دراسة أكدت ارتفاع عدد المدخّنات في السعودية: التدخين الاجتماعي مجاراةً للموضة

السعودية,الفتيات,عادة,التدخين الاجتماعي,Social Smoking,البريستيج,سعادة وهمية

ميس حمّاد (جدة) 18 مايو 2015

انتشرت في السعودية بين الفتيات خلال العام الماضي عادة عُرفت بـ «التدخين الاجتماعي» أو Social Smoking وتعني تدخين السيجارة مرة واحدة رغبة في المجاملة في الأماكن العامة، أو في السهرات، أو قاعات الأفراح، ومكاتب العمل. «لها» تستعرض في هذا التحقيق بعض التجارب لفتيات يمارسن عادة التدخين الاجتماعي، والرأيين النفسي والاجتماعي حول أسباب انتشار هذه الظاهرة بين الفتيات في السعودية.  

نورة: أدخّن السجائر من باب «البريستيج» أمام صديقاتي
نورة طالبة في السنة الثانية في الجامعة وتدرس علم الاجتماع، بدأت التدخين في جلسات عند صديقات، أثناء وجودهن في أماكن عامة أو مقاه. عن ذلك تقول: «صديقاتي يدخنّ كثيراً، سواء السجائر أو الشيشة. كنت أرفض دائماً أن أدخن معهن، إلى أن جاء يوم وأخبرتني إحداهن بضرورة مواكبة العصر، وأن تدخين سيجارة لن يضر طالما أنني لا أملك علبة سجائر. ومنذ ذلك اليوم وأنا أدخن السجائر معهن لكني لا أجرؤ على إخبار عائلتي بهذا الأمر. وبدأت أشعر أنني أدخّن السجائر من باب «البريستيج»، أمام صديقاتي. وعدد السجائر التي أدخنها لا تتعدى الثلاث. وفي أوقات كثيرة بدأت ألجأ إلى السيجارة عندما أغضب، خصوصاً إن كان الجميع خارج المنزل».

ريم: لن أدمنها وأستطيع تركها متى شئت
أما ريم (موظفة) فبدأت التدخين «كتجربة وتقليد لإحدى صديقاتي منذ ثلاث سنوات تقريباً، حتى أننا بدأنا إغاظة بعض الفتيات اللواتي يرفضن التدخين ويكرهنه، وكنا نستمتع كثيراً، لكنني كنت أشعر بالقوة وأنني أوازي صديقاتي، خصوصاً أنهن يعتبرن الأمر موضة يجب مواكبتها. لكن هذا كله يحدث في العمل فقط، فعائلتي لا تعرف أنني أدخن، وترفض فكرة الفتاة التي تُدخن». ولفتت إلى أنها تقنع نفسها دائماً «بأنني لن أُدمنها، وأستطيع أن أتركها متى شئت».

سارة: أعجبتني فنانة تُدخن فقلّدتها
تقول سارة (15 سنة) إنها أدمنت التدخين وهي في سن التاسعة إذ كانت تسرق السجائر من علبة أبيها، وتقلّد إحدى الفنانات، وتضيف: «كان منظر الفنانة يستهويني، خصوصاً أنها كانت جميلة،  وأجدها في أكثر مشاهدها الانفعالية تسحب سيجارة وتشعلها، ثم تنفث الدخان في أرجاء الغرفة، فكان الأمر يعجبني. بدأت أسرق من والدي سيجارة واحدة في الشهر. وعندما ألتقي صديقاتي، كنت دائماً أقوم بدور الممثلة التي تغضب، وتقرر أن تُهدّئ من روعها من خلال إشعال سيجارة».

اليماني: السعودية تحتل المرتبة الخامسة عالمياً في نسبة المدخنات
أوضح رئيس مجلس إدارة جمعية نقاء الخيرية لمكافحة التدخين البروفسور محمد بن جابر اليماني أن السعودية في المرتبة الخامسة عالمياً في نسبة المدخنات البالغات بـ 5.7 في المئة، بعد فرنسا وأميركا وإيطاليا وجنوب إفريقيا»، مبيناً أن «نسبة المدخنين من المراهقين بين 13و15 سنة تبلغ 19.3 في المئة من جملة السكان في هذه الفئة العمرية، وهذا يضع السعودية في المرتبة الثالثة عالميا بعد ماليزيا وجنوب أفريقيا». ولفت إلى أن «معدل تدخين الفرد في السعودية يقدر بـ 720 علبة سنوياً، أي بمعدل علبتين في اليوم».

