فتوى لمفتي مصر تثير جدلاً: جنين حسب الطلب 'حلال'

الجنين, فتوى, د. فايزة خاطر, د. آمنة نصير, د. مبروك عطية, د. عفاف النجار, د. مهجة غالب

10 نوفمبر 2013

هناك من يحلم بإنجاب بنت، وآخرون يحلمون بإنجاب ولد، ومع التقدم الطبي أصبحت هناك طرق لاختيار جنس الجنين، وهو ما أثار لفترات طويلة حالة من الجدل الفقهي. إلا أن مفتي مصر الجديد الدكتور شوقي عبد الكريم أصدر أخيراً فتوى رسمية أباح فيها تحديد جنس الجنين بشروط، فما هي؟ وماذا يقول علماء الدين المؤيدون والمعارضون لتلك الفتوى؟


بدأت القضية عندما ذهبت زوجة باكية إلى دار الإفتاء المصرية، وتقدمت بطلب رقم 301 لسنة 2013م تقول فيه: «لي ثلاث بنات، اثنتان من زوجي السابق، وواحدة من زوجي الحالي. وأريد إنجاب طفلٍ رابع. فهل يجوز التدخل الطبي في تحديد نوع الجنين أم إنه حرام وتدخل في مشيئة الله؟».
أجاب الدكتور شوقي عبد الكريم: «خلق الله تعالى الإنسانَ خلقًا متوازنًا، فجعله زوجين، ذكرًا وأنثى، ومَيَّز كلًّا منهما بخصائص تتناسب مع الوظائف التي أقامه فيها، وبيّن أن هذه هي طبيعة الخلق التي تقتضي استمراره، فقال تعالى: ﴿يا أيها النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكم الذي خَلَقَكم مِن نَّفسٍ واحِدةٍ وخَلَقَ منها زَوجَها وبَثَّ منهما رِجالًا كَثِيرًا ونِساءً واتَّقُوا اللهَ الذي تَساءَلُونَ به والأَرحامَ إنّ اللهَ كان عليكم رَقِيبًا﴾ [النساء: 1]، وقال تعالى: ﴿وأَنَّه خَلَقَ الزَّوجَينِ الذَّكَرَ والأُنثَى مِن نُطفَةٍ إذا تُمنَى﴾ [النجم: 45-46]، وقال تعالى:﴿ومِن كُلِّ شَيءٍ خَلَقنا زَوجَينِ لَعَلَّكم تَذَكَّرُونَ﴾ [الذاريات: 49]

 وأضاف: «هذا التنوع في الخلق والتوازن في الطبيعة هو ما اقتضته حكمة الله تعالى العليم بكل شيءٍ والقدير على كل شيءٍ، فقال تعالى: ﴿للهِ مُلكُ السَّمَواتِ والأَرضِ يَخلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لمَن يَشاءُ إناثًا ويَهَبُ لمَن يَشاءُ الذُّكُورَ أو يُزَوِّجُهم ذُكرانًا وإناثًا ويَجعَلُ مَن يَشاءُ عَقِيمًا إنَّه عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾ الشورى: 49-50. وعندما نتناول مسألةً تحديد نوع الجنين، فإننا نعالجها على مستويين مختلفين: فإذا عالجناها على المستوى الفردي فالأصل في الأشياء الإباحة، لأن الإنسان يمكنه أن يتزوج أو لا يتزوج، وإذا تزوج فيمكنه أن يُنجِب أو لا ينجب، وإذا أنجب فيمكنه أن يُنَظِّم النسل أوْ لَا ينظّمه، كلٌّ حسب ظروفه وأحواله، وكما يجوز للإنسان أن يعمل على زيادة نسبة اختيار نوع الجنين بما ينصح به المختصون في ذلك – مِن اختيار نوع الغذاء، أو توقيت الجماع قبل التبويض أو أثناءه، أو غربلة الحيوانات المنوية، أو غير ذلك مِن الأساليب التي يعرفها أهلُها».
وأضاف مفتي مصر: «يجوز التعامل المجهري مع الكروموسومات والمادة الوراثية DNA لنفس الغرض، إذ ليس في الشرع ما يَمنع ذلك على المستوى الفردي، ولكن كل هذا بشرط ألَّا يكون في التقنية المستخدمة ما يَضُرُّ بالمولود في أيَّامه ومستقبله، وهذا مَرَدُّه لأهل الاختصاص فلا يُقبَل أن يكون الإنسان محلًّا للتجارب، ومحطًّا لِلتَّلَاعُب».

