بعد تراجع قيمة العملة الورقية اقتراح يثير جدلاً دينياً: مؤخر صداقك ذهب أو عقار!

قيمة العملة الورقية,ذهب,عقارات,علماء الدين,د. سعاد صالح,د. آمنة نصير,د. فايزة خاطر,د. أحمد عمر هاشم,د. صبري عبد الرؤوف,الشيخ هاشم إسلام

أحمد جمال (القاهرة) 03 يناير 2015

أمام تراجع قيمة العملة الورقية بمرور الزمن، خرجت بعض المنظمات النسائية أخيراً تطالب بتغيير «مؤخر صداق» الزوجة من مبلغ مالي إلى ما يماثل قيمته من ذهب أو عقارات، أو أي شيء عيني آخر لا يتأثر بمرور الزمن مثل العملة الورقية.
«لها» تسأل علماء الدين عن مدى جواز هذا الاقتراح من الناحية الدينية، وهل فيه إنصاف للمرأة؟

تؤكد الدكتورة سعاد صالح، العميدة السابقة لكلية الدراسات السابقة في جامعة الأزهر، أنه يجوز كتابة المؤخر في عقد الزواج بالعملة النقدية المتداولة، أو بما في قيمتها من ذهب أو عقار، أو أي شيء له قيمة مادية لا تتأثر بمرور الزمن، لأن تراجع قيمة العملة الورقية بسبب التضخم يعد ظلماً للمرأة على المدى الطويل، سواء عند طلاقها أو وفاة زوجها.
وتوضح أن الفقهاء اتفقوا على أن «مؤخر الصداق» دين في ذمة الزوج وحق من حقوق المرأة على زوجها، ويجب استيفاء ما فيه سواء كان بالعملة المتداولة أو بما تم الاتفاق عليه من الأشياء العينية التي تحفظ للمؤخر قيمته الشرائية، وليس في هذا مخالفة للشرع الذي يحرّم ضرر أحد الطرفين في أي تعاقد، فقد قال (صلى الله عليه وسلم): «لا ضرر ولا ضرار»
وأنهت الدكتورة سعاد كلامها، مؤكدة أن لا بد من احترام العرف السائد، طالما ليست فيه مخالفة للشرع، ولهذا قال الله تعالى: «خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ» آية 199سورة الأعراف، ويجب أن تتم هذه الأمور كلها بالتوافق لما فيه مصلحة الطرفين، ومن دون ظلم لأحدهما لمصلحة الآخر، فهذا هو العدل الذي يدعو إليه الإسلام، فقال الله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ» آية (90) سورة «النحل».

ذهب وعقار

تتفق معها في الرأي الدكتورة آمنة نصير، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية وعضو المجلس القومي للمرأة، فتؤكد أن «مؤخر الصداق» يعتبر ديناً في ذمة الزوج ويجب أداؤه، ويجوز تعجيل الصداق أو تأجيله بشكل كامل، كما يجوز تعجيل بعضه وتأجيل بعضه الآخر، وتستحق الزوجة على زوجها الصداق كاملاً، مقدمه ومؤخره، بدخوله بها أو خلوته بها خلوة صحيحة.
وأوضحت أنه يجوز شرعاً الاشتراط على الزوج أن يكون مؤخر الصداق ذهباً أو عقاراً، أو أي شيء آخر غير النقود التي تتناقص قيمتها بمرور الزمن، وفي هذه الحالة على الزوج شرعاً الوفاء بما تم الاتفاق عليه في العقد، لقول الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» آية 1 سورة المائدة، ومن لا يجد مانعاً شرعاً من كتابة ذلك في العقد فيجب عليه ديناً وعرفاً الوفاء به.
وأنهت الدكتورة آمنة كلامها مؤكدة أن الإسلام يرفض الظلم الذي وصفه الرسول بأنه «ظلمات يوم القيامة»، ووصل الأمر إلى أن الله حرّمه على نفسه، فقد جاء في الحديث القدسي: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا، يا عبادي، كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم». ولا شك أن في كتابة مبلغ مالي معين تتراجع قيمته بمرور الزمن ظلماً كبيراً للمرأة التي وافقت على المبلغ في حينه لأن له قيمة معتبرة. مثلاً ما مصير من تزوجت قبل 30 سنة وتم طلاقها أو توفي زوجها وكان مؤخر صداقها ألف جنيه أو أقل؟ فلا قيمة حقيقية لهذا المبلغ الآن بالعملة الشرائية للسوق.

