بسبب الثقة بقوانين الحماية وتعزُّز الوعي: توقع زيادة في تسجيل أرقام ومعدلات العنف على الأطفال في السعودية

نظام حماية الطفل,السعودية,حقوق الطفل,حقوق الطفل / الأطفال

ميس حمّاد (جدة) 19 يناير 2015

يرمي نظام حماية الطفل من الإيذاء في السعودية إلى مواجهة الإيذاء بكل صوره، وتأكيد حقوق الطفل التي أقرها الدين الإسلامي، والأنظمة، والاتفاقات الدولية.

وبين المشكلة والظاهرة يكمن الحدث، فالقصص تتصدر عناوين الصحف والمجلات والقنوات التلفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي، ومع ذلك تغيب النسب الدقيقة والإحصاءات الرسمية عن مدى انتشارها، والواقع يحكي عن ضحايا يعانون كل يوم من أذى جسدي ولفظي، ويُظهر قلوباً خلت من مشاعر الحنان والأمان.

 المعاهدات الدولية التي تعهدت السعودية تطبيقها، كما نص نظام حماية الطفل، تعتبر عدداً من الأفعال بمثابة إيذاء، أو إهمال بحق الطفل، ومن بينها إبقاؤه دون سند عائلي، وعدم استخراج وثائقه الثبوتية أو حجبها عنه أو عدم المحافظة عليها، وعدم استكمال اللقاحات الواجبة، والتسبب بانقطاع تعليمه، وسوء معاملته. وعلى الرغم من بذل الجهود الفردية لناشطين، وجهات  حكومية وخاصة، للحد منها، فإن العنف وحالاته  في ازديادٍ مستمر مما يؤكد أنه بات مشكلة لا بد من إيجاد الحل الأنسب للتصدي لها. "لها" تحدثت مع أصحاب الاختصاص حول أهمية هذه الدور في السعودية، وعملها على خفض معدلات العنف.

الحميد: النظام كفل للطفل المتعرض للإيذاء حق الرعاية البديلة

وجه وزير الشؤون الاجتماعية سليمان بن سعد الحميّد بإنشاء أربع دور إيوائية لحماية الأطفال الذين يتعرضون للإيذاء، أو الإهمال، أو سوء المعاملة. يقول :"نعمل على تأمين متطلبات هذه الدور، بالتنسيق مع وزارة المال، لاعتماد تكاليف إنشائها وفق الموافقة السامية، وسيتم بناؤها، مراعاة للكثافة السكانية، مثل العاصمة الرياض، ومدينة مكة، وجدة، و الدمام، والإحساء. ونحن نعمل حالياً على إعداد اللائحة التنفيذية لنظام حماية الطفل الذي أقره مجلس الوزراء مؤخراً".

ولفت  إلى أن النظام "كفل للطفل الذي لا تتوافر له بيئة أسرية مناسبة، وقد يتعرض فيها للإيذاء أو الإهمال، حق الرعاية البديلة، من خلال الأسر الحاضنة التي تتولى كفالته ورعايته، أو لدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية الحكومية أو الأهلية أو الخيرية، إذا لم تتوافر أسرة حاضنة تكفله. كما أن النظام يلزم كل من يطلع على حالة إيذاء أو إهمال، إبلاغ الجهات المختصة بها فوراً، وفقاً للإجراءات التي ستحددها لائحته التنفيذية".

الثبيتي: هي دور خاصة بالأطفال المعنّفين دون سن 18 سنة

 ومن جانبه، ذكر المدير العام للعلاقات العامة والإعلام الاجتماعي، والناطق الرسمي باسم وزارة الشؤون الاجتماعية خالد بن دخيل الله الثبيتي أن هذه الدور "ستكون خاصة فقط بالأطفال دون سن 18 سنة، وتستقبل الحالات التي يقع عليها عنف أسري، سواء من آباء أو أمهات،أو أقرباء، أو حتى من الخادمات أو السائقين، وغيرهم". ورأى أن التوجه بإنشاء هذه الدور إن دلّ على شيء فهو يدل "على ارتفاع معدل العنف في السعودية، خاصة تجاه الأطفال، وإلا لما اقتضت الحاجة وجود هذه الدور (...). وإن سارت الأمور بشكل طبيعي مع وزارة المال، قد يصل عدد الدور مستقبلاً إلى ست أو سبع دور إيواء خاصة بالأطفال".

