الفنانون في لجان التحكيم أهي ظاهرة مرتبطة بالظروف؟

29 سبتمبر 2013

تعرّض المردود الفنّي في زمن الثورات العربية إلى نكسات تعدّدت أسبابها وتوحّدت نتائجها على نجوم الغناء أولاً وعلى كل من يعمل في هذا المجال تالياً.
والحال السياسية الأمنية أثّرت من دون أدنى شكّ على الإنتاج الفنّي وعلى إصدار الألبومات، فأفلست شركات إنتاج وأعلنت استسلامها للوضع القائم.
بعضها أغلق أبوابه الفنّية والبعض الآخر قرّر التريّث وعدم القيام بأي خطوة أو مغامرة ريثما تهدأ الظروف التي أوصلت الفنّ إلى حاله الراهنة.
هذا إضافة إلى مشاكل تتعلّق بالقرصنة وسرقة وتسريب المنتج الفنّي دون حسيب أو رقيب، ومشاكل أخرى صغيرة تراكمت حتى أصبحت كبيرة ومؤثّرة.
في ظلّ هذه الأزمة في العالم العربي، تمكّن التلفزيون من قطف مجد النجوم وتوظيفه في خدمة برامجه الترفيهية التي كانت في الأساس تعتمد على أكاديميين وأساتذة موسيقى بعيدين عن النجومية بمعناها المتداول جماهيرياً.
هكذا راح فنانو الدرجة الأولى يقبلون العروض المغرية من بعض القنوات وينخرطون في برامج اكتشاف المواهب ضمن لجان تحكيم تتوسّع سنة بعد أخرى، حتى صارت هذه البرامج بديلاً عن الحفلات الغنائية للبعض، في حين أنكر البعض الآخر تأثّره بالأزمة القائمة وعزا سبب قبوله أن يكون عضواً في هذه البرامج إلى غاية في نفسه لا يجوز أن تقوّل أو تفسّر من جانب الإعلام.
فماذا قال الفنانون عن سبب قبولهم الانضمام إلى لجان تحكيم برامج الهواة؟


نجوى كرم

تعتبر من أوائل نجوم الصف الأول في الغناء الذين خاضوا تجربة لجان التحكيم عندما وافقت على الانضمام إلى لجنة تحكيم Arabs Got Talent في موسمه الأول إلى جانب مدير قنوات mbc علي جابر ومقدّم البرامج المصري عمرو أديب.
وعن تجربتها كأول فنانة عربية تشارك في برنامج للهواة إنطلاقاً من تجربتها الغنائية، قالت نجوى كرم: «لم أوافق بسهولة على خوض هذه التجربة التي لم تكن تُعتبر جديدة عليّ أنا فقط، بل على العالم العربي بأسره، لهذا لم يكن من السهل اتخاذ القرار.
درست وضعي جيداً وفكرت في الأمر كثيراً، خصوصاً أني لا أريد أن أكون في موقع لجنة التحكيم. البرنامج سينتهي، بينما أنا سأستمرّ كمطربة.

وبما أنه برنامح مختصّ بالمواهب، فكثيرون سيتقدمون للمشاركة، ومنهم من سيُقبل ومنهم من سيُرفض تأهّله إلى المراحل اللاحقة، وأنا بطبعي لا أحبّ أن أزعّل أحداً، كما أني لا أحب قول «نعم» لأناس لا يملكون الموهبة فأبدو مُجاملة وغير صادقة.
أردت أن أكون صادقة مع نفسي أولاً، ومع كل شخص يتقدّم للمشاركة في البرنامج. هؤلاء الأشخاص يُفترض أنهم سيمثلون يوماً ما جمهوراً معيناً في بلد ما، لهذا لا يجوز أن نخدعهم».


