الملك سلمان المؤرخ الذي عاصر دهاليز «القرار السياسي» طيلة 60 عاماً

الملك سلمان بن عبدالعزيز,المملكة العربية السعودية

07 فبراير 2015

عاصر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الملوك الستة للمملكة العربية السعودية، ابتداء من عهد مؤسسها الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله، وحتى وصوله إلى سدة الحكم ليكون الملك السابع للسعودية. وقد جعله ذلك أكثر دراية وخبرة بمفاصل الحكم وكيفية إدارة البلاد، على مدار 60 عاماً شهد عن كثب كيفية صناعة القرار السياسي في  البلاد.

إسناد العديد من المهمات الداخلية والخارجية للملك سلمان في عهد إخوته الملوك السابقين، رسم صورة في الداخل والخارج عن شخصيته القيادية، التي عرفت بحبها للتاريخ، والإطلاع على كافة الثقافات والحضارات القديمة، إذ أخذ على عاتقه الحفاظ على هوية الجزيرة العربية وتوثيق تاريخها في مرحلة مضطربة كانت تشهد الكثير من النزاعات القبلية، وسوء الأحوال بحسب ما يؤكده المراقبون للشأن العربي والسعودي خصوصاً. تبرز سمات كثيرة وخصال عدة من جوانب شخصية الملك سلمان، خصوصاً في ما يتعلّق بالمناقشات الثقافية مع الرموز الأدبية والفكرية في المجتمع، وقد قدّم الملك سلمان قبل أكثر من عامين في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة محاضرة عن «منهج الاعتدال السعودي».
 

يقول المشرف العام على كرسي الأمير خالد الفيصل لتأصيل منهج الاعتدال السعودي والملحق الثقافي السعودي في إسبانيا الدكتور سعيد بن مسفر المالكي إن الجوانب الفكرية والسمات الشخصية البارزة للملك سلمان، أظهرت عدم تردده وقبوله بالآراء الأخرى، واهتمامه بطلاب الجامعات ومناقشتهم على رغم وجود أكاديميين ومثقفين وأدباء ورموز ثقافية. 

وتتجلّى جوانب عدة من اهتمامات الملك سلمان بن عبدالعزيز، كان الشق الأبرز فيها التواصل مع النخب الإجتماعية والسياسية وكذلك الاقتصادية في السعودية، ومعرفة أحوالهم، إضافة إلى اهتمامه بـ«السياحة والآثار»، إذ حرص على حضور فعاليات المنطقة التاريخية بجدة خلال رمضان الماضي، في زيارة وصفتها الهيئة العامة للسياحة والآثار في منطقة مكة المكرمة، بـ «غير العادية».
 

ويؤكد المدير العام للهيئة العامة للسياحة والآثار في منطقة مكة المكرمة محمد العمري أن زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز للمنطقة التاريخية خلال فترة تولّيه ولاية العهد، كانت غير عادية، نظراً إلى بساطة حضوره المجرد للمرة الأولى من كل أشكال «البروتوكول» الخاص بالمناسبات الرسمية، وكانت تحمل الكثير من الأريحية وكأنه يدخل إلى منزله، إضافة إلى اهتمامه بالمواطنين والمقيمين وكأنهم من المقربين.
 

وقال: «كان الملك سلمان يسير على قدميه في أزقة جدة التاريخية بطريقة غير مخطط لها، يديرها بطريقته البسيطة في التعامل مع الآخرين، ووجدناه يتوقف عند بائع البليلة وبائع الحلويات ويتحدث معهم، وعند وصوله إلى أول ساحة من الساحات بجوار مقعد البهلولي كان هنالك مركاز لم يخطط لجلوس الملك سلمان عليه وإنما كان موجوداً للعامة، فجلس عليه والتفّ حوله أهالي جدة من العمد والكبار في السن وبدأ في الحديث معهم، وكانت المفاجأة أنه كان يسأل عن أسر كثيرة في جدة، ويسأل عن أشخاص معينين».
 