الإباحة هي الأصل

ترى الدكتورة فايزة خاطر، رئيسة قسم العقيدة في كلية الدراسات الإسلامية في الزقازيق-جامعة الأزهر، أن قيمة العملات المالية الورقية تنخفض سنوياً، ويزداد التراجع بمرور الزمن، فيصبح المؤخر مبلغاً زهيداً جداً، بعدما كان كبيراً وقت كتابته. ومعلوم أن المؤخر يعتبر ديناً شرعاً على الزوج، وفي هذا التراجع غبن لحق المرأة إذا طلِّقت أو توفي زوجها.
وأوضحت لا مانع شرعاً من التوافق على أن يكون «مؤخر الصداق» بسبب انعدام قيمة العملة مقدراً بالذهب، كأن ينص على أن يكون المؤخر عدد غرامات من الذهب يوازي المبلغ المتفق عليه، أو تقدَّر قيمته بأي سلعة أخرى. ولهذا يجوز شرعاً كتابة المؤخر بما يعادله من الذهب أو الفضة أو غيرهما وقت كتابة المهر، لأن الأصل في الأمور الإباحة ما لم يرد نص شرعي بالتحليل أو التحريم، ولهذا قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «المسلمون عند شروطهم إلا شرطاً أحلَّ حراماً أو حرَّم حلالاً»، وفي الوقت نفسه لا حرج في كون «مؤخر الصداق» عملة نقدية لأن المسألة اختيارية.

وعن كيفية حل المشكلات التي تترتب على انخفاض قيمة «مؤخر الصداق»، تقول الدكتورة فايزة: «من حق المرأة المتضررة اللجوء إلى القضاء، باعتباره المنوط به إقامة العدل بين الناس ورفع الظلم عن المظلوم، ولهذا قال الله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا» آية 58 سورة النساء.

حلّ وسط

أما الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر، فيقترح طرح القضية على المجامع العلمية باعتبارها قضية خلافية مستحدثة، وهذا الحل يعد أمراً إلهياً في المسائل التي قد تثير المشكلات بالذهاب إلى المتخصصين الذين يبحثون عن حل عادل بعيداً عن ظلم طرف لمصلحة الآخر، فقال الله تعالى: «وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ» آية 43 سورة النحل.
وأشار إلى أنه يمكن الاشتراط في العقد أن المؤخر يحل في أجل معين، كأن يكون بعد سنة أو سنتين أو أقل من ذلك أو أكثر، وهنا يكون من الواجب شرعاً على الزوج أن يوفيه في الأجل المحدد له، فيكون كسائر الديون التي لا يجوز لصاحبها أن يماطل صاحب الحق إذا حل أجله، وكان قادراً على الوفاء. وهنا يكون قد تم تنفيذ قول الله تعالى في آية الدين: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيراً أَو كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» آية 282 سورة البقرة.
وأنهى هاشم كلامه مؤكداً أن في القضية فيها مقداراً من التيسير والاختيار بالاتفاق بين الزوجين، فإذا تم تأجيل جزء من المهر أو ما يطلق عليه «مؤخر الصداق» إلى سنوات معينة وعدم انتظار وقوع الطلاق أو الوفاة، كان هذا أسلم وأفضل حتى يبرئ الزوج ذمته من هذا الدين المسمى «مؤخر الصداق».

توافق

يشير الدكتور صبري عبد الرؤوف، أستاذ الفقه المقارن في كلية الدراسات الإسلامية-جامعة الأزهر، الى أن لا مانع شرعاً من كتابة مؤخر الصداق بأي شيء غير النقود، إذا توافق الزوجان على ذلك، وكان في هذا حفظ للحقوق ومنع ظلم المرأة التي نظر الإسلام إليها في الحقوق والواجبات الإنسانية، كالرجل تماماً: ولهذا قال الله تعالى: «فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ» آية 195 سورة آل عمران.
وأكد الدكتور عبد الرؤوف، أن الإسلام أوصى بالنساء خيراً، فحينما كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) على فراش الموت، أوصى ببنات حواء فقال: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِي جَارَهُ، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا».
وأنهى كلامه بدعوة الزوجات والأزواج الى أن يتقوا الله في بعضهم، وليعرف كل واحد منهما أن الآخر طريقه إلى الجنة، وبالتالي يجب ألا يظلم الزوج زوجته ويطمع بمؤخر الصداق أو يماطل في سداده، لأن هذا نوع من أكل أموال الناس بالباطل، لقول الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا» آية 29 سورة النساء.

