كل الأجيال، حتى أنه في بدايتي في الإنتاج الموسيقي قبل سنوات طويلة كنت أحرص على التعاقد مع الفنانة الكبيرة فايزة أحمد، وفي الوقت نفسه كنت أبحث عن مواهب جديدة مثل هدى عمار، لذلك كنت أهتم بإرضاء كل الأذواق، ولا يمكن أن نفرض على الجيل الجديد الاستماع إلى فريد الأطرش أو عزيزة جلال، وذلك كان العصر الذهبي للأغنية. لكن في العصر الحديث يمكن الاستماع إلى جيل الوسط مثل نوال الزغبي وهشام عباس.

- لكن تامر عاشور حقق في الأغنية الأخيرة المصورة له «راجع» ما يزيد عن مليون مشاهدة عبر «يوتيوب»، أما هشام عباس فلم تحقق أغنيته الجديدة «وحشتوني» سوى 70 ألف مشاهدة. ما ردك؟
لم يطلق كليب «وحشتوني» لهشام عباس كاملاً، كان مجرد برنامج صغير «غوغل هانغاوات» وكان يرتجل ويغني الأغنية فيه، فشعرنا بأنها خسارة كبيرة ألا يستمع الجمهور للأغنية الجديدة، لذلك أخذنا مقطعاً منها وعرضناه على شاشة «مزيكا» و«يوتيوب»، وهذه الأغنية كانت مجرد تمهيد لألبوم هشام الجديد لفتح شهية الجمهور.

- ما الفرق بين برامج المواهب التي كانت تقدم قبل عشر سنوات مثل «ستوديو الفن» والتي تقدم أخيراً؟
لن يشعر المشاهد بأن هناك فرقاً كبيراً، لكن من يشعر بهذا الفرق هم الذين يعملون في صناعة الموسيقى. فالمشاهد سيشعر بأن البرامج الجديدة مثل the Voice أفضل بكثير من «ستوديو الفن» الذي أظهر نجوماً مثل راغب علامة ونوال الزغبي ووائل كفوري، لأن هذه البرامج كانت تبحث فقط عن الموهبة الحقيقية وترعاها بقيادة سيمون أسمر، أما برامج العصر الحديث فتعتمد على الإبهار المرئي وليس الهدف منها اكتشاف مطرب جديد يستمر على الساحة الفنية، فتعتمد على تقديم حلقات ممتعة للمشاهد تجلب الإعلانات لتحقّق مكاسب مادية، ولا يريد صناع تلك البرامج الخوض في صناعة النجم ورعايته فنياً، لأنهم يعرفون أنهم سيخسرون ما كسبوه منها بسبب قرصنة الإنترنت التي دمّرت صناعة الموسيقى.

- معنى ذلك أن البرامج خلال السنوات السابقة لم تظهر أصواتاً جيدة بالنسبة إليك.
لو نظرنا إلى مسارح هذه البرامج سنجد إبهاراً للعين من خلال تقنيات الصوت والصورة، ولم تُظهر أصواتاً حقيقية سوى المعدودين على أصابع اليد، مثل محمد عطية وأحمد جمال، لأننا اعتدنا في الفن على أنه من يجد صوته جميلاً يتّجه مباشرة إلى إحدى شركات الإنتاج بدلاً من تقديم نفسه في مسابقة للمواهب، لكن بسبب توقف شركات الإنتاج السنوات الماضية فيذهبون إلى هذه البرامج.

- ما رأيك في أحمد جمال ومحمد عطية؟
أحب أحمد جمال على المستويين الفني والشخصي، لكنه لم يقدم خلال سنتين سوى أغنية واحدة، وكذلك محمد عطية الذي حقق نجاحاً كبيراً قبل سنوات لكنه لم يقدم أي جديد منذ فترة طويلة رغم موهبته الفنية.

- كيف يمكن حل أزمة قرصنة الإنترنت التي تسببت في تدمير صناعة الموسيقى في مصر؟
استطعنا التقدم خطوات في حل هذه الأزمة قبل ثورة يناير، واستطعنا في نهاية هذه السنوات الحصول على قرار وزاري أضعه في جيبي الآن. وهذا القرار نابع من وزير الثقافة فاروق حسني السابق لضبط تحميل الأغنيات من الإنترنت، من خلال الرقابة على المصنفات الفنية بالتعاون والتنسيق مع المجلس الأعلى للثقافة، وبالتحديد في 17 حزيران (يونيو) 2011. وعقد آخر اجتماع لحل هذه المشكلة من خلال تطبيق هذا القرار، لكن بسبب الثورة لم تكتمل الأمور وأصبح القرار معطلاً.