وعن آلية العمل في هذه الدور قال الثبيتي: "من المؤكد أن هناك حالات ستصل إلى الدور مباشرة، وأخرى عن طريق الجهات الأمنية، وحالات أخرى عن طريق الجمعيات الخيرية، إضافة إلى وجود أرقام مجانية وهواتف مباشرة، لنتمكن من الوصول إلى أي طفل يتعرض لعنف".

مها المنيف:  الإحصاءات لا تمثل 10 في المئة من حالات العنف الواقعية في المنازل

 قالت المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء، والمستشارة غير المتفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل، الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط الدكتورة مها المنيف، إن هناك دراسة كشفتها منظمة الصحة العالمية  تفيد بأن "العنف ظاهرة عالمية مؤرقة، وسلوك بشري مؤلم، على امتداد التاريخ،  وقد شملت أكثر من 48 بلداً تأرجح فيها العنف بين 10  و 70 في المئة، يقل أو يزداد بحسب فعالية التصدي لأسبابه، مما يشي بأن وجوده في مجتمعاتنا لا يعد نقيصة ذميمة، كما أنه ليس شأناً عائلياً يحتمي خلف جدران الصلب والازدراء، إنما قضية مجتمعية تستحق أن تفرد لها الدراسات العلمية والميدانية مساحات مقدرة".

وأضافت :"أشارت الدراسات الاجتماعية إلى أن ضعف القوانين الرادعة، وغياب الأجهزة الرقابية، واستفحال ثقافة الضرب كوسيلة تربوية، وتفكك العلاقات العائلية، لها دور كبير في استشراء الظاهرة التي أقلقت كثيراً من المجتمعات، فضلا عن مشكلات مجتمعية مساعدة منها، البطالة، والفقر، والمخدرات، والعوز الاقتصادي وغيرها، مما يتطلب تقديم الخدمات المناسبة الصحية والاجتماعية والأمنية والقانونية. فصدور نظام الحماية من الإيذاء في العام 2013 كان بمثابة العلامة البارزة، ونقطة التحول الكبرى في عمل المؤسسات الرسمية".

وحول زيادة العنف في السعودية  قالت المنيف:"في السعودية، ومع ازدياد الوعي، وخاصة الوعي الحقوقي، ومع وجود أنظمة تحمي المستضعفين من الأسرة، مثل نظام الحماية من الإيذاء، ونظام حماية الطفل، وتحسن الخدمات الملحوظ في السنوات الأخيرة، نتوقع أن تزداد حالات العنف المسجلة في المؤسسات الحكومية، بسبب ثقة الناس بالقوانين، وسيثقون بالخدمات المقدمة، وبالتالي سيتأثر وعيهم الحقوقي، ليخرجوا من خلف الأسوار والبيوت التي تغلق على نفسها خاصة في قضايا العنف، إلى التبليغ عنها. وبالتالي تلك الزيادة ستصل بنا إلى تحسن واضح في تطبيق القوانين بانضباط، لنصل إلى انخفاض في معدلات العنف. لكن في الوقت الحالي، أرى أنه سيكون هناك ارتفاع في أرقام العنف في السعودية".

وبيّنت أن "الإحصاءات التي تأتي من المؤسسات الحكومية لا تمثل 10 في المئة من حالات العنف الواقعية الموجودة في المنازل، والسبب أنهم يقومون بتسجيل الحالات التي يتم تلقيها عن طريق الشرطة، أو الشؤون الاجتماعية فقط، وليس كل الحالات يتم التبليغ عنها".