بعد احتلالهم المركز الثاني عالمياً السعوديون يطرحون قضاياهم ويسوّقون أعمالهم من خلال «السناب شات»

السعوديون يطرحون قضاياهم,ويسوقون أعمالهم,«السناب شات»,احتلالهم المركز الثاني,شركة أبحاث بريطانية,المستخدمين الفعليين,ستة بلايين مشاهدة يومياً,صحيفة فاينانشال تايمز,المختصين في مجال الإعلام

جدة - ميس حمّاد 14 فبراير 2016

كشف تقرير أعدّته شركة أبحاث بريطانية أن السعوديين هم أكثر العرب استخداماً لتطبيق (سناب شات)، إذ احتلوا المركز الثاني عالمياً في عدد المستخدمين الفعليين، فيما جاء الإماراتيون في المركز السادس. وبلغ عدد المشاهدات اليومية للمقاطع المصورة، واللقطات على هذا التطبيق في تشرين الثاني/نوفمبر 2014، أكثر من ستة بلايين مشاهدة يومياً، بزيادة بلغت ثلاثة أضعاف ما كان عليه العدد في أيار/مايو 2014، وفق صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية. وكشف إحصاء حديث  لـ (سناب شات) أن نحو تسعة آلاف صورة يتم تحميلها في الثانية الواحدة على التطبيق، ما يعني أن المستخدم الواحد يحتاج إلى 10 أعوام كاملة كي يتمكن من تصفح جميع الصور التي يجري تحميلها على التطبيق في الساعة الواحدة فقط.
أصبح السناب شات بمثابة قناة خاصة لأصحابها يتواصلون بها مع الجمهور من خلال تبادل المعلومات المختلفة في جميع المجالات، إما لطرح قضايا اجتماعية، أو مناقشة بعض المشاهدات اليومية، أو لتسويق أعمالهم، ليحظوا بالمتابعات التي تتجاوز الملايين، ويكسبوا محبة الآخرين لهم، وتتحقق للبعض النجومية التي تنافس الفنانين الحقيقيين. فمن هم «السنابيون»؟ وما هو «المجتمع السنابي»؟ وكيف استطاع هذا التطبيق إحداث نقلة بين الناس في نوعية تواصلهم؟ وما السلبيات التي قد تعود على مستخدمي «السناب شات» إذا لم يُحسنوا استخدامه؟ وما الدور الايجابي الذي فعله هذا التطبيق في يومياتنا؟ أسئلة كثيرة طرحتها «لها» في هذا التحقيق على بعض مستخدمي سناب شات والمختصين في مجال الإعلام.


أزهار عادل طاشكندي متزوجة ولديها بنتان، تعمل مصممة مناسبات ومنظمة للحفلات، تقول: «منذ أن بدأت في مجال عملي، لم يكن هناك أي وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي، فأنشأت صفحة على الفايسبوك، وأخرى على الإنستغرام، ثم بدأت بوضع الصور الخاصة بمحلي، وموقعه، وسرعان ما عرّفت الناس بتفاصيله المحل، ومن بعدها انتقلت إلى تطبيق السناب شات، الذي استطعت من خلاله أن أعرض تصاميم وأشرح كيفية تنظيم حفلة أو مناسبة. وبعد استخدامي للسناب شات شعرت بأن هناك فرقاً في تقبل جمهور الإعلام الجديد لاستخدامات هذا التطبيق. وكان هذا عنصراً فعالاً في زيادة التواصل بيني وبين المتابعين، ورحت أجيب على كل الاشخاص الذين يقومون بإرسال الاسئلة على موقعي الخاص، وأقدم النصائح في كل ما يخصّ المنزل، وطريقة ترتيب غرف البنات، وأناقشهم في مواضيع أخرى». وأضافت: «لا أضع تفاصيل حياتي على السناب شات، لكني أقوم بعرض الأماكن الخاصة بالأطفال، فأثناء زيارتي لدبي مثلاُ، عرضت بعض الفيديوهات التي تخص أماكن ترفيهية للأطفال. عموماً، أعرض مشاهداتي اليومية التي تخص بعض المحال التجارية وما إلى ذلك. أملك حسابين على السناب شات، أحدهما خاص والآخر عام، وبصراحة لا استخدمهما كثيراً، وفي عطلة نهاية الأسبوع أشعر أنها عطلة خاصة بعائلتي فلا أستخدم السناب شات، وقد أتغيب عنه بضعة أيام».
