التصلّب المتعدّد يرافق المريض طيلة حياته

التصلّب المتعدّد, مريض, الأعراض

17 أغسطس 2013

في معظم حالات التصلّب المتعدّد، Multiple sclerosis هذا المرض المرتبط بالمناعة الذاتية الذي لا تزال اسبابه مجهولة، لا يفكر المريض باحتمال إصابته بالمرض.
إذ
أن أعراضه قد تكون من مؤشرات الإصابة بأمراض أخرى بعيدة تماماً، كما أن الكل لا يعرف بطبيعة هذا المرض الخطير الذي لا يرحم ولا يميز بين من هم في سن الشباب ومن بلغوا مراحل متقدمة في السن.
صحيح
أنه لا يسهل على شاب لا تزال الحياة أمامه ويرى المستقبل أمامه أن يكتشف إصابته بمرض من هذا النوع سيرافقه طيلة حياته من خلال ظهوره فجأة في أزمات لا يعرف مدى تكرارها ودون سابق إنذار، لكن مع تطوّر الطب وتطوّر العلاجات يتوافر العلاج الذي، وإن لم يكن شافيا،ً يخفف من نسبة تكرار الأزمات ومن حدتها بنسبة كبرى.
الطبيب
الاختصاصي بأمراض الدماغ والجهاز العصبي سليم عطروني تحدّث عن كل الحقائق المرتبطة بالمرض من أول أعراضه والأزمات التي يتعرض لها المريض والعوامل التي تساهم في حصولها، إضافةً إلى العلاجات الحديثة المتوافرة لتسهيل حياة المريض.

                                                                        
ما هو التصلّب المتعدّد؟
التصلّب المتعدّد هو مرض التهابي يصيب الجهاز العصبي المركزي، أي الدماغ والنخاع الشوكي، فيؤذي المادة البيضاء في الجهاز المركزي التي تشكل الغلاف الخارجي للأعصاب.
أما وظيفة هذه المادة فهي تسريع مرور التيار الكهربائي في الاعصاب. ويؤدي هذا الأذى إلى تآكل او تلف في الغشاء الخارجي الابيض، كما قد يؤذي المكوّنات الداخلية للعصب.

ما الأعراض التي يمكن أن تظهر لدى المريض في المرحلة الأولى فتلفت نظره؟
تختلف الأعراض بحسب المنطقة التي تصاب بالالتهاب. علماً ان هذا الأذى يحصل عادةً في مناطق عدة في آن واحد في المرحلة الأولى. فيمكن أن تكون المنطقة المصابة مسؤولة عن النظر أو الحركة كحركة اليد أو الساق.

هل يمكن أن يبدأ المرض دون أعراض واضحة؟
يمكن أن يبدأ المرض بصمت فلا تظهر أعراض واضحة كما يمكن أن تظهر أعراض بارزة.

ما مدى حدة الأعراض التي يمكن أن تظهر في أولى مراحل المرض؟
في أولى مراحل المرض، يمكن أن تتفاوت الأعراض بحسب المناطق المصابة فقد تكون خفيفة كما يمكن أن تكون حادة وذلك حتى في أولى المراحل.
إذ أنه يمكن أن يحصل اضطراب في النظر أو اختفاء كلي للنظر أو ازدواجية في النظر بسبب التهاب عصب العين. أيضاً يمكن أن يحصل شلل جزئي نصفي او في أطراف معينة أو يمكن أن يظهر الاضطراب في الاحساس في الأطراف.
كما يمكن ان يظهر المرض من خلال دوار شديد قد يعتقد المريض أنه ناتج عن التهاب في الأذن.

إذا كان من الممكن أن تكون طبيعة الأعراض غير واضحة إلى هذا الحد، ألا يزيد ذلك صعوبة التشخيص ويؤخره؟
ما يساعد أكثر في تشخيص المرض تكرار الأعراض في أماكن مختلفة في الجسم وفي أوقات مختلفة. هذا ما يسمح بتشخيص التصلّب المتعدّد من قبل الطبيب المختص.

هل يمكن أن يكتشف المريض إصابته بالمرض على أثر الأعراض التي تظهر لديه؟
يلاحظ انه في كثير من الأحيان يستشير المريض الطبيب لأي سبب آخر بعيد كلياً عن التصلّب المتعدّد لأنه يصعب التفكير فيه تحديداً. فعلى سبيل المثال عندما يشعر المريض بالتنميل في الاطراف، يفكر أحياناً بانه ناتج عن التوتر.

