ولو بكلمة

«السؤال: اختر ثلاث نقاط ضمن حقوق الإنسان أساسية لقيام مجتمع منظّم». طلبتُ من ابني أن يكتب الإجابة وحده كما اعتاد أن يفعل لنقرأها معاً لاحقاً. تقهرني حقيقة أنه لا يحبّ الكتابة بالعربية، وأنّه يتعذب وهو يخطّ السطور الثمانية المطلوبة منه. بين بنود اللائحة التي كتبها مع زملائه في الصف (الخامس الابتدائي) اختار أن يضيء على ثلاثة: «الحقّ في العيش بحريّة وأمان... الحق في العيش الكريم والتأمين الصحيّ اللائق... الحقّ في العمل والحصول على الأجر والانضمام إلى نقابة». ثم انطلق بيننا نقاش طويل حول غياب أبسط حقوق الإنسان عن مجتمعنا (اللبناني)، ليحلّل أسباب صعوبة «تنظيم» هذا المجتمع. لا أدري لمَ بدت الأمور فجأة سهلةً ومضحكةً إلى حد ما، ومحبطة طبعاً.
على صعيد آخر متعلّق بفكرة حقوق الإنسان وبأبشع مظاهر انتهاكها، وهو العنف، أُعلن استمرار حملة الأمين العام للأمم المتحدة «اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة» التي انطلقت في الخامس والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر، اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، خلال 16 يوماً (حتى العاشر من كانون الأول/ ديسمبر) عبر أنشطة هادفة إلى محاربة العنف القائم على الجنس. وقد اختير اللون البرتقالي لون الحملة الرسمي على أمل أن يمثل «رمزاً لمستقبل مضيء تغيب فيه معاناة النساء من العنف الممارس ضدّهن».
تخبرنا أرقام الأمم المتحدة أن 35 في المئة من النساء والفتيات على مستوى العالم يتعرّضن لنوع من أنواع العنف الجنسي. وقد تعرّضت للختان أكثر من 130 مليون فتاة وامرأة على قيد الحياة اليوم، خصوصاً في أفريقيا وبعض دول الشرق الأوسط، كما أن 250 مليون فتاة دون الخامسة عشرة تزوّجن ولن يكملن تعليمهن، ولن يقدرن، عموماً، على تقديم المعرفة لأولادهن....
«العنف ضد المرأة هو انتهاك لحقوق الإنسان»... نحن سكّان هذه المنطقة من العالم، نصحو لنتنفّس العنف ونقرأه ونمضغه مع لقمتنا ونكتبه ونعيشه ونموت ضحاياه. وإذا كنا عاجزين عن فهم الدمار والقتل والعنف من حولنا، فلنحاول ولنسع إلى تخفيف وطأة العنف بين الأفراد، وليمنع كلّ منا ضمن محيطه انتهاك كرامة المرأة ولو بكلمة.

مقالات ذات صلة

تعليم المرأة «سترها»

لن أعاتب

هالة كوثراني أقلام لها