النساء العاملات في مهمة صعبة عنوانها: النجاح داخل البيت وخارجه

نساء, الدكتورة جهاد عامر, عمل المرأة, مصر, المملكة العربية السعودية, عائلة

08 سبتمبر 2013

تتحمَّل المرأة العاملة مسؤولية مضاعفة بالقياس إلى مسؤولية الرجل. فهي مطالبة بالنجاح داخل البيت وخارجه، وعليها أن توفِّق بين عملها هنا وعملها هناك، فلا يشغلها واجبها في أحد العملين عن واجبها في العمل الآخر. وهنا تحتاج المرأة العاملة إلى دعم الرجل ومساندته لكي تتمكَّن من النجاح الذي يحتاج إلى درجة عالية من المثابرة والتنظيم وحُسْن التصرُّف بالوقت. التقت «لها» سيدتين من مصر والسعودية وتحدثت معهما عن تجاربهما داخل البيت وخارجه، وعن العقبات التي واجهتهُما وكيف تجاوزتا وتتجاوزان هذه العقبات، ونبدأ من مصر مع الدكتورة جهاد عامر مديرة الأورومتوسطي في وزارة الشباب المصرية.


الدكتورة جهاد عامر: زوجي يرى نجاحي نجاحاً شخصياً له وسأتوقف عن العمل إذا شكّل خطراً على أسرتي

استقبلتنا الدكتورة جهاد مع زوجها المستشار ساهر كمال في ساعة مبكرة قبل ذهابهما إلى العمل، وأعدّت طعام الفطور للأسرة، مؤكدة أن يومها يبدأ قبل ذهابها إلى العمل بأكثر من ساعتين، تقوم خلالهما بأداء الصلاة والاطمئنان على طفلها يوسف، البالغ من العمر أربع سنوات، وإيقاظه والجلوس معه والترفيه عنه بمشاركة زوجها الذي اعتاد الاستيقاظ مبكراً أيضاً، خاصة بعد التحاق يوسف بالمدرسة، ويتطلب هذا تجهيزه مبكراً، لأنهما يؤمنان بمقولة الرسول صلى الله عليه وسلم: «البركة في البكور»، ثم تبدأ في إعداد الفطور الذي تحرص على أن يكون صحياً وخفيفاً ومتكاملاً من الناحية الغذائية، ووفقاً لنظام الريجيم الذي تسير عليه الأسرة للمحافظة على الصحة والرشاقة، وعادة ما يشهد تناول الطعام مناقشة مع الزوج في الشؤون الأسرية أو الحياة العامة، وبعد مغادرة يوسف المنزل إلى المدرسة تقوم بتوجيه المعاونين، لأنها ترفض بشدة كلمة الخدم، الموجودين في المنزل بما هو مطلوب منهم طوال النهار.

الانضباط

عندما تعجّبنا من استيقاظها مبكراً قبل طلوع الشمس، قالت الدكتورة جهاد: «هذا النظام القائم على الاستيقاظ المبكر ليس غريباً على حياتي، لأنني اعتدت عليه منذ طفولتي وفي كل مراحل حياتي قبل الزواج، لأنني أنتمي لعائلة عسكرية تقدس الانضباط في المواعيد، فوالدي ضابط بالجيش».  
وأوضحت الدكتورة جهاد أنه بعد الانتهاء من طعام الفطور، تبدأ إجراء اتصالاتها لتأكيد جدول أعمالها ومواعيدها في العمل، لمعرفة المواعيد التي ما زالت قائمة أو ما تم تأجيله، وما هي المواعيد التي ستتم في المكتب أو خارجه، أي أن يوم العمل يبدأ من البيت وقبل الخروج ومع هذا فهي سعيدة جداً بنجاحها في عملها وبيتها.

