علاجات جديدة تحارب «القاتل الصامت»

علاجات,منظمة الصحة العالمية,التهاب الكبد,علاج الفيروس,مستشفى,الكبد الفيروسي,السعودية,الإصابة,الفيروسات,النقاط,التهاب

ميس حمّاد (جدة) 20 ديسمبر 2015

نشرت منظمة الصحة العالمية في تقرير لها على موقعها الالكتروني،  أن التهاب الكبد الفيروسي يودي بحياة 1.4 مليون شخص سنوياً، وأنه لا يزال مرضاً مُهملاً أو غير معروف إلى حد كبير.
في وقت أصدرت المنظمة في نيسان/أبريل عام 2014، توصيات جديدة بشأن علاج التهاب الكبد C، اعتمد مندوبو 194 حكومة في جمعية الصحة العالمية، في أيار/مايو من العام نفسه قراراً يقضي بتحسين الوقاية من التهاب الكبد الفيروسي، وتشخيصه وعلاجه، إذ أُطلق عليه «القاتل الصامت». 
في هذا اللقاء، تُسلط «لها» الضوء على التهاب الكبد الفيروسي في السعودية، حيث أثبتت دراسات عدة أن العلاج أصبح ممكناً في ظل الاكتشافات الحديثة للأدوية، بحيث وصلت إمكانية علاج الفيروس إلى 90 في المئة، وسجلت نسبة الإصابة بالمرض في السعودية 7.10 في المئة... هذا ما أكده أيضاً استشاري أمراض وزراعة الكبد وأمراض الجهاز الهضمي والمناظير في مستشفى الملك فهد في جدة الدكتور عبدالله سعيد قزي الغامدي، عندما حدثنا عن مستوى أمراض الكبد في السعودية، والتطورات الحديثة في العلاج، والفحوصات الدقيقة التي تكشف الإصابة بهذه الفيروسات.


في البداية، ما هو التهاب الكبد الفيروسي؟ وما أنواعه؟ وما هي الأنواع الأكثر انتشاراً في السعودية؟
التهاب الكبد الفيروسي، هو التهاب يحدث في الكبد نتيجة الإصابة بأحد الفيروسات الكبدية المعروفة، وقد ينجم عنه خلل في وظائف الكبد وأنزيماته.
وهناك خمسة أنواع من الفيروسات التي تصيب كبد الإنسان، أهمها الفيروسان B وC، وهما النوعان اللذان قد يصيبان الكبد بالتهابات مزمنة، قد تؤدي الى تليف الكبد ومضاعفات أخرى. وقد سخّر العلم الحديث أبحاثه، لإيجاد العلاج اللازم لهما.
بينما الأنواع الأخرى من الفيروسات الكبدية، ليست ذات أهمية بالغة حيث إنها قد تصيب الكبد بالتهابات حادة، من دون أن تكون مزمنة، ويمكن لمناعة الإنسان التخلص منها حتى الشفاء التام.
والفيروسان B وC، هما الفيروسان الكبديان الأكثر انتشاراً في السعودية.

ما هي مسببات الإصابة بفيروسي الكبدو C؟
ينتقل الفيروسان B و C عن طريق المواد الملوثة بدم شخص مصاب، مثال ذلك نقل دم ملوث بالفيروس، أو حقن شخص بإبرة ملوثة من طريق الخطأ، أو أثناء الغسل للمصابين بالفشل الكلوي، ومتعاطي المخدرات، وبعض الأدوات شفرات الحلاقة، ومقصّات الأظافر، وفراشي الأسنان.
وأشير الى أن الفيروس C كان منتشراً قبل عام 1992، ولم يكن هناك فحص مخبري دقيق يحدد وجود الفيروس في الدم الذي يُراد نقله الى المريض، وهذا الفحص أدى إلى نشوء جيل ما بعد 1992 الذي يندر فيه وجود الفيروس الكبدي C لتنحصر مصادر العدوى فقط بالأسباب التي أشرت إليها سابقاً.
ويمكن الفيروس B أن ينتقل بسهولة من الأم الى جنينها، بحيث يتوجب إعطاء الطفل بعد الولادة، بعض العلاجات المناعية التي تخلصه من احتمال انتقال الفيروس، بالإضافة إلى تلقيه اللقاحات اللازمة.
ومن النادر انتقال الفيروس C من الأم الى جنينها خلال الحمل بنسبة لا تتجاوز الخمسة في المئة، وأيضاً من النادر جداً انتقاله عن طريق العلاقة الزوجية الشرعية، بنسبة لا تتجاوز الواحد إلى الخمسة في المئة.

