المحرَّرات الفلسطينيات بعضهن حصلن على الإنصاف السياسي والاجتماعي وأخريات منسيات

النساء المحررات,سجون الاحتلال الإسرائيلي,عائشة عبيد,د. مي كيلة,فريال سمعان,زينب حبش

امتياز المغربي (فلسطين) 24 يناير 2015

تواجه النساء المحررات من سجون الاحتلال الإسرائيلي في الفترة التي سبقت الانتفاضة الفلسطينية الأولى، اهتماماً متفاوتاً في المجالين السياسي والاجتماعي من الجهات المختصة الفلسطينية.

بعض الأسيرات المحرّرات عانين الإهمال حدّثتنا الأسيرة المحررة الحاجة عائشة عبيد (78 عاماً)، وهي لاجئة من بيت عطاب وتقيم في مخيم اللاجئين الدهيشة قضاء محافظة بيت لحم، والتحقت بصفوف الثورة الفلسطينية عام 1968، عن تلك الفترة قائلة: «عائلتي مشهورة بنضالها، وفقد أذن لي والدي بالعمل مع الثوار. وبعد فترة اقتادني الاحتلال الإسرائيلي إلى أحد سجون التحقيق ويطلق عليه «البصة»، حيث بقيت أربعة أيام جالسة على كرسي الحمام ورأسي مغطى بكيس أسود، وكنت أشعر بأن حشرات القمل بدأت تسير على جسدي. وبعد ذلك، نقلت إلى سجن «المسكوبية» وهناك مورس في حقي أسوأ أنواع التعذيب، لكنني لم أعترف بشيء. وبعد شهرين نقلوني إلى سجن آخر في نابلس وبقيت فيه سنة، وبعدها عرضوا علي النفي خارج فلسطين ولكنني رفضت، وبعد فترة أفرج عني».

وعن مدى اهتمام السلطة الفلسطينية والمجتمع بالأسيرات المحررات قالت: «لم أحصل على حقوقي بعد خروجي من الأسر ولم أحصل على أي راتب خلال عملي مع الثوار، وراتبي الآن هو 500 دولار. كما أنني لم أحصل على تأمين صحي وعاملوني كجريحة حرب وأنا لست كذلك، حتى أني لم أحصل على هوية عسكرية رغم أنني استحقها. أمضيت 45 عاماً من عمري في النضال، ورغم كل هذا إن استطعت أن أقدم شيئاً الآن لوطني سأقدمه مجدداً دون تردد». وتضيف: «أتحسر عندما أتذكر ما كنت عليه وكيف أصبحت وحيدة أبكي على حالي».

سفيرة فلسطين في ايطاليا د. مي كيلة (58 عاماً) من قرية بيرزيت قضاء رام الله، حدثتنا في البداية عن اليوم الأول لاعتقالها فقالت: «في الليلة الاولى ضربني خلال التحقيق أحد جنود الاحتلال على وجهي وأنا أقف على رجل واحدة، فأغمي علي وسقطت وبدأ الجنود ركلي، وهدّدوني بأنهم سيفعلون أموراً سيّئة بعائلتي. لكنني لم أعترف وعندما نقلت إلى سجن «المسكوبية» مورست عليّ وعلى زميلاتي وزملائي في الأسر أسوأ أنواع التعذيب، ثم نقلت إلى سجن «كيشيون» وهناك كان عذاب أكبر في انتظاري».

تؤكد كيلة أن الجهات المسؤولة لم تقصر تجاه الأسيرات المحررات: «لم تبخل القيادة السياسية على أسير في التوظيف، ولكن قد يكون هناك خطأ من جانب بعض الأسيرات المحررات في عملية بحثهن ومراجعتهن في شأن حقوقهن سواء الأكاديمية أو الوظيفية».

أما الأسيرة المحررة فريال سمعان (65 عاماً) من قرية الطيبة قضاء رام الله فقالت: «أدى انفجار قنبلة كان يعدها زميلنا ونحن برفقته إلى استشهاده وإصابة زملائي وزميلاتي الأخريات والى فقداني عيني اليسرى وكسر أنفي وأسناني الأمامية. وعندما استيقظت في المستشفى، كنت مقيّدة بالسرير وجنود الاحتلال حولي، فأدركت أنني اعتقلت. وفي ما بعد، نفيت إلى الخارج وبعد سنوات عقدت صفقة تبادل أسرى وعدت إلى فلسطين». وأضافت: «قدمت أوراقي إلى الجهات المسؤولة عن صرف مخصصات للأسرى، وصرف لي مخصص شهري مقداره 100 دينار أردني، لكنني فوجئت بعد ثلاث سنوات بأنهم طالبوني بإعادة المخصصات المالية، موضحين أن سبب ذلك هو أنني أعمل في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية».

وروت الأسيرة المحررة زينب حبش (71 عاماً)، وهي لاجئة من قرية بيت دجن وتقيم في رام الله، عن يوم اعتقالها: «في الأسبوع الأول من عام 1967 دق شرطي بابنا وأخبرني أنني مطلوبة، وكنت أول امرأة تدخل السجن من مدينة نابلس. ومثلت أمام المحكمة الإسرائيلية وحكم علي بعامين ونصف العام مع وقف التنفيذ ودفع غرامة مالية، فدفعت الغرامة وعدت إلى بيت أهلي». وتضيف: «بعد خروجي من الأسر، وقفت عائلتي بجانبي وأكملت تعليمي وأصدرت دواوين شعرية ونمّيت موهبتي في الفن التشكيلي ورسمت لوحات تعبر عن حال وطني».

حقوق

صرّح رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الوزير عيسى قراقع أن هناك متابعة للأسيرات بعد خروجهن من الأسر قائلاً: «للأسيرات حقوق ومنهن من انتخبن في المجلس التشريعي الفلسطيني وبعضهن يعملن في وزارات السلطة وفي الأجهزة الأمنية الفلسطينية إضافة إلى مؤسسات أخرى، وبالتالي الأسيرة هي جزء من المجتمع وأعطيت وضعاً خاصاً ومميزاً كونها مناضلة وتحتاج إلى اهتمام أكبر من سواها».

وأكد أنه يدعو دائماً إلى إنصاف الأسيرات في العمل والمجتمع، ودعا إلى مشاركة كل المؤسسات في هذا الجهد. وقال: «نحن في هيئة شؤون الأسرى أعطينا الأسيرات خصوصية، إضافة إلى الاهتمام بهن داخل سجون الاحتلال. وكل مؤسسات السلطة يجب أن تتحمل واجباً تجاه الأسيرات وليس فقط هيئة شؤون الأسرى، بل الشؤون الاجتماعية ووزارة الصحة وسواهما».