انتهت بجريمة سهرة «أبناء الذوات»

جريمة قتل,الموت,الفنادق,القاتل,الجريمة

القاهرة - نسرين محمد 26 أبريل 2015

سهرة داخل ملهى ليلي في أحد الفنادق الشهيرة، تتحوّل إلى معركة على فتاة بين مجموعة من الشبان أفسدهم المال، فتكون النتيجة جريمة قتل يروح ضحيتها شاب لم يكمل عقده الثالث بعد، يلقى حتفه برصاصة أطلقها عليه غريمه وسط ذهول الجميع، فيرحل تاركاً زوجة لم يمر على زواجها أربع سنوات، وطفلتين لم تدركا بعد معنى الموت.

سيناريو متكرر يكشف الفساد الأخلاقي لبعض رجال الأعمال أو أبنائهم داخل صالات الملاهي الليلية، وهو ما عبّر عنه النجم كريم عبدالعزيز في فيلمه «واحد من الناس»، وما سبق أن شهده أحد المراكز التجارية الشهيرة في القاهرة منذ ما يقرب من 15 عاماً.

الضحية

ش.ب، رجل أعمال يبلغ من العمر 28 عاماً، كان هو الضحية هذه المرة، حيث لقي حتفه برصاصة اخترقت رأسه لتخرج من الجانب الآخر، وقد تحول مخّه إلى أشلاء في مشهد مأساوي أثار الرعب والفزع في نفوس أصدقائه، الذين عجزوا عن الدفاع عنه، حتى محاولاتهم إسعافه باءت هي الأخرى بالفشل.

القاتل

هـ.ع.، رجل أعمال يبلغ من العمر 30 عاماً، ينتمي الى عائلة معروفة من عائلات الأعراب ذات السطوة والمال، تشتهر من كبيرها إلى صغيرها بحمل السلاح. لذا لم يكن غريباً أن يحمل السلاح داخل الملهى الليلي يشهره في وجه كل من يجرؤ على التعرّض له، لتكون المحصلة ارتكابه جريمة قتل بات بسببها مجرماً هارباً من العدالة يبحث عنه رجال الشرطة في كل مكان.

المكان

فندق شهير في منطقة الهرم، تتردّد عليه بصفة تكاد تكون شبه يومية مجموعة من الشبان ينتمون إلى علّية القوم، يرتادون صالة الديسكو يستمتعون بوصلات من الرقص مع فتيات يتواجدن في المكان، وبعضهن حضرت بصحبة هؤلاء الشبان، إلى جانب مشروبات يدفعون فيها آلاف الجنيهات، فترتفع ضحكات الجميع بلا توقف طوال الليل، حتى يأتي الصباح فيذهب كل منهم إلى منزله وهو لا يتذكر أي تفاصيل عن الليلة السابقة.

غيرة قاتلة

كانت الأحداث ستمضي على النحو نفسه، لكن هذه المرة تحوّلت الضحكات إلى صرخات، ولم يعد بإمكان بعضهم العودة إلى منزله مثل كل يوم، فأحدهم رحل بلا كلمة وداع، والثاني أبعدته عائلته عن المنزل خوفاً من أن يأتي رجال الشرطة لإلقاء القبض عليه، في حين احتفظ الآخرون بمقعد المتفرج يعيدون رواية ما شاهدوه، مرة في تحقيقات الشرطة وأخرى في النيابة.

هايدي، اسم فتاة ارتبط بالحادث، بل قيل إنها السبب الرئيسي في وقوعه، عندما رافقت هي وصديقتها دينا الضحية وأصدقائه، في حين أنها على علاقة بالقاتل، وهي تعلم جيداً أنه سيكون متواجداً. فعلت ذلك حتى تشعره بالغَيرة عليها بعد أن تركها واصطحب فتاة أخرى في سهراته اليومية بدلاً منها. فعلت ذلك وهي تدرك أن صديقها قد يرتكب جريمة إذا شاهدها بصحبة آخرين... وهو ما كان.

أطراف الجريمة

بدأت الأحداث مثل كل ليلة، الملهى يتوافد عليه رواده بدءاً من الساعة الثانية عشرة عند منتصف الليل لبدء سهرة تستمر حتى الصباح، وكعادته حضر ش.ب. بصحبة مجموعة من أصدقائه بينهم فتاتان، وجلسوا على إحدى الموائد يتبادلون القفشات والضحكات، ليأتي من بعده هـ.ع. بصحبة ثلاثة من أصدقائه وأقاربه في الوقت نفسه، بالإضافة إلى صديق رابع هو في الأصل ضابط شرطة اعتاد التردد على هذا المكان بصحبته.

كل مجموعة تجلس في ناحية مغايرة للأخرى، وفي الوسط مسرح صغير يقف عليه بعض الفنانين يقدمون فقرات فنية متتالية.

مشهد عادي لا يخلو أي ملهى ليلي منه، حتى وقع ما جعل الأحداث تأخذ مجرى آخر، حيث شاهد هـ.ع. صديقته تجلس على المائدة الخاصة بـ ش. ب. وأصدقائه، بل تتبادل القفشات والضحكات مع أحدهم، الأمر الذي جعله يستشيط غضباً، فذهب إليها كالثور الهائج يجذبها من ذراعها ليأخذها إلى حيث يجلس.