إليسا

صراحة إليسا تحسب لها في هذا الخصوص، فاعترفت بالدور الكبير الذي لعبته الظروف السياسيّة في جعلها تقبل خوض هذه التجربة، وقالت: «الظروف السياسية التي يعيشها العالم العربي غيّرت ترتيب الأولويات في برامج الفنانين.
كنت أزور مصر أسبوعياً تقريباً لأقيم حفلات، اليوم لا أزورها أبداً. حلّت هذه البرامج موقتاً بديلاً من الحفلات، وهذه البرامج دخلت حياتنا. من وجهة نظر شخصية، أحببت مشاركتي في برنامج XFactor وتعلّقت بالناس فيه.

عندما عرضوا عليّ المشاركة لم أكن في وارد القبول، بخاصةٍ أني رفضت كثيراً من العروض في السابق. فكرة خوض تجربة التحكيم في برامج الهواة كانت مرفوضة تماماً، وصرّحت بذلك أكثر من مرة.
مع XFactor كنت تعوّدت والجمهور على مشاركة الفنانين كحكام، بالإضافة إلى أن العرض كان مناسباً جداً».


هاني شاكر

وعند سؤالنا هاني شاكر عن سبب قبوله المشاركة في برنامج اكتشاف المواهب «صوت الحياة» قال: «عندما قدّمت لي العرض الجهة المنتجة للبرنامج فكّرت في الأمر، وبعد فترة من التفكير وجدت أنها فرصة لمساعدة كل من لديه موهبة ووضعه على الطريق الصحيح لتقديم موهبته، خاصة أنه أصبح من الصعب أن تخرج الموهبة الحقيقية إلى النور وتأخذ حقها».

السبب الرئيسي بالنسبة إلى شاكر كان دعم المواهب كما قال، لافتاً إلى أنه منذ فترة طويلة يحاول أن يساعد الشباب الذين لديهم شيء حقيقي يقدمونه للفن.
أما عن اختياره هذا التوقيت بالذات لخوض التجربة فقال: «هذا لم يكن مخططاً من جانبي، لكن عندما وجدت الفرصة المناسبة درست العرض جيداً ووجدت أن فكرة البرنامج جديدة وبعيدة عن البرامج المماثلة، حتى وإن كان الهدف المشترك هو اكتشاف المواهب وتقديم الأصوات للجمهور».

وعن اتهام محمد منير له بالإفلاس الفنّي لأنه قبل المشاركة في لجنة تحكيميّة ردّ شاكر: «أقول له الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية. والقصة كلها أنه صرح أن المطربين الذين يقدمون البرامج، ومنها برامج اكتشاف المواهب، هم على المعاش فنياً.
وأنا أقول له إذا كان الأمر كذلك، فالمطربون الذين يقدّمون الإعلانات هم مفلسون فنياً أيضاً. ورغم ما قاله وردّي عليه فإن هذا لا ينفي أن بيني وبينه عشرة عمر وأحبه كثيراً، ولا أستطيع أن أسيء إليه لأنه صديق، لكن ردّي مجرد تعليق على تصريحاته ولا توجد أية خلافات بيننا».


كاظم الساهر

في the Voice كسر كاظم الساهر عزلته الفنيّة. وعن سبب موافقته على المشاركة في برنامج هواة بعد فترة انقطاع عن الإعلام، يقول الفنان العراقي: «كان الغياب عن الظهور نابعاً من قرار شخصي.
فأنا أحبّ أن أرتاح مدة تراوح بين سنة وسنتين بين ألبوم وآخر. أحبّ أن أفكّر بموسيقى جديدة وبأمور مختلفة حتى أخرج بها إلى الجمهور لأني لا أحبّ أن أطرح أغاني بسيطة، وأنا بالمناسبة أملك الكثير منها.
أنا لا أحب أن تكون أغنياتي عادية، بل أفضّل أن آخذ وقتي وأفكّر ملياً بموسيقاي الجديدة وأطرح في الأسواق موسيقى مختلفة تماماً عما قدّمته في ألبومات سابقة.

