سخر من أنوثتها فقتلته

مصطفى السبكي,حسن حسني,الجثة,القتيل,مشاجرة

القاهرة - نسرين محمد 22 فبراير 2015

مشهد سينمائي كتبه المؤلف مصطفى السبكي في فيلم «كلم ماما»، يأتي في إطار كوميدي على لسان أحد أبطال العمل الفنان القدير حسن حسني، وهو يوجه كلامه للنجمة عبلة كامل قائلاً: «وهي فين الأنثى دي»، فجأة يتحول إلى واقع مرير ينهي حياة سائق، عندما استدعى المشهد في مشاجرة جمعت بينه وبين السيدة التي يعمل لديها، ليثير غضبها وتمسك برأسه بيد وباليد الأخرى سكيناً تنهي بها حياته.

شخص ملفوف داخل بطانية يوضع على أحد الأرصفة المجاورة لكورنيش النيل بمنطقة الساحل في شمال القاهرة، مشهد قد لا يثير اهتمام المارة عندما يظنون أن البطانية بداخلها متسول تلحف بها للإحتماء من برد الشتاء القارس، لكن آثار دماء تسيل من أحد أطرافها كانت كفيلة بإثارة الرعب في كل من شاهد هذا المنظر. على بعد خطوات من المشهد الأول كان الأهالي يتوافدون على نقطة شرطة المرسى، للإبلاغ عن وجود جثة ملقاة على كورنيش النيل، ليبدأ أفراد الشرطة الموجودين بداخلها في إرسال الإشارات عبر أجهزة اللاسلكي، لاستدعاء رجال المباحث لفحص البلاغ وكشف ملابسات الجريمة التي بدت غامضة. لحظات وبدأ المشهد الثالث، حيث توافد على المكان عدد كبير من رجال الشرطة لاستبيان الأمر، حيث وجدت جثة لرجل داخل بطانيتين، وبرقبته آثار لجرح ذبحي من الجهة اليسرى، في الوقت الذي عثر بحوزته على هاتف محمول قاد رجال المباحث إلى الكشف عن هويته.

القتيل 

س.ع.ب، 42 سنة، سائق مقيم في منطقة شبرا، كانت تلك البيانات التي حصل عليها رجال الشرطة عن صاحب الجثة، والتي كشفت المعاينة أنه نقل إلى مكان العثور عليه عقب ارتكاب الجريمة في مكان آخر، من دون أن ينجحوا في تحديد هذا المكان. فريق بحث من رجال المباحث أسندت إليه مهمة كشف الجاني ودوافعه، ليبدأ في جمع التحريات عن الضحية وعلاقاته، وعما إذا كان معروفاً عنه سوء السلوك لدرجة قد تدفع أحداً لارتكاب الجريمة بدافع الانتقام منه.

علاقات طيبة

 صحيفة جنائية بيضاء خالية من أي اتهامات وضعت رجال الشرطة في حيرة من أمر هذا الرجل، الذي عثر على جثته مذبوحاً، فالرجل مسالم تربطه بالجميع علاقات طيبة، يعمل سائقاً لدى إحدى السيدات منذ عشر سنوات أو أكثر، من دون أن تحدث بينهما أي مشكلة طيلة هذه الفترة، الأمر الذي أكد حسن سمعته وعلاقاته الطيبة بالجميع. كان هاتفه الوسيلة الوحيدة التي ساعدتهم، حيث أكدت المعلومات الواردة من شركة الاتصالات أنه كان موجوداً في منطقة تقع على مقربة من منزل السيدة التي يعمل لديها، علاوة على أن آخر اتصال أجراه كان لها.

خيط الحقيقة

بات مؤكداً لرجال المباحث أن حل اللغز يكمن لدى السيدة التي كان يعمل لديها القتيل، فأرسلوا يسألون عن معلوماتها حول الحادث، ليأتي إنكارها برؤيتها له أو اتصاله بها مثيراً للدهشة، ومؤكداً أنها متورطة في الأمر، من دون أن ينتبهوا إلى أنها الفاعل الرئيسي للجريمة. فخ نصبه رجال المباحث لـ«أم حماصة»، كما كانت تشتهر، عندما أوهموها بتصديق ما قالت خصوصاً عندما تظاهرت بصدمتها لمعرفة الخبر وتركوها ترحل، إلا أنها لم تمكث خمس دقائق من وصولها إلى منزلها حتى كانوا يتبعونها بحثاً عن الحقيقة.