مريم الحداد (30 سنة) متزوجة ولديها طفلان، الطهو هوايتها منذ الصغر تقول: «منذ سنوات الدراسة الجامعية كنت أقوم بإعداد الطعام وبيعه لمطاعم صغيرة. درست التصميم الداخلي في جامعة دار الحكمة، ومشروع تخرجي كان عبارة عن تصوّر لمخبز خاص بي يحتوي على أنواع من «الكيك»، والبسكويت. وبعد تخرجي من الجامعة تزوجت، وسافرت مع زوجي إلى سياتل لتحضيرالماجستير في المجال الذي أحببته منذ الصغر: الطهو. وفي خلال بحثي على الإنترنت عن دراسات متعلقة بالطهو، وجدت معهداً لتعليم الفنون سرعان ما التحقت به، حيث تعلمت كيفية إنشاء مشروع خاص، وكيفية تسويقه وإدارته، من الناحية العملية، وتعلمت خلال سنتين أساسيات الطهو وأصوله، وتخصصت في المعجنات، إذ كنت منذ صغري أهوى إعداد الخبز، والحلويات المخبوزة، وأفضّل إعداد الأشياء الجديدة كأنواع من الخبز بحشوات مختلفة من الحلويات، وأحب تطبيق أفكار غريبة لم يسمع عنها الناس من قبل».
بدأت الحداد مشروعها من المنزل منذ سنة فقط، ولقي اقبالاً كبيراً من المجتمع السعودي، «الأمر الذي أسعدني، فأنشأت حساباً على الإنستغرام، ساعدني كثيراً لناحية تعريف المجتمع بما أقوم بإعداده، ومنذ أشهر قليلة أنشأت حساباً على السناب شات، ولم يكن لدي متابعون كثر إذ كان عددهم يتراوح بين20 إلى 30 متابعاً، فبدأت بإعداد وصفات سهلة بخطوات بسيطة، وأقوم بتحميلها على السناب شات، وكان الهدف منها مساعدة الأشخاص الذين لا يملكون وقتاً كافياً لإعداد أصناف طعام متعددة، فنجحت الفكرة وصار يصلني الكثير من الردود والتساؤلات من هذه الشريحة المستهدفة من المجتمع ومن خارجها، حتى أن من لم يدخل في حياته إلى المطبخ بات يتعلم ويُطبق من خلال السناب شات برامجي وتطبيقاتي».
ولفتت الحداد إلى أنها تقوم بإسداء النصائح لمتابعيها على السناب شات: عن «أساسيات الطبخ، وكل ما يتعلق بشراء الطعام وما إلى ذلك. وأكثر ما يسعدني طريقة التفاعل بيني وبين متابعيّ، حيث يقومون بإعداد الوصفات خطوة بخطوة، ويرسلونها إليّ على «الخاص». أما حياتي الخاصة فأحرص على إبقائها بعيدةً عن متابعيّ، قد أقوم بتصوير البحر، أو ممشى أو بعض الأشياء والمشاهد الطبيعية اللافتة للانتباه، لكن أغلب الفيديوهات التي أعرضها على السناب تقتصر على الطبخ والخبز الخاص بي».
من جانبها، ترى الممثلة السعودية ومقدمة البرامج خيرية أبو لبن أنه «ليس غريباً أن تكون السعودية في المراتب الأولى في استخدام السناب شات، خصوصاً أن وسائل التواصل الاجتماعي، والتطبيقات الحديثة تُعد المتنفس الوحيد لنا، سواء لإظهار مواهبنا، أو التحدث عن مشاهدات يومية، أو مشاكل تخص جيلنا من خلالها، فكما حدث الأمر مع اليوتيوب الذي حقق النجومية لعدد كبير من الشبان والفتيات السعوديات، نجد اليوم أن السناب شات يساعد إلى حد كبير في بروز أسماء جديدة على ساحة مواقع التواصل».
