سقوط عصابة الشقيقات الثلاث

عصابة, مصر, قضية / قضايا إجتماعية

22 أغسطس 2013

ثلاث شقيقات غرر بهن الشيطان من أجل حلم الثراء السريع، وسرن في طريق الجريمة. لم يعرن سمعتهن أي اهتمام، بل دخلن عالم الجريمة من أوسع أبوابه.
وجدن فرصة عمرهن عندما اكتشفن موهبة قريب لهن في التزوير، فاشترين له جهاز كمبيوتر وفتحن له شقتهن للعمل في التزوير بهدوء مقابل عمولتهن من عمليات تزوير المحررات الرسمية... أوراق القضية تسطر حكاية الشقيقات الثلاث اللواتي يقفن أمام المحكمة الآن بتهمة التزوير في قضية نادرة الحدوث...


لم يتوقّعن مطلقاً أن ينتهي الحلم سريعاً بعد أن اعتقدن أنهن أصبحن على عتبة الثراء.
حلم الملايين كان يراودهن، والخروج من دائرة الفقر التي عشن فيها أصبح أملهن الوحيد، وحين بدأن رحلتهن مع التزوير ظنّت الشقيقات الثلاث أن الحلم بات قريباً، وأن الأماني ما زالت ممكنة، لكنهن استيقظن على كابوس الواقع الذي لم يعجبهن.

بدأ مسلسل سقوط الشقيقات المزوّرات عندما وردت معلومات مثيرة لضباط وحدة مباحث قسم شرطة الزاوية الحمراء، برئاسة المقدم عبد الفتاح القصاص، تؤكد قيام كل من سارة سمير محمد (19 سنة) وشقيقتها دينا (26 سنة) والشقيقة الثالثة أماني (24 سنة)، بتكوين تشكيل عصابي تخصص في تزوير محررات رسمية منسوب صدورها إلى جهات حكومية، وتزييف النقود.
وأضافت المعلومة أن الشقيقات الثلاث يتخذن من مسكنهن مكاناً لمزاولة نشاطهن الإجرامي.

اهتم مدير أمن القاهرة بهذه المعلومات، وطلب من رجاله التأكد من صحتها، فتمّ تجنيد مجموعة من المصادر السريّة قريبة الصلة من الشقيقات الثلاث، واكتشف فريق البحث أنهن احترفن مهنة التزوير منذ شهور.
وأضافت المعلومات أنهن يتقاضين مبالغ مالية كبيرة مقابل تزويرهن للمحررات الرسمية، وهنّ مشهورات بقدرتهن على تقليد الأوراق الرسمية بصورة لا يمكن أحداً أن يكتشف بسهولة أنها مزورة، بالإضافة إلى تزييف العملات الورقية.


المداهمة

عُرضت المعلومات على مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة اللواء جمال عبد العال الذي أمر بالحصول على إذن من النيابة قبل مداهمة شقة الشقيقات الثلاث.
وعقب اتخاذ الإجراءات اللازمة، استهدف رئيس وحدة مباحث قسم شرطة الزاوية الحمراء والقوة المرافقة الشقيقات في منزلهن، وكانت مفاجأة قاسية للمتهمات حينما فوجئن باقتحام رجال المباحث لشقتهن، بعد أن ظنت سارة وشقيقتاها أنهن أصبحن بمنأى عن ملاحقة الشرطة.
وأسفرت المداهمة عن ضبط سارة وأماني وبحوزتهما جهاز كمبيوتر وطابعة ألوان وكمية من الأحبار المختلفة الألوان والعديد من الأوراق المنسوب صدورها إلى جهات حكومية عليها شعار الجمهورية «مزور».

اقتيدت الشقيقتان إلى قسم الشرطة للتحقيق معهما قبل إحالتهما إلى النيابة التي أصدرت أمراً بضبط الشقيقة الثالثة... الانهيار التام ظهر على وجه سارة التي كانت تتمتم: «مستحيل».
حاولت شقيقتها أماني أن تهدئ من روعها، وتؤكد لها أنه عليها أن تتقبل الأمر الواقع، لكن الأمر كان شديد الصعوبة على سارة التي غرقت في الأحلام أكثر مما يجب.

المفاجأة التي ظهرت بعد مناقشة المتهمتين أنهما لم ترتكبا جريمة التزوير بأيديهما، بل اشترتا جهاز الكمبيوتر ومتعلقاته وكل أدوات التزوير، لكي يقوم شخص يدعى صابر عطية أبو النجا (55 سنة، سائق مفصول من هيئة ميناء القاهرة الجوي) بالتزوير واستغلال موهبته في ذلك، وكشفت التحريات أن المتهم سبق اتهامه في ثلاث قضايا أموال عامة تزوير.

واعترفت المتهمتان بأن صابر يرتبط بهما بصلة نسب، وتحصلان منه على مبالغ مالية مقابل قيامه بتزوير المستندات داخل مسكنهما.

وأمر اللواء أسامة الصغير، مساعد الوزير لقطاع أمن القاهرة، بإحالتهما على النيابة العامة، وأمر بتكثيف الجهود لضبط المتهمين الهاربين.
وأمام النيابة توالت الاعترافات المثيرة للمتهمتين، فقالت سارة: «كنت أحلم بالثراء السريع. مات والدي وأصبح علينا عبء كبير لتوفير نفقات الأسرة.
بدأت رحلة البحث عن عمل مع شقيقتيَّ، لكننا لم نجد وظائف مناسبة، وتراكمت علينا الديون، وبدأت أتهرب من الدائنين وأبحث عن وسيلة لرد ديوني، ولم أتمكن من التوصّل إلى مصدر رزق حلال، وبدأت أفكر في خطة تحقّق لنا أحلامنا وتنقذنا من الواقع المرير الذي نعيشه.

تفتق ذهني عن فكرة الاستعانة بأحد أقاربنا، المشهور عنه احتراف التزوير، وقررنا أن نستدين ثمن الأدوات التي تسهّل له القيام بعمليات التزوير، بالإضافة إلى توفير شقتنا ليستخدمها في عمله.
تمكنت من إقناع شقيقتيَّ بالمشاركة في هذه المهمة رغم تحفظهما، وأكدت لهما أن تزوير الأموال سيحولنا إلى مليونيرات خلال أسابيع قليلة، خاصة مع اكتشافنا براعة قريبنا في تزوير الدولارات التي ارتفعت قيمتها في الأسواق بدرجة كبيرة».

وتنهي سارة اعترافاتها وهي تبكي شاعرة بالندم الشديد، بعدما ضاع مستقبلها دون أن تحقق أحلامها.
وقالت شقيقتها أماني: «عشنا أسابيع في عالم آخر، أنفقنا آلاف الجنيهات على السفر والتنزّه، واشترينا ملابس بمبالغ طائلة. أصبحت الأموال بلا قيمة عندنا، بعد أن أكد لنا قريبنا صابر أننا سنمتلك أكثر من مليون دولار، وقال لنا إنه سيساعدنا في إيجاد وسيلة لترويج هذه الأموال. لكننا في النهاية أفقنا من هذا الحلم الجميل على مشهد القبض علينا».
وأنهت الشقيقتان اعترافاتهما وقررت النيابة حبسهما.