أما مشاركتي في the Voice فكانت عبارة عن مشوار طويل من الإقناع والتأثير عليّ من جانب من حولي. وأنا في قرارة نفسي كنت أريد أن أخرج إلى الناس بعد طول غياب، كنت أريد أن ألتقي الجمهور، الفنانين، والصحافة، أن أخرج من عزلتي.
أطلت الغياب في الفترة الأخيرة، كنت منغلقاً على نفسي، حتى أصدقائي لم أكن أخرج معهم، كنت حبيس منزلي وبدأ هذا الأمر يؤثّر على نفسيّتي وشخصيتي.
تملّكني الحزن وكنت في حاجة إلى أن أخرج إلى النور من جديد وكان برنامج the Voice هو فرصتي لأجرّب الأضواء مرة أخرى، وفرصتي للخروج إلى جمهوري من جديد.
مع العلم أني لا أملك صبراً كافياً لأقوم ببرنامج ضخم كهذا، لكنهم أقنعوني وأنا كنت قابلاً للقيام بالخطوة».


صابر الرباعي

أما صابر الرباعي فيقول عن مشاركته: «لست من الأشخاص الذين يكثرون الظهور على الشاشات كمقدّم أو كعضو لجنة تحكيم أو كمدرّب، لأن تجارب سابقة لفنانين أثبتت أن لها حسناتها كما سيئاتها، لذا عندما هاتفني علي، مدير أعمالي، وأخبرني عن عرض mbc طلبت منه أن يرسل لي كل شاردة وواردة عن البرنامج، وكل ما يتوجّب عليّ فعله كي أحسن اتخاذ القرار.

عند مراجعتي الملفّ اقتنعت بأن في البرنامج شيئاً منّي، يمكنني أن أساعد المشاركين وأن أعطيهم من تجربتي المتواضعة.
كما أني أحب أن أستمع إلى الأصوات الجميلة وأحبّ روح المنافسة، أعتبر نفسي أمام مسؤولية، إن فشلت ستؤثّر عليّ، على مسيرتي لأن التاريخ لا يرحم».


راغب علامة

ثقة راغب علامة بنفسه وبعمله جعلته يرفض القول إن السياسة أثّرت على فنّه في الآونة الأخيرة معترفاً بأن «الفن بات مخيفاً اليوم. فقد تراجعت نسبة العائدات التي كانت تحققها مبيعات الألبومات، والظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة العربية ضيّقت الأمور أمام الفنانين ولهذا السبب لم نعد نرى نجوماً، فالمغنون كثر لكن النجوم قلة».

وأضاف راغب: «أشكر الله أني لست من الفنانين الذين يتأثرون بمثل هذه الظروف، وبرنامج Arab Idol أخذ من وقتي أكثر مما قدم لي. ألغيت مجموعة من حفلاتي وجولاتي حول العالم لارتباطي بالبرنامج».


عاصي الحلاني

عاصي الحلاني الذي عاش الحرب اللبنانية وتسلّق سلّم الشهرة فيها شدّد على أهمية المطبات والثغرات في حياة الإنسان كي يتمكّن من النجاح والمضي قدماً، حتى في الأوقات الصعبة.
فلقد طغى النجاح على مسيرته الفنية الأمر الذي ساهم في وصوله إلى ما هو عليه اليوم. ويقول عاصي عن مشاركته في برنامج the Voice : «لم أكن بحاجة إلى البرنامج ليتعرّف إليّ الجمهور وأقصد من باب الشهرة، لكن البرنامج عرّف الجمهور إلى شخصيّتي كإنسان.

