النظافة ونمط المعاملة أبرز مشاكل شريكات السكن في لبنان

النظافة,شريكات السكن,لبنان

كارولين بزي (لبنان ) 20 سبتمبر 2015

تشكل النظافة المشكلة الأبرز لفتيات لبنانيات اخترن العيش بعيداً من أهلهن، لضرورات العمل أو الدراسة... بيت الطلبة أو اتخاذ شريك في السكن، موضوع شائك، إذ تحاول كل فتاة أن تغيّر من عاداتها لكي تتأقلم مع عادات مجتمع مغايرة لما اعتادت عليه... المسؤولية تكبر والاستقلالية كذلك، الحرية تزداد ولكن المصروف أكبر، وما يتطلبه هذا الأسلوب من الحياة هو محاولة امتصاص غضب الآخرين وعدم الوقوع في سجالات لا جدوى منها... التقينا عدداً من الفتيات اللبنانيات اللواتي انتقلن للعيش مع شريكات السكن، وكلٌ منهن تحدثت عن تجربتها...


مايا السبع: أحار بين بيت السكن وبيت والدّي
مايا السبع، 31 عاماً، تعمل في السوق الحرة في مطار بيروت الدولي. تعيش مايا في بيت للطلبة منذ نحو 5 سنوات، أي منذ أن التحقت بميدان العمل، وتشير إلى أنها خلال الدراسة كانت تعيش مع والديها في منزل واحد، لكن ضرورات العمل دفعتها للانتقال والعيش في بيت منفصل مع فتيات تعرفت إليهن خلال الإقامة. في الأشهر الستة الأولى، تقول مايا إنها شعرت بأنها غريبة ولم تكن مرتاحة، وتضيف: «عانيت من شريكات السكن،  فمنهن من لا نستطيع العيش معهن من ناحية الأخلاق وأسلوب المعاملة»، وتتابع: «عانيت صعوبة النوم، لكن بعد ذلك اعتدت على الفكرة. المسؤولية كبرت، من ناحية تنظيم الأغراض والطبخ، وغسل ملابسي وتنظيف البيت...
كل هذه المسؤوليات لم تكن مهمتي في منزل والدّي، لذلك كانت صعبة عليّ... بالإضافة إلى إن ثمة فتيات يسرقن بعضهن بعضاً، ولكنني لم أصادف هذا النوع من شريكات السكن، لأنني أحافظ ربما على أغراضي وأضعها في الخزانة وأقفلها بالمفتاح... إلى جانب المسؤولية، ثمة ما هو ايجابي بأننا نتمتع بحيز من الحرية الشخصية، ما لم يكن متاحاً في بيت الأهل».
وتؤكد مايا: «لن أستطيع العودة للعيش مع أهلي مجدداً، لأن ثمة تغيرات طاولت شخصيتي، فبتُّ أشعر براحة أكبر، وأحتك بالناس أكثر. لقد اكتسبت استقلالية وأصبحت أتحكم في قراراتي الشخصية... حالياً عندما أزور أهلي، أراعي كثيراً البيئة التي يعيشون فيها، كما أحار في شخصيتي بين التي تعيش بعيدة عن والديها وتلك التي أتت لزيارتهما».

نور جمال: نعيش أحياناً مع فتيات يفتعلن المشاكل فنتحمل ما لا ذنب لنا فيه
نور جمال، 24 عاماً، تعمل في قسم المعلوماتية في إحدى الشركات. درست لمدة سنة في البقاع وانتقلت للعيش في بيت للطلبة، فوجدت صعوبة في التأقلم مع عادات مكان جديد، في ظل نظام ومواعيد محددة، إذ إن البيت الذي سكنته في البداية كان تابعاً للجامعة... تقول نور إن فتاةً كورية كانت تشاركها غرفتها، وقد تعرفت من خلال ذلك إلى العديد من الأشخاص من مختلف دول العالم.
وتضيف: «عندما انتقلت إلى بيروت اختلف الأمر، لأن بيوت الطلبة في بيروت ليست منضبطة، وهي عبارة عن شقق مفروشة يؤجرها صاحبها أو مستأجرها للطلبة، وتقع في مناطق مزدحمة جداً...
كنت أدفع نحو 250 دولاراً في بيت مؤلف من أربع غرف نوم وصالون ويضم 10 فتيات، لذلك تذمرت كثيراً من ضجيج المنزل وازدحامه، بالإضافة إلى مشكلة النظافة، إذ ثمة فتيات لا يهتممن بغسل صحونهن أو بترتيب غرفهن، بل يثرن ضجة كبيرة في المنزل، لكنني مجبرة على مسايرتهن لأنني أعيش بينهن. تنقلت بين منازل عدة، أحياناً لأنني لم أكن مرتاحة ومرات أخرى لأن صاحب الشقة قرر أن يُنهي تحويل الشقة إلى بيت طلبة فأضطر للبحث عن أخرى. حالياً أعيش في شقة مع ست فتيات».
تتابع: «نتحمل مسؤولية كل شيء يتعلق بحياتنا، مثلاً خروجنا، الابتعاد عن الأهل، ضغط الدراسة إلى جانب الغسيل والتنظيف والمصروف المضاعف، والاستقلالية كلها تشكل مسؤولية وصعوبة لنا... ولاحقاً بعد دخولي ميدان العمل، المسؤولية ازدادت، لأن المصروف بأكمله يُلقى على عاتقنا من إيجار إلى طعام وغيره... ولكن أبرز المشاكل التي أعانيها، هي قلة نظافة بعض الفتيات، وأحياناً نعيش مع فتيات غير ملتزمات ويفتعلن المشاكل، فنتحمل أشياء لا ذنب لنا فيها». 