وبيّن أن مرافقي الملك تفاجأوا تلك الليلة بالكم الهائل من المعلومات التي يمتلكها الملك سلمان عن جدة وشوارعها وتاريخها، والتي يمكن أن تكون أكثر مما يمكن أن يعرفه أهالي جدة أنفسهم أو الجهات الحكومية المطورة لجدة التاريخية، إذ كشف عن معرفة عميقة بطرق بناء المنازل في المنطقة والأحجار التي كانت تستخدم في البناء والتي تستخرج من البحر.
 

وأشار العمري إلى مسجد الشافعي، الذي استوقف الملك سلمان خلال الزيارة، وبدأ بالحديث عن تاريخ هذا المسجد، وقام بالدعاء للملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله بسبب اهتمامه بترميم هذا المسجد الذي يعتبر أقدم مسجد في مدينة جدة، كما استوقفته مجموعة من الأطفال يقلّدون طريقة حفظ القرآن الكريم في الكتاتيب قديماً، ويرددون بعض المصطلحات الحجازية، ليقف وسطهم ويشاركهم فرحتهم، فما كان من الأطفال إلا أن اقتربوا منه والتفوا حوله كما يلتف الأطفال حول والدهم.

جدة – معاذ العمري


«الملك سلمان» رجل الدولة و«التاريخ» و«الإعلام»..

رغم المشاغل المتعددة التي كانت تنطوي عليها مهام الملك سلمان بن عبدالعزيز مذ كان أميراً للعاصمة السعودية الرياض، إلا أن العارفين والمقربين منه، يبدون دائماً إعجابهم وانبهارهم بالقدرات والدقة الكبيرة التي يتميز بها.

إن تعدد اهتماماته أمرٌ مثير للمتتبعين فالملك المُلمّ بالتاريخ والأنساب، يُعتبر قارئاً نهماً، ومتابعاً لكل صغيرة وكبيرة في وسائل الإعلام بشتى أنواعه، ولعل الجميع يتذكرون ردوده على عدد من الكتاب في الصحف السعودية، واهتمامه الدائم بتصحيح المفاهيم الخاطئة لدى الباحثين.

دقة الملك سلمان تصل إلى حد الصرامة المتناهية خصوصاً في مواعيده الرسمية، واستقباله للمواطنين والمراجعين، ولعل ذلك ما حدا بملوك البلاد لجعله أمين سرٍ للعائلة الحاكمة ورئيساً لمجلسها، ومستشاراً خاصاً لهم.

يعتبر الملك سلمان المولود في الرياض عام 1935م، الابن الخامس والعشرين من أبناء المؤسس الملك عبدالعزيز، كان خلال عقود من الزمن قريباً من جميع الملوك الذين تعاقبوا على حكم البلاد، ولعل قربه من والده المغفور  له جعله يحظى بميزات عدة من أبرزها الحكمة والفراسة، وكيفية التعامل مع الأحداث والملمّات.

خمسة عقود من الزمن كان الملك فيها حاكماً لقلب الدولة النابض ولعاصمتها، كان فارسها الأول وقد حظي خلالها بشعبية جارفة لدى أهاليها فهو العارف بهم وبطباعهم، رغم تعدد أطيافهم، يعاملهم كلٌ حسب عاداته، جامعاً بين الحزم واللين، ومن دون تساهل أو شدة مفرطة، منذ العام 1963م صدر أمرٌ ملكي بعودته أميراً للرياض بعد أن استقال منها عام 1960م. ما يقارب الخمسين عاماً ستبقى الرياض شاهدة لأميرها الملك بعدد من المنجزات، حتى صدر أمرٌ ملكي في تشرين الثاني/نوفمبر 2011م بتعيينه وزيراً للدفاع خلفاً لشقيقه الراحل الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وبعد وفاة الأمير نايف بن عبدالعزيز في حزيران/يونيو 2012م، تم تعيينه ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للدفاع. بالإضافة إلى المهام والأعمال الرسمية المنوطة بالملك السعودي إلا أنه لم يغب يوماً عن المشهد الإنساني من خلال ترؤسه للعديد من الجمعيات الخيرية، وإشرافه المباشر على هيئات عدة تُعنى بالأعمال التطوعية والإنسانية. وكان الشباب حاضراً في ذاكرة الملك على مدى عقود من الزمن من خلال إنشاء مركز الأمير سلمان للشباب وجعله تحت اشرافه المباشر.