- ما سبب تحمسك الشديد لهذا القرار؟
هذا القرار سيصلح الصناعة بنسبة 70 في المئة على الأقل، بعدما اختفى منها 95 في المئة من صنَّاعها. فعام 2004 كان عدد المنتجين 380 منتجاً فنياً وشركة إنتاج، وأصبحوا الآن لا يتعدون ستة منتجين فقط.

- استطعت الاستمرار في الإنتاج الموسيقي رغم كل الصعاب والأزمات التي واجهتها مثل قرصنة الإنترنت ومحاربة «روتانا» لك، كيف حققت ذلك؟
تتميّز شركة «مزيكا» عن غيرها من شركات إنتاج الموسيقى في كونها تملك أكبر مكتبة موسيقية في الوطن العربي، وفي الحقيقة هي تملك 80 في المئة من الموسيقى العربية. إذا أنتجت ألبوماً جديداً سأخسر الكثير مما صرفته عليه، أما عندما يشتري شخص ألبوماً لفايزة أحمد مثلاً، فذلك يدر دخلاً للشركة، وذلك ما يميزني عن أي شركة أخرى، وأعطاني القدرة على الصبر وتخطي أزمة صناعة الموسيقى في السنوات الماضية.

- هل ما زال هناك إقبال على ألبومات جيل عبد الحليم وفايزة أحمد ووردة؟
هناك أشخاص ما زالوا يقبلون على ألبومات عبد الحليم، وآخرون يقبلون على ألبومات عمرو دياب ومصطفى قمر وحميد الشاعري، فكل شخص له ذوقه في الأغنية.

- تعاونت مع أجيال مختلفة من فايزة أحمد ووردة حتى جيل الوسط والجيل الجديد أيضاً ما الفرق بينها؟
كانت سلبيات الجيل القديم مثل فايزة أحمد وميادة الحناوي قليلة جداً مقارنةً بجيل الوسط مثل عمرو دياب. ومنذ بداية التسعينات لم أحضر صالوناً فنياً واحداً، فكنت أذهب إلى منزل فايزة أحمد فأجد عندها الكاتب الكبير الراحل أنيس منصور وماهر أباظة ونبيل عصمت، كلهم كانوا يبدعون معها، فيظهر مزيج من الفن والثقافة في أي أغنية جديدة نقدمها للجمهور.
وكنت أستمتع كثيراً بالعمل مع هذا الجيل الذهبي وأكتسب صداقات رغم أن هناك فرقاً في العمر بيني وبين هؤلاء. أما الجيل الجديد فلم أشاهد فيه هذه الأمور، فلم يهتم مطرب جديد بدعوة صحافي كبير أثناء صناعته أغنية أو عمل فني، لأن لغة العصر أصبحت سريعة الإيقاع لكنها فقيرة مع الأسف، فقد كان حليم يقدم أغنية واحدة في السنة مثل «فاتت جنبنا»، ويعدّلها طوال السنة ويستعين بآراء هؤلاء المثقفين والمبدعين فيها أثناء بروفات الأغنية حتى تظهر بأجمل صورة.

- هل تتذكر كواليس أغنية معينة للجيل القديم؟
أتذكر أنني حضرت بروفات أغنية «من غير ليه» لمحمد عبد الوهاب وشاهدت مدى الإبداع الفني، واستمرت بروفاتها عشرة أشهر، وكان يستمع لكل موسيقي معه كيف سيقدم آلته الموسيقية في الأغنية، حتى يصل إلى الحالة التي يريدها أن تظهر للجمهور.