لحظة الاقتحام

اقتحم رجال الشرطة منزل السيدة بعد أن استأذنوا النيابة في ذلك، فكانت المفاجأة التي كشفت تورطها في الجريمة بلا جدال، وأنها على علم بمرتكبها.  لم يكن أحد من رجال المباحث يتخيل وهم يضيقون الخناق على المرأة، بعد أن عثروا على آثار دماء للقتيل على أحد مقاعد منزلها، أنها هي من قامت بذبحه، لتأتي اعترافاتها مثيرة أدهشت الجميع غير مصدقين ما تروي.

شكوك خاطئة

كانت الشكوك في البداية تحوم حول زوج السيدة أو ابنها، فربما يكون أحدهما قد شك في علاقتها بالقتيل وارتكب الجريمة بدافع الغيرة، لتأتي كلماتها مؤكدة أنها هي من قتلت الضحية بل ذبحته انتقاماً منه على سخريته منها، ليتم وضع «الكلبشات» في يدها وترحيلها للنيابة بصحبة سكين ملطخ بالدماء عثر عليه داخل منزلها.

اعترافات صادمة

قالت المتهمة إن القتيل يعمل لديها منذ أكثر من عشر سنوات، وتربطها به علاقة طيبة، وفي يوم الحادث مر عليها بمنزلها كعادته في نهاية كل أسبوع ليحصل على أجرة عمله، ودائماً كانت تختلف معه على الحساب، حيث يحصل على نسبة من إجمالي الإيرادات، إلا أنه في هذا اليوم صمم على أخذ أكثر مما يستحق، وهددها بترك العمل لديها إذا لم تدفع ما طلب، فما كان منها إلا أن رضخت لمطلبه، حيث إن من الصعب أن تعوضه بآخر، نظراً لأمانته، لكنها قالت له إن كلمته لن تمشي في المرات القادمة.
«لن أكون امرأة إذا نفذت كلامك المرة القادمة»، عبارة وجهتها المتهمة للمجني عليه، لتؤكد له أنها لن ترضخ لطلباته المرة القادمة، فإذا به يسألها: «وهي فين الأنثى» بسخرية طعنت أنوثتها وأثارت غضبها، خصوصاً مع استمراره في السخرية منها، وهو يذكر لها أن زوجها قد يكون فيه أنوثة أكثر منها، لكن هي لا أمل فيها، لتكون كلماته مثل السكين الذي يقطع في جسدها. ذكرت المتهمة أنها لم تشعر بنفسها وهي تمسك بسكين موضوعة على منضدة أمامها، كانت قد أحضرتها منذ لحظات للمجني عليه ليقشر برتقالة قدمتها له، واليد الأخرى تمسك بشعره لتثني رقبته أسفل يدها وتذبحه مثل الدجاج الذي تقوم بتربيته أعلى سطح منزلها.
صدمة أصابت رجال الشرطة والنيابة من اعترافات أم حماصة، فلم يتخيل أحد أن الطعن في أنوثتها هو الدافع وراء ارتكاب جريمتها البشعة.

التخلص من الجثة

توالت الاعترافات الصادمة للمتهمة، قالت إنها روت لزوجها م.أ، 53 سنة، ونجلها محمد، 25 سنة، تفاصيل جريمتها، فأشارا عليها أن يتخلصا من الجثة بلفها في بطانية وإلقائها ليلاً في النيل، ونظرا لأن الدماء كانت تتساقط منها وضعوها في بطانية أخرى، وقبل إلقائها في المياه شاهدوا سيارة شرطة فتركوها وفروا هاربين، ليصدر قرار بضبط وإحضار الزوج والابن ليلقيا نفس مصير المتهمة، التي أضاعت عائلتها بسبب السخرية من أنوثتها.