ابني وفروضه المدرسية... كيف أساعده؟

الفروض المدرسية,المدرسة,التلميذ,الأهل,التعب,الأم,النشاطات اللاصفية

02 يناير 2016

تبدو الفروض المدرسية بالنسبة إلى هاني عقابًا لا ينتهي، فهذا العام بدأ الجدّ، ولم تعد المدرسة مقتصرة على ما يتلقنه في غرفة الصف بشكل ترفيهي، بل هو يعود إلى البيت محمّلاً بالكتب والوظائف المدرسية التي عليه أن ينجزها بمساعدة والدته. أحيانًا ينهي فروضه بسرعة قياسية، وأحيانًا أخرى يستغرقه كتابة سطرين ساعات. إنها أولى خطوات هاني نحو التعليم الأكاديمي، والتي تقرّر مستقبله. لكن كيف يمكن الأم مساعدة طفلها عندما يواجه صعابًا في إنجاز فروضه؟

من المعلوم أن حضور الأهل ضروري جدًا وأساسي لمساعدة أبنائهم التلامذة خلال مشوارهم المدرسي. فرغم أن المدرسة في بدايات المرحلة الابتدائية تقوم بواجبها لناحية جعل التلميذ يعود إلى بيته شبه خالي الوفاض من الوظائف والفروض، فإن رقابة الأهل ومساعدة أبنائهم في مشوارهم العلمي توفران نتائج أفضل. لذا من الضروري قبل التفكير في نجاح التلميذ، إدراك الهدف الحقيقي للفروض المدرسية.

هدف الفروض المدرسية

يؤكد التربويون أن الهدف من الوظائف والفروض المدرسية، ليس معاقبة التلميذ أو زيادة أعباء الأهل، بل مساعدة التلميذ على تعزيز المعرفة والمعلومات التي تلقاها في الصف، وفهمها من دون توتر وبطريقة إيجابية بنّاءة، وبالتالي التأكد من أن التلميذ قد فهم الدروس التي تلقاها في الصف جيدًا خلال النهار المدرسي ومساعدته على استيعاب المفاهيم بمراجعتها مساءً من طريق الواجبات المدرسية التي تدور حولها. لذا فإن الواجبات الشفهية مثل حفظ قصيدة وإعادة قراءة نص، والكتابية مثل كتابة الإملاء الذاتية أو الأرقام... هدفها الأساس التدقيق في أن الطفل استوعب كل ما تلقنه في المدرسة، وبالتالي معرفة الثغرات الأكاديمية التي يواجهها، والعمل على ملئها من خلال التواصل بين الأهل والمعلّمة، والعمل معًا على تذليل الصعوبات التعلّمية التي يواجهها التلميذ.

إذا كان هدف الفروض المدرسية تعزيز المعرفة عند التلميذ، فلماذا تشكّل مصدرًا للتوتر؟

هناك أسباب عدة تؤدي إلى تحوّل فترة إنهاء الواجبات المدرسية إلى فترة توتر.

الشعور بالتعب

غالبًا، التلميذ ملزم بتقديم فروضه في اليوم التالي، لذا فإن انجاز الفروض يكون عند المساء بعد عودته من المدرسة،  أي في فترة يكون التلميذ والأهل يشعرون بالتعب بعد يوم طويل في المدرسة والعمل. وشعور الجميع بالتعب قد يفاقم من حدة التوتر بين الأهل والتلميذ.

الأم القلقة

هناك سبب شائع وهو شخصية الأم القلقة التي ترى أن على ابنها انجاز فروضه المدرسية فور عودته إلى البيت، فيما يبدو الابن متردّدًا أو مرهقًا بعد يوم طويل في المدرسة، ويفضل الاسترخاء والاستراحة أو مشاهدة التلفزيون أو اللعب على الآيباد، أي أنه مستعد لفعل أي شي إلا إنجاز الفروض، فهو ينظر إليها على أنها عقاب يومي. وبين قلق الأم ورغبة الابن في الراحة، ينشب الخلاف ويتصاعد التوتّر لإنجاز الفروض.

