مهنة «الستايلست» في السعودية: لمسات تعزز في الثقة في النفس أم تدخل في الخصوصيّة؟

المجتمع السعودي,مجال جديد,ملابس,أكسسوارات,أحذية,خبيرات الأزياء

ميس حمّاد (جدة) 08 أغسطس 2015

برز في المجتمع السعودي أخيراً مجال جديد تستطيع من خلاله المرأة الاهتمام بمظهرها من الألف إلى الياء، من طريق تعاملها مع خبيرة في الأزياء والمظهر، تساعدها وتنصحها في اختيار الأنسب لها فتواكب الموضة بما يلائم صورتها الخارجية في المجتمع، وبلمسات خاصة من حيث اختيار الملابس والأكسسوارات والأحذية المناسِبة. فكما يُقال إن الملابس تؤثر في العواطف وتغيّر الأحاسيس والحالة المزاجية، سواء من حيث الألوان والقصّات والتسوق، يبقى السعي وراء المظهر اللائق والألوان المتناسقة هاجساً لدى الكثيرات ليظهرن بحُلّة تليق بهن وبمجتمعهن. وعلى الرغم من تحفظ البعض، خوفاً من تدخل الغرباء في مظهرهن الخارجي، إلا أن الإقبال كبير من السيدات والفتيات اللواتي استعنّ بخبيرات الأزياء.
«لها» التقت خبيرتي المظهر والأزياء هلا الحارثي ونهى سندي، ومصممة الأزياء السعودية ليلى بشارة، اللواتي أطلعننا بدورهن على طبيعة عملهن والتحديات التي صادفتهن، وتعزيز الثقة لدى السيدات في هذا المجال.


خبيرة المظهر والأزياء هلا الحارثي: أرى نفسي بعد سنوات عدة صاحبة أول مركز استشارات للموضة
هي سعودية وأم لطفلين، تفخر بعروبتها وأصالتها، رغم أنها عاشت فترة طويلة خارج السعودية. اكتشفت موهبتها منذ الصغر، إذ كانت تدفعها الرغبة في الابتكار الى تجربة مختلف أنواع الفنون. تقول: «اكتسبت عشق الأناقة والموضة من والدتي، فأحببتها منذ سن الثامنة. كنت أختار ملابسي بنفسي، واعتدت على اختيار الأكسسوار الكبير ذي الألوان الزاهية، ومع ذلك لم أكن أشعر بالاكتفاء عند وضع خاتم أو أقراط صغيرة».
حولت شغفها بالموضة والتسوق إلى هواية وعمل ومصدر ربح وفير، ووجدت نفسها تميل الى عالم الأزياء. عن هذا تؤكد: «لديّ شغف بالموضة والتسوق، واستطعت استغلال هذا الشغف كدافع لي في عملي. فأنا في طبيعة الحال أقدّر الفن بكل أصنافه، وأشجع السيدات السعوديات على السعي إلى تحقيق أحلامهن، وإدخال البهجة في نفوسهن من خلال تقديم النُصح والمشورة لهن، في ما يخص مظهرهن الخارجي، ليظهرن في المجتمع بشكل لائق».  
بدأت الحارثي مشوارها في الموضة منذ عامين، وتقول: «كنت أتسوّق وأساعد عائلتي وصديقاتي المقرّبات في اختيار أزيائهن. وعندما لمست الإقبال الكبير في هذا المجال من محيط عائلتي وصديقاتي، قررت الحصول على شهادة متخصصة ومعتمدة دولياً في الأزياء، فالتحقت بأكاديمية «ستيرلنغ ستايل» العالمية في نيويورك، وحصلت منها على شهادة تخصص في استشارات الأزياء والموضة... عُدت بعدها الى السعودية لأبدأ مشواري في عالم الأزياء والموضة».
أنهت الحارثي دراستها في علم النفس، واستطاعت من خلال هذا الاختصاص تعلم كيفية التعامل الفضلى مع عميلاتها، لأنها ترى أن «التسوق وارتداء الأزياء، يُدخلان السعادة الى قلوب النساء، ويزيدان من ثقتهن بأنفسهن، مما ينعكس على أسلوبهن في التعامل مع الآخرين».