وتقول: «رغم أن العمل  يأخذ وقتاً كبيراً جداً، خاصة أنه كلما كثر التكليف واتسع نطاق المسؤولية، فهذا بالطبع يقتطع جزءاً كبيراً من الوقت، لكنني أحاول بقدر ما أستطيع أن أوفّق بين العمل والمنزل، وقد تعلمت الصبر والتأني حتى أستطيع الجمع بين متطلبات النجاح في العمل والاستقرار والسعادة الأسرية، دون أن تطغى إحداهما على الأخرى».
وعن كيفية قيامها بالأعمال والأنشطة الاجتماعية، رغم يومها المزدحم، قالت الدكتورة جهاد: «أقوم بالعمل الاجتماعي قدر الاستطاعة، لكن ليس بصورة رسمية، لأن عملي في وحدة الأورو متوسطي يحتم عليَّ ألا أنضم إلى أي جمعية أهلية منعاً لتضارب المصالح، لأن الوحدة التي أعمل فيها تتعامل مع الجمعيات الأهلية، ومن ثمَّ لا يجوز لي أن أكون عضواً فاعلاً داخل أي جمعية أهلية، لكن طبعاً العمل الاجتماعي أقوم به من وقت الى آخر، وأشعر بسعادة بالغة به، لأنني اجتماعية محبة للناس بطبعي».

معادلة صعبة

وتتحدث عن مسؤوليات الأسرة والعمل قائلة: «أحرص على التوفيق بينهما، وألا يؤدي النجاح في أحدهما إلى التقصير في الجانب الآخر، وهذه بالطبع معادلة صعبة جداً، ولذلك فنحن نضطر في بعض الأحيان أن يكون لدينا بعض المعاونين في المنزل لكي يساعدونا في بعض الأعمال، لأنه لا يمكننا توجيه كل الوقت للمنزل، وليس كل الوقت يصلح أن يوجه إلى العمل، خاصة إذا كان هناك أطفال في سن صغيرة، وأنا أدرك جيداً أن ابني في مرحلة عمرية حساسة جداً، ولا بد أن تكون هناك عناية كبيرة به في هذه المرحلة، والحمد لله فأنا في السنوات الثلاث الأولى من حياته، كنت أحرص على التواجد معه باستمرار، وهذا الجهد بدأ يعود عليَّ بالراحة نسبياً الآن».

زوج عصري

عن دور زوجها في حياتها كامرأة عاملة تقول: «رغم مسؤولياته الكثيرة من خلال عمله كمستشار قانوني في مجال البنوك، لكنه يساعدني كثيراً في التغلب على المشكلات التي تواجهني كامرأة عاملة، من خلال الدور الكبير الذي يقوم به في حياتي والحرص علي راحتي النفسية، فهو متفهم لطبيعة عملي ويشجعني على النجاح ويحاول أن يعوض الوقت الذي لا أستطيع الوجود فيه في المنزل مع ابني، باختصار نحاول أن نكمل بعضنا البعض ونساعد بعضنا على النجاح، حيث يرى أن نجاحي في عملي نجاح شخصي له، وأنا أبادله الشعور وأرى نجاحه في عمله نجاحاً لي».

المثل الأعلى

عن مثلها الأعلى في النجاح تقول: «والدي الذي أطلق عليه «جينيراتور حياتي»، أو مولد الطاقة في حياتي، حيث يعمل لواءً في القوات المسلحة، هو نموذج فريد في النشاط والحيوية، وتنظيم الوقت والنجاح في الحياة بوجه عام، لأنه يخطط لكل شيء ولا يترك شيئاً في حياته للمصادفة، وأنا اكتسبت منه هذا الأسلوب، حتى أنني صورة مصغرة منه، فكل شيء في أسلوب حياته كان يؤثر في حياتي، فكنت أتأثر بنظامه ودقته ومتابعته وتقويمه ووجهة نظره وبعدها، كل هذا أثَّر إيجاباً في شخصيتي وحياتي إلى حد كبير».

الإجازة

«تعد الإجازات أحد المتنفسات الرئيسية للخروج من زحام وضغوط العمل والمنزل»، هكذا تقول الدكتورة جهاد وتضيف: «نحاول أنا وزوجي تعويض ابننا يوسف بأن نكون موجودين معه طوال الإجازات، سواء في المنزل أو المتنزهات، ونقوم بتنظيم لقاءات عائلية، لأن كثيراً من أفراد العائلة لا يستطيعون الوجود معنا في أيام العمل، فنحاول تعويض ذلك أيام الإجازات، سواءً أيام الإجازة الأسبوعية العادية أو العطلات الرسمية، ونحاول أن نكون موجودين دائماً مع بعضنا من خلال زيارة أسرتي وأسرته والأصدقاء والأقارب، لأننا اجتماعيان بطبعينا».

