خناقة على طفلة تكشف عصابة إتجار بالأطفال

عصابة خطيرة,اعترافات,خطف,شراء الأطفال,امرأة بلا قلب

نسرين محمد (القاهرة) 09 أغسطس 2015

سيدتان تتوقفان في أحد الميادين الرئيسية في حي شعبي شهير، وبصحبة إحداهما طفلة لم يتجاوز عمرها الأربعين يوماً بعد، تتشجاران عليها في صورة أثارت انتباه كل من شاهد الموقف، ليبادر أحد المارة باستدعاء الشرطة في محاولة منه للاستفسار، ليكشف الأمر عن عصابة خطيرة ضحيتها أطفال أبرياء تتزعمها السيدتان بمعاونة طليق إحداهما.

كانت الساعة تقترب من الخامسة مساءً، عندما توقف «سيد» في أحد ميادين حي مصر القديمة العتيق جنوبي القاهرة، في انتظار حافلة نقل عام تقلّه إلى منزله وهو عائد من عمله في أحد البنوك كعادته كل يوم.

مشهد مثير
الميدان يزدحم بالمارة ووسائل المواصلات، في صورة صنعت حالة من الصخب كان يصعب معها أن تسمع صوت من يقف على بعد أمتار عدة منك، لكن طول انتظار سيد فرض عليه أن يتفحص المارة في محاولة منه لكسر الملل حتى يصل الباص الذي يقلّه إلى منزله. مشهد غير مألوف تابعه الرجل، سيدتان تقفان في وسط الميدان تتشاجران على طفلة، تحاول كل منهما الفوز بها من خلال جذب الصغيرة من يد الأخرى، الأمر الذي لفت انتباهه من دون أن يدرك في البداية وجود جريمة.

عبارات الشك
استمرار المشهد وتدخل رجل لمناصرة إحدى السيدتين، جعلا سيد يجتهد في الإنصات إليهما وسط هذا الزحام... أمور عدة أثارت الشك في داخله وجعلته يسرع في اتخاذ قرار إيجابي، كان سبباً في كشف جريمة ارتُكبت. أسرع سيد إلى أول الشارع يستنجد بشرطي مرور يقف في إحدى الإشارات، لمساعدته في استدعاء رجال مباحث مصر القديمة لإنقاذ صغيرة مختطفة على يد سيدتين في الميدان. كانت استجابة الشرطي أسرع مما تخيل الرجل، حيث أجرى مكالمة من هاتفه مع غرفة عمليات القسم، وأبلغ بالتفاصيل التي حصل عليها، ثم توجه بصحبة سيد ليتحفظ على السيدتين الى حين وصول قوة من قسم الشرطة.

إثبات العلاقة
لم يكن الشرطي بمفرده قادراً على السيطرة على الموقف، لكن تدخل الأهالي كان كفيلاً بمساعدته لمنع السيدتين من الهرب، بعدما عجزت كل منهما عن إثبات علاقتها بالطفلة الصغيرة. لحظات وحضر رجال المباحث واصطحبوا السيدتين والطفلة وبصحبتهما رجل تبيّن في ما بعد أنه طليق إحداهما، لتكشف التحقيقات عن تفاصيل العديد من الجرائم، ضحاياها أطفال أبرياء وقعوا في براثن أشخاص بلا رحمة.

الاعتراف
ساعات من الإنكار والادعاء قضاها رجال المباحث مع المتهمين، حتى نجحوا في نزع اعترافاتهم بشراء الصغيرة من والدتها التي أرادت التخلص منها مقابل ألف جنيه حصلت عليها من المتهمين.
توالت الاعترافات لتكشف عن نية المتهمين بيع الصغيرة الى أحد الأشخاص مقابل مبلغ 25 ألف جنيه، إلا أن طمع كل منهم كان سبباً في وقوعهم في قبضة رجال المباحث. لم تكن المشاجرة التي شهدها الميدان بين المتهمين الثلاثة، إلا بسبب اختلافهم على نصيب كل منهم في المبلغ المتفق عليه قبل أن يتم تسليم الصغيرة الى المشتري الجديد، وهو الخلاف الذي كان سبباً في إثارة انتباه المارة، الذين عندما استمعوا الى النقاش، أبلغوا الشرطة بخطف الصغيرة.

العاقر والوسيط
لم تكن المتهمة الأولى أماني إلا امرأة عاقراً تبلغ من العمر 44 عاماً، تزعمت عصابة لبيع الأطفال بالاشتراك مع صديقتها خديجة (33 عاماً)، وطليقها هشام (33 عاماً)، عاطل من العمل، ويقوم بدور الوسيط في إيجاد مشترٍ للصغيرة. حاولت أماني الفوز بنصف المبلغ المتفق عليه، لأنها هي التي نجحت في شراء الصغيرة من والدتها، لكن إيجاد هشام المشتري جعله يطالب بنصف المبلغ، ليتفاقم الخلاف بينهما وبين خديجة، التي أخفت الطفلة داخل منزلها حتى تم جلب المشتري.

سيئة السمعة
الاتهامات لم تتوقف عند المتهمين الثلاثة، بل طاولت المرأة التي باعت طفلتها، حيث تبين أنها سيئة السمعة وتُدعى أمنية، تبلغ من العمر 18 عاماً، ارتبطت بعلاقة عاطفية بشاب أسفرت عن حملها بالصغيرة، وبعدما حصلت على وعود من الشاب بالزواج بها لإصلاح الخطأ، تنكر لها لتجد نفسها في الشهر التاسع بلا أب لصغيرتها، فوافقت على عرض بيعها بمبلغ ألف جنيه لتتخلص من فعلتها.
ولأن أماني امرأة بلا قلب، قررت أن تحرم الأمهات مما حرمت منه، فتخصصت في خطف الصغار تارة وشرائهم من أمثال أمنية تارة أخرى وبيعهم لمن يدفع أكثر. عثرت أماني على مشترٍ بمبلغ 10 آلاف جنيه للصغيرة، لكن صديقتها عرضت عليها إيجاد آخر بسعر مغرٍ من خلال طليقها، وحتى يتم ذلك كان عليها الإقامة بصحبة الطفلة الصغيرة طرف صديقتها، كي لا ينكشف أمرها عندما يراها أي شخص بصحبتها وهي عاقر لا تقوى على الإنجاب.

المشتري الأفضل
بالفعل نجح المتهم الثالث في إيجاد المشتري مقابل مبلغ يفوق هذا السعر بخمسة عشر ألف جنيه، لتبدأ الخلافات بينهم على اقتسام الحصيلة، عندما ذهبت السيدتان بصحبة الصغيرة لمقابلته بهدف بيعها. كان الاختلاف في هذه الحالة أمراً إيجابياً، حيث أدت المشاجرة بين الثلاثة الى إلقاء القبض عليهم، ليتم الكشف عن عصابة تخصصت في الإتجار بالأطفال الحديثي الولادة، إلى جانب الكشف عن امرأة باعت صغيرتها مقابل إصلاح خطأ لا ذنب للطفلة به. انتهت اعترافات المتهمين الثلاثة، لكن جهود رجال المباحث لم تتوقف، بحيث يسعون الى ضبط هذه الأم التي اختفت عقب الواقعة، والمشتري الذي كان في طريقه لشراء الطفلة.