لا

وضوح الرؤية,لا,هالة كوثراني

هالة كوثراني 22 أبريل 2015

لم تكن شمس الربيع وحدها مسؤولة عن وضوح الرؤية. فجأة بدا كل شيء واضحاً. افترشنا العشب في مدينة غريبة وقالت لي إنها تتعلّم كلمة جديدة. «ما هي؟»... «أعلمّ نفسي أن أقول: لا».
لا، حرف يقدّم معنىً واضحاً ساطعاً صارخاً. ليس لفظ «لا» صعباً، بل يكاد يكون أسهل ما يمكن النطق به. لفظ حاسم سريع كصوت هدفه التنبيه أو الإيقاظ أو إيقاف فعل يجب أن يتوقّف. لا. لفظ بسيط وموجع أحياناً، صعب برغم سلاسة النطق به. ثمة من لا يقبلون به جواباً، وثمة آخرون لا يجيدون استخدامه. هؤلاء يتأخرون في حبّ أنفسهم وفي كسب أنفسهم أيضاً. هناك مَن لا يملكون جرأة استخدام «لا» الفجّ والسحريّ. وهناك مَن يهزّون رؤوسهم ليشيروا إلى موافقتهم ولا يفكرون مرة واحدة في فعل الرفض برغم أنه قد يكون خلاصاً في حالات كثيرة. يمكن أن يكون «لا» أجمل الألفاظ، ليس حين يكون تعبيراً عن موقف سلبي من فعل إيجابي أو شكلاً من أشكال البخل أو رفض العطاء بل حين يكون تعبيراً عن الاستقلالية أو رفض الاستغلال أو التمسّك بحق من الحقوق، أو إنقاذاً لحياة يتحكّم فيها آخرون. تركض الأيام والشهور والأعوام، ويمرّ العمر سريعاً، وهناك من تؤجل الحياة التي تحلم بها خوفاً من أن تنطق بحرف «لا». لا يحمل قول «لا» معنى سلبياً دوماً، قد يكون الاختيار الأصح بعيداً عن الابتزاز بأنواعه المختلفة وعن الجبن أيضاً. في حالات كثيرة ليس قول «لا» إنذاراً بنهاية بل ببداية صحيحة وجميلة.