هل هناك دراسات واضحة عن تنامي معدلات الإصابة في السعودية؟
نعم هناك دراسات كثيرة ومتفرعة، من المراكز الصحية السعودية، وبنوك الدم، والمعلومات الإحصائية الموثّقة في سجلات وزارة الصحة. وبينت هذه الدراسات تراجعاً في نسبة الفيروس الكبدي B، خصوصاً بعد إطلاق برنامج التطعيم ضده في جميع المناطق السعودية لمواليد عام 1989، فأصبح لدينا الفئة العمرية المحصّنة، أي جيل ما دون الـ 26 سنة، والذين يمثلون نسبة 64-70 في المئة من المجتمع السعودي. ونتيجة ذلك، انحسرت نسبة الفيروس B في المجتمع من أكثر من سبعة في المئة قبل مرحلة التطعيم، إلى أقل من 1.3 في المئة.
أما بالنسبة الى الفيروس C، فقد بينت الدراسات أن متوسط الإصابة في المجتمع السعودي لا تتجاوز الـ 0.7 في المئة، وهذا المعدل يعتبر منخفضاً فيما لو قارنّاه بدول العالم الأخرى.

ما هي سبل الوقاية الكافية لمنع انتشار الفيروسات؟
الوقاية خير من العلاج، ويتم ذلك بعدم استخدام الأغراض الشخصية للمصاب، والتي قد تكون ملوثة بالدم، مثل مقصّات الأظافر، وشفرات الحلاقة، وفراشي الأسنان. وتكون الوقاية أيضاً من خلال أخذ لقاحات الفيروس B، أي للأطفال الحديثي الولادة، والأشخاص الذين هم عرضة للإصابة بالفيروس، أو المخالطين لأشخاص يحملون الفيروس B، وتصل الحماية الى أكثر من 99 في المئة.

ماذا عن علاج هذه الفيروسات؟ وهل من الممكن أن تصل نسبة نجاح علاجها إلى 90 في المئة؟
العلاجات ممكنة ومتوافرة للفيروسينB  وC. بالنسبة الى الفيروس B، هناك نوعان من المرضى، أحدهما يسمى «حامل الفيروس»، ويكون الفيروس غير نشط، ولا يسبب مشاكل للشخص المصاب، وهذا يحتاج الى متابعة الأنزيمات، ووظائف الكبد... والفيروس الكمي ولا يحتاج الى علاج.
أما الشخص الذي يكون الفيروس لديه نشطاً، فيحتاج إلى أدوية تثبط نشاط الفيروس والذي تفوق كفاءته الـ 95 في المئة، وهذه الأدوية الفموية المتوافرة ومن السهل الحصول عليها. وهي آمنة عادةً، وعلى المريض أن يواظب عليها سنين طويلة حماية للكبد من المضاعفات.
أما الفيروس C الذي كان من الأمراض شبه المستعصية، بحيث إن نسبة الشفاء بعقار إبر «الإنترفيرون» لم تكن تتجاوز الـ 60 في المئة، فأصبح من الفيروسات السهلة العلاج بفضل ما توصل إليه العلم، خصوصاً في السنتين الأخيرتين، حيث يستخدم المريض علاجاً فموياً من ثلاثة إلى ستة أشهر، وتفوق نسبة الشفاء التام الـ 95 في المئة.

هل العلاجات الجديدة متوافرة في السعودية؟ وعلامَ تعتمد فترة العلاج؟
نعم، العلاجات الجديدة متوافرة في المستشفيات، . كما أن فترة العلاج تعتمد على النمط الجيني وتأثر الكبد، وكانت هناك صعوبة في بداية اكتشاف العلاج بالنسبة الى المرضى الذين يعانون أمراضاً مصاحبة لالتهاب الكبد، كالضغط والسكري وأمراض الدم كالأنيميا الحادة... لكن الآن توافرت خيارات كثيرة من العلاجات، بحيث يُعطى كل مريض ما يناسبه من الأدوية من دون حدوث أي تضارب أو مضاعفات نتيجة إصابته بأكثر من مرض.

هل تم تطبيق هذه العلاجات الجديدة على مصابين بهذا الالتهاب في السعودية؟
كل الحالات الموجودة في مستشفى الملك فهد،  طُبقت عليهم العلاجات الجديدة، بالإضافة الى عقارين مهمين أثبتا فعاليتهما بنسبة تفوق الـ 95 في المئة، ووصلت نسبة الاستجابة للعلاج حوالى الـ90 في المئة، لكن لم تصل أي حالة الى المراحل النهائية من العلاج، لحاجة المريض الى أشهر عدة لبلوغ الشفاء التام، ونظراً الى أن العلاج المتطور تم جلبه حديثاً الى المستشفى.
والأهم، أن المريض بعد انتهاء فترة علاجه، لا يحتاج الى استخدام العلاج مجدداً أو الاستمرار بتناوله. ويستطيع المصاب بالفيروس، تناول العلاج من طريق الفم، بدلاً من حقن الانترفيرون.