وتضيف أبو لبن: «أنا أستخدم السناب شات، وأتحدث عن مشاهداتي اليومية بشكل مُبسط وسريع، ولا أحب الإطالة في الفيديو، لأنني شخصيا لا أفضل مشاهدة الفيديوهات الطويلة، وإذا كان هناك فيديو طويل ويتحدث عن أمور لا تهمني متابعتها أو معرفتها فـ skip هو سيد الموقف. هناك أشخاص يستخدمون السناب شات لأهداف ترفيهية، أو تعليمية، أو لإسداء النصائح، والتحدث كل يوم عن مواضيع معينة، ويطرحون الإعلانات، أما عن شخصي، فأشارك في ما يهمني لكن بعيداً عن المطوّلات». وذكرت أبو لبن أن عدد متابعيها «يصل إلى 140 ألف متابع، وكلما ابتعدت عن عرض فيديوهات أو صور أشعر أن العدد يقل، وبدوره ينخفض التفاعل بيننا نوعاً ما، فتقلّ التعاليقات وغيرها من أنواع التواصل، فالأهم في السوشيال ميديا الإستمرارية. في بعض الأحيان أقوم بنقل حياتي المهنية من خلال سناب شات، ويحرصون على متابعتي دائماً لاعتقاد البعض بأن الممثلين أو مقدمي البرامج أناس من الفضاء، وأسعى من خلال ما أعرضه على السناب شات إيصال رسالة أننا أناس عاديون وبسطاء».
الممثل السعودي والمدير الإبداعي creative director  في تلفاز 11 إبراهيم الخير الله، صرّح لنا بأن أغلب ما يعرضه على السناب شات يتعلق بالـ«اليوميات»، والمنتجات التي ننفّذها في التلفاز مثل الأفلام والفيديوهات، ويجري تسويقها من طريق هذا التطبيق، ويتراوح عدد متابعيّ في السناب شات بين 100 ألف و150 ألف متابع. وعندما يخف نشاطي عليه، أشعر بأن العدد يهبط تبعاً لذلك. وتختلف نوعية الأشخاص بحسب ما يعرضونه على «قصصهم story» فهناك من يناقش في مواضيع معينة، وهناك من يلتقط صوراً للأطعمة، وكل شخص يعبر عن نفسه، وما يستهويه من لقطات أو لحظات يحب أن يُشارك فيها الآخرين، وهكذا بات هذا التطبيق مجالاً لعرض المواهب وانتشارها، سواء في التصوير، أو التمثيل أو الستاند أب كوميدي، أو غيرها من الفنون. لذلك لم أستغرب ما أثبتته آخر الإحصاءات من أن السعودية في طليعة الدول التي تستعمل السناب شات، ذلك لأن جميع التطبيقات باتت كمتنفس للشبان والفتيات في التعبير عما يجول في خواطرهم من أفكار أو مواضيع أو مشاكل تواجههم، ويرغبون في تداولها ومناقشتها».
الناشطة الاجتماعية في الإعلام الجديد بيان لنجاوي أفادت في مداخلتها بأنها تطرح في حسابها على السناب شات قضايا اجتماعية تهم الناس، و«أناقش معهم هموم المجتمع بطريقة مبسطة وسلسة»، وتوضح: «السناب شات فتح أمامي طريقاً جديداً لأحصد عدداً كبيراً من المتابعين، وأشتهر في أوساط الشباب. منحتُ المواقع اهتماماً كبيراً. لست من هواة تصوير كل تفاصيل حياتي، لكني فتاة أعيش حياتي بطريقة اعتيادية، أعرض الصور والنصائح للناس، أستمع إليهم وأحاورهم، وهناك تفاعل كبير بيني وبين المتابعين. لست أفضل من غيري، لكني أقدّم جديداً، وأستمع لمتابعيّ، لنصل إلى نتائج مبهرة تُرضي الطرفين. وأعتقد أن عفويتي هي السبب الرئيسي في حصد محبة الناس بفضل من الله، وبدوري منحتهم حباً واهتماماً حقيقيين».