وقسم مفتي مصر القضية إلى شقين قائلاً: «هناك فارق في الحكم بين تحديد نوع الجنين على المستوى الشخصي وعلى المستوى الجماعي، وذلك بناءً على ما هو مقرر شرعًا من اختلاف الفتوى باختلاف تعلق الحكم بالفرد وتعلقه بالأمة، فإذا عالجناها على مستوى الأمة فالأمر يختلف، لأن الأمر سيتعلق حينئذٍ باختلال التوازن الطبيعي الذي أوجده الله تعالى، وباضطراب التعادل العددي بين الذكر والأنثى، الذي هو عامل مهم من عوامل استمرار التناسل البشري، وتصبح المسألة نوعًا من الاعتراض على الله تعالى في خلقه، بمحاولة تغيير نظامه وخلخلة بنيانه وتقويض أسبابه التي أقام عليها حياة البشر. أما بالنسبة إلى الحالات الفردية، مثل صاحبة السؤال، فإن الإنجاب بطريقة الحقن المجهري جائزٌ شرعًا، إذا ثبت قطعًا أن البويضةَ مِن الزوجة والحيوانَ المنوي مِن زوجها وأُعيدت البويضة مُلَقَّحةً إلى رحم تلك الزوجة دون استبدالٍ أو خلطٍ بمَنِيِّ إنسانٍ آخر، وكانت هناك ضرورةٌ طبيةٌ داعيةٌ إلى ذلك، وكذلك تحديد جِنس الجنين جائزٌ شرعًا، ما لم يُشَكِّل اختيارُ أحد الجِنسين ظاهرةً عامة».


ضوابط شرعية

أما الدكتور عبد الله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية والأستاذ في كلية الشريعة والقانون، فيطالب الزوجين بالأخذ بآراء المجامع الفقهية وما وضعته من ضوابط شرعية، حتى لا يقعا في المحظور شرعاً، فمثلاً أباح مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ذلك في حالة الضرورة القصوى، وبالتالي فهو ليس مباحاً لأي زوجين «حسب المزاج»، كما صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي ويوضح ضوابط القضية منعاً للفوضى والأهواء المريضة التي قد يكون فيها هلاك البشرية من خلال الاختلال في التوازن بين الجنسين.

وعرض الدكتور عبد الله النجار، لقرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي عام 2007م، حيث جاء نصه «إن المجمع يؤكد أن الأصل في المسلم التسليم بقضاء الله وقدره، والرضا بما يرزقه الله من ولد، ذكراً كان أو أنثى، ويحمد الله تعالى على ذلك، فالخيرة فيما يختاره الباري جل وعلا، ولقد جاء في القرآن الكريم ذم فعل أهل الجاهلية من عدم التسليم والرضا بالمولود إذا كان أنثى، قال تعالى: «وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ» الآيتان 58-59 سورة النحل، ولا بأس أن يرغب المرء في الولد، ذكراً كان أو أنثى، بدليل أن القرآن الكريم أشار إلى دعاء بعض الأنبياء بأن يرزقهم الولد الذكر، ولهذا قرر المجمع مجموعة ضوابط شرعية هي:

أولاً: يجوز اختيار جنس الجنين بالطرق الطبيعية، كالنظام الغذائي والغسول الكيميائي، وتوقيت الجماع بتحري وقت الإباضة لكونها أسباباً مباحة لا محذور فيها.
ثانياً: لا يجوز أي تدخل طبي لاختيار جنس الجنين، إلا في حالة الضرورة العلاجية في الأمراض الوراثية، التي تصيب الذكور دون الإناث أو العكس، فيجوز حينئذٍ التدخل بالضوابط الشرعية المقررة، على أن يكون ذلك بقرار من لجنة طبية مختصة، لا يقل عدد أعضائها عن ثلاثة من الأطباء العدول، تقدِّم تقريراً طبيّاً بالإجماع يؤكد أن حالة المريضة تستدعي أن يكون هناك تدخل طبي حتى لا يصاب الجنين بالمرض الوراثي، ومن ثمَّ يعرض هذا التقرير على جهة الإفتاء المختصة لإصدار ما تراه في ذلك.
ثالثاً: ضرورة إيجاد جهات للرقابة المباشرة والدقيقة على المستشفيات، والمراكز الطبية التي تمارس مثل هذه العمليات في الدول الإسلامية، لتمنع أي مخالفة لمضمون هذا القرار، وعلى الجهات المختصة في الدول الإسلامية إصدار الأنظمة والتعليمات في ذلك.
وأنهى النجار كلامه بالتأكيد على أنه إذا كان التدخل الطبي مباحاً في الحالات الاستثنائية القصوى والضوابط الشرعية، فإنه يحرم فتح الباب على مصراعيه في عملية اختيار جنس الجنين.