السرّ

أثناء ذهابنا معها إلى العمل، قالت الدكتورة جهاد عن السر في نجاحها في العمل وتطوير نفسها باستمرار: «حصلت على دورات تدريبية في سن مبكرة أثناء دراستي في الجامعة وبعدها، فمثلاً حصلت على عدد كبير من الدورات التدريبية الدولية ودبلومات في مجال الإدارة، خاصة إدارة الأزمات، وأتذكر أنني التحقت بدورة كانت مدتها قرابة السنة باليابان، وكانت دورة إعداد قيادات، والشهادة الخاصة بها تعادل الماجستير، وكانت مؤثّرة جداً في حياتي، لأنها كانت في مستهل حياتي العملية وتعلمت من خلالها كيف أقود فريق عمل بالحب».

نزلنا من السيارة ودخلنا معها إلى مكتبها في وحدة الأورو متوسطي، وفوجئنا بمدى حب العاملين لها، بدءاً من الساعي وكل العاملين والعاملات معها في الوحدة، سألناها عن سر هذا الحب، فقالت: «الخبرات التي اكتسبتها في حياتي وراء هذا النجاح، فمثلاً تعلمت أسلوب «القيادة بالحب» والتشجيع المستمر لاستخراج أفضل ما لدى كل من يعملون معي، وقد لاحظت هذا في اليابان بشكل كبير، وعايشته لمدة سنة من خلال الدراسة والحياة العامة. كما تعلمت من والدي أسلوب القوات المسلحة في الحزم والشدة وقت اللزوم مع المستهتر الذي لا تنفع معه القيادة بالحب، أي إنني أطبّق مبدأ «الثواب والعقاب» بكل عدل وشفافية، بعيداً عن المجاملات التي أمقتها بشدة، لأن الوساطة والمحسوبية أضاعتا كثيراً من الحقوق، بل إنهما البوابة الذهبية للفساد بكل أنواعه».
تقول الدكتورة جهاد إنها بعد يوم العمل الشاق في الاجتماعات والمحاضرات، تعود إلى منزلها لتناول وجبة الغداء الخفيف، وقد تستريح ساعة على الأكثر ثم تستيقظ لتواصل رحلة حياتها مع زوجها وابنها يوسف، وتطمئن على تنفيذ ما كلّفت به المعاونين لها في المنزل، وتراجع ما أخذه ابنها في المدرسة، كما تقوم ببعض الاتصالات العائلية حرصاً على التواصل الاجتماعي».

وعن اللحظة التي يمكن عندها التوقف عن العمل قالت: «إذا شعرت أن هناك ناقوس خطر داخل المنزل، يتطلّب وجودي الدائم فيه، وقتها فقط يمكن أن أتوقف عن العمل وبدون تفكير، أياً كانت الدرجة الوظيفية التي وصلت لها، وعندما يمس العمل احتياجات المنزل وتتعرض حياتي الأسرية للخطر، فلابد أن أتوقف على الفور لأن أسرتي هي مسؤوليتي الأولى وسيحاسبني ربي عليها. لكني على ثقة أن هذا لن يحدث، لأن زوجي متفهم جداً لطبيعة عملي، سواء في ساعات العمل الرسمية أو إذا ما اقتضى الأمر ساعات عمل إضافية، وهو ما قد يؤدي إلى عدم وجودي لفترة طويلة في المنزل. وعندما أكون موجودة في محافظات أخرى أو خارج البلاد، فهو متفهم لهذا الأمر جداً، ويشعر بأن كل هذا يعود علينا بالفائدة، لأن كل تجارب الحياة تعود على الفرد بفائدة، وتعزز خبراته ومهاراته وعقليته، وكل هذا بالطبع ينعكس إيجاباً على المنزل».