لنجاوي من وقتٍ لآخر «وأقوم برصد أسس الطهو وأنشرها لإفادة المتابعين، وأقدّم لهم وصفات بسيطة وشهية، وأجد الكثير من التواصل والتفاعل. كذلك أساعد على ترميم منازل لفقراء من الألف إلى الياء،  فأنا أعمل مديرة للعلاقات العامة في شركة تطوعية، ونقوم بتصوير جميع الأعمال في السناب شات، وهو أمر يلقى ترحيباً وشكراً من جميع المتابعين، وهو أمر يُسعدني إذ أشار في عمل الخير، ومساعدة الفقراء والمحتاجين، وأتلقى العديد من الرسائل الخاصة التي تمنحني دافعاً أكبر لتقديم ما هو مفيد. أما الرسائل الخاصة غير اللائقة، فهي لا تعنيني كثيراً لكنني أردّ عليها بالشكل المناسب».

دور إيجابي للإعلام الجديد
الأكاديمي والإعلامي الدكتور أيمن حبيب رأى أن «انفتاح المجتمع السعودي على وسائل التواصل الاجتماعي أو الإعلام الجديد، له عدة منطلقات، وليس غريباً أن يتبوأ هذا المجتمع موقعاً ومركزاً متقدماً على قائمة التصنيف العربي وحتى العالمي لاعتبارات عدّة، من بينها الوضع الاقتصادي في المجتمع، وإتاحة مواقع التواصل الفرصة لبعض الفئات الشبابية في المجتمع للتعبير عن آرائها وهمومها وتداولها فيما بين زوار المواقع. لكن اندفاع الناس تجاه هذه التطبيقات، والمبالغة في استخدامها أضر من ناحية اللقاءات الشخصية، حيث انعدمت أو كادت، الجلسات التقليدية المباشرة بطبيعيتها وحميميتها وبات الناس لا يتعارفون ولا يلتقون  إلا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. وفي مقابل الإيجابيات المتمثلة في التفاعل، والانفتاح واكتشاف الآخر، باتت حياتنا الخاصة مخترقة، إلى جانب التفاصيل الدقيقة لمكنونات خصوصياتنا الحياتية في المجتمع الذي كان يُعرف حتى وقت قريب بأنه تقليدي ومحافظ». ويشير حبيب: إلى «الدور الإيجابي لـ«السناب شات» في يومياتنا، وهو دور المرشد السياحي، حيث وظف بعض مرتادي المواقع حساباتهم لنقل معالم الدول التي يزورونها وعلى نحو مباشر، والتعريف بالآثار وثقافات الشعوب، مستفيدين من خاصية امتاز بها هذا البرنامج، هي النقل المباشر الذي لا يدوم أكثر من 24 ساعة ثم يختفي، وهذا دور تثقيفي ربما لا تستطيع تقديمه أي إعلانات سياحية أخرى. ومن أبرز ما قدمه هذا التطبيق، النقل المباشر للفعاليات، حتى أنك تشعر بوجودك في قلب الحدث، لذلك لاحظنا أخيراً أن الدول في فعالياتها المهمة باتت تحرص على دعوة مشاهيره، ربما أكثر من حرصها على دعوة مشاهير الواقع، فبمجرد دعوتهم سيضمنون تسويقا ونقلا مباشرا لحدثهم بكاميرا جوالة فقط، وهذا تطور مذهل في عالم الدعاية والإعلان جاء من بوابة «السناب شات» و»السنابيين». «وأخيراً تجدر الإشارة»، كما يختم الدكتور حبيب، «إلى أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال استثناء الإيجابيات التي تتعلق بتطبيق السناب شات، وانفتاح المجتمع على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ حتى إن كان هناك استخدامات سلبية، فهي لا تلغي الايجابيات، ونحن الآن نعيش عصر الاتصال، وفي فترة  سابقة كنا نعيش فترة الإعلام التقليدي لكن زالت الحدود والحواجز من أمام المتلقي في مختلف أقطار العالم. إنها الثورة التي تجاوزنا من خلالها عصر انتشار المعلومة، ووصلنا إلى عصر التفاعل الحقيقي والفعال، لكن يجدر بنا أن نستخدمها الاستخدام الواعي والمدرك، لمناقشة قضايانا الاجتماعية، والاقتصادية، وفتح باب الحوار بين فئات المجتمع، وجيل المستقبل، وهو شعور جميل بتطور المجتمع، وتطور الجيل الجديد من خلال إعلام جديد».