الرياض – هليل البقمي


ولي العهد الأمير مقرن بن عبدالعزيز أمير «الفضاء» والمهتم بـ «الحكومة الإلكترونية»

أكثر من عشرين عاماً من التحليق في الفضاء قائداً لأحد أسراب الطيران في سلاح الجو السعودي، وأعوام من التأهيل في دول عدة، ألهمت الأمير الطيار الشمولية والنظرة الثاقبة وتفحص الأمور من أعلى.

الأمير مقرن بن عبدالعزيز الابن الخامس والثلاثون من أبناء المؤسس الملك عبدالعزيز والمولود في الرياض 1945م، نشأ شغوفاً بالعلم محباً للتحليق في فضاءاته الشاسعة، ما دعاه إلى الالتحاق بدورات عدّة في مجال الطيران حتى حصوله على ما يعادل الماجستير من الولايات المتحدة الأميركية في هذا المجال.

عشرون عاماً قضاها الأمير مقرن في شمال البلاد أميراً لمنطقة حائل منذ العام 1980م، كان خلالها قريباً من الجميع متلمساً لاحتياجاتهم، وحظي بمكانة كبيرة في نفوس أهالي الكرم الشمالي العريق.

انتقل بعدها في العام 2000م إلى مدينة الرسول الكريم خلفاً لشقيقه الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز، واستمر على النهج ذاته قريباً من الكل، بمجلس مفتوح للجميع، وصديقاً قريباً من أهالي مدينة المصطفى، حُكي عنه خلال فترات الإمارة للمنطقتين أنه دائماً ما يفاجىء أهاليهما بزيارة خاطفة في أسواقهم وفي قطاعات الدولة عامة، ليعلموا بعدها أن هدفه الوقوف على جودة ونوعية الخدمات المقدمة لهم.

ثمانية أعوام قضاها الأمير مقرن رئيساً للاستخبارات بدأت في العام 2005م، قبل أن يصدر أمر ملكي بتعيينه مستشاراً ومبعوثاً خاصاً للملك الراحل في 2012م، ثم ولياً لولي العهد ونائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء بالإضافة إلى مهامه الأخرى.

لم تقف هذه المهام الجسام عائقاً أمام الأمير المحلق في الفضاء، فأولى العلم والأبحاث والصحة والتقنية أهمية كبيرة فأنشأ كرسياً لتقنية المعلومات في جامعة الملك سعود، وترأس مجلس إدارة الجمعية العلمية السعودية للمعلوماتية الصحية المعنية بتحول القطاع الصحي إلى الصحة الإلكترونية.


الأمير محمد بن نايف «السياسي المحنك» رجل الأمن والمناصحة.. ومحارب الإرهاب

ولي ولي العهد وزير الداخليّة الأمير محمد بن نايف هو الابن الثاني بين أبناء الأمير نايف بن عبدالعزيز. حاصل على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية من الولايات المتحدة الأميركية عام 1981م، وأنجز العديد من الدورات المتخصصة في مكافحة الإرهاب. تم تعيينه في العام 1999م مساعداً لوزير الداخلية للشؤون الأمنية، حتى صدر أمرٌ ملكي بتعيينه وزيراً للداخلية في تشرين الثاني/نوفمبر 2012م.

تولى الأمير محمد بن نايف العديد من اللجان والمهام المفصلية في الدولة، ولعلّ من أبرزها لجنة المناصحة التي أنشئ لها مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة الذي لقي أصداء كبيرة على المستوى الدولي، وأضحى مرجعاً في قضايا الإرهاب والجماعات المتطرفة، إضافة إلى عضويته في المجلس الأعلى للإعلام في السعودية.

نهل الأمير محمد بن نايف له من مناهل أمير الحكمة والأمن الأول الأمير نايف بن عبدالعزيز المتوفى 2012م، فكان قريباً منه والداً ومعلماً، اكتسب منه التعامل مع القضايا الأمنية بحكمة وترو، واحتواء أبناء الوطن بكل عطف ورحمة.

برغم تعرّضه لأكثر من محاولة اغتيال إلا أنّه لم يغيّر مساره واستمرّ في حربه ضدّ الإرهاب والفكر المتطرّف واضعاً نصب عينيه مصلحة الوطن وأبنائه في المقام الأول.

الرياض – هليل البقمي