هل يمكن أن يظهر التصلّب المتعدّد في سن مبكرة؟
يمكن ان يظهر التصلّب المتعدّد في سن مبكرة جداً وهذا هو المؤسف فعلاً . فقد يظهر في سن المراهقة، أو حتى قبل سن 10 سنوات في حالات نادرة.
كما يمكن ان تكون بداياته في سن الخمسين. لكن من الواضح أن معظم الحالات تظهر في سن 20 إلى 30 سنة.

متى يكون المرض أكثر خطورة هل عند ظهوره في سن مبكرة أو عند تأخّر ظهوره؟
بقدر ما يبدأ المرض في سن صغرى يكون الوضع أكثر سوءاً.

هل من أسباب مباشرة تؤدي إلى الإصابة بالمرض؟
حتى الآن، لا تزال الأسباب المؤدية إلى الإصابة بالتصلّب المتعدد غير معروفة. لكن ما هو واضح أنه ناتج عن خلل في المناعة الداخلية ووجود مضادات ضد الجهاز العصبي. لذلك هو من أمراض المناعة الذاتية.

لكن ألا تُعرف أي عوامل قد تساهم في ظهور أعراض او حصول أزمة؟
يُعرف حتى الآن أن الحر يساهم في حصول أزمة وظهور الأعراض. كذلك التوتر هو من العوامل المسبّبة. كما تبين أن عامل المحيط قد يؤثر.

كون المرض يظهر بشكل أزمات، هل تختفي آثاره نهائياً في كل مرة ليعود المريض إلى طبيعته؟
يظهر المرض بشكل أزمات متكررة بشكل متسارع خلال أيام أو ساعات تظهر فيها أعراض معينة ثم تتحسن تدريجاً خلال أسابيع ليعود المريض إلى حالة ما قبل الأزمة أو تترك الأزمة آثاراً معينة وهنا تكمن المشكلة في المرض عندما تتكدس الآثار مرة بعد مرة.

ألا يمكن أن تمر أزمات دون أن يتنبه المريض لاحتمال إصابته بمرض من هذا النوع عندما لا تكون الأعراض واضحة؟
عندما تظهر أعراض من نوع التنميل أو الازدواجية في النظر أو ضعف فيه أو ضعف في الأطراف.

هل تزداد الأزمة حدةً مع تكرارها مرة تلو الأخرى؟
قد لا تزداد الأزمات قوة مع تكرارها مرة تلو الأخرى، لكن تكرارها قد يعرض المريض إلى تراكم الآثار التي تبقى من الأزمة.

هل يعبتر التصلّب المتعدّد من الأمراض المنتقلة وراثياً؟
لا يعتبر التصلّب المتعدّد من الامراض الوراثية لكن نسبة 5 في المئة من الحالات هي موروثة.

هل يعتبر أي من الجنسين أكثر عرضة للإصابة بالتصلب المتعدد؟
هناك ميل بسيط إلى إصابة النساء بالمرض مقارنةً بالرجال لكن الفارق ليس بارزاً.

هل من أشخاص يعتبرون أكثر عرضة للإصابة بالتصلّب المتعدّد لتسهيل عملية الكشف المبكر للمرض؟
لم يُعرف حتى الآن من هم الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالمرض. كما أنه لا توجد طريقة للكشف المبكر. قد يتم اكتشاف المرض في مرحلة مبكرة عن طريق الصدفة لدى إجراء الفحوص لمشكلات أخرى، لكن هذه حالات استثنائية.

إذا كان اكتشاف المرض ليس سهلاً، كيف يشخص الطبيب الحالة؟
يمكن للطبيب أن يشخّص المرض من خلال تاريخ المريض وقصة مرضه وما لاحظه من أعراض أصابته،خصوصاً إذا كانت هذه الاعراض قد تكررت في فترات مختلفة.
أيضاً يجري الطبيب للمريض صورة بالرنين المغناطيسي MRI للدماغ والنخاع الشوكي تشير إلى وجود نقاط ليست إلا آثار في المناطق التي تعرضت للالتهاب.
أيضاً، يمكن إجراء فحص للسائل المحيط للدماغ والنخاع الشوكي بواسطة حقنة تجرى بين فقرتين في أسفل الظهر مما يسمح بالتشخيص عند تحليل السائل.