راغدة: الكيمياء ضرورية بين شريكات السكن
راغدة، 30 عاماً، تدرّس في الجامعة. انتقلت راغدة إلى العيش مع شريكات السكن عام 2009، أي منذ أن أنهت دراستها وقررت التدريس في الجامعة... وكانت المشكلة بالنسبة إليها تكمن في الاستقلالية والاتكال على الذات، إذ إن هذا الوضع مختلف عن الاعتماد على الأهل، وتضيف: «لم أنسجم مع كل الفتيات اللواتي أعيش معهن، فكل واحدة لديها حياتها وأسلوبها في التفكير، ولكن هناك من ننسجم معهن ويشبهننا في التفكير».
وتتابع راغدة: «على الفتيات اللواتي يتجهن للعيش في بيت للطلبة، أن يتعلمن كيف يواجهن الحياة ويتهيأن للصعوبات التي ستعترضهن من خلال الاختلاط بالناس، والتعرف إلى نوعية الفتيات اللواتي يعشن معهن، وبالتأكيد ايجاد طريقة لتجنب المشاكل معهن». وتلفت إلى أنها انتقلت مع صديقاتها للعيش في شقة، ولكن أبرز المشاكل التي واجهتها هي تلك التي تتعلق بتنظيف المنزل والطبخ، وكل مسؤوليات البيت...
مثلاً في بيت الأهل، الأمر مختلف بحيث تُوزع المسؤوليات على أفراد العائلة، لكن مع شريكات السكن تعم الفوضى بعدما يتركن ملابسهن وأدوات المطبخ من دون تنظيف، وتضيف: «من الأجدر أن تكون هناك كيمياء بين الأشخاص الذين يعشون معاً لكي يتفقوا».

مايا الدر: استقلاليتي لم تزد في بيت الطلبة
مايا الدر، 21 سنة، تدرس Bio Chemistry في الجامعة اللبنانية... انتقلت مايا للعيش في بيت الطلبة منذ نحو سنتين، وكانت قد تعرفت إلى شريكتها في السكن خلال الدراسة وقررتا الانتقال معاً إلى بيت للطلبة، كما أن الغرفة التي أقامتا فيها كانت تابعة لبيت الطلبة في الجامعة. وتقول: «المسؤولية كانت كبيرة جداً، إلا أن ما يعزيني أنني متفقة جداً مع شريكتي ومنسجمة معها، ولكن المزعج كان خلال فترة الامتحانات، إذ كنت مُجبرة على البقاء في الغرفة ولا أستطيع الذهاب إلى منزل أهلي».
وتضيف مايا: «لم أشعر بمزيد من الاستقلالية أو بفرق بين بقائي في منزل أهلي وبيت الطلبة، وكنت مع صديقتي نتوزع مهمات التنظيف في ما بيننا، أما في ما يتعلق بالطبخ فلم نكن نعدّه بل نقوم فقط بتسخينه. لكن المشكلة كانت في افتقار الغرفة الى التجهيزات الكهربائية، مثلاً لم يكن هناك تلفزيون للتسلية». وتلفت مايا إلى أن ثمة نظاماً ومواعيد محددة للخروج من الغرفة والعودة إليها، إلا أن هذا الأمر لم يزعجها أبداً.

دينا الدر: نشبت خلافات بيني وبين صديقتي وتركت الغرفة بسبب الاهمال
دينا الدر، 20 سنة، تدرس هندسة ميكانيكية في الجامعة العربية... انتقلت دينا للعيش في بيت الطلبة مع صديقتها منذ أيام الدراسة، لكن نشبت خلافات كثيرة بينهما بسبب إهمال صديقتها الغرفة وعدم القيام بواجباتها. وتضيف: «انتقلت حينها للسكن في غرفة صديقة أخرى، ما أثار انزعاج صديقتي التي سرعان ما غيّرت في سلوكها بعدما أدركت غلطها وانضمت صديقة جديدة للعيش معها في الغرفة».
وتقول دينا إنها لم تواجه مشاكل مع صديقتها الجديدة، وباتت غرفتهما على الدوام نظيفة، وأثناء الدراسة والامتحانات كانت ترتب الغرفة وتنظفها قبل البدء بالدراسة، وفي أيام العطل تنظف الغرفة قبل توجهها إلى بيت أهلها. وتلفت إلى أن هناك بعض الصديقات اللواتي انزعجن من الابتعاد عن ذويهن فعدن إلى منازلهن وتحملن مشقة الذهاب إلى الجامعة والعودة منها يومياً.
من ناحيتي أحببت الحياة في بيت الطلبة لأنني بنيت صداقات مميزة، كما أن استقلاليتي زادت وشخصيتي باتت أقوى... وتشير دينا إلى أن هناك مواعيد محددة للخروج من غرفتها والعودة إليها، الأمر الذي تعتبره مناسباً لها ولصديقاتها.