اقتراح مرفوض

 يعارض الشيخ هاشم إسلام، عضو لجنة الفتوى في الأزهر، هذا الاقتراح، قائلاً: «على الزوج الالتزام بالمواصفات المعينة التي تم تحديدها مالياً في أصل العقد، ولا علاقة له إذا زادت قيمتها أو نقصت، طالما كانت العملة المتفق عليها موجودة فيجب عليه شرعاً أداء «مؤخر الصداق» منها، حتى لو نقصت قيمتها، أما إذا عدمت وانقطع التعامل بها فعليه أداؤها بقيمتها يوم انقطاع التعامل بها».
وعن كيفية حل المشكلات التي قد تترتب على تناقص قيمة «مؤخر الصداق» بمرور الزمن، يقول الشيخ هاشم: «لا حق للزوجة في التنازع طالما رضيت هي ووليها بذلك منذ بداية الزواج، ولهذا قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «إِنَّ أَحَقَّ الشَّرْطِ أَنْ يُوفَى بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ»».
أنهى كلامه مؤكداً أن مثل هذه الاقتراحات من شأنها تقويض بنيان الأسرة وإشعال المشكلات الأسرية، ولهذا يجب البعد عنها والاكتفاء بأن يكون الزوج ملزماً بما تم الاتفاق عليه، مهما مر عليه الزمن أو تراجعت قيمته.

صفقة تجارية

يوافقه في الاعتراض على مطلب الجمعيات النسائية الدكتور محمد عبد المنعم البري، الأستاذ في كلية الدعوة الإسلامية-جامعة الأزهر، فيشير إلى أن إثارة هذه القضايا تحول الحياة الزوجية إلى صفقة تجارية، يحاول كل طرف فيها تحقيق مصالحه على حساب الآخر، وهذا يتنافى مع الغاية النبيلة للزواج، الذي جعله الله آية من آياته حين قال: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً، إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» آية 21 سورة الروم.
وأوضح البري أن «أجدادنا منذ عهد النبوة حتى عصرنا الحديث تزوجوا بـ«مؤخر صداق» مالي، يتم تحديده والاتفاق عليه من دون اختلافات، بل كانت حالات الطلاق نادرة، أما الآن فقد تسبب تأثر المرأة بالمنظمات الدولية، التي تنظر إلى الزواج على أنه صفقة، في إثارة مثل هذه الاقتراحات التي يأثم من يدعمها، لأنها من قبيل البدعة في الدين، والتي قال عنها رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ»».

وأنهى البري كلامه قائلاً: «في كل الأحوال يجب على الزوج شرعاً مراعاة حق زوجته، خاصةً إذا كان يرى أنها في حاجة إليه، حتى ولو لم يحن أجله بعد، فمن الأفضل شرعاً دفعه لها من دون طلاق أو وفاة، ولهذا قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «خَيْرُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً»،«مَطْلُ الغنِيِّ ظُلم». وإذا كان للمؤخر أجل معلوم وحل الأجل على المرأة الصبر على زوجها إذا كان معسراً، وعليها أن تنتظره حتى يوسر لقول الله تعالى: «وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ» آية 280 سورة البقرة، وإذا لم يكن الزَّوج قادرًا على دفْعِه لفقره، فالأفضل لها أن تبادر بإسقاطه كنوع من مبادلة الإحسان بالإحسان، فقد قال الله تعالى: «هَلْ جَزَاءُ الْإحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ» آية 60 سورة الرحمن، وإذا تم الطلاق، يجب على الزوج أن يكون كريماً معها في مؤخر الطلاق، حسبةً لوجه الله القائل: «... وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» آية 237 سورة البقرة. وهذا يؤكد أن الإسلام يرفض الظلم للزوجة أو الزوج».