ماذا في حال تدهور الحالة وتطوّر المرض ، إلى ماذا يمكن أن يؤدي؟
يختلف تدهور الحاتلة وتطور المرض بين شخص وآخر بحسب كل حالة . قد يكون تطور المرض بطيئاً وتكرار الازمات بسيطاً كما يمكن أن تتكرر بكثرة فيختلف الوضع.
ويختلف الأمر حسب الآثار التي تبقى بعد حصول الأزمة. لذلك لا قاعدة في هذا لأن المسألة تختلف بحسب مناعة المريض. لكن في الحالات القصوى يمكن أن يؤدي المرض إلى الإقعاد والشلل وصعوبة ضبط التبوّل . كما يتعرض المريض للاشتراكات الناتجة عن الشلل كالتهابات البول الحادة والمتكررة.

ما مدى تكرار الأزمات عامةً؟
في الحالات المعتدلة من المرض يتعرض المريض إلى نوبة او اثنتين في السنة وتكون الآثار خفيفة. أما في الحالات المتقدمة والحادة ققد يتعرض إلى نوبة كل شهرين فيكون تكرارها متسارعاً، حتى انه عندها يكون التجاوب مع العلاج موقتاً.

هل يتوافر العلاج الفاعل للمرض؟
لا يتوافر علاج فاعل يقضي نهائياً على المرض، إنما الهدف من العلاج هو الوقاية من تكرار الأزمات وتخفيف عددها وحدّتها.

ما طبيعة العلاجات التي توصف في هذه الحالة؟
أكثر الأدوية استعمالاً في حالات الصلّب المتعدّد هي من نوع Interferon وهي عبارة عن حقن تجرى تحت الجلد 3 أو 4 مرات في الأسبوع. ومنها ما هو عبارة عن حقنة تجرى في العضل أسبوعياً.
هذا في المراحل الأولى. أما في حال تطوّر المرض وتراجع الحالة ، فمع تطور الطب يتوافر نوعان من العلاج الأول بالعقاقير التي تعطى يومياً هدفها تخفيف مناعة الجسم وتتوافر في لبنان من حوالي سنة.
لكن لا يمكن أن تعطى لمن يعاني خللاً في دقات القلب.أما النوع الثاني من العلاجات فيعطى بشكل مصل في جرعة شهرية.
ويتطلب الخضوع للعلاج أياً كان نوعه، إجراء الفحوص الدورية للدم لجهة الخلايا والكريات البيضاء وإفرازات الكبد والصفائح. وتجرى فحوص الدم عادةً كل 3 اشهر للتأكد من عدم حصول هبوط حاد في معدل الكريات البيضاء.

ما مدى فاعلية العلاج؟
تخفف الحقن من حصول الازمات بنسبة 30 أو 35 في المئة. أما الحبوب فتخفف من حصولها بنسبة 50 أو 55 في المئة. بشكل عام العلاج لا يشفي تماماً من المرض بل يبقى هناك احتمال حصول نوبة. لكن الهدف من العلاج جعل النوبات أخف.

ما الذي يمكن فعله في حال حصول أزمة قوية؟
في حال حصول أزمة قوية لمدة 3 أو 5 أيام يعطى الكورتيزون في المصل في المستشفى للمريض بهدف منع التلف في المنطقة المصابة لكن قد يبقى أثر أو عطل رغم ذلك.

هل يمكن أن تنجب المرأة المصابة أم أن المرض قد يشكل عائقاً؟
يمكن أن تحمل المرأة وتنجب دون مشكلة في معظم الحالات لكن من الضروري عندها وقف العلاج طوال فترة الحمل لأنه قد يؤدي إلى الإجهاض. علماً أن الحمل يحمي المرأة من الأزمات طوال فترة الحمل، ولكن تزداد نسبة حصولها مباشرةً بعد الولادة.
من هنا أهمية العلاج الدوري بالكورتيزون شهرياً بعد الولادة إضافةً إلى العلاج المعتاد، بهدف الوقاية من الأزمات.

 

كيف يمكن أن يقف المرض عائقاً في وجه المريض لجهة متابعة حياته الطبيعية؟
يمكن أن يشكل المرض عائقاً في وجه المريض بحسب قدرته على العمل وبحسب الآثار التي تتركها الأزمات التي يتعرض لها. صحيح أنه ثمة حالات لا يتأثر فيها المريض عندما تكون الآثار طفيفة، لكن في المقابل ثمة حالات يكون الأثر شديداً عند وجود صعوبة في المشي او حتى استحالة المشي.