فأنا انسان يصعب عليه الجلوس في مكان واحد «خلقي ضيّق»، أكره السفر لأني لا أتحمّل أن ألازم الكرسي لساعات، أقوم وأمشي في الطائرة، أزور الكابتن وأطلّ على المسافرين، وأعود لأجلس مكاني، تماماً كما حصل في البرنامج، فلم أثبت في كرسيّ.
أمضيت الوقت أتجوّل في المسرح، أقترب من المدرّبين، أنفّذ المقالب في شيرين، أتوجّه نحو الجمهور لأعانق أولادي الذين حرصوا على الوجود في استوديو البرنامج أثناء تصوير كل الحلقات.
وكما أضاف إليّ البرنامج أضفت إليه بدوري إلى جانب كاظم وصابر وشيرين، مما حقق النجاح المدوي في العالم العربي». 


أحلام

بالنسبة إلى أحلام الانضمام إلى Arab Idol لم يكن على علاقة بتدهور حالة الفنّ البتّة. فهي تعتبر أن عرساً واحداً تحييه يكسبها مقدار ما أعطاها عقدها مع Arab Idol وربما أكثر.
لكنها قبلت المشاركة لأنها ابنة الـmbc كما قالت وتربطها علاقة وطيدة بالقيّمين على المحطّة تتخطّى أمر مشاركتها في البرنامج. وقالت أحلام: «سبب موافقتي على المشاركة في Arab Idol أنه يُعرض على MBC وأقول للمرة الأولى إنني كنت متقوقعة في المنزل مع أولادي وزوجي إلى جانب انشغالي بحفلات الأعراس، لكن مع 1 Arab Idol شعرت بأني في شوق كبير إلى ملاقاة جمهوري في الحفلات العامة والمهرجانات».

وأضافت: «رحت أقول لنفسي: وينك يا أحلام عن جماهيرك في الأردن وتونس وغيرهما من الدول؟! أحدهم في تونس راح يذكّرني بالحفلة التي أحييتها في قرطاج، فاستغربت ورحت أسأل: معقول أنني انقطعت بهذا الشكل عن الناس في الوطن العربي؟!».
وأردفت: «ربما لأنني أحيي حفلات زفاف كثيرة كنت أعتذر عن عدم المشاركة في كثير من المهرجانات، لكن بعد Arab Idol 1 أعدت حساباتي كلها، لأني حقيقةً اشتقت إلى جمهوري في الوطن العربي».


سميرة سعيد

تقول النجمة سميرة سعيد التي شاركت في لجنة تحكيم «صوت الحياة»: كنت أفكر منذ وقت طويل في تقديم برنامج لاكتشاف المواهب، لكن فكرته كانت بعيدة تماماً عن برنامج «صوت الحياة» الذي شاركت في الموسم الأول منه، خاصة أنني مؤمنة بأن هناك الكثير من المواهب التي لا تجد فرصة البروز.
ولهذا وافقت على المشاركة في لجنة تحكيم لاكتشاف المواهب، لمنح الموهوبين فرصة كما منحني آخرون الفرصة من قبل، وذلك لأنني أصبحت أملك الخبرة التي تمكنني من الحكم على المتسابقين، ومساعدتهم من خلال نصائح تعلمتها خلال مشواري، إلى جانب أنني وجدت من خلال هذه التجربة ردود فعل جميلة من الجمهور، وتغلبت على عنصر غيابي عنه إلى حين انتهائي من تحضير ألبومي وطرحه».

وتضيف سميرة: «بالطبع هناك صعوبة كبيرة تواجه الموهوبين الحقيقيين في التمكن من تحقيق هدفهم والوصول الى الناس، في ظل الظروف التي يمر بها الفن في مصر والوطن العربي بشكل عام.
وللأسف لم تعد الموهبة وحدها قادرة على صناعة نجم أو تسليط الضوء عليه، ولا بد من وجود أدوات أخرى. كما أن الشللية أصبحت أزمة تواجة الشباب، ولهذا أرى أن برامج اكتشاف المواهب لعبت دوراً كبيراً ومهماً في مساعدة الموهوبين واختصار الطريق أمامهم.