ترى الحارثي أن مصطلح الـ (fashion styling) جديد في السعودية، «وتكمن الصعوبة بأن هناك كثيرات يتصورن أن عمل «الستايلست» ينتقص من ذوقهن، لكن الأمر خلاف ذلك. فمهمة «الستايلست» تنحصر في إبراز الشخصية من خلال الأزياء والعمل وفق موازانات معقولة للتسوق المتدرج. وقد يستغرب البعض عدد السيدات اللواتي يأتين إليّ ويطلبن المساعدة في اختيار ما يناسبهن من أزياء. كما أن تقبّل المرأة السعودية نصيحة «الستايلست» أمر صعب وحساس، لكنني استطعت بفضل قناعتي التامة بأهمية هذا المجال، وبالطبع ضمن حدود العادات والتقاليد المتعارف عليها في مجتمعنا، من إقناع الكثيرات بأهمية هذا الأمر، ورغم ذلك تبقى خصوصية الكثيرات من نساء المجتمع محل تقديري واحترامي».
وتضيف الحارثي: «لدينا الكثير من الفرص لنشكّل نقطة تحول في المجتمع، ونصنع الموضة الخاصة بنا وبهويتنا، والتي تعبر عن ثقافتنا لنصل إلى العالمية. فنحن نملك أفضل المصممين في جدة، وليس لديّ أدنى شك بأن جدة ستكون يوماً ما مركزاً للمصممين والفنانين. وأرى نفسي بعد سنوات عدة صاحبة أول مركز استشارات للموضة، إذ أعمل حالياً على إنشاء مركز خاص بي في هذا المجال».
وتؤمن الحارثي بأن كل فرد يمتلك شخصية مختلفة تجعله مميزاً، ويجب ألا تدفن أو توضع في غير محلها. وتضيف: «أحاول استشعار مدى قابلية النساء على تغيير ذوقهن، وإيجاد ما يناسبهن من أزياء. فإذا سمحت عميلاتي بإضافة ذوقي الخاص على أزيائهن، لا أتردد في تنفيذ رغباتهن، وإن لم يسمحن لي بالتدخل، أمضي خطوة خطوة لأجد ما يناسبهن في صرعات الموضة».
تعتبر الحارثي مواقع التواصل الاجتماعي «من أقوى سبل الدعاية والاعلان، وقد قمت بالاستعانة بها لإيصال طبيعة عملي، واستعراض ما أقوم به لإظهار ذوقي للجميع. ولن أنسى أن الله قد وهبني عائلة تدعمني دائماً لتحقيق طموحي وتطلعاتي، وتدفعني الى الأمام لبلوغ النجاحات».  

خبيرة المظهر والأزياء نهى سندي: على السيدات أن يخترن ما يناسبهن من الموضة ويضعن لمساتهن الخاصة عليها
«المعرفة، الثقة، والإبداع»، شعار خبيرة المظهر والأزياء السعودية نهى سندي، فترى نفسها «شخصية عفوية، أحبّ الموضة والأزياء، وأهوى كل ما يتعلق بالفن، لذلك اتجهت إلى مجال الموضة والأزياء، باعتبار ذلك جزءاً كبيراً من فنون الحياة. ولا أنسى قبل هذا كله أنني زوجة وأم، وأحرص على أن يبقى هذا الأمر أولوية في حياتي، لذا اخترت هذا المجال لئلا أتقيد بساعات عمل معينة تبعدني من عائلتي. من اهتماماتي التي لاحظتها أخيراً من خلال عملي، مساعدة الآخرين في زرع الثقة بالنفس، إذ إن نساء كثيرات لا يُحسنّ الاختيار عندما يتعلق الأمر بالملابس والألوان».
اكتشفت سندي موهبتها في مجال الموضة والأزياء منذ الصغر، بحيث كانت تتسوق مع والدتها وتختار الملابس، وتملك القدرة على تنسيقها، فحوّلت هذه الهواية إلى مهنة. تقول: «موهبة مثالية بدأت معي في سن مبكرة، ومن ثم عززتها بالدراسة، وبدأت تنمو معي شيئاً فشيئاً، إلى أن أصبح الطموح والشغف من خلال عملي، جزءاً لا يتجزأ من حياتي، وليس كوظيفة فحسب».
خاضت سندي هذا المجال منذ 10 سنوات، وتضيف: «كنت أقوم بتنظيم المعارض لمصممات سعوديات في مختلف المجالات (ملابس، أكسسوارات، عباءات) وغيرها، وعملت خبيرة شراء أزياء Fashion Buyer لدى شركة تسوق إلكترونية، حيث اكتسبت الكثير من الخبرة، ثم التحقت بـ  London College Of Fashion، وحصلت على شهادة في تنسيق الأزياء، ومن بعدها أسست كياني الصغير Styling Diva Fashion Consultancy حيث قدمت الاستشارات في كل ما يتعلق بالموضة والأزياء، وطريقة اللباس والماكياج والشعر. ولدي مدونة على «انستغرام»، و «فايسبوك». وأُقيم أيضاً دورات للأزياء والموضة للبنات من سن السابعة إلى 17 سنة، لأعلّمهن أهمية الألوان وكيفية تنسيقها، إلى جانب أشكال الجسم المختلفة وما يناسبها».