الصواف: رغبةً في تقبلها بين الصديقات تجد الحل في تدخينها سيجارة
أوضحت رئيسة وحدة الطب النفسي في مستشفى الملك فهد في جدة والخبيرة الدولية للأمم المتحدة في علاج الإدمان الدكتورة منى الصواف أن ظاهرة التدخين الاجتماعي لدى الفتيات خصوصاً قديمة، لكنها بدأت تظهر الآن مع السماح بالتدخين في الأماكن العامة، وأصبح هناك أماكن مخصصة للنساء. كما أن التدخين يبدأ مع الشابات، فالفتاة تحب أن تكون مقبولة اجتماعياً من البيئة التي تنتمي إليها. كما أن كثيرات يأخذن هذه المسألة على أنها مظهر من مظاهر الحضارة، وهو مفهوم خاطئ تماماً لأنها لا تمت إلى الحضارة بصلة». وأكدت «غياب الإحصاءات الدقيقة في العالم العربي، ناهيك بكونها غير موثقة، لكن الإحصاءات العالمية تفيد بأن هناك مؤشرات لاحتمال انتشار التدخين وتعاطيه كمادة تُسبب الإدمان، من بينها صغر سن الفتاة المدخنة وزيادة عدد السجائر. أما المؤشر الثالث فهو وجود اضطرابات مثل القلق أو اضطرابات الاكتئاب، وفي بعض الأحيان تكون عاملاً مسانداً. ومنذ زمن طويل، كان الاعتقاد السائد أن النيكوتين بوابة مساعدة على إدمان المواد الأخرى وأصبح مادة تُسبب الإدمان».

باقادر: المدخّنة تعيش سعادة وهمية
من جانبه، يقول أستاذ علم الاجتماع الدكتور أبو بكر باقادر إن «غالبية المدخنين في سن مبكرة يبدأون من سن 10 إلى 20سنة، وإن الولد الذي لا يدخن يكون ضمن عائلة غير مدخنة. ويقدر عدد المدخنين في السعودية من ذكور وإناث بستة ملايين، وينفقون يوميا مليون ريال». ويضيف: «أرى أن التدخين عادة لا فائدة منها بل هي إهلاك للنفس، إذ تعيش المدخنة سعادة وهمية، لتصبح في النهاية ضحية للتدخين، إما بسبب الإعلانات أو التقليد الأعمى من مجتمع، إضافة إلى أن التدخين يُكلفها في ما بعد مضارَّ كثيرة ويتسبب برائحة فم وأمراض كثيرة».
وأشار إلى أن «الفتاة التي تستمع إلى صديقاتها وتقبل السيجارة المعروضة عليها بحجة أن واحدة لن تضر، هي شخصية تابعة، وذلك يعني أنها بدأت دخول عادة سيئة لكن بدون اقتناع، ما يجعل الآخرين قادرين على أن يتحكموا فيها. وأؤكد أن التقليد والتحرر والقلق والاضطراب النفسي والفراغ العاطفي تؤدي إلى التدخين، لذلك يجب ألا نستسلم لذلك ونجعل التدخين بديلاً للتفاؤل».

دراسة: ارتفاع معدل تدخين السعوديات إلى سبعة في المئة منذ بداية العام 2014
أعلن الناطق الرسمي باسم جمعية مكافحة التدخين سليمان الصبي، ارتفاع معدل تعاطي السعوديات السجائر والشيشة، إلى 7 في المئة منذ بداية العام 2014، مؤكداً «ارتفاع نسبة تدخين السعوديات في المدن الحضرية مثل الرياض وجدة والخبر، وأن نسبة تدخين النساء السجائر والأراجيل كانت تتراوح ما بين أربعة وخمسة في العام 2010». وأوضح أن «معدل استهلاك الفرد في اليوم هو35  سيجارة، فيما سجل عدد المدخنين من الذكور نسبة 22 في المئة، و27 في المئة ممن بدأوا التدخين عندما كانوا في سن العاشرة. وتستورد السعودية 55992  طناً من التبغ و المعسّل، فيما سجلت 30 ألف حالة وفاة سنوياً جراء التدخين في دول الخليج، وسجلت 15 في المئة من إجمالي النفقات الصحية في هذه الدول». وكشف «احتلال السعودية المرتبة الـ 23 عالمياً في استهلاك التبغ، وبلغ عدد المدخنات في السعودية 1.1 مليون مدخنة في العام 2012. وقد رفعت الجمارك الرسوم على واردات التبغ بنسبة 100 في المئة».