وأصبح مجرد مشاركة المتسابق في برامج اكتشاف المواهب يختصر عليه فترة من العمل قد تستغرق عدة سنوات، وخاصة عندما تتوافر في البرنامج العناصر الحقيقية لتقديم الموهبة، وفقاً للجنة تحكيم واعية وضماناً من البرنامج لرعاية المتسابقين الذين يتم اختيارهم وإدارتهم بشكل كامل، لأننا نبحث عن برامج ليس فقط لاكتشاف المواهب، بل لصناعة النجوم وتقديمهم في أحسن صورة، لأن هناك كثيراً من المواهب الحقيقية التي لم تستطع أن تثبت نفسها في الواقع لأنها لم تجد الداعم الحقيقي».

وعن وضع الفن في ظل الأوضاع الحالية، تقول: «لم يعد الفنان الحقيقي يتمكن من الحصول على الفرص الحقيقية، ويحتاج إلى بذل مجهود أكبر للوصول إلى الجمهور وتحقيق النجاح.
كما أن العثور على جهة إنتاجية تهيئ المناخ للفنان وتسهل عليه مهمته أمر صعب. لكن أعتقد أن الساحة الفنية تتجه إلى تطور إيجابي، والجمهور يفرز ويختار الأفضل، كما يحرص على متابعة الفنان الذي يقدم له فناً راقياً يحترم عقله. وأرى أن برامج اكتشاف المواهب تمنح الجمهور فرصة للتعرف على فنانين جدد».


حسين الجسمي

أما الفنان حسين الجسمي الذي شارك في لجنة تحكيم برنامج اكتشاف المواهب «إكس فاكتور»، فيقول: «جاءت موافقتي على برنامج «X factor» لاكتشاف المواهب الغنائية الجديدة لعدة أسباب، أولها إعجابي الشديد بفكرة البرنامج، خصوصاً بعد مشاهدتي للنسختين البريطانية والأميركية منه، وشعرت بأنه يحمل مقاييس عالمية ترضيني.
أيضاً شجعني على خوض التجربة وجود مجموعة من نجوم الغناء بالوطن العربي في لجنة التحكيم، وهم إليسا ووائل كفوري وكارول سماحة، إلى جانب الاهتمام البالغ من الجهة المنتجة بكل التفاصيل الخاصة بالبرنامج، حتى يخرج بأفضل شكل ممكن وينال إعجاب الجمهور. فكان مهيأً للمشروع كل العناصر التي تساعده على تحقيق النجاح».

 وأضاف: «أيضاً لا أريد أن أغفل شيئاً مهماً شجعني على خوض تلك التجربة، وهو أن ظهوري جاء عبر برنامج «ليالي دبي» لاكتشاف المواهب، وجاء الوقت الذي أستطيع أن أساهم فيه بإظهار مواهب غنائية جديدة لأنني مقتنع بأن تلك النوعية من البرامج تعطي عدداً كبيراً من المواهب الشابة فرصة الظهور والانتشار.
وأرى أن إقدامي على تلك الخطوة جاء في الوقت المناسب تماماً، خصوصاً خلال الفترة الحالية من مشواري الفني».

وعن رأيه في وضع الفن راهناً يقول: «الفن يتأثر بجميع الأوضاع التي تطرأ على مجتمعاتنا، لكنني متفائل بالمستقبل، وأرى أن ما يحدث من أحوال غير مستقرة في عدد من الدول العربية مجرد ظروف طارئة واستثنائية سنتجاوزها بسلام في أقرب وقت بإذن الله، وستعود الأمور إلى طبيعتها في كل المجالات، وليس الفن فقط، لأن الفن جزء لا يتجزأ من المجتمع، وهو من أهم آلات التعبير عنه».