وعن التحديات التي تواجهها، قالت: «هناك الكثير من التحديات، يأتي في طليعتها التعامل مع العميلات وإقناعهن بطريقة اللباس المناسبة، كما يتوجب علي سرعة اتخاذ القرار، وتنسيق أدق التفاصيل، وأحرص كذلك على التعامل مع مختلف الأذواق والسعي الى تحفيز الجميع ومساعدتهن على التوصل إلى ما يردن. هذا بالإضافة الى التمتع بالمهارة لإقناع العميلة بتنفيذ ما يناسبها».
وذكرت سندي أن الآلية المتبعة لدى من تحتاج الى نصيحة في الأزياء والملابس، تتلخص بأنها تركز دائماً على مساعدة العميلات «لاكتساب الثقة بأنفسهن، ومساعدتهن على الوصول الى أفضل مظهر، كما أتبع خطوات معينة في تعاملي مع العميلة، في البداية أتعرف إليها لأدرس شخصيتها وأسلوب حياتها والألوان المفضلة لديها والأشكال (بوهيمي، كلاسيكي أو حديث)، واختيار المناسب منها. كذلك يجب أن أتعرف إلى شكل الجسم وما يناسبه، لإظهار الأفضل. كما أطّلع على خزانة العميلة وأستخرج الملابس وأصنّفها من حيث الاستخدام الأكثر أو وعدمه، وأسباب عدم استخدام قطع معينة، وما يمكن ارتداؤه، وإعادة تنسيق الملابس، كتقصير بعض القطع أو تعديلها. والخطوة الأخيرة تكون في التسوق، فاختيار العميلة المحال التي نذهب إليها، ينم عن الأسلوب أو الستايل المفضل، والموازنة التي تريدها».
بين فترة وأخرى، تحب سندي التنويع في استخدام الألوان وتغيير اللوك، وتنصح دائماً بارتداء الزي المناسب للزمان والمكان المناسبين، وتؤكد: «لا يقتصر الأمر على اختيار الملابس فقط، وإنما يشمل طريقة الشعر والماكياج والأكسسوارات التي تلعب دوراً مهماً في إبراز الملابس. وعلى السيدات أن يعرفن أن هناك صيحات للموضة لا تناسبهن، لذا عليهن اختيار الأنسب لهن ولمجتمعهن، بالاستعانة بلمستنا الخاصة. وأنا أسعى دائماً إلى إرضاء عميلاتي، وأحب أن أرسم الابتسامة على وجوههن ليشعرن بالسعادة والثقة».
تحرص سندي على معرفة ألوان عميلاتها المفضلة، «كي لا يطغى ذوقي على اختيار ملابسهن، فلكل انسانة شخصيتها المميزة والتي تبرز من خلال ما تلبس، وأحياناً لا تملك السيدة النظرة الكافية لتختار ما يناسبها من قصات وألوان، وهنا يأتي دوري كخبيرة أزياء ومظهر».
تؤمن سندي بدور مواقع التواصل الاجتماعي «من حيث التعرف الى كل جديد في عالم التصميم، وحضور العديد من المعارض، وكل ما يتعلق بالموضة في دبي وبيروت ولندن. وقد استفدت من هذه المواقع في جلب العديد من العميلات، وأيضاً في التسويق والتعريف بدورات الأزياء والموضة التي أقدمها للفتيات».
وتختتم سندي: «عائلتي تساندني دائماً، إذ ألقى الدعم من والدي ووالدتي، وزوجي الذي ساعدني وشجعني ودعمني في طبيعة عملي، من حيث السفر وحضور عروض الأزياء في الخارج. ولا أنسى أبنائي الذين لعبوا دوراً في نجاحي، وخصوصاً ابنتي لين التي ألهمتني في الكثير من المشاريع».