حدثنا عن مشاركتك في مؤتمر الاتحاد الأوروبي لأمراض الكبد في فيينا، وعن أبرز النقاط التي بحثها المؤتمر، والتوصيات التي خرج بها؟
يعتبر هذا الحدث الدولي، من أهم المؤتمرات التي تُعقد سنوياً، إذ تُناقش فيه مستجدات أمراض الكبد وعلاجاتها، ويحرص على حضوره معظم أطباء الكبد، والجهاز الهضمي من مختلف دول العالم.
وما يميز المؤتمر هذه السنة، هو تحديث الدليل الأوروبي لعلاج الفيروس C، حيث تم استعراض أدوية الفيروس الكبدي C الجديدة، وتصنيفها وفق فعاليتها ضد الأنماط الجينية المختلفة للفيروس C، وأيضاً تحديد مدة العلاج لكل نمط جيني وفق نسبة الألياف في الكبد، والتي يتم الكشف عنها بواسطة جهاز الفيبروسكان.
وأشير الى أن هناك بارقة أمل للأشخاص الذين يحملون الفيروس B، حيث ظهرت بعض الأبحاث التي قد تُنبئ بقرب التوصل الى علاج نهائي للتخلص من الفيروس B، بدلاً من الأدوية التي تعمل على تثبيطه فقط.

                                       
ما هي الفحوصات الدقيقة التي تكشف عن الإصابة بهذه الفيروسات؟
يمكن الكشف عن الفيروس B من خلال إجراء التحليل الأولي، للتأكد من وجود المستضد السطحي للفيروس HBsAg، وفي حال إعطائه نتيجة إيجابية، فإنه يتم عمل تحليل السائل النووي للفيروس HBV DNA PCR والذي يعتبر أكثر دقة، إذ يبين مدى نشاط الفيروس، ومدى حاجة المريض الى العلاج.
أما بالنسبة الى الفيروس C، فيتم الكشف عنه بعمل تحليل الأجسام المضادة للفيروس HCV Ab، وفي حال إعطائه نتيجة إيجابية، فإنه يتم عمل التحليل الأكثر دقة، وهو تحليل السائل النووي للفيروس   HCV RNA PCR والذي يكون إيجابياً في الأشخاص المصابين بالفيروس، وسلبياً في الأشخاص الذين تكون مناعتهم قد تخلصت من الفيروس، أو ممن عولجوا منه، وشفوا شفاءً تاماً.

تقرير منظمة الصحة العالمية عن إصابات التهاب الكبد الفيروسي في إقليم شرق المتوسط
تُشير التقديرات إلى أن ما يقارب الـ4.3 مليون شخص، يُصابون كل عام بالعدوى بفيروس التهاب الكبد B، وأن ما يقارب الـ 800 ألف شخص، يُصابون كل عام بالعدوى بفيروس التهاب الكبد C، وأن معدل انتشار العدوى بفيروس التهاب الكبد C تُقدر بواحد إلى أربعة في المئة، مع الإشارة إلى أن هذه النسبة تفوق الـ 15 في المئة في مصر.
وفي الإجمال، تشير التقديرات إلى إصابة 17 مليون شخص في شرق المتوسط بالعدوى المزمنة بفيروس التهاب الكبد C. كما أن خطر العدوى بفيروس التهاب الكبد B، مرتفع في خمسة بلدان، هي: أفغانستان، باكستان، اليمن، السودان والصومال، حيث يعيش ما يزيد على 55 في المئة من مجمل سكان الإقليم. وهذا الخطر معتدل في البلدان الـ 17 المتبقية.
وذكر «نيتشر ميدل ايست»، وهو موقع شامل للمعلومات ذات الصلة بالأبحاث العلمية والطبية في منطقة الشرق الأوسط، أن مرض التهاب الكبد أكثر انتشاراً في الدول العربية، وتحديداً مصر التي تصل النسبة فيها الى 12 في المئة، تليها الدول الخليجية، وذلك بسبب العمالة الأجنبية الوافدة من الدول الفقيرة عموماً، وآسيا تحديداً.
كما يُسجل الأجانب في دول الخليج العدد الأكبر من المصابين فيها. وتعود أسباب الإصابة في مصر إلى المستشفيات التي تستخدم حُقن التطعيم لأكثر من مرة، وخصوصاً في المستشفيات الريفية.
يُشار إلى أن هذا الموقع، يغطي 18 دولة متنوعة هي: الأردن، الإمارات العربية المتحدة، البحرين، تونس، الجزائر، السودان، سورية، العراق، سلطنة عمان، فلسطين، قطر، الكويت، لبنان، ليبيا، مصر، المغرب والسعودية.