شهادة الزوج

ويقول المستشار ساهر كمال عن نجاح زوجته في البيت والعمل معاً: «لا أشعر بالضيق إطلاقاً رغم كثرة مسؤولياتها، بل إنني أساعدها في إنجاز بعض المهمات إذا اقتضى الأمر، لأنني مؤمن بأن المرأة لا بد أن تعمل وتنجح، لأن نجاحها يعود عليها وعلى أسرتها بالنفع. وإذا كانت ظروف عملنا تقتضي أن نكون موجودين لفترة كبيرة خارج المنزل فنحن نتواصل هاتفياً للاطمئنان على بعضنا، ويكمل بعضنا البعض، وعندما يكون أحدنا مقصراً في أحد أدواره يقوم الطرف الآخر بتعويض هذا التقصير بكل حب. ونحاول أن نتجنب قدر الإمكان أي تأثير سلبي للعمل على المنزل، وتعويض تقصيرنا النسبي في حق الابن والمنزل، بأن تكون الأوقات التي تجمعنا بعيدة عن أي حديث في هموم العمل إلا في أضيق الحدود، وأن ننتهز أي فرصة لتمضية أيام عطلتنا بشكل كامل مع بعضنا، سواء في القاهرة أو خارجها».

سألنا المستشار ساهر: هل يمكن في يوم من الأيام أن تطلب من زوجتك التوقف عن العمل أو أن تغار من نجاحها؟

كانت إجابته القاطعة: «مستحيل أن أجبرها على ترك عملها، لأنني مؤمن بمبدأ الحريات أولاً، وأرى أن  نجاحها في عملها هو نجاح لي. وزوجتي شخصية جادة جداً وتحترم عملها بشكل غير طبيعي، وتبذل جهداً كبيراً جداً لا يمكن أن يعلمه أحد غيري. فأنا لا يمكن أن أتخيّل أن أحداً من زملائها في العمل يعرف مدى الجهد الذي تبذله، فهي لو نامت أربع ساعات في اليوم يكون هذا الحد الأقصى. ولست مبالغاً إذا قلت إنها في الحياة الطبيعية اليومية آخر من ينام وأول من يستيقظ، وأكثر فرد في أسرتنا عليه أعباء، لأنها أمٌّ إلى جانب عملها، فلابد أن ترعى ابنها وبيتها، وفي الوقت نفسه تبذل مجهوداً جباراً في عملها».


يوم في حياة إمرأة عاملة المُعيدة والمستشارة النفسية السعودية رولا عاشورلن أصحّح أوضاع الغير وأتجاهل حياتي وعائلتي

بدأت عملها بعد التخرج من الجامعة. تزوجت واستمرت في العمل في مستشفى جدة للتوحد لمدة أربع سنوات. توقفت عن العمل إلى ما بعد إنجابها بناتها الثلاث، فكانت فترة الانقطاع طويلة. عادت إلى مزاولة عملها وتدرّبت سنتين في مستشفى الدكتور عرفان وباقدو تحت إشراف الدكتورة ابتسام دخاخني، ومن ثم حصلت على وظيفة في كلية دار الحكمة، لتتدرج من التدريس إلى منصب الاختصاصية النفسية للجامعة.  «لها» التقت المعيدة السعودية في دار الحكمة والمستشارة نفسية، وزوجة المهندس مهند شهاب، رولا محمد عاشور وهي الأم لثلاثة فتيات: جود (12 سنة)، و تاليا (9 سنوات)، و مايا (7 سنوات)، لتعيش معها يوماً في حياتها العملية والعائلية، وترى عن قُرب ماذا احتل الأولوية في حياتها، عملها أم عائلتها؟


«
بناتي خط أحمر  وأرفض إهمالهن على حساب عملي»