عدم إدراك مفهوم الوقت وغياب التنظيم  

إن عدم التنظيم في عمل التلميذ يشعره بأن المدرسة لا تتركه. فهو لا يكاد ينتهي من فرضه الأول حتى يكون عليه القيام بآخر، وبما أنه لا يرغب إلا في اللعب، فإنه لا يركز على ما يفعله، وبالتالي تزيد مدة إنهاء الوظيفة ثلاث مرات عن المعتاد، مما يؤدي إلى توتّر التلميذ والأم على حد سواء. لذا يمكن الأم أن تعلّم طفلها تقدير الوقت الذي يحتاجه لإنهاء وظائفه، مثلاً تسأله: «برأيك، كم من الوقت تحتاج لحفظ الإملاء الذاتية»؟، في البداية سيخطئ في تقدير الوقت، ولكنه سوف يدرك أن لديه وقتًا للقيام بأمور أخرى إذا ما أنجز فروضه في الوقت الذي حدّده، ويكتشف أن أمسياته وعطلة الأسبوع ليست مخصصة كليًا للوظائف المدرسية.

الأهل وحلم النجاح 

وهناك أيضًا سبب شائع لدى العائلة المعاصرة. إذ ينظر الأهل المعاصرون إلى أن المدرسة هي المرحلة المفتاح لنجاح أبنائهم المهني في المستقبل، وبالتالي فالنجاح المدرسي، ومن بعده النجاح المهني من المسائل التي يبالغ الأهل في الاستثمار فيهما، لأنهم يرون في ذلك اختيارات مفيدة وجيدة. وعندما لا تكون لدى التلميذ الرغبة في انجاز فروضه أو يكون مرهقًا جدًا ولا يستطيع التركيز، يفقد بعض الأهل صبرهم ويشعرون بالغبن، لأن ابنهم لا يكترث لقلقهم على أدائه المدرسي، وحلمهم في أن يكون شخصًا ناجحًا في المستقبل.

 كيف يمكن الأهل إزالة التوتّر الصادر عن فترة إنجاز الفروض المدرسية؟

إنجاز الفروض بأسلوب ترفيهي

مهما كانت الوظيفة التي على التلميذ إنجازها، فمن الرائع إنجازها بمتعة. أي يكون لدى الأم الحيلة والابتكار لجعل مهمة إنجاز الوظيفة فترة استكشاف، فاستعمال بعض الألعاب في التعليم، أثبت فعاليته في زيادة قدرات الطفل على الانتباه، وكذلك حماسته. مثلاً إذا كان لدى التلميذ فرض حساب، يمكن الأم بدل أن تشرح له مجموع 7+9= 16، بشكل مجرّد، أن تطلب منه مثلاً استعمال المكعبات وتقسيمها قسمين، 7 و9 منفردين ثم جمعهما. بهذه الطريقة يخرج التلميذ من مزاج الدرس الجامد إلى الترفيهي الملموس

اكتشاف الذاكرة القوية لديه

يستحيل الحصول على علامات جيدة إذا لم يكن التلميذ قد فهم درسه وكانت لديه ذاكرة قوية. وهنا دور الأم التأكد من أن ابنها يفهم المادة، وإذا وجدت لديه صعوبة في التذكر، عليها اكتشاف أي ذاكرة قوية لديه: هل هي السمعية؟ كأن يحفظ من طريق التلاوة بصوت عالٍ. أو الذاكرة الصورية أي بالمشاهدة، أو الذاكرة الناسخة من طريق كتابة ما يريد حفظه مرات عدة. وبالتالي سيختار الأسلوب الأكثر ملاءمة له، ما يعيد الثقة بقدراته الفكرية.

ترميم الثقة بنفسه

يساهم تحسين العلاقات العاطفية بين الطفل وأهله في تعزيز ثقته بنفسه. لذا على الأم ألا تربط علاقتها بابنها على أساس العلامات المدرسية، فإن هذا يجعله يفقد الثقة بنفسه وبها أيضًا، «هي تحبني فقط عندما أحوز علامات مرتفعة، أو عندما أنهي واجباتي كما تريد». وكذلك من المهم أيضًا تحسين علاقة التلميذ بأستاذه أو أساتذته في المدرسة، التي تبدو أحيانًا باردة أو صدامية. لذا من الضروري أن تشارك الأم في اجتماع الأهل في المدرسة، لتعرف تصرفات ابنها في الصف وتفاعله مع الأستاذ، وما إذا كان يفتقر إلى الثقة بنفسه في الصف.