مصممة الأزياء ليلى بشارة: أطمح في الوصول الى العالمية
ليلى بشارة (سعودية)، أنهت دراستها الجامعية في كلية دار الحكمة، وحملت شهادة البكالوريوس من قسم الأعمال. بدأت حياتها المهنية موظفة في شركة لمدة ست سنوات، بعيداً من مجال الأزياء. وفي تلك الفترة، شعرت بميولها الى عالم الأزياء، هي التي بدأت تُصمم قطعاً خاصة بها تنال إعجاب العائلة والصديقات، لتتحول بذلك من عالم الأعمال إلى الأزياء والموضة. عن ذلك تقول: «اكتسبت ميولي في تصميم الأزياء وتنفيذها من والدتي التي كانت تصمم العباءات والثياب التقليدية. وأنا في الجامعة كنت أزور «رفقتها محلات الأقمشة، وكانت تعلّمني التمييز بين أنواع الأقمشة واستخداماتها والموديلات التي تناسبها. فكبُر الشغف بداخلي، وشعرت بأنني حددت مكاني في عالم الأزياء، والموضة ضرورة تخدم شغفي بالتغيير ونجاحي في هذا المجال. فقررت خوض عالم الأزياء والالتحاق بدورات تدريبية تخدمني وتجعلني أسير في مجال تصميم الأزياء بخطوات ثابتة، فحصلت على دبلوم في التصميم من كلية Esmod في دبي، وهي جامعة فرنسية فرعها الرئيسي في فرنسا، كما خضعت لدورات مكثفة في تنسيق الأزياء في لندن».
في أثناء دراستها الجامعية، تمكنت بشارة من العمل على مجموعتها الأولى، وبدأت بتصميم القطع، «استغرقت مجموعتي الأولى سنتين من التصميم والتنفيذ، وأردت أن أكون على قناعة تامة بكل القطع مهما استغرقت من  وقت».
تغلب على أزياء بشارة الجرأة والكلاسيكية، «وفي الوقت ذاته تواكب الموضة، وفيها طابع أنثوي، وحتى ألوانها مميزة، الألوان التي تتماشى مع لون بشرة نساء الخليج وتمنحهن «اللوك» الأجمل. كما أن الألوان الأقرب إليّ هي، الأحمر والفوشيا والبرتقالي والأبيض، وسأعمل على مزجها ضمن ألوان أخرى، بحيث يحمل التصميم لونين يتماشيان مع بعضهما بعضاً، لأنني أشعر بأن النساء لا يملكن الجرأة في ارتداء القطعة التي تحمل على سبيل المثال لوناً برتقالياً كاملاً، أو أحمر».
تنصح بشارة بالأكسسوارات والأحذية التي تلائم الأزياء التي تصممها، وتعرض من خلال صفحتها على «انستغرام» بعض الموديلات التي تحوي صور الأزياء والأحذية والأكسسوارات والحقائب الملائمة. وتتراوح أسعار القطع لديها بين 1300 و2000 ريال في ما يتعلق بالـ «تي شيرتات»، بينما تصل أسعار القطع الرسمية الى 2400 ريال سعودي.
وعن التحديات التي واجهتها في مجال تصميم الأزياء، أكدت بشارة: «لعل التحدي الأول يكمن في أنواع الأقمشة، وبما أنني حريصة على التميّز في خامات الأقمشة المستخدمة مثل الكريب والأورغانزا في أزيائي، فكان مصدر معظم الأقمشة باريس وإيطاليا ودبي. كما واجهت مشكلة الخياطين، فمن أجل العثور على خياطين مخصصين لتصاميمك، لا بد من وجود مشغل، وهذا يحتاج الى تصريح لمن يحملون شهادة في الخياطة. أنا أحمل شهادة في الخياطة من دبي، لكن من لا يملك الشهادة لا يستطيع الحصول على تصريح. وأتمنى أن يتوافر في السعودية مصنع أو تجمّع للخياطين خاص بمصممي الأزياء، بأسعار معينة، وصورة نهائية، وجودة مميزة للتصميم. وما يعترضني أيضاً وجود محل خاص بي، فأكتفي بالـ «سوشيال ميديا»، لكنني أطمح الى إنشاء محل يحمل اسمي.
خاضت بشارة تجربة تنسيق الأزياء مع المغنية العراقية شذى حسون التي فازت في برنامج «ستار أكاديمي». عن هذه التجربة اختتمت بشارة بالقول: «كانت تجربة جميلة جداً، سنحت لي الفرصة لأنسّق أزياء الفنانة الجميلة شذى حسون، لكن تحت ضغط كبير. تم اعطاؤنا ساعة من الوقت، وموازنة لا تزيد على ١٠ آلاف ريال لنختار طلة كاملة لمناسبة عشاء في منزل السفير العراقي، ويجب علينا اختيار فستان وحذاء وحقيبة وأكسسوار، وحتى اختيار الماكياج وتسريحة الشعر التي تناسب شذى. وحرصت على أن يكون الزيّ أنيقاً جداً، واللون كلاسيكياً، ويتصف بالحشمة نوعاً ما، لأن هذا من بنود البروتوكولات المتبعة عالمياً في الزيارات الرسمية. وبالفعل تم اختيار الزيّ الذي حدّدته لها، وشعرت بسعادة وثقة كبيرتين جداً».