إشهار السلاح

هنا شعرت الفتاة بانتصارها ونجاح خطتها، من دون أن تدرك أن هذا الموقف سيجعل الموجودَين معها يثوران غضباً، فدفع أحدهما هـ.ع. محاولاً تخليصها من بين يديه، إلا أن الأخير وجّه إليه لكمة أسقطته أرضاً، فتدخل على الفور ش.ب. للدفاع عن صديقه وقام بالاعتداء على هـ.ع، لتسود حالة من الهرج والمرج داخل المكان، أوقفها ضابط الشرطة الذي كان بصحبة هشام، حيث أشهر سلاحه الميري لإرهاب الحاضرين فتوقفوا عن العراك.

ثوانٍ معدودة وحضر أمن المكان للسيطرة على الأحداث، وأخرج الطرفين من الملهى، إلا أن العراك تجدّد مرة أخرى أمام المصعد أثناء نزولهم، ليتدخل الأمن ويفصل بينهم هذه المرة، ويرحل ش.ب. وأصدقاؤه متوجهين إلى ساحة انتظار السيارات، بعد أن تركوا الفتاتين بصحبة هـ.ع. الذي أبى أن تمر الأمور بسلام، وتتبعهما إلى المكان نفسه، وما إن شاهد ش.ب. حتى ركله بقدمه وصوّب سلاحه باتجاه رأسه مطلقاً عليه الرصاص ليسقط على الأرض مضرجاً بدمائه.

لا مبالاة

حالة من الذعر سيطرت على الجميع، في الوقت الذي ظهر هـ.ع. غير مبالٍ بما حدث، اصطحب صديقته ورحل عن المكان الذي امتلأ بعد لحظات برجال الشرطة جاءوا للتحقيق في الحادث، بعد إشارة وردت إليهم من المستشفى الذي نُقل إليه شريف لإسعافه وقد فارق الحياة فيه.

اتهامات تلاحق، ضابط الشرطة الذي كان بصحبة القاتل داخل الملهى الليلي، بعد الشك في أنه صاحب السلاح المستخدم في الحادث دفعته إلى التوجه الى قسم الشرطة لتسليم سلاحه الميري إلى جهات التحقيق، واتهام أصدقائه بالاعتداء على المجني عليه، وإقدام هـ.ع. على قتله، ليتم التحفظ على سلاحه وإرساله إلى الطب الشرعي لبيان مدى استخدامه في الحادث من عدمه.

الصدمة

اتصال هاتفي يصل الى والد وشقيق ش.ب. من صديقه الذي كان برفقته يبلغهما بإصابته، لتهرول الأسرة إلى المستشفى وتتلقى خبر وفاته، الذي نزل عليهم كالصاعقة غير مصدّقين ما حدث له، رحل تاركاً زوجته وطفلتيه، ليسطّر رحيله مأساة لكل من يعرفه دفعتهم إلى الخروج في تظاهرات تطالب الأجهزة الأمنية بسرعة إلقاء القبض على القاتل.

«شقيقي لا علاقة له بالملهى ولم يكن متواجداً في داخله»، بهذه الكلمات يروي م.ب. شقيق القتيل معلوماته عن الحادث، حيث يؤكد أنه كان موجوداً هناك لمقابلة صديقه وشرب القهوة معه في الفندق، وأثناء نزولهما وقعت مشاجرة أمام المصعد بالأسلحة البيضاء وتدخل الأمن وطرد أطرافها، إلا أن المتهم قام بتتبعهم، وفور مشاهدته لشقيقه، أطلق عليه الرصاص، إلا أن التحريات تشير إلى وجود علاقة تربط القاتل بالمجني عليه لوجود أصدقاء مشتركين بينهما.

أغنية الوداع

وفاة ش.ب. أصابت أصحابه بالحزن الشديد، إذ كان يحظى بمحبة الجميع، وهو ما يظهر في الوقفات التي ينظمها أبناء الحي الذي يسكن فيه تطالب بالعقاب، بل قاموا بإنتاج أغنية أهدوها إلى روحه تبدأ بصوت بكاء والدته ومطالبتها بالقصاص لدم ابنها، تقول كلماتها: «ماتت الضحكة الجميلة، ماتت النظرة البريئة، ماتت ذكرى ليك، ماتت كل حاجة فيك، إنت معانا ومش معانا بس اسمك دايماً معانا»، وتنتهي كلماتها بـ: «ذنبها إيه الأم تفضل تبكي على ابنها، ذنبها إيه بنته تعيش وهو مش جنبها، ذنبه إيه أبوه يفارقه بعد سنين حياته، ذنبه إيه أخوه يقعد يفتكر ذكرياته، دموعه تنزل من عينيه، طب ليه، أذاك في إيه، في الجنة إن شاء الله مع أحسن خلق الله»، لتسطّر الأغنية مأساة أسرة حُرمت من ابنها على يد شخص لا يبالي بأرواح الآخرين.