- هل يوجد فنان في جيل الشباب يهتم بتفاصيل أعماله الفنية؟
عمرو دياب كان يهتم بكل تفصيلة في عمله الفني، وشاهدت ذلك في تعاوني معه بين عامَي 1994 و2004. كان يسجل أغنيات معينة في الاستوديو لكن لا يطلقها لأنه لم يحبها أو يشعر بها في النهاية، وأحياناً كنا نغير في التوزيع الموسيقي لأغنية معينة أكثر من مئة مرة حتى نصل إلى الشكل النهائي الذي كنا نريده، لدرجة أنني كنت أشفق عليه بسبب اجتهاده في عمله. وسميرة سعيد أيضاً كانت تعمل مثل عمرو، لذلك كانت ألبوماتهما تستغرق وقتاً طويلاً في التحضير ويتّهم المنتج بتأخيرها.

- ما الذي يميز عمرو دياب ليبقيه متربعاً على قمة الغناء رغم ظهور أجيال جديدة؟
لأن الفن في دمه، فيمكنه ألا يأكل أو ينسى أسرته، لكن فنه أهم شيء في حياته، فهو يعمل 24 ساعة يومياً في الموسيقى ويركز جيداً في كل شيء يقدمه، وجهّز استوديو كاملاً في منزله. كما أنه بعد إطلاق ألبوم يعيش نجاحه مع جمهوره، وبعد مرور شهر كنت أجده يبدأ تحضير ألبوم جديد.

- هل تتمنى عودته إلى حضن «مزيكا» مرة أخرى؟
«مزيكا» شركة مصرية وعربية، وحضنها يتسع لكل مطرب في الوطن العربي.

- كيف استمرت العلاقة بينك وبين عمرو دياب حتى الآن رغم كل الأزمات التي حدثت بينكما بعد رحيله عن «مزيكا» وانضمامه إلى «روتانا»؟
أي خلافات وأزمات في الحياة الفنية تكون موقتة ويمكن أن تزول مع مرور الوقت، واللقاءات الاجتماعية بيننا في أي مناسبة تذيب الخلافات. كما أن النجاحات التي حقّقتها مع عمرو كفيلة بمحو أي مشكلة أو خلاف بيننا.

- ما سبب عدم وجود سميرة سعيد في «مزيكا» الآن؟
أعتبرها ملكة العصر، رغم أنها بمفردها ولها منطقة خاصة بها إنما صنعت لنفسها كرسياً خاصاً بشخصيتها وفنها. أحبها وأحترمها كثيراً حتى لو كانت خارج شركتي.

- ما هي علاقتك برامي صبري؟
هو فنان جيّد ولم يأخذ فرصته حتى الآن لكنه سيصل إليها قريباً، وأتمنى له النجاح.

- وما هي رسالتك لآمال ماهر؟
آمال ماهر ابنتي الجميلة صاحبة الصوت المغرّد وأنا متحيز لها جداً، وأعتبرها مكتملة شكلاً وصوتاً وأداءً واحتراماً.

- هل ما زالت علاقتك بتامر حسني الإنسانية مستمرة؟
تامر ابني المدلل وله حلم يريد تحقيقه، ويجب على من يقف بجانبه أن يساعده لتحقيق هذا الحلم لأنه طموح جداً.

- وهل توجّه لإيهاب توفيق كلمة معينة؟
أتمنى من الله أن يتخطى محنته الحالية بعد فقدانه والدته، وإيهاب صوت ذهبي وأحب احترامه نفسه، وهو لا يحتاج مني سوى أن أقول له «ربنا يقويك، وأنت دائماً ناجح».

- كلمتك الأخيرة لشيرين عبد الوهاب؟
رغم نجاح شيرين أرى أنها لم تأخذ مكانتها الحقيقية حتى الآن، وأرجو منها أن تزيد اهتمامها بصوتها وفنها أكثر من ملابسها وطلتها.

- ما سبب تفكيرك في لحظة معينة في اعتزال الإنتاج الموسيقي؟
لم اعتزل بالمعنى الحقيقي، إنما اريد إعطاء الفرصة للجيل الجديد للعمل وتقديم رؤيته وفكره.

- وما هي نصيحتك لابنك محمد جابر في تولي مسؤولية «مزيكا» خلال الفترة الحالية؟
أن يحافظ مع الشباب الجديد على تراث شركة «مزيكا» ومكتبتها الموسيقية الكبيرة، وإذا جاء وقت شعرت فيه بأنك لن تقدر على تحمل ذلك سلمّها للدولة.