إيجاد الوقت المناسب لإنجاز الفروض وفق إيقاع التلميذ

يجب أن يتقاطع انجاز الفروض المدرسية ضمن روتين يومي، يناسب إيقاع التلميذ. إذ يختلف الوقت المثالي للوظيفة المدرسية من طفل إلى آخر، فمنهم من يكون استيعابه عند الصباح أو بعد الغداء أو قبل الذهاب إلى الفراش مساء. فالعبور من محيط منظم مثل المدرسة إلى محيط حر مثل المنزل قد يوتر التلميذ فيصعب عليه إعادة التموضع والتركيز، فيما آخر يبدأ إنجاز فروضه بمجرد وصوله إلى البيت، وتلميذ ثالث تكون ساعات الصباح الوقت المناسب له لإنجاز فروضه بسهولة. ولكي تجد الأم الفترة المناسبة لابنها، عليها مناقشته ومراقبة الوقت الذي يكون فيه قادرًا على الاستيعاب والتركيز، وتقوم بمحاولات منحه الثقة، فالأطفال يدركون أو يشعرون بما يناسبهم أكثر من أهلهم.

تحديد وقت الدرس

يحدّد بعض اختصاصي علم نفس الطفل مدة درس التلامذة بثلاث فئات. 30 دقيقة لإنجاز فروض تلامذة المرحلة الابتدائية، وحوالى الساعة بالنسبة إلى المرحلة المتوسطة، وساعة ونصف الساعة لتلامذة الثانوي، يتخللها وقت استراحة بين وظيفة وأخرى. وضمن برنامج انجاز العمل بشكل مريح، على الأم أن تضع وطفلها مخططًا لإنجاز الفروض خلال الأسبوع، أي أن ينجز فروضه التي عليه تقديمها في اليوم التالي وليس تلك التي عليه تقديمها في نهاية الأسبوع المدرسي. وإذ لم ينه التلميذ فروضه في الوقت المحدّد، ينبغي أجراء تعديلات، والسماح له بالتوقّف، سواء أنجزها في الوقت المحدد أم لم يفعل، لأن الإصرار على إنجازها قد يوتّره ويفقده التركيز. كما يمكن الأم طلب لقاء المعلمة لشرح الصعاب التي يواجهها ابنها أثناء إنجاز الفروض، ربما حجم العمل كبير جدًا.

تنظيم مساحة الدرس

يجب أن يكون المكان الذي يجلس فيه التلميذ خلال قيامه بعمل يتطلب مجهودًا فكريًا، هادئًا ولا يمر به أشخاص، مثل مكتب الأهل أو الصالون، شرط أن يكون الركن الذي يجلس فيه الطفل ظاهرًا وفي الوقت نفسه يشعره بالتركيز، إذ لا شيء أكثر إزعاجًا وتوترًا بالنسبة إلى الطفل من الضجيج الذي يحدثه الآخرون حوله، فضلاً عن أن وجود باقي أفراد العائلة حوله أثناء قيامه بواجباته المدرسية يثير فيه رغبة الانضمام إلى النشاطات العائلية. لذا، إذا كان الطفل يعمل في مكان مشترك، على الأم أن تضع قانونًا منزليًا يلتزم به كل أفراد العائلة كي يستطيع العمل بهدوء. فإذا كان الطفل يجلس في المطبخ أو في غرفة الطعام مثلاً من الساعة الخامسة إلى السادسة، على الأم أن تطلب من باقي أفراد المنزل عدم استعمال المطبخ خلال هذه المدة. كما أن غرفة الوالدين يمكن أن تكون المكان الذي يدرس فيه الطفل.

