black file

تحميل المجلة الاكترونية عدد 1090

بحث

حوادث تتكرّر في ليبيا خطف الأطفال في عز النَّهار

كانت الساعة تشير الى الثامنة صباحاً، عندما خرجت الأم كعادتها لترافق أطفالها الثلاثة، ذهب، محمد وعبدالحميد إلى المدرسة. لكن قبل عبورهم الطريق، حدث ما لم يكن في الحسبان. فقد اعترضت سيارتان بزجاج داكن اللون ومن دون لوحات، طريق العائلة، وترجّل منهما ستة مسلحين ملثمين، وأمام عيون المارة أطلقوا النّار على السائق وأصابوه في قدمه، ثم أنزلوا الأطفال الثلاثة عنوة من السيارة، وسط صراخ الأم وذهول الموجودين. حاولت الأم بكل ما تملك من قوة الدفاع عن أطفالها، وتوسلت الى الخاطفين لتركهم في حالهم، لكنهم لم يستجيبوا استغاثاتها، بل انتزعوا الأطفال بالقوة، ودفعوا الأم بشدة وألقوها أرضاً، مهددين الموجودين بقوة السلاح إذا تدخل أحدهم لإنقاذ العائلة، ثم اقتادوا الأطفال إلى جهة مجهولة ولاذوا بالفرار. 

 

شهود عيان
يقول بعض المارة إنهم شاهدوا السيارتين تنطلقان بسرعة جنونية، مؤكدين أنهما غريبتان عن المنطقة، بعدما سلكتا طريقاً فرعية قاصدتين الطريق الساحلي بمحاذاة البحر، وهو مكان شبه خالٍ من الناس، مرجّحين أن تكون وجهة العصابة خارج مدينة صرمان، فإما مدينة صبراته أو مدينة الزاوية. وحتى هذه اللحظة، لا تزال وجهة الخاطفين مجهولة ولم تحدد بعد. 

المكالمة الأولى
يؤكد محمد الشرشاري، وهو ابن عم رياض الشرشاري والد الأطفال، أن الخاطفين اتصلوا بالعائلة بعد ثلاثة أيام على عملية الخطف، والمكالمة الأولى كانت قد تلقتها الجدّة على هاتفها بحيث طلبوا منها إعطاءهم رقم هاتف والد الأطفال للتفاوض معه. وفي اليوم التالي، اتصل الخاطفون بالوالد، ومن دون أي مقدمات، طالبوه بدفع فدية مالية خيالية مقابل استرجاعه أطفاله، وإذا لم ينفذ طلبهم فإنهم سيرسلون إليه أبناءه جثثاً هامدة، لتنتهي المكالمة على الفور. حاول الوالد عبثاً التواصل مع الخاطفين للتفاوض معهم، عندها وجّه محمد الشرشاري نداء استغاثة إلى جميع المواطنين للإدلاء بأي معلومة، حتى لو كانت بسيطة، قد تفيد في الوصول الى الخاطفين.  ألقى الشرشاري باللوم على مؤسسات الدولة الليبية التي لم تكلف نفسها حتى عناء السؤال عن وضع العائلة، أو تنظم وقفة احتجاجية تضامناً مع أهل المخطوفين، مبدياً استياءه من التقصير المتعمّد من أجهزة الدولة كافة. في المقابل، وجه الشرشاري كلمة شكر إلى كل من مدّ يد العون إلى العائلة من المدن كافة، وشكر أيضاً المجلس البلدي وجهاز الأمن في مدينة صرمان لتشكيلهما لجنة للبحث عن الأطفال. وأنهى الشرشاري كلمته مؤكداً: «الكل مستهدف اليوم. أبناء رياض الشرشاري اختطفوا ولا نعلم متى يعودون، وغداً سينتقل الدور إلى أولادكم، لذا لا بد من تكثيف الجهود لبناء دولة القانون».

بعد الحادثة
لا تزال مدينة صرمان الواقعة غربي العاصمة طرابلس تعيش الى اليوم تحت تأثير صدمة حادثة الاختطاف. وهذه الحادثة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في غياب رقابة أجهزة الدولة بحيث وصلت حوادث الخطف إلى عشرين حالة من مختلف الفئات العمرية. وكنوع من التضامن مع العائلة، أقفلت جميع المدارس والمصارف في المدينة أبوابها.

الأسباب
يُرجح أن تكون عملية الاختطاف قد حصلت بهدف الابتزاز المادي فقط، بعيداً من التجاذبات السياسية التي أُشيعت في مواقع التواصل الاجتماعي.
يذكر أن والد المخطوفين، رياض الشرشاري، هو أحد رجال الأعمال الليبيين المعروفين، وليس لديه أي توجه سياسي، وله شقيقان، أحدهما عضو في المؤتمر الوطني العام، والآخر عضو في المجلس الوطني الانتقالي.

تجارب
انتشرت أخيراً وبشكل لافت ظاهرة خطف الأطفال، لا بسبب توجهات سياسية وإنما من أجل حفنة من الأموال لمجرد أن الأب يملك من متاع الدنيا الشيء الكثير.
منذ أسابيع قليلة، تم اختطاف الطفل آسر رفيق البرطاع (عامان ونصف العام)، في العاصمة طرابلس على يد مجموعة مسلحه أثناء وجوده مع جدّه في السيارة، إلا أن التحريات توصلت الى معرفة الجُناة فأُلقي القبض عليهم وعاد الطفل سالماً الى أهله.

وفي قضية أخرى مماثلة، أقدمت إحدى المربيات، وتُدعى فاطمة العريبي على خطف الأطفال وتقديمهم الى العصابات مقابل قيمة مالية، لكن قوات الأمن تمكنت من القبض عليها وتحويلها إلى السجن. 

المجلة الالكترونية

العدد 1090  |  تشرين الأول 2025

المجلة الالكترونية العدد 1090