علم الله

تؤكد الدكتورة فايزة خاطر، رئيسة قسم العقيدة بكلية الدراسات الإسلامية للبنات بالزقازيق جامعة الأزهر، أن تحديد جنس الجنين لا يتعارض مع كون الله تعالى هو الذي يهب الذكور والإناث، لأنه لن يكون في ملك أحد إلا ما أراده الله سبحانه وتعالى، الذي استأثر بنفسه بعلم ما في الأرحام، فإرادة الله هي النافذة في النهاية، فقال تعالى: «اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ» آية 8 سورة الرعد.
وحذرت الدكتورة فايزة، الأطباء من الاغترار بعلمهم في اختيار جنس معين للجنين، مما يعني تحكمهم وقدرتهم على فعل كل شيء في طب النساء، وإلا فلماذا يقفون عاجزين عن جعل العقيم ينجب، لأن الإنجاب، بصرف النظر عن نوع الجنين، والعقم قضية بيد الله وحده، إذا تأملنا قول الله سبحانه وتعالى: «لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ. أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ» الآيتان 49-50 سورة الشورى.


للضرورة القصوى

تشير الدكتورة آمنة نصير، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية بالإسكندرية جامعة الأزهر، إلى أن الله جعل الناس أربعة أقسام، منهم من يعطيه البنات، ومنهم من يعطيه البنين، ومنهم من يعطيه من النوعين ذكوراً وإناثاً، ومنهم مَن يمنعه هذا وذاك ، فيجعله عقيماً لا نسل له، وهذا كله في إطار الأرزاق التي بيد الله الرزاق القائل: «أهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ» آية 32 سورة الزخرف.
وتؤيد الدكتورة آمنة ما ذهب إليه مفتي مصر من «إباحة اختيار جنس معين للجنين»، في الحالات الفردية أو الاستثنائية التي تكون فيها الحياة الزوجية معرضة للفشل، بسبب إنجاب الزوجة مثلاً بنات كثيرات ولم تنجب ذكراً، وكان الزوج، نتيجة ضعف إيمانه والضغوط الاجتماعية عليه، على وشك أن يتزوج أخرى بحثاً عن الولد، ظناً منه أن زوجته السبب في إنجاب البنات دون الذكور.

وحذرت الدكتورة آمنة، من شيوع ثقافة اختيار جنس الجنين «حسب الطلب»، لأن هذا يكون محرماً شرعاً لأنه نوع من الوأد الخفي للبنات قبل إنجابهن، وخاصةً أن مجتمعاتنا الشرقية «ذكورية الثقافة» وتفضل الذكور على البنات منذ معرفة نوع الجنين وقبل ولادته، فنجد الزوج وأسرته منشرحين وفرحين عندما يكون الجنين ذكراً، والعكس صحيح إذا كان الجنين أنثى، ويكون الاستقبال للخبر أقرب لأفكار الجاهلية إذا كان الجنين أنثى وسبقتها إناث أخريات، والتي وصفها القرآن ذماً لها وتحذيراً لنا من أن نفعل مثلها، فقال الله تعالى: «وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ. يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ» الآيتان 58- 59 سورة النحل.


مخرج شرعي

حضّت الدكتورة عفاف النجار، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية بالقاهرة جامعة الأزهر، على الخروج من هذا الجدل الشرعي حول الحلال والحرام في تحديد جنس الجنين، باللجوء إلى ما أكده الأطباء أنه يمكن تحديد جنس الجنين عن طريق اتباع الأم نظاماً غذائياً معيناً أو اختيار توقيت للجماع، وذلك لأن الله تعالى من حكمته أنه يجعل الشيء مرتبطاً بسببه، فمثلاً نؤمن جميعاً أن الله سبحانه وتعالى هو الشافي ومع هذا نلجأ إلى الأسباب، وهي الذهاب إلى الأطباء وتناول الدواء المناسب، وهذا لا ينافي أن الله تعالى هو الخالق الذي يهب الذكور والإناث في حالة اللجوء إلى نظام غذائي معين باعتباره نوعاً من الأخذ بالأسباب، التي قال عنها شيخ الإسلام ابن تيمية: «وإن كان الله تعالى قد جعل لها أسباباً، فالسبب لا يستقل بنفسه، بل لابد له من معاون، ولابد أن يمنع المعارض المعوق له، وهو لا يحصل ويبقى إلا بمشيئة الله تعالى»، فالأسباب لا تثمر ما يراد منها إلا بمشيئة الله تعالى، فمثلاً قد تتبع الأم النظام الغذائي أو يختار الزوجان وقتاً محدداً للجماع بناءً على نصيحة الأطباء، إلا أن الله تعالى لا يقدر لها حصول ما تريد، لأنه لن يكون إلا ما يريده الله تعالى.