رأي أكاديمي


حلمي بكر

ويقول الموسيقار حلمي بكر، الذي شارك في أكثر من برنامج لاكتشاف المواهب: «أعتبر نفسي من الذين ساهموا في إدخال هذه النوعية من البرامج المتخصصة في اكتشاف المواهب. إنما هناك شروط شديدة الأهمية لتقديم مثل هذه البرامج، فلا بد أن تتضمن لجنة تحكيم لديها ما تستطيع أن تمنحه للمتسابقين، وليس مجرد مشاهير يجلسون على كراسٍ مجهزة للجنة تحمل اسم لجنة تحكيم.
فمشاركتي في برنامج «صوت الحياة» مثلاً جاءت لقدرتي على الإضافة إلى المتسابق الذي يحلم بدخول عالم الغناء، وذلك يختلف عن متسابق آخر يريد أن يغني لمجرد الغناء وليس لديه الموهبة.

وللأسف هذه النوعية موجودة وفي تزايد. وبرامج اكتشاف المواهب لا بد أن تعتمد على أكاديميين في لجنة تحكيمها، حتى تستطيع أن تختار المتسابق على أسس علمية، لهذا أتمكن من توجيه النصح والملاحظات للمتسابق الذي يقف أمامي، ولا أكتفي بقول برافو أو غير موافق، بل أقدم النصيحة بأن يكمل المتسابق طريقه مع ملاحظاتي، أو أقول له لا تضيع وقتك وأوقاتنا.
فمشاركتي في هذه البرامج جاءت لأن هذا دوري ومهنتي ودراستي، فأنا ملحن ودارس وأكاديمي إلى جانب خبرتي الكبيرة في هذا المجال».

وعن علاقة الأمر بالحالة التي يعيشها العالم العربي، يقول بكر: «بالطبع هذه البرامج ظهرت بسبب التطورات التي يشهدها الوسط الفني والغنائي تحديداً في السنوات الأخيرة، خاصة أن المطرب لم يعد مجرد صوت، فعندما أستمع إلى صوت عبقري في أحد البرامج لكن ليس له ملامح النجم، قد أرفضه، ولهذا يندهش البعض من اختياراتي، وقد أتعرض لانتقادات، لأن هنا يظهر دور الدراسة التي تمكنني من النظر إلى المتسابق وتقويمه، حتى بعد عدة سنوات، وهل من الممكن أن يتطور أم أن موهبته ستظل حبيسة ولا يملك الأدوات التي تصنع منه نجماً.
وأرى أن هذه البرامج أصبحت فرصة كبيرة لاكتشاف المواهب وتعليمها ودعمها لإكمال المشوار الفني، في ظل صعوبة وصول المواهب الحقيقية إلى الجمهور لأسباب كثيرة أفرزتها تطورات المجتمع».

وعن رؤيته لوضع الفن في ظل الأوضاع الحالية، يقول: «للأسف الوضع ليس جيداً، والفن يتأثر بالأوضاع السياسية والاجتماعية، بدليل أن معظم صُناع الموسيقى الآن لا يجهدون أنفسهم في اختيار المنتج الغنائي المختلف الذي يضيف إلى الفنان ومستمعيه، بل يلجأون إلى السهل السريع، والذي يظنون أنه مضمون النجاح، ويتجاهلون التطورات الحاصلة على كل الأصعدة، والتي جعلت الكثير من المطربين الحقيقيين يجلسون في المنازل، وهذا ليس لعيب في الزمن لكن في أغلبهم، لأنهم تمسكوا بالجمود وابتعدوا عن الجمهور.
وهناك أزمة أخرى وقع فيها العديد من الأسماء في الساحة الغنائية، هي الابتعاد عن الألحان الشرقية وعدم الاهتمام بالكلمة الجميلة واللحن الراقي، ولهذا تراجعت جماهيريتهم.
ولذلك أقول دائماً إن اكتشاف المواهب لا بد أن يتبعه دعم ورعاية للمواهب، وليس مجرد اكتشافها، بل الإنتاج لها لضمان بقائها كخطوة من ضمن خطوات الرعاية للمواهب الحقيقية، فالساحة الغنائية تبحث عن أصوات مختلفة تخلق حالة جديدة».