45 ساعة عمل تحتل من وقتها خلال الأسبوع بين الجامعة والعيادة الخاصة بها (ACT) التي  تُعنى بالاستشارات العائلية والنفسية والتي لا تبعد عن منزلها سوى دقائق قليلة، وهي التي تعمّدت أن تكون قريبة من منزلها لتتمكن من البقاء بين عملها وعائلتها بشكل متوازن.  رغم ضغوط العمل ومتطلباته، تعتبر أولادها وعائلتها من أولوياتها في الحياة. لا يعيقها أي حادث عن الوجود الى جانب بناتها وعائلتها: «أحرص على أن أستقبلهن بعد المدرسة، لنتناول طعام الغداء معاً. وأتابع دراستهن وتحضيرهن لأداء واجباتهن المدرسية، ومن ثم أخرج إلى العيادة في أوقات معينة، لأعود إلى المنزل وأبقى مع بناتي إلى أن يحين موعد نومهن. وقد أعود إلى عيادتي إن كان لدي ارتباطات بمواعيد».  وأشارت إلى حرصها الشديد على حضور اجتماع الأهالي الخاص ببناتها في مدرستهن، وهذا ما تبدّيه على أي موعد خاص بها أو بالعمل. كما تمضي إجازة نهاية الأسبوع برفقة بناتها ومع أنشطتهن، وخصوصاً السباحة والرسم.  وتقول: «أحرص على أخذ مواعيد عملي أثناء انشغالهن في دراستهن من واجبات ودروس خصوصية، لأعود بعد ذلك إلى المنزل حيث تستقبلني ابتساماتهن التي أشتاق إليها دائماً ولا تفارق مخيلتي، وكلمة جميلة من زوجي الذي لا يُشعرني إلا بالدعم والمساندة، لأدرك بعدها أني ناجحة حقاً في حياتي العملية والعائلية. ولو أني أحسست بتقصير تجاه عائلتي وزوجي بسبب عملي، فمن المؤكد أنهم  سيكونون أولويتي قبل أي شيء. ولن أصحح أوضاع الغير وأتجاهل حياتي وعائلتي».

«زوجي الركن الأساسي في حياتي»

ومع غيابها في بعض الأحيان أثناء تأدية بناتها وظائفهن المدرسية، يأتي دور الزوج والأب المهندس مهند شهاب الذي لا يتوانى عن مساعدة بناته ومساندتها في عملها. تقول: «زوجي هو الركن الأساسي في حياتي وحياة بناتي، ولولا وجوده الى جانبنا لكان الأمر أصعب بكثير، فهو يهوّن عليّ الصعاب التي أواجهها في حياتي. وإن تغيّبت عن مناسبة ما، أجده أول الحضور والداعمين لبناته. كما أنه يشجعني دائماً ويحضني على العطاء والمزيد من الاستمرار. حتى إن تطلب عملي السفر إلى الخارج فهو من أول الداعمين لي، وهذا ما يُشعرني بمسؤولية كبيرة للاستمرار في الطموح، ويُعطيني دفعاً أقوى للإنتاج، خاصة أن بجانبي زوجاً أستطيع أن أعتمد عليه».

«عملي مكّنني من تحقيق التوازن مع بناتي»

حدث  أن تغيبت عاشور عن بناتها مرة واحدة في حفلة أقامتها المدرسة: «كنت على موعد مع عميدة الكلية في الجامعة في تمام الثامنة صباحاً، وقد أبلغتني ابنتي بموعد الحفلة في الصباح الباكر، فلم يكن بإمكاني اللحاق بالاجتماع والحفلة معاً،  فما كان مني سوى الاتصال ببناتي والاعتذار لهن عن عدم تمكني من الحضور.  ولعل أكثر ما أسعدني عند إنهائي للمكالمة هو تفهمهن لعملي بقولهن: «عودي إلى عملك يا أمي، فهذا واجبك، وعندما نعود إلى المنزل سنخبرك بما حدث معنا».

وشرحت أن ما أوصلها إلى هذا النوع من التوازن بينها وبين بناتها هو طبيعة عملها التي ساعدتها في تربيتهن: «عملي ساعدني في الاستماع إليهن بطريقة حديثة،  فأتفهم طبيعة أعمارهن خاصة ابنتي الكبرى في بداية مرحلة المراهقة، فتجدينني أتعامل معها بأسلوب ناضج يناسبها ويناسبني، حتى وإن احتدّ النقاش بيننا في أمر ما، لا أخوض معها في جدال بل على العكس أتركها لتأتي وحدها بعد ذلك إن رغبت في التحدث عن ما يضايقها، وبالتأكيد ستجدني بالقرب منها مستمعة جيدة».

وترى عاشور أن نجاح الحياة العملية والعائلية لا يقاس برقم أو نسبة مئوية، لأن هذا النجاح لا يُكلّله إلا دعم العائلة ومساندة الزوج وتفهم الأبناء في ما بعد. تقول: «بناتي اليوم في سن أستطيع مشاركتهن واستشارتهن في الأمور المتعلقة بيننا، سواء في عملي أو في نشاطاتهن المدرسية أو الاجتماعية. وأكاد أجزم بأني لا اتركهن إلا عند نومهن، وأحرص على الاستمتاع بتمضية أوقات مميزة معهن والاستماع إليهن».