تحذير

أما الدكتور مبروك عطية، الأستاذ في جامعة الأزهر، فيحذر من الافتتان بالأطباء القائمين بعملية اختيار جنس الجنين بناءً على رغبة الوالدين، والأفضل التسليم بقضاء الله ، لأن ما يختارانه قد يكون سبب شقاء لهما ويندمان على اليوم الذي فضلا فيه إنجاب البنين على البنات.

ويضيف: «رغم تحفظي عن أي تدخل طبي في قضية تحديد جنس الجنين، إلا أنني أبيحه، على مضض، في الحالات النادرة، كأن يكون الزوجان قد أنجبا الكثير من بنات وأصبحت حياتهما الزوجية معلقة على إنجاب الولد، والزوج بدأ في تحويل تهديده بالطلاق إلى خطوات عملية نخشى منها انهيار الأسرة، فهنا يرى الفقهاء أن الضرورة تقدر بقدرها ويتم اللجوء إلى قاعدة «أخف الضررين»، أي دفع الضرر الأكبر وهو الطلاق وانهيار الأسرة وضياع الأم ببناتها العشر، وبين الضرر الأصغر وهو اللجوء إلى الأطباء لاختيار الجنين الذكر عن طريق التدخل الطبي بانتقاء الحيوانات المنوية المذكرة».
ونبه الدكتور مبروك، إلى ضرورة عدم التعلق الكبير بتلك الوسائل الطبية، بل يجب أن يكون قلب الزوجين معلقاً بالله تعالى متوكلاً عليه، لأن ما سيتم اختياره لا يخرج عن نطاق إرادته، لكن إذا افتتن الزوجان بالأطباء فإن ما يختارانه قد يكون سبب شقائهما وتعاستهما في الدنيا والآخرة.


التسليم باختيار الله

يشير الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء والرئيس الأسبق لجامعة الأزهر، إلى أن الشريعة الإسلامية لا تحرم اللجوء إلى تقنية اختيار جنس المولود إذا كانت هناك حاجة ماسة لذلك، كأن تكون هناك تشوهات وراثية تنتقل إلى نوع الذرية الذكور أو الإناث، وهذه التشوهات قد تؤدي إلى إنهاء حياته أو منعه من أن يعيش حياة سوية، فيقول الله عز وجل: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مَنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ « الآية 5 سورة الحج.
وطالب بضرورة التسليم والرضا بما يختاره الله، فإن جاء ذكراً أو أنثى فالمهم التربية الدينية الصحيحة، فرب أنثى خير من ألف رجل.


الأم بريئة

ووصفت الدكتورة مهجة غالب، عميدة كلية الدراسات الإسلامية بالقاهرة، الأزواج الذين مازالوا يعتقدون أن الأم هي المسؤولة عن إنجاب المولود الذكر أو المولود الأنثى، بأنهم آثمون شرعاً وجهلاء علمياً، لأن الطب الحديث أثبت أن مجيء الأم بمولود ذكر أو أنثى ليس مرده إلى الصفات الوراثية عند الأم، بل أكد الأطباء أن علم الجينات يؤكد أن جنس المولود يتحدد من جهة الأب لا من جهة الأم.
وأوضحت الدكتورة مهجة، أن معرفة نوع الجنين وهو في بطن أمه أهو ذكر أم أنثى لا يخالف قول الله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ» سورة لقمان آية 34. وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم «مفاتيح الغيب خمسة لا يعلمها إلا الله، لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله، ولا يعلم ما في غد إلا الله، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله، ولا تدري نفس بأي أرض تموت إلا الله، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله». وذلك لأن النصوص التي جاءت دالة على أن الله يعلم ما في الأرحام هو العلم التفصيلي بكل ما يتعلق بالجنين الموجود في الرحم، ومن ذلك عمره وحياته وقدرته وسيرته وأعماله وشقاؤه وسعادته، وأهو من أهل الجنة أم من أهل النار؟، وهذا ما قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوماً، نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل الله الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات رزقه وعمله وأجله وشقي أو سعيد».