ولكن هناك أربع قواعد على الطفل الالتزام بها:

 -تحديد الركن الذي يعمل فيه الطفل وعلى الأم ترتيبه في شكل يكون مجهزًا بما يحتاجه الطفل.
 -السماح باستعمال غرفة الوالدين قد يفقدها قيمتها المعنوية خلال عمل الطفل فيها. لذا على الأم أثناء استعمال ابنها غرفة نومها:
 -ألا تدخل إلى الغرفة للبحث عن شيء ضائع
 -عدم ترتيب الغسيل خلال عمل الطفل
 -طرق الباب قبل الدخول
 -وضع لوحة على باب الغرفة تشير إلى أن الطفل يعمل فيها
 -على الطفل إعادة ترتيب الغرفة لجعلها كما كانت قبلاً.

حضور اجتماع الأهل المدرسي

يتذمّر بعض الأهل من الاجتماعات التي تدعو إليها إدارة المدرسة للقاء الأساتذة ومناقشة الشؤون الأكاديمية المتعلّقة بأداء أبنائهم المدرسي، علمًا أن هذه الاجتماعات مهمة نظرًا إلى الفائدة التي تعود على التلميذ وأهله. فهي الطريقة المثلى التي تؤكد للتلميذ اهتمام أهله به وبدراسته، مما يشعره بالطمأنينة، كما أن حضور الاجتماعات في شكل دوري ومنتظم يجعل الأهل على اطلاع دائم على البرنامج الدراسي، وبالتالي يصبح في مقدورهم مساعدة التلميذ حين يواجه صعوبة ما خلال العام المدرسي.

لذا ينصح التربويون الأهل بالاستفادة من هذه الاجتماعات التي تتيح لهم طرح العديد من الأسئلة على الأساتذة، شرط أن يعرفوا المفيد منها.

أسئلة طرحها مفيد خلال الإجتماع المدرسي

ما هي الإجراءات التي يجب اتخاذها لمساندة أبنائنا؟

يقوم التلميذ بواجباته المدرسية في شكل أفضل إذا كان هناك تعاون بين الأهل وأساتذة المدرسة. ويستوجب هذا التعاون التربوي ضرورة معرفة الواجبات التي يطلبها الأستاذ من التلميذ. لذا على الأهل أن يسألوا مثلاً معلّم اللغة ما الذي يتوقّعه من التلامذة. وأستاذ الرياضيات ما إذا كان من الضروري أن يعيد التلميذ حل المسائل الرياضية في المنزل. فبهذه الطريقة يتمكن الأهل من مساعدة ابنهم في شكل أفضل وفعّال. كما من الضروري الاستعلام عن البرنامج المدرسي كي يوفّروا المراجع اللازمة التي تساعده في أبحاثه المدرسية.

ما هي النشاطات اللاصفية المقترحة ومتى مواعيد التسجيل؟

تعتبر النشاطات اللاصفية مهمة جدًا للتلميذ، فهي تساعده في بلورة أدائه الاجتماعي وتفريغ التوتر الذي يشعر به من جراء البرنامج المدرسي المكثّف الذي يتطلب منه العمل الكثير طوال الأسبوع. إضافة إلى أن معرفة أنواع النشاطات المقترحة ومواعيد الانتساب إليها مسبقًا، تتيح للأهل فرصة مناقشة النشاط الذي يفضله ابنهم وتجنّبهم تفويت التسجيل فيها.

بمن يجب الاتصال إذا واجه التلميذ مشكلة؟

ليس من السهل معرفة الشخص المسؤول والمناسب في المدرسة لمناقشة مشكلة ما يواجهها التلميذ. لذا من الضروري الاستعلام عن اسمه وكيفية الاتصال به لتحديد موعد. فبهذه الطريقة يصبح من السهل على الأهل اللجوء إلى الشخص المناسب مباشرة.

من هم أعضاء لجنة الأهل وكيف يمكن التقاؤهم؟

من الضروري أن تتعرف الأم إلى أعضاء لجنة الأهل المدرسية وكيفية الاتصال بهم، فهم يقومون بدور الوسيط بينها وبين الطاقم التعليمي والإداري، ويقدّمون لها الدعم في حال وجود مشكلة، كغياب الأستاذ أو وجود مشكلة عنف في المدرسة... وغيرها من الأمور المدرسية.

 

CREDITS

إعداد: ديانا حدّارة